(1)
هاء الداهية :
========
للهاء في العربية ستة عشر استعمالاً ، أو قل : تعرف العربية ستة عشر نوعًا من الهاءات ، وبعض ظرفاء النحاة يطلقون على بعضها أسماء عجيبة كتلك الهاء التي أسموها ( هاء الداهية ) وهي التي يسميها النحاة التقليديون هاء المبالغة ، وهي تأتي في آخر الصفة الدالة على المدح أو الذمّ مثل : فلان رجل عَلاَّمة أو راوية ، أو نسَّابة ، وهي تختص بالمذكر ولا يوصف بها المؤنث لأن هاء التأنيث تغني عنها ، كما لا يصح أن تزاد في صفات الله تعالى حتى لو قٌصد بها المبالغة .
ولفظ (داهية ) حين يوصف به رجل قد يكون المقصود به المدح أو الذم حسب السياق . وجعل الكسائي من هذا النوع لفظ " عاصفة " الذي يدل على المبالغة في المدح أو الذم من قوله تعالى ( وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ "عَاصِفَةً " تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَكُنَّا بِكُلِّ شَيْءٍ عَالِمِينَ ( الأنبياء/81 ) وقال : للعرب أحرف كثيرة من المذكر بالهاء على مبالغة المدح والذم كقولهم : رجلٌ شَتَّامة ، وعلاّمة ، وراوية ، وباقعة ( عبقري) ، وداهية ، ولجوجة ( أي ملحاح ) وصَرُورة ( ممتنع عن الزواج) .
ونحاة البصرة يسمون هذه الهاءات الأخيرة تاءات ، ولكني أنا لا أحب نحاة البصرة ولا نحوهم ، وأحب مدرسة الكوفة التي ترى أن الهاء أصل يظهر عند الوقف عليه ، والتاء منقلبة عنها في الوصل بعكس رأي البصريين .
***
(2) :
هناك أفعال ليست محسوبة من أخوات كان المعروفات ، فالأصل أنها أفعال تامة لازمة ( = ترفع فاعلا ) مثل الفعل ( عاد) فالأصل فيه أنه فعل تام لازم بمعنى رجع
كقولك : عاد اللص إلى وظيفته ،
ولكنه قد يأتي ناقصا في قولنا عقب عاصفة حارة هدأت ( عاد الجو لطيفا) فهنا يصبح الفعل عاد ناقصا متلبسا معنى ( صار) فيعرب كأنه من أخوات كان وما بعده اسم مرفوع وخبر منصوب . ومثله ( ارتد ) في قولنا : ارتد بصيرا ..والله أعلم
**
(3)
ألِفُ الشَّرِكة
========
الألف التي في الفعلين ( فاعَل - تَفاعَل مثل : خاصمَ - صالَح ) تفيد وقوع الفعل من طرفيْن تشاركا الفعل ، وهذه الألف يسميها بعض ظرفاء النحاة : ألِفُ الشَّرِكة ، وهذا هو الشائع في كتب النحو المدرسية المعاصرة .
غير أن هناك أفعالا عديدة لا تنطبق عليها القاعدة ، وتقع من فاعل واحد ، فيجب الانتباه لها ومنها : بارك الله للصوص فطمعوا - قاتل الله الكذابين - راقبَ المراقبُ الطلاب الغشاشين - ضاعفت الحكومة مكافآت النواب- قاسى محدود الدخل الموت جوعا - عاينَ المريضُ الموتَ - ..... فكل هذه الأفعال - وما يشبهها - فاعلها واحد . والله أعلم
***
(4)
كبير المنشدين الشيخ على محمود- رحمه الله- غنى قبل نحو ثمانين عاما أبياتا أولها: ((يا نسيم الصبا تحمَّلْ سلامى)) ... لحنها من مقام الحجاز, وأداها أداءً رائعا,
ولكنه فى البيت الذى يقول فى آخره: ((يشفى فؤادى بذكرهم من سقام)) .. نطق كلمة ((سقام)) بكسر السين, وهو خطأ لأن كلمة السقام بكسر السين- معناها ((المرضى))- جمع : سقيم = مريض ( كما نجمع غليظ : غِلاظ ، شديد : شِداد )
وهى تماثل كلمة ((سُقَمَاء)) بضم السين وفتح القاف والميم- جمع سقيم- وإنما أراد الشيخ ((السَّقَام)) بفتح السين, أى ((السُّقَم))- بضم وتشديد السين وتسكين القاف- و ((السَّقَم)) أيضا .. بفتح وتشديد السين وفتح القاف, ومعناهما: المرض !
والمقصود به فى هذا الغناء ((مرض الحب))
أو ما يجلبه الحب ( خصوصا حب مصر! )
***
(5)
تأملات لغوية :
==========
ما الفرق بين " ياويلنا " و " يا ويلتنا " ؟
قارئ القرآن المدقق يلحظ أن كلمة ( الويل ) تأتي بمعنى الهلاك والعذاب [ ويل للمطففين - يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا .... وهكذا ]
أما بالتأنيث ( ويلة ) فتأتي مع فضيحة كان الظن أنها ستظل مستورة ، كما في قوله تعالى (فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءَةَ أَخِيهِ قَالَ يَاوَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءَةَ أَخِي ) وفي قوله تعالى (قَالَتْ يَاوَيْلَتَا أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَذَا بَعْلِي شَيْخًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ )
-----------------
فحين يراك أحد تشاهد القناتين الأولى والثانية سيقول لك : ويلك !!
أما إن ضبطك تشاهد الدريمات فقل : يا ويلتاه !!
***
(6)
معاني "القُعُود" في القرآن الكريم
======================
القرآن الكريم يحث على السعي والعمل والجهاد، ففي آيات كثيرة نرى تحفيزًا للناس على السعي في الأرض، وتأمل آثار نعمة الله، وتتبع آياته في خلقه البديع، وفي آيات كثيرة نرى تشجيعًا للناس على السير في الأرض وتأمل عواقب الأمم السابقة الطاغية المتكبرة من خلال ما بقي من آثار ومعالم. وفي آيات أُخَر نرى دعوات للمسارعة في الخيرات، والتنافس في الطاعات، والتسابق الى نيل رضوان الله تعالى، والفوز برحمته في الدنيا وفي الآخرة بالعمل الصالح الدءوب.
وكل المعاني السابقة تبرز لنا أهمية (الحركة)، والنشاط، والهمة، والسعي، في حياة المؤمن الحق. وهذا يتفق مع متطلبات الصحة النفسية للإنسان، فإن الحركة الدائمة، والسعي الدؤوب من مؤشرات "الإيجابية" في الحياة، والإنسان الإيجابي عند علماء النفس والتربية، هو الإنسانُ السويُّ الصحيح نفسيًّا الذي يتفجر إحساسه بالسعادة الحقيقية، من سلوكياته مع الآخرين أخذًا وعطاءً، وحفزًا، وتعاونًا، وتفاعلاً مستمرًّا من أجل حياة أفضل، وأفضل ما تكون الحياة حين تتوافق معالمها مع المنهج الذي ارتضاه الله تعالى لخلقه.
وعلى النقيض من كل ما سبق، تأتي "السلبية" كطاقة مدمِّرة، يلجأ إليها البائسون اليائسون من مرضى النفوس، يتدثرون بها ليُواروا بها سوءة تخاذلهم وضعفهم النفسي، وخُواء تفكيرهم، وخَوَر هممهم.
وقد ورد لفظ "القعود" في القرآن الكريم ومشتقاته بعدة صور تعكس لنا أحوال القاعد، وبؤس تفكيره، وأنانيته، وإيناره الدنيا الفانية على الآخرة الباقية.
وبحر الدلالة اللغوية لمادة (ق.ع.د) واسع عميق، فقد قالت العرب للرجل العاجز الذي لا يكتسب ما يعيش به: هو "قُعَدَةٌ ضُجَعَة" أي: دائم القعود والاضطجاع، لا يسعى لكسب معايشه، وقالوا لمن يحب كثيرة القعود في بيته: هو "قُعَديُّ" بفتح العين. وقعد عن الأمر أي تركه. وبعكسها قالوا: قعد للأمر: أي اهتم به.
وفي إطار هذه الدلالات لمعاني القعود نقرأ في القرآن الكريم وصف بعض المنافقين الذين حاولوا تخذيل إخوانهم من المجاهدين وتشجيعهم على رفض الخروج للجهاد في قوله تعالى ( الَّذِينَ قَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُوا لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا قُلْ فَادْرَءُوا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ) [آل عمران/168].
ويأتي حكم الله تعالى واضحًا قاطعًا في ذم القعود عن الجهاد ممن يمتلك القدرة ولكنه يمتلك مع القدرة نفسًا ضعيفة، وإرادةً خائرة، ولا عذر بدنيًّا عنده يعوقه عن فريضة الجهاد. يقول تعالى: { لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا } [النساء/95].
ويقص علينا القرآن الكريم من قصص بني إسرائيل، كيف استناموا إلى الكسل والخنوع، وقعد بهم خوفهم مواجهة الأعداء عن نصرة نبيهم موسى عليه السلام، يقول تعالى: { قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا أَبَدًا مَا دَامُوا فِيهَا فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُون] [المائدة/24].
وقد وصف القرآن الكريم أحوال المنافقين في المدينة المنورة أثناء غزوات رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وصوّرهم القرآن الكريم في أحوال شتى تعكس جبنهم، وكيدهم للدين، وإيثارهم للحياة الدنيا.
(1)فهم كُسالَى:
لا يبادرون إلى الجهاد، ولا يرحبون ببذل المال والنفس في سبيل نصرة دين الله. فاستحقوا بهذا غضب الله تعالى عليهم فوبَّخهم سبحانه وتعالى بأسلوب يكشف لنا أن المتخلفين من المنافقين قد ظهر منهم من القرائن ما يبين أنهم ما قصدوا الخروج للجهاد ، وأن أعذارهم التي تقدموا بها لإعفائهم من الخروج.. باطلة، فإن العذر الحقيقي المقبول هو المانع الشرعي الذي يظهر بعد أن يكون الإنسان قد شرع في التهيؤ ، وسعى في أسباب الخروج، ثم فاجأه مانع شرعي لم يكن يتوقعه ، فهذا هو الذي يُعذَر. قال تعالى :
: { وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ } [التوبة/46].
ثم ذكر الحكمة في ذلك فقال سبحانه { لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا وَلَأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ } [التوبة/46]. أي: لو خرجوا معكم ما زادوكم نقصا ، وَلأوْضَعُوا خِلالَكُمْ أي: سعوا في الفتنة والشر بينكم، وفرقوا جماعتكم ، لأنهم حريصون على فتنتكم وإذكاء روح العداوة بينكم. وَفِيكُمْ أناس ضعفاء العقول سَمَّاعُونَ لَهُمْ أي: مستجيبون لدعوتهم يغترون بهم،.
(2)وهم مترددون :
لأنهم حين رأوا المغانم التي فاز بها إخوانهم الذين بادروا إلى الجهاد، والخروج مع رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، راجعوا مواقفهم وترجحت لديهم مصلحتهم المفضلة دائما وهي: الثروة والمغانم، فجاءوا يعتذرون ويطلبون المشاركة، فكان الأليق بهم رفض مطلبهم وتذكيرهم بتخاذلهم الأول. قال تعالى: { فَإِنْ رَجَعَكَ اللَّهُ إِلَى طَائِفَةٍ مِنْهُمْ فَاسْتَأْذَنُوكَ لِلْخُرُوجِ فَقُلْ لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَدًا وَلَنْ تُقَاتِلُوا مَعِيَ عَدُوًّا إِنَّكُمْ رَضِيتُمْ بِالْقُعُودِ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَاقْعُدُوا مَعَ الْخَالِفِينَ} [التوبة/83].
(3)وهم كاذبون:
فقد طلبوا الإذن لهم بالتخلف عن الجهاد، مع قدرتهم عليه، ومع كثرة أموالهم، قال تعالى:
{ وَإِذَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ أَنْ آمِنُوا بِاللَّهِ وَجَاهِدُوا مَعَ رَسُولِهِ اسْتَأْذَنَكَ أُولُو الطَّوْلِ مِنْهُمْ وَقَالُوا ذَرْنَا نَكُنْ مَعَ الْقَاعِدِينَ } [التوبة/86].
وبالإضافة إلى المعاني السابقة للقعود المرتبطة بالتهرب من الجهاد، والنكوص عن نصرة الدين، فقد وردت دلالات لغوية أخرى لمادة (قعد) في القرآن الكريم، تشير في معظمها إلى صفات مذمومة. منها القعود مع الظالمين لمحاربة دين الله، كما يظهر ذلك من قوله تعالى: { وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا} [النساء/140] وقوله تعالى: { وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ } [الأنعام/68].
