عرفت الحركة الأدبية الفلسطينية القصة القصيرة منذ الربع الأول من القرن العشرين، فقد صدرت أول مجموعة قصصية وهي "مسارح الأذهان" في ١٩٢٤ ، وهي لخليل بيدس، والطريف أن كاتبها الذي أصدر قبل أربع سنوات من إصدارها رواية، الطريف أنه صدرها بمقدمة عن الفن الروائي لا عن فن القصة القصيرة، وثمة ما بين القصة القصيرة والرواية فوارق لا تخفى على الدارسين . هل اختلط الأمر على بيدس الذي لم يزد حجم روايته " الوارث " ١٩٢٠ عن مائة وعشرين صفحة ؟ وهل " الوارث " أصلا رواية أم أنها قصة طويلة؟
حتى العام ١٩٤٨ صدرت مجموعات قصصية قليلة لا تزيد على عدد أصابع اليد ، ولم يكن الكتاب أيضا يزيدون على عدد أصابع اليد .
"مسارح الأذهان" ١٩٢٤ و"أول الشوط" ١٩٣٧ و"قصص أخرى" ١٩٤٤ هي المجموعات القصصية وأصحابها هم خليل بيدس ومحمود سيف الدين الإيراني وعبد الحميد ياسين، ومن الكتاب المهمين في حينه نجاتي صدقي وعارف العزوني ، والأخيران حتى العام ١٩٤٨ لم يصدرا أي مجموعة قصصية.
سيتوقف بيدس عن كتابة الرواية والقصة القصيرة وسيموت في المنفى في العام ١٩٤٩، فيما سيواصل صدقي والإيراني مشروعهما القصصي، وسيخلصان للقصة القصيرة، فلم يعرف أنهما كتبا في أجناس أدبية أخرى كالشعر أو كالرواية ، وسيصدر كل منهما العديد من المجموعات القصصية التي لاقت قبولا واستحسانا وكانت محط أنظار الدارسين .
لم تكن القصة القصيرة التي كتبها بيدس ذات قيمة فنية، فقد كانت أقرب إلى الكتابة الإنشائية في جانب وإلى القطعة الأدبية في جانب ثان ، عدا أن موضوعاتها لم تقارب الواقع الفلسطيني في حينه ، ما حدا ببعض قرائها من النقاد إلى التساؤل إن كانت قصصا مترجمة ، فقد شغل بيدس نفسه لفترة بالترجمة عن الروسية .
وكانت قصص الإيراني وصدقي خطوة متقدمة إلى الأمام ، وبدا تأثرهما بالأدب الروسي أوضح ما يكون ، بل إن صدقي الذي درس الاقتصاد في روسيا تأثر بالفكر الماركسي ، كما أنه كتب عن أبرز الأدباء الروس مثل ( بوشكين ) و ( غوركي ) و ( انطون تشيخوف ) ، وللأخير باع طويلة في كتابة القصة القصيرة ، ويمكن القول إن بعض قصص نجاتي صدقي خرج من معطف قصص ( تشيخوف ) .
وغالبا ما اختار صدقي شخوصه من الواقع ، فصورها كما كانت تبدو له ، حتى الشخصيات اليهودية منها وقصته " شمعون بوزاجلو " من مجموعته " الأخوات الجزيئات " ١٩٥١ تعد نموذجا جيدا للتمثيل . ( عادل الاسطة ، اليهود في الأدب الفلسطيني، وقراءات في القصة القصيرة الفلسطينية )
أصدر صدقي بعد مجموعته الأولى مجموعة ثانية عنوانها " الشيوعي المليونير " ١٩٦٣ وفيها صور معاناة الفلسطينيين بعد خروجهم من وطنهم في عام النكبة ، وكانت قصصه تنضح بالحزن كما في قصة " عنبر رقم ٥ " ، وتقوم على المفارقة كما في القصة التي حملت عنوان المجموعة " الشيوعي المليونير " . ومثل صدقي محمود سيف الدين الإيراني الذي واصل الكتابة وصار يدرس تحت عنوان " القصة القصيرة في الأردن " .
وسيواصل في المنفى كتاب جدد كتابة هذا الجنس الأدبي ، ومن هؤلاء جبرا ابراهيم جبرا وسميرة عزام وغسان كنفاني .
أصدر جبرا مجموعته " عرق وقصص أخرى " ١٩٥٦ ، ثم تحول عن كتابة القصة القصيرة وطالب الكتاب بكتابة الرواية والإعراض عن كتابة القصة القصيرة ، وحقق هو شخصيا ما دعا إليه ، فكتب العديد من الروايات وصار يعرف روائيا .
لماذا تحول جبرا من كتابة القصة القصيرة إلى كتابة الرواية ؟
لقد رأى أنها فن سهل سريع لا يستطيع استيعاب تجربته كما تستطيع الرواية ، والأخيرة هي الفن الأصعب " فأنا أطالب بالفن الأصعب " . ( حول جبرا والقصة القصيرة أنظر دراستي الموسعة في كتاب مؤتمر جامعة بيت لحم ٢٠٠٣ ، وهي مدرجة على موقع جامعة النجاح الوطنية )
لم تأخذ سميرة عزام برأي جبرا ، فقد أخلصت للقصة القصيرة وأصدرت في مسيرتها القصيرة خمس مجموعات قصصية وعندما همت بكتابة الرواية اختطفتها يد القدر ، فلم تكمل روايتها الأولى .
كتبت سميرة عزام مصورة واقع الأنثى وما تعاني منه وكتبت عن الفقر والكفاح ، كما كتبت عن القضية الفلسطينية قصصا تعد رائدة في هذا المجال ، وتوقف كثيرون أمام قصتها " لأنه يحبهم " من مجموعتها " الساعة والإنسان " وراوا فيها قصة النكبة ، وقد نعتها بعض النقاد بأنها أميرة كتاب القصة القصيرة العربية .( أنظر كتابي " قراءات في القصة القصيرة الفلسطينية )
اختلف غسان كنفاني عن سميرة عزام مع أنه تأثر بها ، اختلف عنها بأنه بدأ قاصا يكتب القصة القصيرة ثم تحول إلى كتابة الرواية ، وما أصدره في ٦٠ القرن العشرين ، وما عكف على إنجازه في بداية ٧٠ القرن نفسه ، ولم يتمه لاغتياله من الموساد ، يقول لنا إنه ، مثل جبرا ، مال إلى فن الرواية . كتب غسان العديد من المجموعات القصصية وكتبت عن قصصه دراسات كثيرة ولكن مع تحوله إلى كتابة الرواية صار يلتفت إليه على أنه روائي بالدرجة الأولى ، وأولى مجموعاته القصصية كانت مجموعة " موت سرير رقم ١٢ " وقد تلتها مجموعة " أرض البرتقال الحزين " وكان ، مثل سميرة عزام ، صور آثار النكبة ومعاناة اللاجئين الفلسطينيين ، كما كتب عن معاناة المواطنين العرب في بلادهم وفي غربتهم عن بلادهم ، كما في قصة " موت سرير رقم ١٢ " نفسها .
