المستشار بهاء المري - هل اشترك السادات مع حسين توفيق في اغتيال أمين عثمان:

يقول الرئيس الراحل أنور السادات في كتابه البحث عن الذات (صـ 70) وهو يروى أحداث ما بعد هروبه من المُعتقل: (كان ذلك في سبتمبر سنة 1945 ولم يمض على خروجي إلى الحياة سوى أيام قليلة، اتصلتُ بعُمر أبو علي وعرَّفني عُمر بشاب اسمه حسين توفيق اتضح أنه كان يمارس قتل الجنود الإنجليز في المعادي قبل أن ينضم إلينا ولكن هل قتْل حِفنة من الجنود الإنجليز هو الطريق إلى تحرير مصر؟ طبعا لا.
ربما كان هذا العمل مجرد تدريب، ولكن المهم أن نتخلص ممن كانوا يُساندون الإنجليز في ذلك الوقت، وكان على رأس هؤلاء في نظرنا مصطفى النحاس باشا رئيس حزب الوفد، الذي سقط في نظرنا منذ أن فرضه الإنجليز بقوة السلاح في 4 فبراير 1942)
ويقول في صـ 71، 72 وهو يحكي عن فشَل محاولة اغتيال النحاس باشا: (كنتُ أنا وبعض أفراد الجمعية السرية في مواقعنا نراقب العملية فانسحبنا في هدوء إلى ميدان الإسماعيلية (التحرير الآن) وهو على بُعد دقائق قليلة من مكان الحادث، حيث توجهنا إلى مقهى (أسترا) مكاننا المفضل الذي كنا نعقد فيه أغلب اجتماعاتنا.
وفي نفس المقهى قرَّرنا التخلص من أمين عثمان الذي تولى وزارة المالية طوال حكم النحاس باشا بعد أن فرضه الإنجليز في 4 فبراير، ولكن لم يكن هذا هو السبب في إدانتنا لأمين عثمان، فلم يكن له أثر يُذكر في سياسة الوفد أو على النحاس نفسه، ولكنه كان أكثر من صَديق للإنجليز، ومُساندًا لبقائهم في مصر بشكل لم يَسبق له مثيل، وكان قد كوَّن في تلك الأيام (أي أمين عثمان) نوعًا من الحزب السياسي أطلَق عليه اسم (رابطة النهضة) وكان من مبادئه أننا مُرتبطون بإنجلترا ارتباطا حتميًا، فقد أعلن: أنَّ مصر وإنجلترا تزوَّجا زواجًا كاثوليكيًا، فحتى لو تركتْنا هي، يتحتمَّ علينا ألاَّ نتركها، هذا التصريح كان بمثابة حكم الإعدام عليه).
- أسباب براءة السادات كما وردت في مرافعة النيابة في العام 1946:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كان المترافع في القضية أنور بك حبيب وكيل النيابة وقال - عن السادات - نصا في مرافعته:
"هذا المتهم قد اشترك بطريق الاتفاق فقط في قتل أمين عثمان باشا. وهو قد تَخرج في الكلية الحربية والتحق ضابطًا بالجيش المصري بسلاح الإشارة وأخذ يُرقَى حتى بلغ رتبة "اليوزباشي" وأُشيع عنه أنه من المناصرين للألمان وأنه يتجسس لحسابهم. وفي سنة 1942 اتُهم صراحة بذلك وأُجري معه ومع زميله الطيار حسن عزت تحقيق في عهد وزارة النحاس باشا وانتهى التحقيق إلى فصلهما من الجيش وفي نفس اليوم اعتُقل بأمر الحاكم العسكري وتمكن محمد أنور السادات من الهَرب وأطلَق لحيته وتَسمَى باسم "الحاج" وكوَّن الاثنان شركة للنقل وضَمَا إليهما عبد الفتاح عنايت المحامي وهو أحد المحكوم عليهم في قضية مقتل السردار ولكن هذه الشركة لم تُوفق في أعمالها.