ومن تلك الصفات المذمومة أيضًا ورود "القعود" بمعنى التربص والتآمر كما ورد في وصف إبليس عليه اللعنة وعلى لسانه في قوله تعالى: { قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ ] [الأعراف/16].
ويرتبط القعود بالحسرة كما في قوله تعالى: { وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا } [الإسراء29].
أما كونه ملوماً فلأنه يلوم نفسه. وأصحابه أيضاً يلومونه على تضييع المال وتضييع فرص كسبه وتحصيله مما يترتب عليه إبقاء الأهل والولد في الضر والمحنة ، وأما كونه محسوراً فمأخوذ من قول العرب للبعير : هو محسور إذا انقطع سيره وحسرت الدابة إذا سيرها حتى ينقطع سيرها فالمحسور- بهذا المعنى - هو المتعب المضنى، الذي انكشفت عنه القوة، ولم تبق به قدرة على شيء، وكذلك هو مأخوذ من قول العرب: حسرت البعير أي أضنيته وأتعبته بالسير، حتى لم تبق به قدرة عليه .
والجمل لا يقطع الطريق ويصل إلى الغاية إلّا إذا حافط صاحبه على ما فيه من قوة، فسار به سيراً وسطاً. أما إذا أجهده واستنزف قوته، فإنه يسقط كليلاً محسوراً: فلا قطع طريقه، ولا وصل منزله، ولا أبقى جمله.
فكذلك الإنسان في طريق هذه الحياة محتاج إلى قوة المال، فإذا أنفقه بحكمة نفع به وانتفع، وبلغ غاية حياته هادئاً راضياً، وإذا بسط يده فيه كل البسط أتى عليه فانقطع النفع والانتفاع، ولم يبلغ غاية حياته إلاّ بتعب ومشقة.
ويظهر من هذا أن قوله {ملوماً} يرجع للمقتر والمسرف. وقوله: {محسوراً} يرجع للمسرف فقط. ولكن لما كان المحسور هو الذي ذهبت قوته فلا قدرة له على شيء، فقد يمكن القول : إن البخيل أيضاً مبغوض من الناس مخذول منهم، فلا يجد في ملماته معيناً، ولا في نوائبه معزياً، فهو أيضاً ضعيف الجانب لا قوة له. فالمسرف ضيع المال، والبخيل ضيع الإخوان، فكلاهما مكسور الظهر، عديم الظهير.
كما يرتبط القعود بالخذلان كما في قوله تعالى : { لَا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُومًا مَخْذُولًا } [الإسراء/22].
فلفظ " القعود" المذكور في قوله تعالى : {فَتَقْعُدَ مَذْمُومًا مَّخْذُولا} معناه : المكث أي فتمكث في الناس مذموماً مخذولاً ، وهذه اللفظة مستعملة في العربية والفارسية بهذا المعنى ، فإذا سأل الرجل غيره ما يصنع فلان في تلك البلدة فيقول المجيب : هو قاعد بأسوأ حال معناه : المكث سواء أكان قائماً أم جالساً. ومن شأن المذموم المخذول أن يقعد نادماً متفكراً على ما فرط منه.
ولا يخفى على أحد عاقل أن التمكن من تحصيل الخيرات يتطلب السعى في تحصيلها ، والسعي إنما يتأتى بالقيام ، والإنسان الكسلان العاجز عن تحصيل الخير لنفسه ولغيره يتملكه الخمول والإحباط فلا يسعى بل يبقى جالساً قاعداً عن الطلب فلما كان القيام على الرِّجلين كناية عن سرعة الحركة وحب السعي ، صار أحد الأمور التي بها يتم الفوز بالخيرات ، وكان القعود والجلوس علامة على عدم تلك المكنة والقدرة لذلك ظهر في السياقات القرآنية المتعددة جعل القيام كناية عن القدرة على تحصيل الخيرات. والقعود كناية عن العجز والضعف.
وهكذا نرى أن للقعود – بأصل معناه اللغوي وفي ضوء السياق القرآني- يتضمن دلالات تربوية تدور كلها حول: السلبية- الخنوع- الجبن- الكسل- ضف الوازع الديني- التربص- التآمر- الحسرة- الخذلان.
***
(7)
الفرق بين : (نَعم، بلَى، أَجلْ) :
==================
*نعم:
جواب لمستفهِم.... هل تشاهد القناة الأولى؟ تقول: نعم
في التنزيل {فهل وجدتم ما وعد ربكم حقًا قالوا نعم}
*بلى:
إثبات بعد النفي. أليس قارئ النشرة فصيحا ؟ تقول: بلى
في التنزيل{أليس هذا بالحق قالوا بلى وربنا}
*أجل:
تأكيد لخبر. أهو الذي دفع الرشوة .؟ تقول: أجل.
***
( 8 )
أوزان الكثرة :
=========
أوزان القلة معروفة لكل دارسي النحو . أما أوزان الكثرة فكثيرة جدا منها أربعة عشر وزنا معروفا ويضاف إليها المسموع ، وماكان على صيغة منتهى الجموع . وهذه الأوزان هي :
1- فُعَّل : ركعا سجدا
2- فُعَّال : حُراس
3- فعلاء : جهلاء
4- أفعلاء : أنبياء
5- فَعَلَة : سحرة
6- فَعْلى : قتلى
7- فعول : بحور
8- فُعْل : حُمْر
9- فعَلة : قردة
10- فُعُل : نُذُر
11- فُعَل : غُرَف
12- فُعْلَة : قضاة
13- فِعَل : قِطع
14- فِعال : ثياب
15- فِعلان : غلمان
16- فُعلان : قضبان
***
(8)
مُعجَم يجب أن يُعْدَم
============
" الشامل " : معجم في علوم اللغة العربية ومصطلحاتها ، وضعه محمد سعيد إسبر ، وبلال جنيدي ، ونشرته دار العودة في بيروت الطبعة الأولى عام 1981م ، والطبعة الثانية ( وهي التي بين يدينا ) عام 1985م . . ويقع هذا المعجم في ثلاث وثلاثين وألف صفحة من القطع المتوسط بخلاف الفهرس . . ويقول المؤلفان في مقدمة هذا المعجم : إنهما استعرضا ما وضع في اللغة العربية من معاجم ، فلم يجدا ما يرجوان ، فوضعا هذا المعجم ، ورتباه في صيغة واحدة مرتبة بطريقة معجمية ، متناولين :
1- مواد النحو والصرف . 2- علوم القرآن والحديث.
3- علم العروض . 4- الإملاء والخط.
5- علوم البلاغة . 6- التعريفات الأدبية والنقدية .
وهما يقولان في المقدمة : " نستطيع القول – وبكل ثقة – إن هذا المعجم هو للطالب في المرحلة الثانوية ، وللمختص في المرحلة الجامعية ، وللباحث والدارس مهما علا اختصاصهما ، كما أنه في الوقت نفسه لهواة اللغة العربية ومحبيها ، ويمكن وصفه بأنه مكتبة في كتاب " !!!
وقد أكون مخالفاً للحقيقة إذا قلت إنني سعدت بقراءة هذا المعجم النفيس . . فالحق أن سعادتي انتهت عندما وصلت إلى هذه الفقرة من المقدمة . . . . إذ كيف يستطيع إنسان مثقف أن يقول : إن ما يؤلفه للهواة وللباحثين في وقت واحد ؟!!.
على أية حال . . ما إن مضيت في قراءة المعجم حتى وجدتني مضطراً إلى تدوين بعض الملاحظات ، إلى أن وجدت دفتري ضاق بما دونت ، وكلما توغلت في المعجم ، اكتشفت مزيداً من الملاحظات ، وبصفة خاصة أشير إلى الأغلاط في الآيات القرآنية الكريمة ، وهذا أشنع ما يمكن أن يقع فيه مؤلفان يزعمان أنهما يضعان معجماً يضم فيما يضم " علوم القرآن والحديث "!!
وليت الأمر وقف عند حد الأخطاء الطباعية ، بل إنه يتعدى ذلك إلى التحريف في آيات القرآن الكريم ، واستنتاج قواعد نحوية من تلك الآيات المحرفة !!!
ولو أنني ذكرت كل ما دونت من ملاحظات ، لاحتاج الأمر إلى مائتي صفحة ، ولكنني سأكتفي بضرب أمثلة ، وبيان مواضع الخطأ :
1- نماذج لأخطاء في الآيات القرآنية :
أولاً : آيات محرفة :
625 :"هو الله الصمد " . . الصواب :"الله الصمد" . . وهذا أعجب ما يمكن أن يقع عليه بصر الإنسان ، فهذه السورة لشهرتها وقصر آياتها تستبشع أن يخطئ فيها مسلم !!!
ص 612 :" لا تأخذكم بهما رأفة في الدين" . . الصحيح:"ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله ". . النور/2.
ص83 :"إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم ، وإن أسأتم فعليها " . . الصحيح :"وإن أسأتم فلها " الإسراء/7 .
ص87 :" لكل أجل كتاب ، يمحو الله ما يشاء ، ويثبت ما يشاء " . . الصحيح :" يمحو الله ما يشاء ويثبت ، وعنده أم الكتاب ".
ص113 :" أبشراً منا هنالك نتبعه " الصحيح :" أبشراً منا واحداً نتبعه " المؤمنون/47.
ص 646 :" وما تفعلوا من خير تجدوه عند الله هو خيراً وأعظم أجرا " . . الصحيح :" وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه . . . " المزمل/20 .
ثانياً : آيات يبدو الخطأ فيها كما لو كان مطبعياً :
• ص 583 : " وما هو على الغيب بظنين " أورداها هكذا ، وقالا : بظنين : أي متهم ، ولكنهما لم يشيرا إلى أن هذه قراءة تخالف خط المصحف العثماني ، فالذي في قراءة حفص :" بضنين " بالضاد وليس بالظاء .
• ص 663 : " لأصلبنكم في جذوع النخل " بفتح الهمزة ، وسكون الصاد ، وكسر اللام من غير تشديد " . . والصحيح ضم الهمزة ، وفتح الصاد ، وتشديد اللام المكسورة .
• ص 457 : " من كل حدب ينسلون " وردت بسكون الدال ، والصحيح فتحها .
• ص 74 : " ولن ينفعكم اليوم إذا ظلمتم إنكم في العذاب مشتركون " هذه الآية فيها ثلاثة أخطاء :
- أولها : الصحيح إذْ وليس إذا .
- وثانيها : فتح همزة " إنكم " وليس كسرها ، كما وردت في المعجم .
- وثالثها وهو الأشنع : أن المؤلفين أورداها كهذا ليستشهدا بها في مجال الحديث عن " إذا الشرطية " وهي ليست بإذا كما وضحنا !!!.
وما أبعد الشقة بين إِذْ وإذا عند من يعرفون العربية ، بله من يؤلفون فيها ، ويضعون لها المعاجم التي تصلح للباحثين والمتخصصين !!!.
ثالثاً : آيات مختلقة اختلاقاً :
وهذا القسم أبشع شيء في الكتاب ؛ أن يصطنع المؤلفان كلاماً يكتبانه بين القوسين المزركشين المعهودين اللذين يبدو ما بينهما كأنه قرآن ، ومن أعجب العجب أن يبنيا على هذا الصنيع قاعدة ، أو يؤكدا به قاعدة يتناولانها . . . فمثلاً :
في ص 633 ، ورد ما يظن أنه آية وهو :" أفتدري كيف عاقبة الظالمين " في معرض حديثهما عن عدم فصل الفاء عن معطوفها ، فذكرا ما ذكرا ، ثم عقبا بقولهما : " والأحسن إعراب الفاء هنا استئنافية ، والجملة بعدها استئنافية " . . ولم يرد هذا الكلام في القرآن قط بصيغة " أفتدري " هذه التي يبنيان عليها قاعدتهما !!!
. . والذي ورد في القرآن في مثل هذا الموطن قوله تعالى :" فانظر كيف كان عاقبة الظالمين " القصص/40 ، يونس/39 .
في ص 595 يفعلان ما فعلاه آنفا ، فيوردان :" عسى أن يرحمكم ربّي " ويستشهدان بهذا على أن عسى يكثر اقترانها بـ " أَنْ " !!. وليس هذا الكلام من القرآن ، والذي يشابه هذا قوله تعالى : " عسى ربكم أن يرحمكم ، وإن عدتم عدنا " . الإسراء/8 ، وفي الآية الحقيقية اتصل اسم عسى بها قبل ورود أَنْ ، بعكس الآية المختلقة.