هل زمننا هو زمن الرواية لا زمن القصة القصيرة ؟ وهل يقتصر الأمر على الكتاب الفلسطينيين ؟
في العام ٢٠١١ ترجم السعودي ناصر الحجيلان كتاب ( تشارلز ماي ) " القصة القصيرة : حقيقة الإبداع ، نحو تقييم التطور التاريخي " ودراسة الخصائص النوعية للقصة القصيرة ، وفيه يثير المؤلف اسئلة عديدة حول واقع القصة القصيرة ، وهي أسئلة لطالما أثيرت أيضا من قبل ، وتحديدا في النصف الأول من القرن العشرين ، من ذلك مثلا أنه في الأعوام ١٩٠٩ و ١٩١٣ و ١٩١٧ صدرت ثلاثة كتب نظرية عن فن القصة القصيرة . و إثرها طالب عدد من القراء والنقاد بإنهاء هذا العمل " فامتلأت الدوريات الجيدة بمقالات حول " انحطاط " القصة القصيرة و " تآكلها " و " خرفها " . وقد أوجز ( جيلبرت سيلدرز ) ردات الفعل الأكثر تطرفا في دورية " ذا ديال " عام ١٩٢٢ حيث قال إن " القصة الأميركية القصيرة على كل الأوجه هي العمل الفني الأضعف والأسخف الذي يعدم الدلالة في كل ما أنتج في هذه البلاد أو في أي بلاد أخرى "( ص ٢٥٠ ) .
هل كان كلام الناقد السابق كلاما مبالغا فيه ؟ وهل هو من أعداء القصة القصيرة ؟
منذ ثلاثين عاما وأنا أتابع كل عام ، يوم الخميس ، خبر إعلان اسم الفائز باسم جائزة ( نويل ) للآداب والجنس الأدبي الذي يكتب فيه . هل منحت خلال هذه الأعوام إلى كاتب قصة قصيرة ؟
غالبا ما تمنح هذه الجائزة إلى الرواية ، وقليلا ما تمنح إلى إلى جنس القصة القصيرة ؟ لماذا ؟ ألأن القصة القصيرة ، قياسا إلى فن الشعر وفن الرواية ، فن حديث النشأة ؟
تضرب جذور الشعر عميقا في التاريخ ، فيما تعود نشأة الرواية إلى خمسة قرون خلت لا إلى قرن ونصف فقط كما هو حال القصة القصيرة . أيعود الأمر إلى الانتشار والتوزيع والتلقي للأجناس الأدبية ؟ كم تبيع الرواية ؟ كم يبيع الشعر ؟ كم تبيع القصة القصيرة ؟
تبيع الرواية ، إذا نجحت رواية ، ملايين النسخ وسرعان ما تترجم إلى لغات أخرى . أما الشعر فإنه لا سوق له ، باستثناء أسماء قليلة ، فكم تبيع القصة القصيرة ؟
مرة قرأت مقالا لكاتب مصري يقول فيه إن عدد كتاب القصة القصيرة في مصر أكثر من عدد قرائها ، فهل يختلف الأمر في فلسطين ؟
القصة القصيرة بعد النكبة :
تركت النكبة أثرها على القصة القصيرة في فلسطين ، فالكتاب الذين كانوا يقيمون فيها غادروها إلى المنافي وواصلوا من هناك الكتابة ، وعاشت فلسطين في الخمسينيات من القرن العشرين فترة ضعف ثقافي في مجال النثر ، فلم يبق من أبناء المدن ، وكانت هذه هي مركز الصحافة والنشر والتعليم ، إلا أقل القليل ، وكان علينا أن ننتظر عشر سنوات وأكثر حتى نقرأ قصصا قصيرة لكتاب جدد غالبا ما كانوا مرتبطين بقضيتهم الوطنية ينهلون منها مادة لقصصهم ويكتبون القصة القصيرة التقليدية التي تتمحور حول البقاء في الوطن أو العودة إليه تسللا أو التصدي لمصادرة الأراضي أو التغني بشجرة الزيتون أو تصوير معاناة العمال الفلسطينيين والتمييز العنصري الذي يتعرضون له . في هذه الاثناء برزت أسماء قصصية لافتة كان لها إسهاماتها مثل توفيق فياض وحنا ابراهيم ومحمد نفاع ومحمد علي طه وسلمان ناطور ، وهي الأسماء التي ظلت تكتب على مدار خمسة عقود تقريبا من النكبة .( أنظر كتابي قراءات في القصة القصيرة الفلسطينية وكتابي سؤال الهوية ، فلسطينية الأدب والأديب ، ومقالاتي في جريدة الأيام الفلسطينية عن محمد نفاع ومجموعته التفاحة النهرية وعن سلمان ناطور )
إلى جانب هذه الأسماء تجدر الإشارة إلى اسمين مهمين هما اميل حبيبي وتوفيق زياد ، علما بأن الأول عرف سياسيا اولا ومن ثم روائيا ، والثاني عرف شاعرا بالدرجة الأولى .
كتب حبيبي مجموعة قصصية واحدة عنوانها " سداسية الأيام الستة " استوحاها من حرب حزيران ١٩٦٧ وتمحورت حول واقع الشعب الفلسطيني وأثر النكبة أولا وهزيمة حزيران ثانيا عليه ، وحضرت فيها الكتابة عن شتات العائلة الفلسطينية بسبب النكبة ثم تجمعها من جديد بسبب الهزيمة ، وموضوع شتات العائلة وتجمعها موضوع كان له حضور في الأعمال القصصية السابقة ، ولكن حبيبي أضفى على كتابته عنصر السخرية الذي قلما ظهر في المجموعات السابقة .
الشاعر توفيق زياد كتب مجموعة قصصية عنوانها " حال الدنيا " وهي قصص شعبية فولكلورية يغلب عليها طابع السخرية والتهكم ، وغالبا ما كان يغرف من واقع الريف الفلسطيني .( حول حال الدنيا أنظر دراستي الطويلة على موقع جامعة النجاح الوطنية وفي موقع ديوان العرب )
ومثل جبرا إبراهيم جبرا لم يخلص هذان لفن القصة القصيرة ، فحبيبي مال إلى الرواية وزياد أخلص للشعر ، وإذا قارنا نتاجهما في هذا الجنس بنتاج فياض وحنا ونفاع وطه ، من حيث الكم ، رأينا أنهما ليسا كاتبي قصة قصيرة بالدرجة الأولى .
