سوف أحكي لكم اليوم قصة إرتيادي لأعرق مدرسة عربية في أسمرا، والصعوبات التي واجهتها واخي في سبيل الدراسة فيها.
كانت مدرسة الجالية العربية تعتبر من مدارس النخبة في إرتريا، وبمعايرها وشروطها التعجيزية لم يكن اي طالب يستطيع الدراسة فيها. كان لدى هذه المدرسة مجلس أولياء أمور فاعل ونافذ جدا، يتألف من أغنياء البلد من اليمنيين، الاتراك والإرتريين انفسهم. يمكنني القول بأنهم كانوا يملكون السلطة الفعلية بالتحكم والتدخل في شؤون المدرسة وقرارات إدارتها، كما انهم كانوا يشاركون في توفير احتياجاتها التعليمية من مناهج مصرية حديثة وكتب ومراجع في مختلف المجالات بالإضافة للمنح الجامعية في البلاد العربية بما يملكونه من إمكانيات مادية عالية وعلاقات خارجية واسعة.
قبل دخولنا لإرتريا تاكدنا تماما من وجود مدارس باللغة العربية فيها (ما كنا قايلنها مستعمرة). بعد استقرارنا أخذنا شهاداتنا، أوراق تحويلنا وذهبنا للتسجيل فيها، رفضونا وغيرنا بدون عذر.
ثم في احد الأيام أخبرنا نائب مدير المدرسة حينذاك الأستاذ محمود شفاء (كان طيب القلب) الله يرحمه، بأن هناك اجتماع لمجلس أولياء الأمور في اليوم والساعة الفلانية لمناقشة امرنا وامثالنا من العائدين (لان البلد داخلة لمرحلة جديدة). كنا حضورا و(عسكرنا من الصباح) أمام أبواب قاعة الإجتماعات المغلقة مع آخرين مثلنا. تابعنا الأصوات التي كانت تعلو حينا وتنخفض حينا اخر، وفهمنا منها بانهم منقسمين بين موافق ومعارض لفكرة فتح أبواب المدرسة للعامة (برضو أبونا كلنا).
قررنا عدم الاستسلام والعودة بأوراقنا للمدرسة مره ثانية وثالثة حتى ترسى إدارتها على قرار مضمون، هذه المرة اخبرونا جميعا بان (الكراسي إتملت)، وطلبوا منا العودة في العام التالي (وكدا ضاعت سنة كاملة في اللف والدوران).
عدنا في العام التالي ولم نجد اي تجاوب من قبل إدارة المدرسة، فقررنا رفع طلبنا لوزارة التعليم، حيث علمنا بأننا لم نكن الوحيدين (المرفوضين)، وان هناك المئات غيرنا من العائدين من بلاد اللجوء (من المفلسين العاديين) وفي مختلف المراحل التعليمية.
حملنا رسالة رسمية من الوزارة وسلمناها لإدارة المدرسة. كان عليهم عقد إجتماع طارىء (كالعادة) مع مجلس أولياء الأمور.
في النهاية تم قبولنا جميعا، ولكن ليس في الفصول الصباحية، بل في فصول مسائية تم انشائها خصيصا من أجلنا، (إنتقلت واخي للفترة الصباحية بعد عام).
خلال ثلاثة سنوات (عايشنا بحزن شديد) عملية تأميم المدرسة وضمها لقطاع التعليم الحكومي، وبذلك فقدت مدرسة الجالية العربية إدارتها المثقفة، مجلس أولياء أمورها المهتم، عراقتها، أصالتها، بريقها وتميزها الذي قاتلنا وضحينا بعام كامل من أجله، وأصبحت مجرد مدرسة عادية اخرى ذات لون باهت، تقع في شارع صامت لا يمر به الكثيرين.