وقد استعان محمد أنور السادات بأحد الأغنياء في تكوين هذه الشركة على حد قول حسين توفيق في التحقيق ثم كوَّن السادات بعد ذلك جمعية إجرامية وتوصل بواسطة صديقه عمر حسين إلى التعرف بحسين توفيق الذي وَجد فيه ضالته المنشودة استهتارًا وجُنوحًا للجريمة وحُسن تدبير فاستغل الفرصة ووَجه حسين توفيق وجماعته وجهة جديدة لم يكونوا قد طرقوها بعد وهي قتل المصريين وعرض عليهم في لباقة قتل النحاس باشا وكان في أثناء ارتكاب الحادث ينتظر زملاءه في سيارة قريبًا من مُتحف الشمع.
إن هذا المتهم كان حريصًا فلم يُساهم في هذه الجريمة مساهمة فعلية وكفاه بأنه دفع بأغرار إلى الجريمة ولا يَهمه بعد ذلك أن يُصيبهم مكروه طالما هو سليم أمين. فهو شخص من صفاته المُكر والحذَق والإغراء، ومَظهره يوحي بالثقة، وهو قوي الشخصية حتى ليَحمل المرء على الوثوق به.
ولقد كان أول ذِكر لهذا المتهم ما ورد على لسان نجيب فخري من أن المتهم الأول ابن خالته وقد أمضيا صيف 1945 معًا بالإسكندرية وأنه لما عاد إلى القاهرة لاحظ أن الأول اقتصد في علاقته به وزيارته له وكان مرجع ذلك تعرفه بالمتهم السابع محمد أنور السادات والمعروف باسم "الحاج" والذي كان ضابطًا بالجيش وفُصل منه وأن العلاقة توطدت بين الاثنين وتوثقت وما قرره المتهم الأول عن ظروف تعرفه به عن طريق عمر حسين أبو علي وزيارته له ووصفه لمنزله وأنه فهم من حديثه أنه عضو في جماعة تضم بعض العسكريين وتعمل على مناهضة الإنجليز وأنه انضمَّ إلى جمعيتهم وكان يعلم أن من أغراضها قتل الإنجليز والزعماء المصريين الموالين لهم وأنه كان متفقًا معهم على قتل النحاس باشا وأمين عثمان وما قرره المتهم الأول أيضا عن حادث إلقاء قنبلة على رفعة النحاس باشا بجوار متحف الشمع على مقربة من مكان الحادث حتى إذا ما وقع الاعتداء بادر المتهم وشركاؤه إلى ركوب سيارتهم والهرب وما قرره عمر حسين أبو علي من أنه يعرف المتهم السابع محمد أنور السادات وأن سبب معرفته به صداقته لأخيه الطيار سعودي وكان يزوره في منزله وأنه كان واسطة تعارفه بحسين توفيق وأن ثلاثتهم كانوا يجتمعون بمنزله وتناقشوا في حادث 4 فبراير 1942 وكان من رأي محمد أنور السادات معاقبة كل من النحاس وأمين عثمان المسئولين عن وقوعه.
- ويستكمل أنور حبيب بك الحديث عن دور السادات فيقول:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وكلمة "الحاج" كانت مفتاحًا للبوليس دله على أنور السادات فقام البوليس بتفتيش منزله في مساء 11/1/1946 ومن ذلك التاريخ اتصل أنور السادات بجو هذه القضية ووُجهت له التهمة وسُئل فأنكر كل شيء وأنكر أي صلة له بمَقتل أمين باشا والشروع في قتل النحاس باشا.
والأدلة التي تجمعت في حقه تمثلت في اعتراف حسين توفيق عليه بأنه اشترك معه في حادث الشروع في قتل النحاس باشا وعمر حسين أبو علي ومحمود على خليفة وأما العُدول ففي يوم 24/2 عَدل حسين بالنسبة لأنور السادات وقال إن سبب اتهامه له يرجع إلى رغبته في إظهار الجمعية أقدر مما هي عليه وعندما عُرض عليه أنور السادات لم يَستعرف عليه وفي نفس اليوم عَدل خميس وقال إن اعترافه كان بإيحاء من حسين وكذلك عَدل الجوهري ويوم 29/2 عَدل أيضا عمر حسن أبو علي وقال إن حسين توفيق أحمد هو الذي أوحى إليه أن يقول ما قال.

تعليقات

لا توجد تعليقات.

هذا النص

ملف
الأدب القضائي - المحاكمات والمحاكمات الأدبية
المشاهدات
531
آخر تحديث
أعلى