في المنفى إلى جانب صدقي والايراني ، وإلى جانب جيل الخمسينيات ممثلا في جبرا وكنفاني وسميرة عزام ، بدأت في ٦٠ القرن العشرين تظهر أسماء جديدة تكتب القصة القصيرة وهي الأسماء التي غالبا ما يطلق عليها اسم " جيل الأفق الجديد " . و " الأفق الجديد " هي مجلة أدبية صدرت في العام ١٩٦١ واستمرت في الصدور حتى العام ١٩٦٦ ، وعلى صفحاتها ظهرت كوكبة من الأسماء الشابة الجديدة التي سيكون لاحقا لقسم منها دور فعال في الكتابة في القصة القصيرة وتطويرها .
من الأسماء البارزة التي احتضنتها المجلة محمود شقير وماجد أبو شرار وصبحي شحروري ويحيى يخلف وخليل السواحري وحكم بلعاوي وغيرهم .( أنظر كتابي سؤال الهوية ، فلسطينية الأدب والأديب و كتابي الأديب الفلسطيني والأدب الصهيوني و كتابي قراءات في القصة القصيرة الفلسطينية )
استلهم قسم من هؤلاء واقعهم الريفي ليكتبوا عنه وعن عالم الريف والمدينة والصراع الاجتماعي ، ولكن الكتابة عن النكبة وما جرته كان لها الحضور الأكبر ، فكان واقع اللجوء بكل تفاصيله مادة رحبة لقصصهم التي طغى عليها الشكل التقليدي والجدية الصارمة ، فنادرا ما كان التجديد في الشكل يشكل هاجسا لهذا الجيل ، وكان أكثر ما يشغله هو التعبير عن الفقر والبؤس واللجوء والحلم بالعودة إلى الوطن السليب واسترداده .
غالبا في أثناء دراسة نتاج هذا الجيل ، غالبا ما يثار السؤال الآتي :
- ما مدى إخلاص جيل " الأفق الجديد " لفن القصة القصيرة ؟
ألقت هزيمة حزيران بظلالها على الأدب والحركة الأدبية بعامة ، والقصة القصيرة وكتابها بخاصة ، فعدد من كتاب " الأفق الجديد " هجر الأدب كليا إلى عالم السياسة مثل ماجد أبو شرار وحكم البلعاوي ، وحين نشر الأول مجموعته القصصية الوحيدة في ٧٠ القرن العشرين نشر فيها قصصه التي كتبها قبل ١٩٦٧ ، وربما كان معارفه هم من نشروها من باب الصداقة له ، ولم يختلف عنه حكم بلعاوي كثيرا ، فظل ينظر إليه على أنه سياسي وفاعل في حركة فتح على أنه كاتب قصة قصيرة .
قسم آخر من كتاب القصة لجأ أولا إلى الصمت ، ثم مال إلى كتابة النقد الأدبي مثل صبحي شحروري ، وحين تشجع لاحقا لفن القصة القصيرة جمع قصصا مبكرة في مجموعة واصدر مجموعة ثانية لم تشكل ظاهرة لافتة متميزة .
والثلاثة الذين كتبوا القصة القصيرة بعد هزيمة حزيران هم خليل السواحري ومحمود شقير ويحيى يخلف .
أصدر الأول مجموعة استقبلت استقبالا حسنا وكتب عن قصصها الكثير ، وأعيدت طباعتها غير طبعة نظرا لموضوعها الفلسطيني ذي الطابع المقاوم ولاقترابها من الواقع وتمثله تمثلا ناجحا ، ولشكلها القصصي التقليدي الناضج ، وكان يمكن لكاتبها أن يكون صوتا مميزا ، لولا انشغاله بكتابة المقال السياسي وبالعمل النقابي أيضا ، وبعد عقد ونصف عاد وأصدر مجموعة ثانية لم يلتفت إليها كثيرا ، وأتبعها ، بعد اتفاقية أوسلو ، بمجموعة ثالثة كتبت على عجل وبدت أقرب إلى مقالات تعبر عن مواقف الكاتب صيغت بأسلوب قصصي ، ولم تحظ بما حظيت به المجموعة الأولى .( أنظر كتابي اليهود في الأدب الفلسطيني )
القاص يحيى يخلف الذي كتب القصة القصيرة أولا وأصدر بعد هزيمة حزيران مجموعتين التفت منذ اواسط ٧٠ ق ٢٠ إلى القصة الطويلة / النوفيلا ، وعزف عن كتابة القصة القصيرة ، ثم اقتصرت كتابته إلى الآن على الرواية ، وما عاد ينشر القصص القصيرة .
يعد محمود شقير الكاتب الوحيد الذي أخلص لهذا الفن لمدة عقود ، وما زال يواصل كتابته ، مع أنه مثل يخلف تحول إلى كتابة الرواية ، ففي السنوات الأخيرة أصدر ثلاث روايات حققت له واحدة منها سمعة كبيرة ، فقد وصلت إلى القائمة القصيرة لجائزة الرواية الرواية العربية العالمية .
كتب شقير القصة القصيرة التقليدية التي تعبر عن الواقع الاجتماعي في الضفة الغربية ، وسرعان ما لجأ إلى التجديد في الشكل والمضمون ، فمع بداية الاحتلال في ١٩٦٧ كتب عن الاحتلال ومقاومته وحث على الصمود في الأرض وعدم الهجرة وصور حياة المنفي الفلسطيني المبعد عن أرضه قسرا ، وأفاد في بناء قصصه التي ابتعدت عن القصة التقليدية الشكل من الصحافة والراديو وصارت لغته أكثر تكثيفا ومال إلى توظيف الرمز الشفاف ، وفي فترة لاحقة كتب القصة القصيرة جدا ، ليكون إلى جانب القاص زين العابدين الحسيني رائدا في هذا الشكل الذي أثار وما زال يثير تساؤلات كثيرة ، ومع بداية القرن الحادي والعشرين أصدر مجموعتين جديدتين امتازتا عن قصصه السابقة بالآتي :
- الميل إلى السخرية والفكاهة ، فقد هدف إلى تحقيق شرط المتعة بالقراءه ، وابتعدت قصصه عن النزعة الوعظية والجدية ، وهما من مخلفات فهمه للواقعية الاشتراكية يوم كان ماركسيا ملتزما متزمتا .