ص 767 ورد :" إنّ ما عندكم ينفد وما عند الله باق " . وقالا بعدها : " إن (ما) اسم موصول ، اسم إِنّ ، والخبر جملة ينفد . . والآية الحقيقية :" ما عندكم ينفد ، وما عند الله باق ". النحل/96 بدون " إِنّ " . . . !!
ص 864 : " وأنه أضحك وأبكى ، وأنه أمات وأحيا " . وليس هذا مطابقاً للقرآن ، فالصحيح :" وأنه هو أضحك وأبكى ، وأنه هو أمات وأحيا " . . النجم 43،44 .
ص 726 أوردا :" ولا تأكلوا أموالهم لأموالكم " . . واستشهدوا بها على مجيء اللام بمعنى " مع " !!!. . والذي في سورة النساء : " ولا تأكلوا أموالهم إلى أموالكم "
2- نماذج لأخطاء نحوية ولغوية :
والذي يحزّ في النفس أيضاً ، أن مؤلفي المعجم لم يهتما بمراجعته فيما يبدو ، فجاء بهذه الصورة السيئة . . ومن مظاهر هذا السوء : أن يحتوي المعجم ( وهو معجم " في علوم القرآن " كما زعما في مقدمته) !! . . على أخطاء نحوية ، يندر أن يقع فيها الأفراد العاديون الذين عافاهم الله من تأليف المعاجم ، " وتقميس " القواميس إن جاز التعبير !! . . فمن ذلك مثلاً :
في ص 5 : " فوجدنا قسمين : . . قسم قديم . . إلخ " ، والأفضل : قسماً قديماً ، على أنها بدل من المنصوب قبلها . . [ وهذا في المقدمة كما أشرنا آنفاً ] .
في ص 605 : " ليس جمعاً مذكراً سالماً ، ولا مؤنثاً سالماً " . . والصواب " ليس جمعَ مذكرٍ سالماً ، ولا جمعَ مؤنثٍ سالماً " . .
في ص 614 :" ضَبَطَا قول المتنبي : " وجداننا كل شيء بعدكم عدم " بضم الواو ، والصوابُ كسرها .
في ص 629 . . جاء قولهما :" هل يمدحه ، أم يسخر منه ؟ " . . والأفصح أن " أَمْ " التخييرية تأتي بعد همزة الاستفهام ، و " أو " تأتي بعد الاستفهام ب " هل " .
في ص 140 :" وتعرب " مَنْ " [ لو سميت رجلاً " مَنْ " ] . . مبني على السكون في محل رفع . . . والصواب : مبنياً على السكون .
في ص 140 أيضاً :" مهما تغير موقعها الإعرابي " والأصح أَنْ تدخل ( مهما ) على المضارع ، لا على الماضي ، كقوله تعالى :" مهما تأتنا به من آية . . . " .
في ص 129 : " إذا كان المضاف اسماً جمع مذكر سالماً ، أو ملحقاً به " . . . وأرى في هذا التعبير ركاكة ، ونبّواً لا أدري مصدرهما ، وأحس أن الصواب أن يقولا : إن المضاف إذا كان جمع مذكر سالماً ، أو ملحقاً به . . . فلا أرى معنى لوجود كلمة ( اسماً ) هذه قبل جمع المذكر السالم . . . أم أن المؤلفين الكريمين قد أوحي إليهما أن جمع المذكر السالم ، والملحق به ، قد يكون فعلاً ، أو حرفاً مثلاً ؟!! وما ذلك عليهما ببعيد !!. .
في ص 75 : " إذا . . وهي أداة شرط غير جازم " . . الصواب : غير جازمة . . لأن غير وما بعدها تصف الأداة ، ولا تصف الشرط نفسه .
في ص 80 :" سواء كانت ناصبة ، أم حرف عطف " . . . الصحيح أن تأتي همزة تسوية قبل الفعل الذي بعد سواء ، حتى يمكن التخيير بأم . . كقوله تعالى :" سواء عليهم أأنذرتهم ، أم لم تنذرهم " .
في ص 585 حفنة أخطاء :
• " أهي إنسانية أم قومية ؟ . . . وهل هي نوع واحد أم متغيرة " قلنا سابقاً : إن التخيير بعد هل يكون بـ " أو " أو " ليس " بأم " !.
• " وكلما تفاعلت أنواع مختلفة من العواطف ، كلما كان العمل الأدبي أحسن " لا داعي لتكرار " كلما " وهو من الأخطاء الشائعة.
• " العاطفة الجيدة تصدر عن انفعال حقيقي من الأديب فيما يكتب " الصواب : " بما يكتب " .
3- نماذج لأخطاء أخرى :
• في ص 134 أوردا البيت الشهير :
لو أن الباخلين – وأنت منهم ....رأوك ، تعلموا منك المطالا
ونسباه إلى النابغة الجعدي ، وبعد صفحة ونصف صفحة فقط ، أوردا البيت نفسه ص 136 ، ونسباه إلى كثيّر عزة !!!.
• في ص 599 أوردا البيت الآتي :
كيف أصبحت ؟ كيف أمسيت ؟ مما
يغرس الودّ في فؤاد الكريم .
وقد ضبطاه بضم التاء في الفعلين الناسخين في البيت ، وفي تعليقهما على ذينك الفعلين ، والصواب : فتح التاء على أنها للمخاطب ، ويبدو أنهما لم يحاولا فهم معنى البيت . . . ومعناه : أن سؤال المضيف للضيف كيف أصبحت ، أو كيف أمسيتَ ؟ من الأشياء التي تميل إليها نفس الإنسان وتأنس بها ، فالتاء تاء المخاطب ، وليست تاء المتكلم .
ومن ذلك ما أورداه ص 663 ، فقد أوردا قول الشاعر :
ويركب يوم الروع منا فوارس بصيرون في طعن الأباهر والكلى
فقد ضبطا " الكلى " بكسر الكاف ( وهي جمع كُلية بضم الكاف ) والمعروف في جمع كُلْية أنها كُلَى بضم الكاف كذلك ، أما كسرها فلغة العامة .
ومن ذلك ما أورداه ص 64 من قول عمر ابن أبي ربيعة :
" ثم قالوا : تحبها ؟ قلت : بهراً . . ." [ هكذا أورداه !!]
استشهدا بذلك البيت المحَرَّف على حذف الهمزة الاستفهامية فقالا : " أي : ثم قالوا : أتحبها ؟ "
مع أن البيت يروى أحياناً :
قال لي كم تحبها قلت بهراً .....عددَ الرمل والحصى والتراب !
وهو الأقرب للمنطق ، فالسؤال بكم عن العدد يناسبه نصف البيت الثاني ، أما روايتهما فركيكة ، إذا عرفنا أن مطلع القصيدة :
قال لي صاحبي ليعلم ما بي .... أَتُحبُّ القَتولَ أختَ الرباب ؟
وليس عمر بن أبي ربيعة بالشاعر الركيك الذي يستفهم بالهمزة أول القصيدة ، ثم يستفهم بالهمزة وبالصيغة نفسها بعد بيتين أو ثلاثة أبيات . . .
يبقى أن أشير إلى أن عدد الآيات القرآنية المحرفة في هذا المعجم يبلغ سبعا وستين ومائة آية ( 167) !!!
وقد نستكمل في حلقة قادمة بقية المآخذ حتى لا نثقل على القراء
***
( 9 )
كافات الشتاء :
==========
تفنن شعراؤنا القدامى في استغلال أثر الشتاء في حياتهم ، واتفق أكثرهم على أن مايحتاجه المرء في ليالي الشتاء سبعة أشياء يبدأ كل واحد منها بحرف الكاف ، فقال قائلهم :
وكافاتُ الشتاء تُعَدُّ سَبْعًا ........ ومالي طاقةٌ بلقاء سَبع !!
إذا ظفرتْ بكافِ الكيسِ كَفّي .... ظفرتُ بمفردٍ يأتي بجمع !
ويقول : مَحْمُود بن نعْمَة بن أرسلان الشِّيرَازِيّ النَّحْوِيّ
يَقُولُونَ كافات الشتَاء كَثِيرَة ... وَمَا هُوَ إِلَّا وَاحِد غير مفترى
إِذا صَحَّ كَاف الْكيس فَالْكل حَاضر ..لديك وكلّ الصيد يوجد في الفرا
=====================
ولكن ابن التعاويذيّ خالف ذلك وقال :
إذا اجتمعت في مجلس الشّرب سبعة . فما الرأي في التأخير عنه صواب
شواء وشمّام وشهد وشاهد ... وشمع، وشادٍ مُطربٌ، وشراب
===================
وقال غيره :
فلُذْ بثمانٍ هنّ في الدهر للفتى ... وِقاءٌ إذا ما نالها وحجابُ:
كبابٌ وكانونٌ وكِنٌّ وكاعبٌ ... و كأسٌ وكيسٌ كسوةٌ وكتابُ!
و جمع بعضهم راآت ثمانية قابل بها كافات الشتاء، فقال:
عندي فديتك راآت ثمانيةٌ ... ألقى بها الحر إنَّ وافى وردا:
رب وروح وريحان وريق رشا ... و رفرف ورياض ناعم وردا
و قد تفنن الأدباء في هذا الغرض، ، كقول بعضهم:
رمتنا يد الأيام عن قوس خطبها ... بسبعٍ وهل ناجٍ من السبع سالمُ:
غلاءٌ ، وغاراتٌ ، وغزوٌ، وغُربةٌ ....... و غمٌّ وغدرٌ ثم غَبْنٌ مُلازمُ!
***
( 10 )
مصالحة بين (مَنْ ) و (ما ) :
=================
المعروف عندنا في كتب المدارس أن ( مَن) للعاقل و ( ما ) لغير العاقل ، ويدرس الطالب هذه القاعدة ويحفظها ، ثم يقرأ في القرآن الكريم : ( أفمن يخلق كمن لا يخلق ) [ النحل/17] ويقرأ في سورة النور الآية 45 ( فمنهم من يمشي على بطنه ) وتفسير ذلك : أنه سبحانه في آية سورة النحل جعل غير الخالق مع الخالق فعبر ب ( من ) عن غير الخالق لاشتراكهما في الفعل تعبيريا .
وأما آية سورة النور التي تتحدث عن المخلوقات عموما فتمامها (وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ مَاءٍ فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى أَرْبَعٍ يَخْلُقُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ( النور/45) وتذكير الضمير في (منهم) لتغليب العقلاء، وكذلك التعبير بكلمة (مَن).
والعرب تقول : اشتبه عليَّ الراكبُ وحَمْله فما أدري مَنْ ذا مِن ذا . فلما جمعهما وأحدهما الإنسان صلحت ( مَنْ ) فيهما جميعا .
***
( 11 )
تصويب خطأ شائع :
========
يتسرع بعض الأساتذة في تخطئة طلابهم حين يستخدمون تعبير ( في نفس الوقت ) ويقولون إن الصواب ( في الوقت نفسه ) وقد تجدون هذه التخطئة في تلك الكتب التي تحاول جمع الأخطاء اللغوية الشائعة .
غير أني عثرت على نص قديم يؤكد صلاحية هذا التعبير عند إمام فحل من فحول العربية هو ابن جني في كتابه " الخصائص" فهو يقول :
" ...... فقد تقول : مررت بزيد نفسه ، وهذا نفس الحق ، يعني أنه هو الحق لا غيره ... وإنما النفس هنا بمعنى : خالص الشيء وحقيقته ، والعرب تُحِل نفس الشيء من الشيء محل البعض من الكل "
***
( 12 ) :
فائدة الخبر وفائدة الحال
==============
إذا كان المخاطَب يعلم الخبر فلا تكون هناك فائدة في إخباره به ، كما لو قلت لشخص : الشمس مشرقة ، فلن يستفيد شيئا .. لذلك قال اللغويون : حين لا يكون في الخبر فائدة ، تكون الفائدة في ( الحال) التالية للخبر ، كما في قوله تعالى : " إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ " (الأنبياء / 92)
وكما في قوله تعالى : " أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَذَا بَعْلِي شَيْخًا.." ( هود /72) فالمعلومة الجديدة التي تضاف للمستمع أو قارئ هذا النص في هذه المواضع هي( حال ) المُتَحَدَّث عنه .
***
(13)
"الخال " في العربية يأتي على اثني عشر معنى :
==============================
1- أخو الأم
2- اسم موضع
3- ماضي الزمان
4- اللواء
5- الخيلاء
6- الشامة
7- العَزَب
8- المنفرد
9- قاطع ( سيف خالٍ : أي قاطع)
10- الجبان
11- نوع من البرود
12- السحاب
وقد نظم ذلك الشاعر أبو عبد الله اللخمي البستي ( محمد بن أحمد بن هشام ) فقال :
أقول لخالي وهو يوما بذي خال ...... تروح وتغدو في برود من الخال
أما ظفرت كفاك في العصُر الخالي ... بربة خال لا يُزَنّ بها الخالي؟
تمر كمر الخال يرتج ردفها .......... إلى منزل بالخال خلو من الخال
أقامت لأهل الخال خالا فكلهم ..........يؤم إليها من صحيح ومن خال
***
(14)
التوحيد :
=======
"التوحيد " : نوعٌ من التمر بالعراق - كما قال الاسنوي في طبقاته -وهو ما ينتسب إليه اللغوي الشهير أبو حيان التوحيدي .