كما فقدت في نفس الوقت اسمها القديم، وأصبحت تعرف بمدرسة الأمل النموذجية العربية. (هسا عليك الله وينو الأمل، دفعتي كلها مشتته!؟)
بقلم / آمال أرأيا -
كانت مدرسة الجالية العربية تعتبر من مدارس النخبة في إرتريا، وبمعايرها وشروطها التعجيزية لم يكن اي طالب يستطيع الدراسة فيها. كان لدى هذه المدرسة مجلس أولياء أمور فاعل ونافذ جدا، يتألف من أغنياء البلد من اليمنيين، الاتراك والإرتريين انفسهم. يمكنني القول بأنهم كانوا يملكون السلطة الفعلية بالتحكم والتدخل في شؤون المدرسة وقرارات إدارتها، كما انهم كانوا يشاركون في توفير احتياجاتها التعليمية من مناهج مصرية حديثة وكتب ومراجع في مختلف المجالات بالإضافة للمنح الجامعية في البلاد العربية بما يملكونه من إمكانيات مادية عالية وعلاقات خارجية واسعة.
قبل دخولنا لإرتريا تاكدنا تماما من وجود مدارس باللغة العربية فيها (ما كنا قايلنها مستعمرة). بعد استقرارنا أخذنا شهاداتنا، أوراق تحويلنا وذهبنا للتسجيل فيها، رفضونا وغيرنا بدون عذر.
ثم في احد الأيام أخبرنا نائب مدير المدرسة حينذاك الأستاذ محمود شفاء (كان طيب القلب) الله يرحمه، بأن هناك اجتماع لمجلس أولياء الأمور في اليوم والساعة الفلانية لمناقشة امرنا وامثالنا من العائدين (لان البلد داخلة لمرحلة جديدة). كنا حضورا و(عسكرنا من الصباح) أمام أبواب قاعة الإجتماعات المغلقة مع آخرين مثلنا. تابعنا الأصوات التي كانت تعلو حينا وتنخفض حينا اخر، وفهمنا منها بانهم منقسمين بين موافق ومعارض لفكرة فتح أبواب المدرسة للعامة (برضو أبونا كلنا).
قررنا عدم الاستسلام والعودة بأوراقنا للمدرسة مره ثانية وثالثة حتى ترسى إدارتها على قرار مضمون، هذه المرة اخبرونا جميعا بان (الكراسي إتملت)، وطلبوا منا العودة في العام التالي (وكدا ضاعت سنة كاملة في اللف والدوران).
عدنا في العام التالي ولم نجد اي تجاوب من قبل إدارة المدرسة، فقررنا رفع طلبنا لوزارة التعليم، حيث علمنا بأننا لم نكن الوحيدين (المرفوضين)، وان هناك المئات غيرنا من العائدين من بلاد اللجوء (من المفلسين العاديين) وفي مختلف المراحل التعليمية.
حملنا رسالة رسمية من الوزارة وسلمناها لإدارة المدرسة. كان عليهم عقد إجتماع طارىء (كالعادة) مع مجلس أولياء الأمور.
في النهاية تم قبولنا جميعا، ولكن ليس في الفصول الصباحية، بل في فصول مسائية تم انشائها خصيصا من أجلنا، (إنتقلت واخي للفترة الصباحية بعد عام).
خلال ثلاثة سنوات (عايشنا بحزن شديد) عملية تأميم المدرسة وضمها لقطاع التعليم الحكومي، وبذلك فقدت مدرسة الجالية العربية إدارتها المثقفة، مجلس أولياء أمورها المهتم، عراقتها، أصالتها، بريقها وتميزها الذي قاتلنا وضحينا بعام كامل من أجله، وأصبحت مجرد مدرسة عادية اخرى ذات لون باهت، تقع في شارع صامت لا يمر به الكثيرين.
كما فقدت في نفس الوقت اسمها القديم، وأصبحت تعرف بمدرسة الأمل النموذجية العربية. (هسا عليك الله وينو الأمل، دفعتي كلها مشتته!؟)
بقلم / آمال أرأيا -