- التأثر بظاهرة العولمة ، فقد كتب القصص مستفيدا من التطورات العالمية في باب التكنولوجيا حيث صار العالم كله قرية واحدة ، وهكذا صارت تجتمع في قصصه الشخصيات الفولكلورية الفلسطينية إلى جانب الشخصيات العالمية المشهورة في السياسة والرياضة والرقص والفنون .( أنظر كتبي المذكورة سابقا وكتابي أوراق مقارنة في الأدب الفلسطيني )
أكرم هنية :
بعد هزيمة ١٩٦٧ خلت الساحة القصصية في مناطق الاحتلال الثاني - أي الضفة الغربية وقطاع غزة - من الأصوات القصصية التي بدأت بعد النكبة تشق طريقها إلى الفن القصصي ، والأسباب عديدة ، فقسم من الكتاب كان خارج هذه المناطق ولم يتمكن من العودة ، وقسم آثر الصمت ، وقسم ثالث تم إبعاده إبان سنوات الاحتلال مثل خليل السواحري ومحمود شقير . ولأن الطبيعة تأبى الفراغ ، فقد بدأ جيل شاب من الكتاب يسعى إلى كتابة القصة دون أن تكون له صلة بالجيل السابق إلا أقله تقريبا مثل جمال بنورة الذي واصل كتابة القصة القصيرة تقليدية الشكل ذات الموضوع الوطني أساسا .
الجيل الجديد الذي نشأ تمثل بالعديد من الأسماء ومنها على سبيل التمثيل زكي العيلة ومحمد أيوب وغريب عسقلاني وسامي الكيلاني ويعقوب الأطرش وزياد حواري ، وقد اجتهد هؤلاء وكتبوا وأصدروا مجموعات قصصية مشتركة أولا ، ثم مجموعات خاصة ، وتركزت موضوعات كتاباتهم على الاحتلال والبعد الاجتماعي ، وكتبوا أولا القصة القصيرة التقليدية ثم جنح قسم منهم إلى التجديد في الشكل .
يعد أكرم هنية أبرز هؤلاء الكتاب وقد أسهمت دراسته الأدب الإنجليزي في جامعة القاهرة ، بالإضافة إلى موهبته وإقامته في القاهرة وقراءته القصة القصيرة المصرية لأبرز كتابها ، من جيل الخمسينيات والستينيات والسبعينيات ، إلى كتابته قصصا قصيرة لافتة امتازت بخصائص عديدة منها :
- كتابة الواقع اعتمادا على اللاواقع - أي الخيال واللامعقول ، كما في قصته التي يصحو فيها أهل القدس فلا يجدون الصخرة والأقصى . إن هذه القصة تذكر بإحدى قصص يوسف إدريس التي تخيل فيها أهل القاهرة وقد صحوا دون أن يجدوا الأهرامات .
- تقطيع القصة إلى مقاطع ، بحيث يشكل كل مقطع مكونا من مكونات القصة .
- الإفادة من عمله في الصحافة في بناء القصة ، كما في قصة " وقائع اختفاء المواطنة منى . ل " ، وهي قصة ما كان ليكتبها لولا عمله رئيس تحرير صحيفة .
- النزعة التحريضية ، وهذه النزعة نجدها عموما في قصص أكثر كتاب الأرض المحتلة الذين لم ينظروا إلى أنفسهم أنهم كتاب وحسب ، بل ومشاركون في المقاومة التي ترمي إلى الخلاص من الاحتلال . النزعة التحريضية أدت أحيانا إلى بروز الشعارات والمواقف السياسية ، ما أثر ولو جزئيا على جماليات القصة .
- طغيان سمة التفاؤل في كثير من القصص ، وسبب هذا تأثر الكتاب بالأدب الروسي والفكر الاشتراكي وقناعتهم في حينه بانتصار المعسكر الاشتراكي وهزيمة الامبريالية .
بالإضافة إلى الأسماء القصصية المشار إليها هناك أسماء قصصية أخرى فلسطينية تقيم في الأردن وبرعت في كتابة هذا الجنس وأخلصت له ولعل أبرزها القاص يوسف ضمرة الذي صار يكتب قصة قصيرة جدا ذات مواصفات فنية عالية يلجأ فيها غالبا إلى التلميح والإشارة ويبتعد عن المباشرة والتفاصيل والاستطراد والحشو اللغوي .( أنظر كتابي قراءات في القصة القصيرة الفلسطينية ودراستي في كتاب " تأملات نقدية في نماذج من الأدب الفلسطيني " إعداد عزت الغزاوي )
القصة القصيرة في زمن الرواية :
هل تراجع فن القصة القصيرة لصالح فن الرواية ؟
ما زالت المجموعات القصصية تصدر بين الفينة والفينة ، وما زال بعض الكتاب مخلصين لها مثل يوسف ضمرة وزياد خداش ، وزياد واحد من الكتاب الذين أصدروا العديد من المجموعات القصصية ولم يقارب أي جنس أدبي آخر حتى اللحظة ، وهو بذلك يختلف عن شقير ويخلف وحتى عن هنية الذي كتب مؤخرا القصة الطويلة / النوفيلا مجسدة في نصه " شارع فرعي في رام الله " ، ويشكل خداش في موضوعاته التي يخوض فيها وفي ولعه بكتابة قصة تقوم على المفارقة وتنهل من تجربته الذاتية ، غير منفصلة طبعا عن واقعه الفلسطيني ، ظاهرة تستحق أن تدرس ، ولكن يبدو أن الالتفات إلى الرواية في العقود الثلاثة الأخيرة قلل من مكانة القصة القصيرة ووضعها في سلة النسيان . هنا أشير إلى تجربة الشاعر والروائي الدكتور بسام أبو غزالة ، فقد قال في ندوة لي عن روايته " العشق المر " إنه لم يفكر في كتابة الرواية ، وإنه كتب مجموعة قصصية وذهب إلى ناشر يعرضها عليه فاعتذر لأنه لا ينشر المجموعات القصصية فلا قراء لها .
ولعل ما يعزز ما سبق أنك تقرأ عن إصدار عشرات المجموعات القصصية دون أن تقرأ مراجعات نقدية لها إلا ما ندر .
ثمة أصوات قصصية جديدة نسوية لافتة أصدرت حتى الآن بضع مجموعات قصصية ولكنها لم تشكل في المشهد الأدبي حضورا لافتا ، وإن تميزت في موضوعها ، فمثلا هناك شيخة حليوي صاحبة " سيدات العتمة " ( ٢٠١٦ ) وهي تكتب عن بيئتها البدوية وتوظف في قصصها لهجتها وتعبر عن حياة البدو وعاداتهم وتقاليدهم .