وعلى هذا الأصل حمل شُرّاح ديوان المتنبي قوله :
يترشفن من فمي رشفاتٍ ...... هن فيه أحلى من التوحيدِ
***
(15)
لماذا يقول القرآن الكريم :
===============
" يأيها الذين آمنوا ...." ولا يقول : يأيها المؤمنون ؟
لأن الفعل في العربية يقتضي الحدوث ، والاسم يقتضي الثبوت ...
فلو قال : يأيها المؤمنون فسيكون الخطاب للحاضرين دون الغائبين .. أما ( الذين آمنوا ) فالخطاب به للحاضرين السامعين وللذين سيأتون من بعدهم
***
(16)
تذكير الفعل وتأنيثه :
==================
يشتبه على بعض الكتاب المعاصرين أمر التأنيث والتذكير بين الفعل والفاعل ، وخلاصة ما استقر عليه اللغويون في هذه الناحية أنه :
يجب تذكير الفعل مع الفاعل في حالتين:
- أن يكون الفاعل مفردًا مذكرًا أو جمع مذكر سالمًا.
- أن يكون الفاعل مؤنثًا ظاهرًا مفصولاً بينه وبين الفعل بـ «إلا» مثل:
[ ما يقول الحق إلا فاطمة. ]
ويجب تأنيث الفعل مع الفاعل في ثلاث حالات:
1- أن يكون الفاعل مؤنثًا حقيقي التأنيث متصلاً بالفعل مثل:
حضرت زينب، نجحت الطالبة.
2 - أن يكون الفاعل ضميرًا مستترًا يعود على مؤنث حقيقي أو مجازي مثل:
زينب نجحت في الامتحان.
الشمس تغرب آخر النهار.
- 3 - إذا كان الفاعل ضميرًا يعود على جمع مؤنث سالم أو جمع تكسير لمؤنث أو مذكر عاقل مثل:
الطالبات نجحن في الامتحان.
الزينات ارتفعت في رمضان.
الفواطم نجحن.
الأقلام جفت.
ويجوز تأنيث الفعل في ثلاث حالات:
1 - أن يكون الفاعل مؤنثًا حقيقيًا منفصلاً عن فعله مثل:
نجح (أو نجحت) في الامتحان طالبة واحدة.
والتأنيث أفضل في هذه الحالة وإن كان التذكير جائزًا.
2 - إذا كان الفاعل اسمًا ظاهرًا مجازي التأنيث مثل:
طلع (أو طلعت) الشمس.
والتأنيث أفضل أيضًا.
3 - إذا كان الفاعل جمع تكسير للمذكر أو المؤنث مثل:
قال نسوة في المدينة.
الأشجار أينعت.
الرجال قامت أو قاموا.
[والتذكير أفضل هنا].
***
17)
صحح لغتك :
إذا عزَّ أخوك فهِنْ :
============
ينطقها الكثيرون : إذا عزَّ أخوك فهُن [ بضم الهاء ]
والصواب : فهِِن [ بكسر الهاء ] من هان يَهين إذا لان .
ومنه الوصف المعروف : هَيِّنٌ لَيّنٌ؛
لأن هُن من هانَ يَهون، وهان يهون مأخوذ من الهوان؛ والعربُ لا تأمرُ بالهوان،
ومعنى عزَّ – في هذا المثل العربي - ليس من العِزَّة التي هي المَنَعَةٌ والقُدْرة،
وإنما هو من قولك : عزَّ الشيءَ إذا اشتدَّ،
ومعنى الكلام إذا صعب أخوك واشتدَّ فَذِلّ له من الذّل، والمعنى: إذا صعُب أخوك فلِن أنت له،
***
( 18)
= الجُهد : الشيء القليل يعيش به المُقِل . قال تعالى ( والذين لا يجدون إلا جُهْدَهم )
= الشَّوية أو الشُّواية = البقية من المال أو من القوم الهلكى .. فاستخدم كلمة " شوية " ولا تقلق
= تلقيته والتقيته : استعمالان صحيحان .
***
( 19)
مشاريع أم مشروعات؟
===============
يتجرأ كثير من " المُفْتين " اللغويين المتطوعين في أيامنا هذه ، فيصححون ويخطّئون وفق أهوائهم وأذواقهم ، دون أن يتكلفوا الرجوع إلى المصادر .
فمن ذلك جمع كلمتي : مشروع = مشروعات ، وموضوع : موضوعات . حيث يقترح بعضهم أن يكون جمع الكلمتين : مشاريع ، ومواضيع .
ويغفل " المُفتُون" المحدَثون عن أن استعمال هاتين الكلمتين وما ماثلهما استعمال حديث ، جرى مع العربية الحديثة التي نسمعها في وسائل الإعلام ، وليس عربيا أصيلا قديما .
والاستعمال الإعلامي الحديث تخرج به هاتان الكلمتان من " الوصفية" - ( عندما نقول مثلا : هذا عملٌ مشروعٌ ) أو نقول ( القلم موضوعٌ على المكتب) - إلى الاسمية .
والاسم غير الخماسي ( = الثلاثي الذي زيد فيه حرفان) يُجمَع قياسا على مفاعيل مثل مضامين ومحاصيل ومراكيب ومعاجين ومساحيق ..الخ
وما جاء وصفا لمذكر غير عاقل قياس جمعه أن يكون بالألف والتاء مثل ( أيام معدودات ) أو يأتي بصيغة المفرد ( أيام معدودة )
فقولوا : مشاريع ومشروعات ومواضيع وموضوعات كيف شئتم بعد أن تتأكدوا أنها مشاريع حقيقية وليست رقصا .
***
(20)
كلمة ( المسافة ) :
========
أصل كلمة ( مسافة ) [ = قدر البعُد بين مكانين أو بلدين ] أن العرب القدماء كانوا إذا تاهوا عن طريق أو استصعبوه ، شمُّوا ترابه ، فعرفوا من رائحة الترب مدى قربه أو بعده ... فهم يقولون في لغتهم : ساف التراب يسوفه سوفا ، أو استافه استيافا : أي : شمَّه ليعرف مسافته
وجاء هذا في شعر رؤبة بن العجاج حين قال : " إذا الدليلُ استاف أخلاقَ الطرق " أي : شمَّها ليعرف مقدارها .
وفي عصرنا هذا لا يمكن لصعيدي أن " يستاف " المسافات من الصعيد للقاهرة ...إلا إذا سفَّ التراب داخل قطاراتنا " المسّيَفة " أقصد : المكيفة !
***
( 21 )
احفظوا لغتكم :
=======
أبنائي الأعزاء معلمي ومعلمات اللغة العربية ... احفظوا هذه الكلمات :
- الهيثم : ابن الصقر
- الجرو : ابن الكلب
- الهجرس : ابن الثعلب
- المهر : ابن الحصان
- الجحش : ابن الحمار
- العجل: ابن البقرة
- الخرنق : ابن الأرنب
- الحوار : ابن الناقة
- الدغفل : ابن الفيل
- الشبل : ابن الأسد
- الرشا : ابن الظبية
- الدرص – بفتح الدال- : ابن الفأر
- الجَدْي : ابن العنز
***
تراويح لغوية ( 22 ) :
صحح لغتك :
=========
الألف في كلمة ( مائة ) لا تُنطَق كما يحلو لبعضهم أن يتفاصح فبقول : ماءة !! ، ويسميها اللغويون ( الألف الفارقة) فقد رسمها العرب قبل ظهور التنقيط ليفرقوا بها بين كلمتي( مئة) و ( فئة) فالصواب أن ننطقها كما ننطق ( فئة) ومثلها ( الواو الفارقة) التي أضافوها للتفرقة بين عَمرو وعُمر ، فلا يصح أن يُنطَق بها .
***
تراويح لغوية ( 23) :
افهم لغتك :
======
يقولون : اصفر وجه مرزوق وهو يسمع نشرة الأخبار .
واحمر خده من شدة الخجل حين قابلته كايداهم
وهذه لغة غير دقيقة عند بعض المدققين .
فالفعلان : احمرَّ واصفرَّ لا يناسبان الانفعال المؤقت ، بل يناسبان الصفة الدائمة التي لا تتغير
أما اللون فإذا كان عارضا يقال له : اصفارَّ ، واحمارَّ .
فبهذا يمكن التفرقة بين الصفة الثابتة والصفة العارضة .
وبهذا جاء في الحديث: " فجعل يحمارُّ ويصفارُّ "
***
تراويح لغوية ( 24) :
احفظ لغتك :
الشِّدة أنواع :
=====
الصِّر : شدة البرد
الأُوار : شدة حر الشمس
الجشع : شدة الحرص
الخَفَر : شدة الحياء
الصلق : شدة الصياح ، وفي الحديث «لَيْسَ منَّا مَنْ صَلَق أَوْ حَلَق» أَيْ لَيْسَ مَنْ أَهْلِ سُنَّتِنا مَنْ حَلَق شَعَره عِنْدَ المُصِيبة إِذَا حلَّت بِهِ.
القحقحة : شدة السير ،وقيل القَحْقَحةُ: تَرَدُّدُ الصَّوْتِ فِي الحَلْق، وَهُوَ شَبِيهٌ بالبُحَّةِ، وَيُقَالُ لضَحِك القِرْدِ: القَحْقَحة .
الغيهب : شدة سواد الليل
السُّعار : شدة الجوع
الهَلَع : شدة الجَزَع
البث : شدة الحزن
الحَسّ : شدة القتل ، قال تعالى " ولقد صدقكم الله وعده إذ تحسونهم بإذنه " [ آل عمران / 152] : أي تقتلونهم .
***
تراويح لغوية ( 25) :
كلمات عامية مصرية وأصلها فصيح :
===============
- يقولون في الصعيد : فلان (بحتر) الأشياء ( = بعثرها) العلة : تقارب مخارج الحروف
- (وشوش) المخبر رئيسه : أي كلمه في أذنه – فصيح
- رئيس تحرير ( أبّهة ) : من العظَمة والكبرياء – فصيح
- موظف ( أروبة ) : ذو دهاء وخبث – فصيح
- كان يلبس ( القبقاب) – فصيح
- إنه رئيس تحرير ( بَجَم قليل الفهم – غبي – فصيح
- وكان رحمه الله واسع ( البُق) = واسع الفم – فصيح
- وكانت رحمها الله ( تضفر) شَعرَها = تفتله – فصيح
- ( النسوان ) = النساء – فصيح
***
تراويح لغوية ( 26) :
الفرق بين :
السمع : إدراك الصوت
الإصغاء :طلب الصوت ومتابعته
=====
الظل : يكون نهارا وليلا
الفيء : يكون نهارا فقط
=====
الهبوط : نزول يتبعه إقامة ( قلنا اهبطوا منها جميعا )
النزول : لا تتبعه إقامة كالنزول من البيت أو من القطار
======
الضُّعف : بضم الضاد المشددة : يكون في الجسد فقط
الضعف : بالضاد المفتوحة المشددة يكون في الجسد ، أو في فهم الرياضيات مثلا
======
الهمّ : التفكير في الشيء المكروه وكيفية التخلص منه
الغمّ : انقباض القلب لوقوع ضرر أو توقع وقوعه
======
النعمة : قد تكون النعمة خفية
النعماء : النعمة الظاهرة
======
اللهو واللعب : كل لهو هو لعب والعكس غير صحيح
======
السب : الإسهاب في الشتم
الشتم : تقبيح أمر المشتوم
كأن تغلق الشاشة حين يبدأ في قراءة النشرة
***
كلمة (ضد )
كلمة (ضد ) ليست ظرفا كما يظن الكثيرون بحيث تلزم النصب دائما ، وإنما هي اسمٌ مفرد صحيح له مثنى : ضدان ، وله جمع : أضداد ، ولذلك يخطئ من يقول : " أنا أحارب ضدَّ الفساد " لأن ضدَّ الفساد هو : الصلاح . فالصواب أن يقول : أنا أحارب الفساد . والخطأ شاع بسبب
استخدام كلمة against الانجليزية التي تبدو كأنها ظرف ، وقد أخطأ مًنْ أجاز استعمالها وصفا لمصدر محذوف . لأن ذلك ليس معروفا في فصيح لغة العرب .
***
هاء الداهية :
========
للهاء في العربية ستة عشر استعمالاً ، أو قل : تعرف العربية ستة عشر نوعًا من الهاءات ، وبعض ظرفاء النحاة يطلقون على بعضها أسماء عجيبة كتلك الهاء التي أسموها ( هاء الداهية ) وهي التي يسميها النحاة التقليديون هاء المبالغة ، وهي تأتي في آخر الصفة الدالة على المدح أو الذمّ مثل : فلان رجل عَلاَّمة أو راوية ، أو نسَّابة ، وهي تختص بالمذكر ولا يوصف بها المؤنث لأن هاء التأنيث تغني عنها ، كما لا يصح أن تزاد في صفات الله تعالى حتى لو قٌصد بها المبالغة .
ولفظ (داهية ) حين يوصف به رجل قد يكون المقصود به المدح أو الذم حسب السياق . وجعل الكسائي من هذا النوع لفظ " عاصفة " الذي يدل على المبالغة في المدح أو الذم من قوله تعالى ( وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ "عَاصِفَةً " تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَكُنَّا بِكُلِّ شَيْءٍ عَالِمِينَ ( الأنبياء/81 ) وقال : للعرب أحرف كثيرة من المذكر بالهاء على مبالغة المدح والذم كقولهم : رجلٌ شَتَّامة ، وعلاّمة ، وراوية ، وباقعة ( عبقري) ، وداهية ، ولجوجة ( أي ملحاح ) وصَرُورة ( ممتنع عن الزواج) .
ونحاة البصرة يسمون هذه الهاءات الأخيرة تاءات ، ولكني أنا لا أحب نحاة البصرة ولا نحوهم ، وأحب مدرسة الكوفة التي ترى أن الهاء أصل يظهر عند الوقف عليه ، والتاء منقلبة عنها في الوصل بعكس رأي البصريين .
***
(2) :
هناك أفعال ليست محسوبة من أخوات كان المعروفات ، فالأصل أنها أفعال تامة لازمة ( = ترفع فاعلا ) مثل الفعل ( عاد) فالأصل فيه أنه فعل تام لازم بمعنى رجع
كقولك : عاد اللص إلى وظيفته ،
ولكنه قد يأتي ناقصا في قولنا عقب عاصفة حارة هدأت ( عاد الجو لطيفا) فهنا يصبح الفعل عاد ناقصا متلبسا معنى ( صار) فيعرب كأنه من أخوات كان وما بعده اسم مرفوع وخبر منصوب . ومثله ( ارتد ) في قولنا : ارتد بصيرا ..والله أعلم
**
(3)
ألِفُ الشَّرِكة
========
الألف التي في الفعلين ( فاعَل - تَفاعَل مثل : خاصمَ - صالَح ) تفيد وقوع الفعل من طرفيْن تشاركا الفعل ، وهذه الألف يسميها بعض ظرفاء النحاة : ألِفُ الشَّرِكة ، وهذا هو الشائع في كتب النحو المدرسية المعاصرة .
غير أن هناك أفعالا عديدة لا تنطبق عليها القاعدة ، وتقع من فاعل واحد ، فيجب الانتباه لها ومنها : بارك الله للصوص فطمعوا - قاتل الله الكذابين - راقبَ المراقبُ الطلاب الغشاشين - ضاعفت الحكومة مكافآت النواب- قاسى محدود الدخل الموت جوعا - عاينَ المريضُ الموتَ - ..... فكل هذه الأفعال - وما يشبهها - فاعلها واحد . والله أعلم
***
(4)
كبير المنشدين الشيخ على محمود- رحمه الله- غنى قبل نحو ثمانين عاما أبياتا أولها: ((يا نسيم الصبا تحمَّلْ سلامى)) ... لحنها من مقام الحجاز, وأداها أداءً رائعا,
ولكنه فى البيت الذى يقول فى آخره: ((يشفى فؤادى بذكرهم من سقام)) .. نطق كلمة ((سقام)) بكسر السين, وهو خطأ لأن كلمة السقام بكسر السين- معناها ((المرضى))- جمع : سقيم = مريض ( كما نجمع غليظ : غِلاظ ، شديد : شِداد )
وهى تماثل كلمة ((سُقَمَاء)) بضم السين وفتح القاف والميم- جمع سقيم- وإنما أراد الشيخ ((السَّقَام)) بفتح السين, أى ((السُّقَم))- بضم وتشديد السين وتسكين القاف- و ((السَّقَم)) أيضا .. بفتح وتشديد السين وفتح القاف, ومعناهما: المرض !
والمقصود به فى هذا الغناء ((مرض الحب))
أو ما يجلبه الحب ( خصوصا حب مصر! )
***
(5)
تأملات لغوية :
==========
ما الفرق بين " ياويلنا " و " يا ويلتنا " ؟
قارئ القرآن المدقق يلحظ أن كلمة ( الويل ) تأتي بمعنى الهلاك والعذاب [ ويل للمطففين - يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا .... وهكذا ]
أما بالتأنيث ( ويلة ) فتأتي مع فضيحة كان الظن أنها ستظل مستورة ، كما في قوله تعالى (فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءَةَ أَخِيهِ قَالَ يَاوَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءَةَ أَخِي ) وفي قوله تعالى (قَالَتْ يَاوَيْلَتَا أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَذَا بَعْلِي شَيْخًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ )
-----------------
فحين يراك أحد تشاهد القناتين الأولى والثانية سيقول لك : ويلك !!
أما إن ضبطك تشاهد الدريمات فقل : يا ويلتاه !!
***
(6)
معاني "القُعُود" في القرآن الكريم
======================
القرآن الكريم يحث على السعي والعمل والجهاد، ففي آيات كثيرة نرى تحفيزًا للناس على السعي في الأرض، وتأمل آثار نعمة الله، وتتبع آياته في خلقه البديع، وفي آيات كثيرة نرى تشجيعًا للناس على السير في الأرض وتأمل عواقب الأمم السابقة الطاغية المتكبرة من خلال ما بقي من آثار ومعالم. وفي آيات أُخَر نرى دعوات للمسارعة في الخيرات، والتنافس في الطاعات، والتسابق الى نيل رضوان الله تعالى، والفوز برحمته في الدنيا وفي الآخرة بالعمل الصالح الدءوب.
وكل المعاني السابقة تبرز لنا أهمية (الحركة)، والنشاط، والهمة، والسعي، في حياة المؤمن الحق. وهذا يتفق مع متطلبات الصحة النفسية للإنسان، فإن الحركة الدائمة، والسعي الدؤوب من مؤشرات "الإيجابية" في الحياة، والإنسان الإيجابي عند علماء النفس والتربية، هو الإنسانُ السويُّ الصحيح نفسيًّا الذي يتفجر إحساسه بالسعادة الحقيقية، من سلوكياته مع الآخرين أخذًا وعطاءً، وحفزًا، وتعاونًا، وتفاعلاً مستمرًّا من أجل حياة أفضل، وأفضل ما تكون الحياة حين تتوافق معالمها مع المنهج الذي ارتضاه الله تعالى لخلقه.
وعلى النقيض من كل ما سبق، تأتي "السلبية" كطاقة مدمِّرة، يلجأ إليها البائسون اليائسون من مرضى النفوس، يتدثرون بها ليُواروا بها سوءة تخاذلهم وضعفهم النفسي، وخُواء تفكيرهم، وخَوَر هممهم.
وقد ورد لفظ "القعود" في القرآن الكريم ومشتقاته بعدة صور تعكس لنا أحوال القاعد، وبؤس تفكيره، وأنانيته، وإيناره الدنيا الفانية على الآخرة الباقية.
وبحر الدلالة اللغوية لمادة (ق.ع.د) واسع عميق، فقد قالت العرب للرجل العاجز الذي لا يكتسب ما يعيش به: هو "قُعَدَةٌ ضُجَعَة" أي: دائم القعود والاضطجاع، لا يسعى لكسب معايشه، وقالوا لمن يحب كثيرة القعود في بيته: هو "قُعَديُّ" بفتح العين. وقعد عن الأمر أي تركه. وبعكسها قالوا: قعد للأمر: أي اهتم به.
وفي إطار هذه الدلالات لمعاني القعود نقرأ في القرآن الكريم وصف بعض المنافقين الذين حاولوا تخذيل إخوانهم من المجاهدين وتشجيعهم على رفض الخروج للجهاد في قوله تعالى ( الَّذِينَ قَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُوا لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا قُلْ فَادْرَءُوا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ) [آل عمران/168].
ويأتي حكم الله تعالى واضحًا قاطعًا في ذم القعود عن الجهاد ممن يمتلك القدرة ولكنه يمتلك مع القدرة نفسًا ضعيفة، وإرادةً خائرة، ولا عذر بدنيًّا عنده يعوقه عن فريضة الجهاد. يقول تعالى: { لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا } [النساء/95].
ويقص علينا القرآن الكريم من قصص بني إسرائيل، كيف استناموا إلى الكسل والخنوع، وقعد بهم خوفهم مواجهة الأعداء عن نصرة نبيهم موسى عليه السلام، يقول تعالى: { قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا أَبَدًا مَا دَامُوا فِيهَا فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُون] [المائدة/24].
وقد وصف القرآن الكريم أحوال المنافقين في المدينة المنورة أثناء غزوات رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وصوّرهم القرآن الكريم في أحوال شتى تعكس جبنهم، وكيدهم للدين، وإيثارهم للحياة الدنيا.
(1)فهم كُسالَى:
لا يبادرون إلى الجهاد، ولا يرحبون ببذل المال والنفس في سبيل نصرة دين الله. فاستحقوا بهذا غضب الله تعالى عليهم فوبَّخهم سبحانه وتعالى بأسلوب يكشف لنا أن المتخلفين من المنافقين قد ظهر منهم من القرائن ما يبين أنهم ما قصدوا الخروج للجهاد ، وأن أعذارهم التي تقدموا بها لإعفائهم من الخروج.. باطلة، فإن العذر الحقيقي المقبول هو المانع الشرعي الذي يظهر بعد أن يكون الإنسان قد شرع في التهيؤ ، وسعى في أسباب الخروج، ثم فاجأه مانع شرعي لم يكن يتوقعه ، فهذا هو الذي يُعذَر. قال تعالى :
: { وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ } [التوبة/46].
ثم ذكر الحكمة في ذلك فقال سبحانه { لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا وَلَأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ } [التوبة/46]. أي: لو خرجوا معكم ما زادوكم نقصا ، وَلأوْضَعُوا خِلالَكُمْ أي: سعوا في الفتنة والشر بينكم، وفرقوا جماعتكم ، لأنهم حريصون على فتنتكم وإذكاء روح العداوة بينكم. وَفِيكُمْ أناس ضعفاء العقول سَمَّاعُونَ لَهُمْ أي: مستجيبون لدعوتهم يغترون بهم،.
(2)وهم مترددون :
لأنهم حين رأوا المغانم التي فاز بها إخوانهم الذين بادروا إلى الجهاد، والخروج مع رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، راجعوا مواقفهم وترجحت لديهم مصلحتهم المفضلة دائما وهي: الثروة والمغانم، فجاءوا يعتذرون ويطلبون المشاركة، فكان الأليق بهم رفض مطلبهم وتذكيرهم بتخاذلهم الأول. قال تعالى: { فَإِنْ رَجَعَكَ اللَّهُ إِلَى طَائِفَةٍ مِنْهُمْ فَاسْتَأْذَنُوكَ لِلْخُرُوجِ فَقُلْ لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَدًا وَلَنْ تُقَاتِلُوا مَعِيَ عَدُوًّا إِنَّكُمْ رَضِيتُمْ بِالْقُعُودِ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَاقْعُدُوا مَعَ الْخَالِفِينَ} [التوبة/83].
(3)وهم كاذبون:
فقد طلبوا الإذن لهم بالتخلف عن الجهاد، مع قدرتهم عليه، ومع كثرة أموالهم، قال تعالى:
{ وَإِذَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ أَنْ آمِنُوا بِاللَّهِ وَجَاهِدُوا مَعَ رَسُولِهِ اسْتَأْذَنَكَ أُولُو الطَّوْلِ مِنْهُمْ وَقَالُوا ذَرْنَا نَكُنْ مَعَ الْقَاعِدِينَ } [التوبة/86].
وبالإضافة إلى المعاني السابقة للقعود المرتبطة بالتهرب من الجهاد، والنكوص عن نصرة الدين، فقد وردت دلالات لغوية أخرى لمادة (قعد) في القرآن الكريم، تشير في معظمها إلى صفات مذمومة. منها القعود مع الظالمين لمحاربة دين الله، كما يظهر ذلك من قوله تعالى: { وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا} [النساء/140] وقوله تعالى: { وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ } [الأنعام/68].