مثل شيخة حليوي هناك كاتبات أخريات عديدات كتبن القصة القصيرة ولكنهن أصدرن مجموعة واحدة وما واصلن الكتابة مثل إسراء كلش صاحبة مجموعة " خطأ مطبعي " ( ٢٠١١ ) التي حصلت على جائزة مؤسسة القطان لمسابقة الكاتب الشاب في العام ٢٠١٠ ، وتسهم مؤسسة القطان ، من خلال جائزتها السنوية ، بتشجيع الكتاب الشباب ، ومثل إسراء كلش الشابة سامية مصطفى عياش صاحبة مجموعة " فراولة وكعك وشوكولاتة " ( ٢٠١٤ ) وغيرهما ، وغالبا ما يعزف النقاد عن الكتابة عن كاتب أو كاتبة ليس له / ا مشروع قصصي ، لأنهم - أي النقاد - يرون أن كتابتهم ضرب من الجهد الضائع ، وهنا يشار إلى ظاهرة مهمةوهي أن هناك كتابا كثيرين يصدرون مجموعة واحدة وبعدها يتوقفون عن النشر ، وهذا طبعا له دلالته .
وثمة أيضا توجه لافت لكتابة القصة القصيرة جدا مكانها بالدرجة الأولى حائط الفيس بوك وان صدرت مجموعات عديدة منها لمازن معروف وجمعة شنب ومحمد خليل وغيرهم وغيرهم ، وهم بذلك يواصلون ما بدأه زين العابدين الحسيني ومحمود شقير ، وأهم مجموعة للأخير في هذا الجانب هي مجموعته " طقوس المرأة الشقية " التي أصدرها في العام ١٩٨٥ .
ومن المؤكد أن هناك أصواتا قصصية أخرى لها باع طويل في كتابة القصة القصيرة مثل محمود الريماوي ومحمود شاهين وابراهيم العبسي وحزامة حبايب ، ولم يكن الهدف ، من وراء هذه الكتابة ، الكتابة التفصيلية ، فهذا أصلا مكتوب فيه العديد من الأبحاث والكتب والرسائل العلمية .
المصادر والمراجع :
اعتمدت في كتابة هذه التأملات على الكتب والدراسات التي أنجزتها في العقود الأربعة الأخيرة ، وهي :
1 - القصة القصيرة في الضفة الغربية وقطاع غزة ما بين ١٩٦٧ و ١٩٨٢ ، وصدر الكتاب في نابلس في ١٩٩٣ ، وهو في الأصل رسالة ماجستير قدمت إلى الجامعة الأردنية في العام ١٩٨٢ .
2- فلسطينية الأدب والأديب : سؤال الهوية في الأدب الفلسطيني ، منشورات دار الشروق للنشر والتوزيع ، عمان ، ٢٠٠٠ .
3 - قراءات في القصة القصيرة الفلسطينية ، وزارة الثقافة الفلسطينية ، رام الله ، ٢٠١١ .
٤ - تأملات في واقع القصة القصيرة : قصتنا الفلسطينية مثالا ، مقالات في جريدة الأيام الفلسطينية بتاريخ ٤ و ٢٣ / ١٠ و ٤ / ١١ / ٢٠١٢ .
٥ - تأملات نقدية في نماذج من الأدب الفلسطيني المعاصر ، جمع وإعداد عزت الغزاوي ، منشورات أوغاريت ، رام الله ، ٢٠٠١ .
٦ - أوراق مقارنة في الأدب الفلسطيني ، منشورات مجمع القاسمي ، باقة الغربية ، ٢٠١٤ .
٧ - أدب العائدين ، تساؤلات وقراءات ، الرقمية ، رام الله ، ٢٠٢٠
٨ - القصة القصيرة ، حقيقة الإبداع ( نحو تقييم التطور التاريخي ودراسة الخصائص النوعية للقصة القصيرة ) ، تأليف د. تشارلز ماي ، ترجمة د . ناصر الحجيلان ، النادي الأدبي بحائل ، السعودية ، ٢٠١١ .
عادل الأسطه
نابلس
حتى العام ١٩٤٨ صدرت مجموعات قصصية قليلة لا تزيد على عدد أصابع اليد ، ولم يكن الكتاب أيضا يزيدون على عدد أصابع اليد .
"مسارح الأذهان" ١٩٢٤ و"أول الشوط" ١٩٣٧ و"قصص أخرى" ١٩٤٤ هي المجموعات القصصية وأصحابها هم خليل بيدس ومحمود سيف الدين الإيراني وعبد الحميد ياسين، ومن الكتاب المهمين في حينه نجاتي صدقي وعارف العزوني ، والأخيران حتى العام ١٩٤٨ لم يصدرا أي مجموعة قصصية.
سيتوقف بيدس عن كتابة الرواية والقصة القصيرة وسيموت في المنفى في العام ١٩٤٩، فيما سيواصل صدقي والإيراني مشروعهما القصصي، وسيخلصان للقصة القصيرة، فلم يعرف أنهما كتبا في أجناس أدبية أخرى كالشعر أو كالرواية ، وسيصدر كل منهما العديد من المجموعات القصصية التي لاقت قبولا واستحسانا وكانت محط أنظار الدارسين .
لم تكن القصة القصيرة التي كتبها بيدس ذات قيمة فنية، فقد كانت أقرب إلى الكتابة الإنشائية في جانب وإلى القطعة الأدبية في جانب ثان ، عدا أن موضوعاتها لم تقارب الواقع الفلسطيني في حينه ، ما حدا ببعض قرائها من النقاد إلى التساؤل إن كانت قصصا مترجمة ، فقد شغل بيدس نفسه لفترة بالترجمة عن الروسية .
وكانت قصص الإيراني وصدقي خطوة متقدمة إلى الأمام ، وبدا تأثرهما بالأدب الروسي أوضح ما يكون ، بل إن صدقي الذي درس الاقتصاد في روسيا تأثر بالفكر الماركسي ، كما أنه كتب عن أبرز الأدباء الروس مثل ( بوشكين ) و ( غوركي ) و ( انطون تشيخوف ) ، وللأخير باع طويلة في كتابة القصة القصيرة ، ويمكن القول إن بعض قصص نجاتي صدقي خرج من معطف قصص ( تشيخوف ) .
وغالبا ما اختار صدقي شخوصه من الواقع ، فصورها كما كانت تبدو له ، حتى الشخصيات اليهودية منها وقصته " شمعون بوزاجلو " من مجموعته " الأخوات الجزيئات " ١٩٥١ تعد نموذجا جيدا للتمثيل . ( عادل الاسطة ، اليهود في الأدب الفلسطيني، وقراءات في القصة القصيرة الفلسطينية )
أصدر صدقي بعد مجموعته الأولى مجموعة ثانية عنوانها " الشيوعي المليونير " ١٩٦٣ وفيها صور معاناة الفلسطينيين بعد خروجهم من وطنهم في عام النكبة ، وكانت قصصه تنضح بالحزن كما في قصة " عنبر رقم ٥ " ، وتقوم على المفارقة كما في القصة التي حملت عنوان المجموعة " الشيوعي المليونير " . ومثل صدقي محمود سيف الدين الإيراني الذي واصل الكتابة وصار يدرس تحت عنوان " القصة القصيرة في الأردن " .
وسيواصل في المنفى كتاب جدد كتابة هذا الجنس الأدبي ، ومن هؤلاء جبرا ابراهيم جبرا وسميرة عزام وغسان كنفاني .
أصدر جبرا مجموعته " عرق وقصص أخرى " ١٩٥٦ ، ثم تحول عن كتابة القصة القصيرة وطالب الكتاب بكتابة الرواية والإعراض عن كتابة القصة القصيرة ، وحقق هو شخصيا ما دعا إليه ، فكتب العديد من الروايات وصار يعرف روائيا .
لماذا تحول جبرا من كتابة القصة القصيرة إلى كتابة الرواية ؟
لقد رأى أنها فن سهل سريع لا يستطيع استيعاب تجربته كما تستطيع الرواية ، والأخيرة هي الفن الأصعب " فأنا أطالب بالفن الأصعب " . ( حول جبرا والقصة القصيرة أنظر دراستي الموسعة في كتاب مؤتمر جامعة بيت لحم ٢٠٠٣ ، وهي مدرجة على موقع جامعة النجاح الوطنية )
لم تأخذ سميرة عزام برأي جبرا ، فقد أخلصت للقصة القصيرة وأصدرت في مسيرتها القصيرة خمس مجموعات قصصية وعندما همت بكتابة الرواية اختطفتها يد القدر ، فلم تكمل روايتها الأولى .
كتبت سميرة عزام مصورة واقع الأنثى وما تعاني منه وكتبت عن الفقر والكفاح ، كما كتبت عن القضية الفلسطينية قصصا تعد رائدة في هذا المجال ، وتوقف كثيرون أمام قصتها " لأنه يحبهم " من مجموعتها " الساعة والإنسان " وراوا فيها قصة النكبة ، وقد نعتها بعض النقاد بأنها أميرة كتاب القصة القصيرة العربية .( أنظر كتابي " قراءات في القصة القصيرة الفلسطينية )
اختلف غسان كنفاني عن سميرة عزام مع أنه تأثر بها ، اختلف عنها بأنه بدأ قاصا يكتب القصة القصيرة ثم تحول إلى كتابة الرواية ، وما أصدره في ٦٠ القرن العشرين ، وما عكف على إنجازه في بداية ٧٠ القرن نفسه ، ولم يتمه لاغتياله من الموساد ، يقول لنا إنه ، مثل جبرا ، مال إلى فن الرواية . كتب غسان العديد من المجموعات القصصية وكتبت عن قصصه دراسات كثيرة ولكن مع تحوله إلى كتابة الرواية صار يلتفت إليه على أنه روائي بالدرجة الأولى ، وأولى مجموعاته القصصية كانت مجموعة " موت سرير رقم ١٢ " وقد تلتها مجموعة " أرض البرتقال الحزين " وكان ، مثل سميرة عزام ، صور آثار النكبة ومعاناة اللاجئين الفلسطينيين ، كما كتب عن معاناة المواطنين العرب في بلادهم وفي غربتهم عن بلادهم ، كما في قصة " موت سرير رقم ١٢ " نفسها .
هل زمننا هو زمن الرواية لا زمن القصة القصيرة ؟ وهل يقتصر الأمر على الكتاب الفلسطينيين ؟
في العام ٢٠١١ ترجم السعودي ناصر الحجيلان كتاب ( تشارلز ماي ) " القصة القصيرة : حقيقة الإبداع ، نحو تقييم التطور التاريخي " ودراسة الخصائص النوعية للقصة القصيرة ، وفيه يثير المؤلف اسئلة عديدة حول واقع القصة القصيرة ، وهي أسئلة لطالما أثيرت أيضا من قبل ، وتحديدا في النصف الأول من القرن العشرين ، من ذلك مثلا أنه في الأعوام ١٩٠٩ و ١٩١٣ و ١٩١٧ صدرت ثلاثة كتب نظرية عن فن القصة القصيرة . و إثرها طالب عدد من القراء والنقاد بإنهاء هذا العمل " فامتلأت الدوريات الجيدة بمقالات حول " انحطاط " القصة القصيرة و " تآكلها " و " خرفها " . وقد أوجز ( جيلبرت سيلدرز ) ردات الفعل الأكثر تطرفا في دورية " ذا ديال " عام ١٩٢٢ حيث قال إن " القصة الأميركية القصيرة على كل الأوجه هي العمل الفني الأضعف والأسخف الذي يعدم الدلالة في كل ما أنتج في هذه البلاد أو في أي بلاد أخرى "( ص ٢٥٠ ) .
هل كان كلام الناقد السابق كلاما مبالغا فيه ؟ وهل هو من أعداء القصة القصيرة ؟
منذ ثلاثين عاما وأنا أتابع كل عام ، يوم الخميس ، خبر إعلان اسم الفائز باسم جائزة ( نويل ) للآداب والجنس الأدبي الذي يكتب فيه . هل منحت خلال هذه الأعوام إلى كاتب قصة قصيرة ؟
غالبا ما تمنح هذه الجائزة إلى الرواية ، وقليلا ما تمنح إلى إلى جنس القصة القصيرة ؟ لماذا ؟ ألأن القصة القصيرة ، قياسا إلى فن الشعر وفن الرواية ، فن حديث النشأة ؟
تضرب جذور الشعر عميقا في التاريخ ، فيما تعود نشأة الرواية إلى خمسة قرون خلت لا إلى قرن ونصف فقط كما هو حال القصة القصيرة . أيعود الأمر إلى الانتشار والتوزيع والتلقي للأجناس الأدبية ؟ كم تبيع الرواية ؟ كم يبيع الشعر ؟ كم تبيع القصة القصيرة ؟
تبيع الرواية ، إذا نجحت رواية ، ملايين النسخ وسرعان ما تترجم إلى لغات أخرى . أما الشعر فإنه لا سوق له ، باستثناء أسماء قليلة ، فكم تبيع القصة القصيرة ؟
مرة قرأت مقالا لكاتب مصري يقول فيه إن عدد كتاب القصة القصيرة في مصر أكثر من عدد قرائها ، فهل يختلف الأمر في فلسطين ؟
القصة القصيرة بعد النكبة :
تركت النكبة أثرها على القصة القصيرة في فلسطين ، فالكتاب الذين كانوا يقيمون فيها غادروها إلى المنافي وواصلوا من هناك الكتابة ، وعاشت فلسطين في الخمسينيات من القرن العشرين فترة ضعف ثقافي في مجال النثر ، فلم يبق من أبناء المدن ، وكانت هذه هي مركز الصحافة والنشر والتعليم ، إلا أقل القليل ، وكان علينا أن ننتظر عشر سنوات وأكثر حتى نقرأ قصصا قصيرة لكتاب جدد غالبا ما كانوا مرتبطين بقضيتهم الوطنية ينهلون منها مادة لقصصهم ويكتبون القصة القصيرة التقليدية التي تتمحور حول البقاء في الوطن أو العودة إليه تسللا أو التصدي لمصادرة الأراضي أو التغني بشجرة الزيتون أو تصوير معاناة العمال الفلسطينيين والتمييز العنصري الذي يتعرضون له . في هذه الاثناء برزت أسماء قصصية لافتة كان لها إسهاماتها مثل توفيق فياض وحنا ابراهيم ومحمد نفاع ومحمد علي طه وسلمان ناطور ، وهي الأسماء التي ظلت تكتب على مدار خمسة عقود تقريبا من النكبة .( أنظر كتابي قراءات في القصة القصيرة الفلسطينية وكتابي سؤال الهوية ، فلسطينية الأدب والأديب ، ومقالاتي في جريدة الأيام الفلسطينية عن محمد نفاع ومجموعته التفاحة النهرية وعن سلمان ناطور )
إلى جانب هذه الأسماء تجدر الإشارة إلى اسمين مهمين هما اميل حبيبي وتوفيق زياد ، علما بأن الأول عرف سياسيا اولا ومن ثم روائيا ، والثاني عرف شاعرا بالدرجة الأولى .