ومن تلك الصفات المذمومة أيضًا ورود "القعود" بمعنى التربص والتآمر كما ورد في وصف إبليس عليه اللعنة وعلى لسانه في قوله تعالى: { قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ ] [الأعراف/16].
ويرتبط القعود بالحسرة كما في قوله تعالى: { وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا } [الإسراء29].
أما كونه ملوماً فلأنه يلوم نفسه. وأصحابه أيضاً يلومونه على تضييع المال وتضييع فرص كسبه وتحصيله مما يترتب عليه إبقاء الأهل والولد في الضر والمحنة ، وأما كونه محسوراً فمأخوذ من قول العرب للبعير : هو محسور إذا انقطع سيره وحسرت الدابة إذا سيرها حتى ينقطع سيرها فالمحسور- بهذا المعنى - هو المتعب المضنى، الذي انكشفت عنه القوة، ولم تبق به قدرة على شيء، وكذلك هو مأخوذ من قول العرب: حسرت البعير أي أضنيته وأتعبته بالسير، حتى لم تبق به قدرة عليه .
والجمل لا يقطع الطريق ويصل إلى الغاية إلّا إذا حافط صاحبه على ما فيه من قوة، فسار به سيراً وسطاً. أما إذا أجهده واستنزف قوته، فإنه يسقط كليلاً محسوراً: فلا قطع طريقه، ولا وصل منزله، ولا أبقى جمله.
فكذلك الإنسان في طريق هذه الحياة محتاج إلى قوة المال، فإذا أنفقه بحكمة نفع به وانتفع، وبلغ غاية حياته هادئاً راضياً، وإذا بسط يده فيه كل البسط أتى عليه فانقطع النفع والانتفاع، ولم يبلغ غاية حياته إلاّ بتعب ومشقة.
ويظهر من هذا أن قوله {ملوماً} يرجع للمقتر والمسرف. وقوله: {محسوراً} يرجع للمسرف فقط. ولكن لما كان المحسور هو الذي ذهبت قوته فلا قدرة له على شيء، فقد يمكن القول : إن البخيل أيضاً مبغوض من الناس مخذول منهم، فلا يجد في ملماته معيناً، ولا في نوائبه معزياً، فهو أيضاً ضعيف الجانب لا قوة له. فالمسرف ضيع المال، والبخيل ضيع الإخوان، فكلاهما مكسور الظهر، عديم الظهير.
كما يرتبط القعود بالخذلان كما في قوله تعالى : { لَا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُومًا مَخْذُولًا } [الإسراء/22].
فلفظ " القعود" المذكور في قوله تعالى : {فَتَقْعُدَ مَذْمُومًا مَّخْذُولا} معناه : المكث أي فتمكث في الناس مذموماً مخذولاً ، وهذه اللفظة مستعملة في العربية والفارسية بهذا المعنى ، فإذا سأل الرجل غيره ما يصنع فلان في تلك البلدة فيقول المجيب : هو قاعد بأسوأ حال معناه : المكث سواء أكان قائماً أم جالساً. ومن شأن المذموم المخذول أن يقعد نادماً متفكراً على ما فرط منه.
ولا يخفى على أحد عاقل أن التمكن من تحصيل الخيرات يتطلب السعى في تحصيلها ، والسعي إنما يتأتى بالقيام ، والإنسان الكسلان العاجز عن تحصيل الخير لنفسه ولغيره يتملكه الخمول والإحباط فلا يسعى بل يبقى جالساً قاعداً عن الطلب فلما كان القيام على الرِّجلين كناية عن سرعة الحركة وحب السعي ، صار أحد الأمور التي بها يتم الفوز بالخيرات ، وكان القعود والجلوس علامة على عدم تلك المكنة والقدرة لذلك ظهر في السياقات القرآنية المتعددة جعل القيام كناية عن القدرة على تحصيل الخيرات. والقعود كناية عن العجز والضعف.
وهكذا نرى أن للقعود – بأصل معناه اللغوي وفي ضوء السياق القرآني- يتضمن دلالات تربوية تدور كلها حول: السلبية- الخنوع- الجبن- الكسل- ضف الوازع الديني- التربص- التآمر- الحسرة- الخذلان.
***
(7)
الفرق بين : (نَعم، بلَى، أَجلْ) :
==================
*نعم:
جواب لمستفهِم.... هل تشاهد القناة الأولى؟ تقول: نعم
في التنزيل {فهل وجدتم ما وعد ربكم حقًا قالوا نعم}
*بلى:
إثبات بعد النفي. أليس قارئ النشرة فصيحا ؟ تقول: بلى
في التنزيل{أليس هذا بالحق قالوا بلى وربنا}
*أجل:
تأكيد لخبر. أهو الذي دفع الرشوة .؟ تقول: أجل.
***
( 8 )
أوزان الكثرة :
=========
أوزان القلة معروفة لكل دارسي النحو . أما أوزان الكثرة فكثيرة جدا منها أربعة عشر وزنا معروفا ويضاف إليها المسموع ، وماكان على صيغة منتهى الجموع . وهذه الأوزان هي :
1- فُعَّل : ركعا سجدا
2- فُعَّال : حُراس
3- فعلاء : جهلاء
4- أفعلاء : أنبياء
5- فَعَلَة : سحرة
6- فَعْلى : قتلى
7- فعول : بحور
8- فُعْل : حُمْر
9- فعَلة : قردة
10- فُعُل : نُذُر
11- فُعَل : غُرَف
12- فُعْلَة : قضاة
13- فِعَل : قِطع
14- فِعال : ثياب
15- فِعلان : غلمان
16- فُعلان : قضبان
***
(8)
مُعجَم يجب أن يُعْدَم
============
" الشامل " : معجم في علوم اللغة العربية ومصطلحاتها ، وضعه محمد سعيد إسبر ، وبلال جنيدي ، ونشرته دار العودة في بيروت الطبعة الأولى عام 1981م ، والطبعة الثانية ( وهي التي بين يدينا ) عام 1985م . . ويقع هذا المعجم في ثلاث وثلاثين وألف صفحة من القطع المتوسط بخلاف الفهرس . . ويقول المؤلفان في مقدمة هذا المعجم : إنهما استعرضا ما وضع في اللغة العربية من معاجم ، فلم يجدا ما يرجوان ، فوضعا هذا المعجم ، ورتباه في صيغة واحدة مرتبة بطريقة معجمية ، متناولين :
1- مواد النحو والصرف . 2- علوم القرآن والحديث.
3- علم العروض . 4- الإملاء والخط.
5- علوم البلاغة . 6- التعريفات الأدبية والنقدية .
وهما يقولان في المقدمة : " نستطيع القول – وبكل ثقة – إن هذا المعجم هو للطالب في المرحلة الثانوية ، وللمختص في المرحلة الجامعية ، وللباحث والدارس مهما علا اختصاصهما ، كما أنه في الوقت نفسه لهواة اللغة العربية ومحبيها ، ويمكن وصفه بأنه مكتبة في كتاب " !!!
وقد أكون مخالفاً للحقيقة إذا قلت إنني سعدت بقراءة هذا المعجم النفيس . . فالحق أن سعادتي انتهت عندما وصلت إلى هذه الفقرة من المقدمة . . . . إذ كيف يستطيع إنسان مثقف أن يقول : إن ما يؤلفه للهواة وللباحثين في وقت واحد ؟!!.
على أية حال . . ما إن مضيت في قراءة المعجم حتى وجدتني مضطراً إلى تدوين بعض الملاحظات ، إلى أن وجدت دفتري ضاق بما دونت ، وكلما توغلت في المعجم ، اكتشفت مزيداً من الملاحظات ، وبصفة خاصة أشير إلى الأغلاط في الآيات القرآنية الكريمة ، وهذا أشنع ما يمكن أن يقع فيه مؤلفان يزعمان أنهما يضعان معجماً يضم فيما يضم " علوم القرآن والحديث "!!
وليت الأمر وقف عند حد الأخطاء الطباعية ، بل إنه يتعدى ذلك إلى التحريف في آيات القرآن الكريم ، واستنتاج قواعد نحوية من تلك الآيات المحرفة !!!
ولو أنني ذكرت كل ما دونت من ملاحظات ، لاحتاج الأمر إلى مائتي صفحة ، ولكنني سأكتفي بضرب أمثلة ، وبيان مواضع الخطأ :
1- نماذج لأخطاء في الآيات القرآنية :
أولاً : آيات محرفة :
625 :"هو الله الصمد " . . الصواب :"الله الصمد" . . وهذا أعجب ما يمكن أن يقع عليه بصر الإنسان ، فهذه السورة لشهرتها وقصر آياتها تستبشع أن يخطئ فيها مسلم !!!
ص 612 :" لا تأخذكم بهما رأفة في الدين" . . الصحيح:"ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله ". . النور/2.
ص83 :"إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم ، وإن أسأتم فعليها " . . الصحيح :"وإن أسأتم فلها " الإسراء/7 .
ص87 :" لكل أجل كتاب ، يمحو الله ما يشاء ، ويثبت ما يشاء " . . الصحيح :" يمحو الله ما يشاء ويثبت ، وعنده أم الكتاب ".
ص113 :" أبشراً منا هنالك نتبعه " الصحيح :" أبشراً منا واحداً نتبعه " المؤمنون/47.
ص 646 :" وما تفعلوا من خير تجدوه عند الله هو خيراً وأعظم أجرا " . . الصحيح :" وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه . . . " المزمل/20 .
ثانياً : آيات يبدو الخطأ فيها كما لو كان مطبعياً :
• ص 583 : " وما هو على الغيب بظنين " أورداها هكذا ، وقالا : بظنين : أي متهم ، ولكنهما لم يشيرا إلى أن هذه قراءة تخالف خط المصحف العثماني ، فالذي في قراءة حفص :" بضنين " بالضاد وليس بالظاء .
• ص 663 : " لأصلبنكم في جذوع النخل " بفتح الهمزة ، وسكون الصاد ، وكسر اللام من غير تشديد " . . والصحيح ضم الهمزة ، وفتح الصاد ، وتشديد اللام المكسورة .
• ص 457 : " من كل حدب ينسلون " وردت بسكون الدال ، والصحيح فتحها .
• ص 74 : " ولن ينفعكم اليوم إذا ظلمتم إنكم في العذاب مشتركون " هذه الآية فيها ثلاثة أخطاء :
- أولها : الصحيح إذْ وليس إذا .
- وثانيها : فتح همزة " إنكم " وليس كسرها ، كما وردت في المعجم .
- وثالثها وهو الأشنع : أن المؤلفين أورداها كهذا ليستشهدا بها في مجال الحديث عن " إذا الشرطية " وهي ليست بإذا كما وضحنا !!!.
وما أبعد الشقة بين إِذْ وإذا عند من يعرفون العربية ، بله من يؤلفون فيها ، ويضعون لها المعاجم التي تصلح للباحثين والمتخصصين !!!.
ثالثاً : آيات مختلقة اختلاقاً :
وهذا القسم أبشع شيء في الكتاب ؛ أن يصطنع المؤلفان كلاماً يكتبانه بين القوسين المزركشين المعهودين اللذين يبدو ما بينهما كأنه قرآن ، ومن أعجب العجب أن يبنيا على هذا الصنيع قاعدة ، أو يؤكدا به قاعدة يتناولانها . . . فمثلاً :
في ص 633 ، ورد ما يظن أنه آية وهو :" أفتدري كيف عاقبة الظالمين " في معرض حديثهما عن عدم فصل الفاء عن معطوفها ، فذكرا ما ذكرا ، ثم عقبا بقولهما : " والأحسن إعراب الفاء هنا استئنافية ، والجملة بعدها استئنافية " . . ولم يرد هذا الكلام في القرآن قط بصيغة " أفتدري " هذه التي يبنيان عليها قاعدتهما !!!
. . والذي ورد في القرآن في مثل هذا الموطن قوله تعالى :" فانظر كيف كان عاقبة الظالمين " القصص/40 ، يونس/39 .
في ص 595 يفعلان ما فعلاه آنفا ، فيوردان :" عسى أن يرحمكم ربّي " ويستشهدان بهذا على أن عسى يكثر اقترانها بـ " أَنْ " !!. وليس هذا الكلام من القرآن ، والذي يشابه هذا قوله تعالى : " عسى ربكم أن يرحمكم ، وإن عدتم عدنا " . الإسراء/8 ، وفي الآية الحقيقية اتصل اسم عسى بها قبل ورود أَنْ ، بعكس الآية المختلقة.