كتب حبيبي مجموعة قصصية واحدة عنوانها " سداسية الأيام الستة " استوحاها من حرب حزيران ١٩٦٧ وتمحورت حول واقع الشعب الفلسطيني وأثر النكبة أولا وهزيمة حزيران ثانيا عليه ، وحضرت فيها الكتابة عن شتات العائلة الفلسطينية بسبب النكبة ثم تجمعها من جديد بسبب الهزيمة ، وموضوع شتات العائلة وتجمعها موضوع كان له حضور في الأعمال القصصية السابقة ، ولكن حبيبي أضفى على كتابته عنصر السخرية الذي قلما ظهر في المجموعات السابقة .
الشاعر توفيق زياد كتب مجموعة قصصية عنوانها " حال الدنيا " وهي قصص شعبية فولكلورية يغلب عليها طابع السخرية والتهكم ، وغالبا ما كان يغرف من واقع الريف الفلسطيني .( حول حال الدنيا أنظر دراستي الطويلة على موقع جامعة النجاح الوطنية وفي موقع ديوان العرب )
ومثل جبرا إبراهيم جبرا لم يخلص هذان لفن القصة القصيرة ، فحبيبي مال إلى الرواية وزياد أخلص للشعر ، وإذا قارنا نتاجهما في هذا الجنس بنتاج فياض وحنا ونفاع وطه ، من حيث الكم ، رأينا أنهما ليسا كاتبي قصة قصيرة بالدرجة الأولى .
في المنفى إلى جانب صدقي والايراني ، وإلى جانب جيل الخمسينيات ممثلا في جبرا وكنفاني وسميرة عزام ، بدأت في ٦٠ القرن العشرين تظهر أسماء جديدة تكتب القصة القصيرة وهي الأسماء التي غالبا ما يطلق عليها اسم " جيل الأفق الجديد " . و " الأفق الجديد " هي مجلة أدبية صدرت في العام ١٩٦١ واستمرت في الصدور حتى العام ١٩٦٦ ، وعلى صفحاتها ظهرت كوكبة من الأسماء الشابة الجديدة التي سيكون لاحقا لقسم منها دور فعال في الكتابة في القصة القصيرة وتطويرها .
من الأسماء البارزة التي احتضنتها المجلة محمود شقير وماجد أبو شرار وصبحي شحروري ويحيى يخلف وخليل السواحري وحكم بلعاوي وغيرهم .( أنظر كتابي سؤال الهوية ، فلسطينية الأدب والأديب و كتابي الأديب الفلسطيني والأدب الصهيوني و كتابي قراءات في القصة القصيرة الفلسطينية )
استلهم قسم من هؤلاء واقعهم الريفي ليكتبوا عنه وعن عالم الريف والمدينة والصراع الاجتماعي ، ولكن الكتابة عن النكبة وما جرته كان لها الحضور الأكبر ، فكان واقع اللجوء بكل تفاصيله مادة رحبة لقصصهم التي طغى عليها الشكل التقليدي والجدية الصارمة ، فنادرا ما كان التجديد في الشكل يشكل هاجسا لهذا الجيل ، وكان أكثر ما يشغله هو التعبير عن الفقر والبؤس واللجوء والحلم بالعودة إلى الوطن السليب واسترداده .
غالبا في أثناء دراسة نتاج هذا الجيل ، غالبا ما يثار السؤال الآتي :
- ما مدى إخلاص جيل " الأفق الجديد " لفن القصة القصيرة ؟
ألقت هزيمة حزيران بظلالها على الأدب والحركة الأدبية بعامة ، والقصة القصيرة وكتابها بخاصة ، فعدد من كتاب " الأفق الجديد " هجر الأدب كليا إلى عالم السياسة مثل ماجد أبو شرار وحكم البلعاوي ، وحين نشر الأول مجموعته القصصية الوحيدة في ٧٠ القرن العشرين نشر فيها قصصه التي كتبها قبل ١٩٦٧ ، وربما كان معارفه هم من نشروها من باب الصداقة له ، ولم يختلف عنه حكم بلعاوي كثيرا ، فظل ينظر إليه على أنه سياسي وفاعل في حركة فتح على أنه كاتب قصة قصيرة .
قسم آخر من كتاب القصة لجأ أولا إلى الصمت ، ثم مال إلى كتابة النقد الأدبي مثل صبحي شحروري ، وحين تشجع لاحقا لفن القصة القصيرة جمع قصصا مبكرة في مجموعة واصدر مجموعة ثانية لم تشكل ظاهرة لافتة متميزة .
والثلاثة الذين كتبوا القصة القصيرة بعد هزيمة حزيران هم خليل السواحري ومحمود شقير ويحيى يخلف .