ص 767 ورد :" إنّ ما عندكم ينفد وما عند الله باق " . وقالا بعدها : " إن (ما) اسم موصول ، اسم إِنّ ، والخبر جملة ينفد . . والآية الحقيقية :" ما عندكم ينفد ، وما عند الله باق ". النحل/96 بدون " إِنّ " . . . !!
ص 864 : " وأنه أضحك وأبكى ، وأنه أمات وأحيا " . وليس هذا مطابقاً للقرآن ، فالصحيح :" وأنه هو أضحك وأبكى ، وأنه هو أمات وأحيا " . . النجم 43،44 .
ص 726 أوردا :" ولا تأكلوا أموالهم لأموالكم " . . واستشهدوا بها على مجيء اللام بمعنى " مع " !!!. . والذي في سورة النساء : " ولا تأكلوا أموالهم إلى أموالكم "
2- نماذج لأخطاء نحوية ولغوية :
والذي يحزّ في النفس أيضاً ، أن مؤلفي المعجم لم يهتما بمراجعته فيما يبدو ، فجاء بهذه الصورة السيئة . . ومن مظاهر هذا السوء : أن يحتوي المعجم ( وهو معجم " في علوم القرآن " كما زعما في مقدمته) !! . . على أخطاء نحوية ، يندر أن يقع فيها الأفراد العاديون الذين عافاهم الله من تأليف المعاجم ، " وتقميس " القواميس إن جاز التعبير !! . . فمن ذلك مثلاً :
في ص 5 : " فوجدنا قسمين : . . قسم قديم . . إلخ " ، والأفضل : قسماً قديماً ، على أنها بدل من المنصوب قبلها . . [ وهذا في المقدمة كما أشرنا آنفاً ] .
في ص 605 : " ليس جمعاً مذكراً سالماً ، ولا مؤنثاً سالماً " . . والصواب " ليس جمعَ مذكرٍ سالماً ، ولا جمعَ مؤنثٍ سالماً " . .
في ص 614 :" ضَبَطَا قول المتنبي : " وجداننا كل شيء بعدكم عدم " بضم الواو ، والصوابُ كسرها .
في ص 629 . . جاء قولهما :" هل يمدحه ، أم يسخر منه ؟ " . . والأفصح أن " أَمْ " التخييرية تأتي بعد همزة الاستفهام ، و " أو " تأتي بعد الاستفهام ب " هل " .
في ص 140 :" وتعرب " مَنْ " [ لو سميت رجلاً " مَنْ " ] . . مبني على السكون في محل رفع . . . والصواب : مبنياً على السكون .
في ص 140 أيضاً :" مهما تغير موقعها الإعرابي " والأصح أَنْ تدخل ( مهما ) على المضارع ، لا على الماضي ، كقوله تعالى :" مهما تأتنا به من آية . . . " .
في ص 129 : " إذا كان المضاف اسماً جمع مذكر سالماً ، أو ملحقاً به " . . . وأرى في هذا التعبير ركاكة ، ونبّواً لا أدري مصدرهما ، وأحس أن الصواب أن يقولا : إن المضاف إذا كان جمع مذكر سالماً ، أو ملحقاً به . . . فلا أرى معنى لوجود كلمة ( اسماً ) هذه قبل جمع المذكر السالم . . . أم أن المؤلفين الكريمين قد أوحي إليهما أن جمع المذكر السالم ، والملحق به ، قد يكون فعلاً ، أو حرفاً مثلاً ؟!! وما ذلك عليهما ببعيد !!. .
في ص 75 : " إذا . . وهي أداة شرط غير جازم " . . الصواب : غير جازمة . . لأن غير وما بعدها تصف الأداة ، ولا تصف الشرط نفسه .
في ص 80 :" سواء كانت ناصبة ، أم حرف عطف " . . . الصحيح أن تأتي همزة تسوية قبل الفعل الذي بعد سواء ، حتى يمكن التخيير بأم . . كقوله تعالى :" سواء عليهم أأنذرتهم ، أم لم تنذرهم " .
في ص 585 حفنة أخطاء :
• " أهي إنسانية أم قومية ؟ . . . وهل هي نوع واحد أم متغيرة " قلنا سابقاً : إن التخيير بعد هل يكون بـ " أو " أو " ليس " بأم " !.
• " وكلما تفاعلت أنواع مختلفة من العواطف ، كلما كان العمل الأدبي أحسن " لا داعي لتكرار " كلما " وهو من الأخطاء الشائعة.
• " العاطفة الجيدة تصدر عن انفعال حقيقي من الأديب فيما يكتب " الصواب : " بما يكتب " .
3- نماذج لأخطاء أخرى :
• في ص 134 أوردا البيت الشهير :
لو أن الباخلين – وأنت منهم ....رأوك ، تعلموا منك المطالا
ونسباه إلى النابغة الجعدي ، وبعد صفحة ونصف صفحة فقط ، أوردا البيت نفسه ص 136 ، ونسباه إلى كثيّر عزة !!!.
• في ص 599 أوردا البيت الآتي :
كيف أصبحت ؟ كيف أمسيت ؟ مما
يغرس الودّ في فؤاد الكريم .
وقد ضبطاه بضم التاء في الفعلين الناسخين في البيت ، وفي تعليقهما على ذينك الفعلين ، والصواب : فتح التاء على أنها للمخاطب ، ويبدو أنهما لم يحاولا فهم معنى البيت . . . ومعناه : أن سؤال المضيف للضيف كيف أصبحت ، أو كيف أمسيتَ ؟ من الأشياء التي تميل إليها نفس الإنسان وتأنس بها ، فالتاء تاء المخاطب ، وليست تاء المتكلم .
ومن ذلك ما أورداه ص 663 ، فقد أوردا قول الشاعر :
ويركب يوم الروع منا فوارس بصيرون في طعن الأباهر والكلى
فقد ضبطا " الكلى " بكسر الكاف ( وهي جمع كُلية بضم الكاف ) والمعروف في جمع كُلْية أنها كُلَى بضم الكاف كذلك ، أما كسرها فلغة العامة .
ومن ذلك ما أورداه ص 64 من قول عمر ابن أبي ربيعة :
" ثم قالوا : تحبها ؟ قلت : بهراً . . ." [ هكذا أورداه !!]
استشهدا بذلك البيت المحَرَّف على حذف الهمزة الاستفهامية فقالا : " أي : ثم قالوا : أتحبها ؟ "
مع أن البيت يروى أحياناً :
قال لي كم تحبها قلت بهراً .....عددَ الرمل والحصى والتراب !
وهو الأقرب للمنطق ، فالسؤال بكم عن العدد يناسبه نصف البيت الثاني ، أما روايتهما فركيكة ، إذا عرفنا أن مطلع القصيدة :
قال لي صاحبي ليعلم ما بي .... أَتُحبُّ القَتولَ أختَ الرباب ؟
وليس عمر بن أبي ربيعة بالشاعر الركيك الذي يستفهم بالهمزة أول القصيدة ، ثم يستفهم بالهمزة وبالصيغة نفسها بعد بيتين أو ثلاثة أبيات . . .
يبقى أن أشير إلى أن عدد الآيات القرآنية المحرفة في هذا المعجم يبلغ سبعا وستين ومائة آية ( 167) !!!
وقد نستكمل في حلقة قادمة بقية المآخذ حتى لا نثقل على القراء
***
( 9 )
كافات الشتاء :
==========
تفنن شعراؤنا القدامى في استغلال أثر الشتاء في حياتهم ، واتفق أكثرهم على أن مايحتاجه المرء في ليالي الشتاء سبعة أشياء يبدأ كل واحد منها بحرف الكاف ، فقال قائلهم :
وكافاتُ الشتاء تُعَدُّ سَبْعًا ........ ومالي طاقةٌ بلقاء سَبع !!
إذا ظفرتْ بكافِ الكيسِ كَفّي .... ظفرتُ بمفردٍ يأتي بجمع !
ويقول : مَحْمُود بن نعْمَة بن أرسلان الشِّيرَازِيّ النَّحْوِيّ
يَقُولُونَ كافات الشتَاء كَثِيرَة ... وَمَا هُوَ إِلَّا وَاحِد غير مفترى
إِذا صَحَّ كَاف الْكيس فَالْكل حَاضر ..لديك وكلّ الصيد يوجد في الفرا
=====================
ولكن ابن التعاويذيّ خالف ذلك وقال :
إذا اجتمعت في مجلس الشّرب سبعة . فما الرأي في التأخير عنه صواب
شواء وشمّام وشهد وشاهد ... وشمع، وشادٍ مُطربٌ، وشراب
===================
وقال غيره :
فلُذْ بثمانٍ هنّ في الدهر للفتى ... وِقاءٌ إذا ما نالها وحجابُ:
كبابٌ وكانونٌ وكِنٌّ وكاعبٌ ... و كأسٌ وكيسٌ كسوةٌ وكتابُ!
و جمع بعضهم راآت ثمانية قابل بها كافات الشتاء، فقال:
عندي فديتك راآت ثمانيةٌ ... ألقى بها الحر إنَّ وافى وردا:
رب وروح وريحان وريق رشا ... و رفرف ورياض ناعم وردا
و قد تفنن الأدباء في هذا الغرض، ، كقول بعضهم:
رمتنا يد الأيام عن قوس خطبها ... بسبعٍ وهل ناجٍ من السبع سالمُ:
غلاءٌ ، وغاراتٌ ، وغزوٌ، وغُربةٌ ....... و غمٌّ وغدرٌ ثم غَبْنٌ مُلازمُ!
***
( 10 )
مصالحة بين (مَنْ ) و (ما ) :
=================
المعروف عندنا في كتب المدارس أن ( مَن) للعاقل و ( ما ) لغير العاقل ، ويدرس الطالب هذه القاعدة ويحفظها ، ثم يقرأ في القرآن الكريم : ( أفمن يخلق كمن لا يخلق ) [ النحل/17] ويقرأ في سورة النور الآية 45 ( فمنهم من يمشي على بطنه ) وتفسير ذلك : أنه سبحانه في آية سورة النحل جعل غير الخالق مع الخالق فعبر ب ( من ) عن غير الخالق لاشتراكهما في الفعل تعبيريا .
وأما آية سورة النور التي تتحدث عن المخلوقات عموما فتمامها (وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ مَاءٍ فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى أَرْبَعٍ يَخْلُقُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ( النور/45) وتذكير الضمير في (منهم) لتغليب العقلاء، وكذلك التعبير بكلمة (مَن).
والعرب تقول : اشتبه عليَّ الراكبُ وحَمْله فما أدري مَنْ ذا مِن ذا . فلما جمعهما وأحدهما الإنسان صلحت ( مَنْ ) فيهما جميعا .
***
( 11 )
تصويب خطأ شائع :
========
يتسرع بعض الأساتذة في تخطئة طلابهم حين يستخدمون تعبير ( في نفس الوقت ) ويقولون إن الصواب ( في الوقت نفسه ) وقد تجدون هذه التخطئة في تلك الكتب التي تحاول جمع الأخطاء اللغوية الشائعة .
غير أني عثرت على نص قديم يؤكد صلاحية هذا التعبير عند إمام فحل من فحول العربية هو ابن جني في كتابه " الخصائص" فهو يقول :
" ...... فقد تقول : مررت بزيد نفسه ، وهذا نفس الحق ، يعني أنه هو الحق لا غيره ... وإنما النفس هنا بمعنى : خالص الشيء وحقيقته ، والعرب تُحِل نفس الشيء من الشيء محل البعض من الكل "
***
( 12 ) :
فائدة الخبر وفائدة الحال
==============
إذا كان المخاطَب يعلم الخبر فلا تكون هناك فائدة في إخباره به ، كما لو قلت لشخص : الشمس مشرقة ، فلن يستفيد شيئا .. لذلك قال اللغويون : حين لا يكون في الخبر فائدة ، تكون الفائدة في ( الحال) التالية للخبر ، كما في قوله تعالى : " إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ " (الأنبياء / 92)
وكما في قوله تعالى : " أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَذَا بَعْلِي شَيْخًا.." ( هود /72) فالمعلومة الجديدة التي تضاف للمستمع أو قارئ هذا النص في هذه المواضع هي( حال ) المُتَحَدَّث عنه .
***
(13)
"الخال " في العربية يأتي على اثني عشر معنى :
==============================
1- أخو الأم
2- اسم موضع
3- ماضي الزمان
4- اللواء
5- الخيلاء
6- الشامة
7- العَزَب
8- المنفرد
9- قاطع ( سيف خالٍ : أي قاطع)
10- الجبان
11- نوع من البرود
12- السحاب
وقد نظم ذلك الشاعر أبو عبد الله اللخمي البستي ( محمد بن أحمد بن هشام ) فقال :
أقول لخالي وهو يوما بذي خال ...... تروح وتغدو في برود من الخال
أما ظفرت كفاك في العصُر الخالي ... بربة خال لا يُزَنّ بها الخالي؟
تمر كمر الخال يرتج ردفها .......... إلى منزل بالخال خلو من الخال
أقامت لأهل الخال خالا فكلهم ..........يؤم إليها من صحيح ومن خال
***
(14)
التوحيد :
=======
"التوحيد " : نوعٌ من التمر بالعراق - كما قال الاسنوي في طبقاته -وهو ما ينتسب إليه اللغوي الشهير أبو حيان التوحيدي .
وعلى هذا الأصل حمل شُرّاح ديوان المتنبي قوله :
يترشفن من فمي رشفاتٍ ...... هن فيه أحلى من التوحيدِ
***
(15)
لماذا يقول القرآن الكريم :
===============
" يأيها الذين آمنوا ...." ولا يقول : يأيها المؤمنون ؟
لأن الفعل في العربية يقتضي الحدوث ، والاسم يقتضي الثبوت ...
فلو قال : يأيها المؤمنون فسيكون الخطاب للحاضرين دون الغائبين .. أما ( الذين آمنوا ) فالخطاب به للحاضرين السامعين وللذين سيأتون من بعدهم
***
(16)
تذكير الفعل وتأنيثه :
==================
يشتبه على بعض الكتاب المعاصرين أمر التأنيث والتذكير بين الفعل والفاعل ، وخلاصة ما استقر عليه اللغويون في هذه الناحية أنه :
يجب تذكير الفعل مع الفاعل في حالتين:
- أن يكون الفاعل مفردًا مذكرًا أو جمع مذكر سالمًا.
- أن يكون الفاعل مؤنثًا ظاهرًا مفصولاً بينه وبين الفعل بـ «إلا» مثل:
[ ما يقول الحق إلا فاطمة. ]
ويجب تأنيث الفعل مع الفاعل في ثلاث حالات:
1- أن يكون الفاعل مؤنثًا حقيقي التأنيث متصلاً بالفعل مثل:
حضرت زينب، نجحت الطالبة.
2 - أن يكون الفاعل ضميرًا مستترًا يعود على مؤنث حقيقي أو مجازي مثل:
زينب نجحت في الامتحان.
الشمس تغرب آخر النهار.
- 3 - إذا كان الفاعل ضميرًا يعود على جمع مؤنث سالم أو جمع تكسير لمؤنث أو مذكر عاقل مثل:
الطالبات نجحن في الامتحان.
الزينات ارتفعت في رمضان.
الفواطم نجحن.
الأقلام جفت.
ويجوز تأنيث الفعل في ثلاث حالات:
1 - أن يكون الفاعل مؤنثًا حقيقيًا منفصلاً عن فعله مثل:
نجح (أو نجحت) في الامتحان طالبة واحدة.
والتأنيث أفضل في هذه الحالة وإن كان التذكير جائزًا.
2 - إذا كان الفاعل اسمًا ظاهرًا مجازي التأنيث مثل:
طلع (أو طلعت) الشمس.
والتأنيث أفضل أيضًا.
3 - إذا كان الفاعل جمع تكسير للمذكر أو المؤنث مثل:
قال نسوة في المدينة.
الأشجار أينعت.
الرجال قامت أو قاموا.
[والتذكير أفضل هنا].
***
17)
صحح لغتك :
إذا عزَّ أخوك فهِنْ :
============
ينطقها الكثيرون : إذا عزَّ أخوك فهُن [ بضم الهاء ]
والصواب : فهِِن [ بكسر الهاء ] من هان يَهين إذا لان .
ومنه الوصف المعروف : هَيِّنٌ لَيّنٌ؛
لأن هُن من هانَ يَهون، وهان يهون مأخوذ من الهوان؛ والعربُ لا تأمرُ بالهوان،
ومعنى عزَّ – في هذا المثل العربي - ليس من العِزَّة التي هي المَنَعَةٌ والقُدْرة،
وإنما هو من قولك : عزَّ الشيءَ إذا اشتدَّ،
ومعنى الكلام إذا صعب أخوك واشتدَّ فَذِلّ له من الذّل، والمعنى: إذا صعُب أخوك فلِن أنت له،
***
( 18)
= الجُهد : الشيء القليل يعيش به المُقِل . قال تعالى ( والذين لا يجدون إلا جُهْدَهم )
= الشَّوية أو الشُّواية = البقية من المال أو من القوم الهلكى .. فاستخدم كلمة " شوية " ولا تقلق
= تلقيته والتقيته : استعمالان صحيحان .
***
( 19)
مشاريع أم مشروعات؟
===============
يتجرأ كثير من " المُفْتين " اللغويين المتطوعين في أيامنا هذه ، فيصححون ويخطّئون وفق أهوائهم وأذواقهم ، دون أن يتكلفوا الرجوع إلى المصادر .
فمن ذلك جمع كلمتي : مشروع = مشروعات ، وموضوع : موضوعات . حيث يقترح بعضهم أن يكون جمع الكلمتين : مشاريع ، ومواضيع .
ويغفل " المُفتُون" المحدَثون عن أن استعمال هاتين الكلمتين وما ماثلهما استعمال حديث ، جرى مع العربية الحديثة التي نسمعها في وسائل الإعلام ، وليس عربيا أصيلا قديما .
والاستعمال الإعلامي الحديث تخرج به هاتان الكلمتان من " الوصفية" - ( عندما نقول مثلا : هذا عملٌ مشروعٌ ) أو نقول ( القلم موضوعٌ على المكتب) - إلى الاسمية .
والاسم غير الخماسي ( = الثلاثي الذي زيد فيه حرفان) يُجمَع قياسا على مفاعيل مثل مضامين ومحاصيل ومراكيب ومعاجين ومساحيق ..الخ
وما جاء وصفا لمذكر غير عاقل قياس جمعه أن يكون بالألف والتاء مثل ( أيام معدودات ) أو يأتي بصيغة المفرد ( أيام معدودة )
فقولوا : مشاريع ومشروعات ومواضيع وموضوعات كيف شئتم بعد أن تتأكدوا أنها مشاريع حقيقية وليست رقصا .
***
(20)
كلمة ( المسافة ) :
========
أصل كلمة ( مسافة ) [ = قدر البعُد بين مكانين أو بلدين ] أن العرب القدماء كانوا إذا تاهوا عن طريق أو استصعبوه ، شمُّوا ترابه ، فعرفوا من رائحة الترب مدى قربه أو بعده ... فهم يقولون في لغتهم : ساف التراب يسوفه سوفا ، أو استافه استيافا : أي : شمَّه ليعرف مسافته
وجاء هذا في شعر رؤبة بن العجاج حين قال : " إذا الدليلُ استاف أخلاقَ الطرق " أي : شمَّها ليعرف مقدارها .
وفي عصرنا هذا لا يمكن لصعيدي أن " يستاف " المسافات من الصعيد للقاهرة ...إلا إذا سفَّ التراب داخل قطاراتنا " المسّيَفة " أقصد : المكيفة !
***
( 21 )
احفظوا لغتكم :
=======
أبنائي الأعزاء معلمي ومعلمات اللغة العربية ... احفظوا هذه الكلمات :
- الهيثم : ابن الصقر
- الجرو : ابن الكلب
- الهجرس : ابن الثعلب
- المهر : ابن الحصان
- الجحش : ابن الحمار
- العجل: ابن البقرة
- الخرنق : ابن الأرنب
- الحوار : ابن الناقة
- الدغفل : ابن الفيل
- الشبل : ابن الأسد
- الرشا : ابن الظبية
- الدرص – بفتح الدال- : ابن الفأر
- الجَدْي : ابن العنز
***
تراويح لغوية ( 22 ) :
صحح لغتك :
=========
الألف في كلمة ( مائة ) لا تُنطَق كما يحلو لبعضهم أن يتفاصح فبقول : ماءة !! ، ويسميها اللغويون ( الألف الفارقة) فقد رسمها العرب قبل ظهور التنقيط ليفرقوا بها بين كلمتي( مئة) و ( فئة) فالصواب أن ننطقها كما ننطق ( فئة) ومثلها ( الواو الفارقة) التي أضافوها للتفرقة بين عَمرو وعُمر ، فلا يصح أن يُنطَق بها .
***
تراويح لغوية ( 23) :
افهم لغتك :
======
يقولون : اصفر وجه مرزوق وهو يسمع نشرة الأخبار .
واحمر خده من شدة الخجل حين قابلته كايداهم
وهذه لغة غير دقيقة عند بعض المدققين .
فالفعلان : احمرَّ واصفرَّ لا يناسبان الانفعال المؤقت ، بل يناسبان الصفة الدائمة التي لا تتغير
أما اللون فإذا كان عارضا يقال له : اصفارَّ ، واحمارَّ .
فبهذا يمكن التفرقة بين الصفة الثابتة والصفة العارضة .
وبهذا جاء في الحديث: " فجعل يحمارُّ ويصفارُّ "
***
تراويح لغوية ( 24) :
احفظ لغتك :
الشِّدة أنواع :
=====
الصِّر : شدة البرد
الأُوار : شدة حر الشمس
الجشع : شدة الحرص
الخَفَر : شدة الحياء
الصلق : شدة الصياح ، وفي الحديث «لَيْسَ منَّا مَنْ صَلَق أَوْ حَلَق» أَيْ لَيْسَ مَنْ أَهْلِ سُنَّتِنا مَنْ حَلَق شَعَره عِنْدَ المُصِيبة إِذَا حلَّت بِهِ.
القحقحة : شدة السير ،وقيل القَحْقَحةُ: تَرَدُّدُ الصَّوْتِ فِي الحَلْق، وَهُوَ شَبِيهٌ بالبُحَّةِ، وَيُقَالُ لضَحِك القِرْدِ: القَحْقَحة .
الغيهب : شدة سواد الليل
السُّعار : شدة الجوع
الهَلَع : شدة الجَزَع
البث : شدة الحزن
الحَسّ : شدة القتل ، قال تعالى " ولقد صدقكم الله وعده إذ تحسونهم بإذنه " [ آل عمران / 152] : أي تقتلونهم .
***
تراويح لغوية ( 25) :
كلمات عامية مصرية وأصلها فصيح :
===============
- يقولون في الصعيد : فلان (بحتر) الأشياء ( = بعثرها) العلة : تقارب مخارج الحروف
- (وشوش) المخبر رئيسه : أي كلمه في أذنه – فصيح
- رئيس تحرير ( أبّهة ) : من العظَمة والكبرياء – فصيح
- موظف ( أروبة ) : ذو دهاء وخبث – فصيح
- كان يلبس ( القبقاب) – فصيح
- إنه رئيس تحرير ( بَجَم قليل الفهم – غبي – فصيح
- وكان رحمه الله واسع ( البُق) = واسع الفم – فصيح
- وكانت رحمها الله ( تضفر) شَعرَها = تفتله – فصيح
- ( النسوان ) = النساء – فصيح
***
تراويح لغوية ( 26) :
الفرق بين :
السمع : إدراك الصوت
الإصغاء :طلب الصوت ومتابعته
=====
الظل : يكون نهارا وليلا
الفيء : يكون نهارا فقط
=====
الهبوط : نزول يتبعه إقامة ( قلنا اهبطوا منها جميعا )
النزول : لا تتبعه إقامة كالنزول من البيت أو من القطار
======
الضُّعف : بضم الضاد المشددة : يكون في الجسد فقط
الضعف : بالضاد المفتوحة المشددة يكون في الجسد ، أو في فهم الرياضيات مثلا
======
الهمّ : التفكير في الشيء المكروه وكيفية التخلص منه
الغمّ : انقباض القلب لوقوع ضرر أو توقع وقوعه
======
النعمة : قد تكون النعمة خفية
النعماء : النعمة الظاهرة
======
اللهو واللعب : كل لهو هو لعب والعكس غير صحيح
======
السب : الإسهاب في الشتم
الشتم : تقبيح أمر المشتوم
كأن تغلق الشاشة حين يبدأ في قراءة النشرة
***
كلمة (ضد )
كلمة (ضد ) ليست ظرفا كما يظن الكثيرون بحيث تلزم النصب دائما ، وإنما هي اسمٌ مفرد صحيح له مثنى : ضدان ، وله جمع : أضداد ، ولذلك يخطئ من يقول : " أنا أحارب ضدَّ الفساد " لأن ضدَّ الفساد هو : الصلاح . فالصواب أن يقول : أنا أحارب الفساد . والخطأ شاع بسبب
استخدام كلمة against الانجليزية التي تبدو كأنها ظرف ، وقد أخطأ مًنْ أجاز استعمالها وصفا لمصدر محذوف . لأن ذلك ليس معروفا في فصيح لغة العرب .
***