أصدر الأول مجموعة استقبلت استقبالا حسنا وكتب عن قصصها الكثير ، وأعيدت طباعتها غير طبعة نظرا لموضوعها الفلسطيني ذي الطابع المقاوم ولاقترابها من الواقع وتمثله تمثلا ناجحا ، ولشكلها القصصي التقليدي الناضج ، وكان يمكن لكاتبها أن يكون صوتا مميزا ، لولا انشغاله بكتابة المقال السياسي وبالعمل النقابي أيضا ، وبعد عقد ونصف عاد وأصدر مجموعة ثانية لم يلتفت إليها كثيرا ، وأتبعها ، بعد اتفاقية أوسلو ، بمجموعة ثالثة كتبت على عجل وبدت أقرب إلى مقالات تعبر عن مواقف الكاتب صيغت بأسلوب قصصي ، ولم تحظ بما حظيت به المجموعة الأولى .( أنظر كتابي اليهود في الأدب الفلسطيني )
القاص يحيى يخلف الذي كتب القصة القصيرة أولا وأصدر بعد هزيمة حزيران مجموعتين التفت منذ اواسط ٧٠ ق ٢٠ إلى القصة الطويلة / النوفيلا ، وعزف عن كتابة القصة القصيرة ، ثم اقتصرت كتابته إلى الآن على الرواية ، وما عاد ينشر القصص القصيرة .
يعد محمود شقير الكاتب الوحيد الذي أخلص لهذا الفن لمدة عقود ، وما زال يواصل كتابته ، مع أنه مثل يخلف تحول إلى كتابة الرواية ، ففي السنوات الأخيرة أصدر ثلاث روايات حققت له واحدة منها سمعة كبيرة ، فقد وصلت إلى القائمة القصيرة لجائزة الرواية الرواية العربية العالمية .
كتب شقير القصة القصيرة التقليدية التي تعبر عن الواقع الاجتماعي في الضفة الغربية ، وسرعان ما لجأ إلى التجديد في الشكل والمضمون ، فمع بداية الاحتلال في ١٩٦٧ كتب عن الاحتلال ومقاومته وحث على الصمود في الأرض وعدم الهجرة وصور حياة المنفي الفلسطيني المبعد عن أرضه قسرا ، وأفاد في بناء قصصه التي ابتعدت عن القصة التقليدية الشكل من الصحافة والراديو وصارت لغته أكثر تكثيفا ومال إلى توظيف الرمز الشفاف ، وفي فترة لاحقة كتب القصة القصيرة جدا ، ليكون إلى جانب القاص زين العابدين الحسيني رائدا في هذا الشكل الذي أثار وما زال يثير تساؤلات كثيرة ، ومع بداية القرن الحادي والعشرين أصدر مجموعتين جديدتين امتازتا عن قصصه السابقة بالآتي :
- الميل إلى السخرية والفكاهة ، فقد هدف إلى تحقيق شرط المتعة بالقراءه ، وابتعدت قصصه عن النزعة الوعظية والجدية ، وهما من مخلفات فهمه للواقعية الاشتراكية يوم كان ماركسيا ملتزما متزمتا .
- التأثر بظاهرة العولمة ، فقد كتب القصص مستفيدا من التطورات العالمية في باب التكنولوجيا حيث صار العالم كله قرية واحدة ، وهكذا صارت تجتمع في قصصه الشخصيات الفولكلورية الفلسطينية إلى جانب الشخصيات العالمية المشهورة في السياسة والرياضة والرقص والفنون .( أنظر كتبي المذكورة سابقا وكتابي أوراق مقارنة في الأدب الفلسطيني )
أكرم هنية :
بعد هزيمة ١٩٦٧ خلت الساحة القصصية في مناطق الاحتلال الثاني - أي الضفة الغربية وقطاع غزة - من الأصوات القصصية التي بدأت بعد النكبة تشق طريقها إلى الفن القصصي ، والأسباب عديدة ، فقسم من الكتاب كان خارج هذه المناطق ولم يتمكن من العودة ، وقسم آثر الصمت ، وقسم ثالث تم إبعاده إبان سنوات الاحتلال مثل خليل السواحري ومحمود شقير . ولأن الطبيعة تأبى الفراغ ، فقد بدأ جيل شاب من الكتاب يسعى إلى كتابة القصة دون أن تكون له صلة بالجيل السابق إلا أقله تقريبا مثل جمال بنورة الذي واصل كتابة القصة القصيرة تقليدية الشكل ذات الموضوع الوطني أساسا .
الجيل الجديد الذي نشأ تمثل بالعديد من الأسماء ومنها على سبيل التمثيل زكي العيلة ومحمد أيوب وغريب عسقلاني وسامي الكيلاني ويعقوب الأطرش وزياد حواري ، وقد اجتهد هؤلاء وكتبوا وأصدروا مجموعات قصصية مشتركة أولا ، ثم مجموعات خاصة ، وتركزت موضوعات كتاباتهم على الاحتلال والبعد الاجتماعي ، وكتبوا أولا القصة القصيرة التقليدية ثم جنح قسم منهم إلى التجديد في الشكل .
يعد أكرم هنية أبرز هؤلاء الكتاب وقد أسهمت دراسته الأدب الإنجليزي في جامعة القاهرة ، بالإضافة إلى موهبته وإقامته في القاهرة وقراءته القصة القصيرة المصرية لأبرز كتابها ، من جيل الخمسينيات والستينيات والسبعينيات ، إلى كتابته قصصا قصيرة لافتة امتازت بخصائص عديدة منها :
- كتابة الواقع اعتمادا على اللاواقع - أي الخيال واللامعقول ، كما في قصته التي يصحو فيها أهل القدس فلا يجدون الصخرة والأقصى . إن هذه القصة تذكر بإحدى قصص يوسف إدريس التي تخيل فيها أهل القاهرة وقد صحوا دون أن يجدوا الأهرامات .
- تقطيع القصة إلى مقاطع ، بحيث يشكل كل مقطع مكونا من مكونات القصة .
- الإفادة من عمله في الصحافة في بناء القصة ، كما في قصة " وقائع اختفاء المواطنة منى . ل " ، وهي قصة ما كان ليكتبها لولا عمله رئيس تحرير صحيفة .
- النزعة التحريضية ، وهذه النزعة نجدها عموما في قصص أكثر كتاب الأرض المحتلة الذين لم ينظروا إلى أنفسهم أنهم كتاب وحسب ، بل ومشاركون في المقاومة التي ترمي إلى الخلاص من الاحتلال . النزعة التحريضية أدت أحيانا إلى بروز الشعارات والمواقف السياسية ، ما أثر ولو جزئيا على جماليات القصة .
- طغيان سمة التفاؤل في كثير من القصص ، وسبب هذا تأثر الكتاب بالأدب الروسي والفكر الاشتراكي وقناعتهم في حينه بانتصار المعسكر الاشتراكي وهزيمة الامبريالية .
بالإضافة إلى الأسماء القصصية المشار إليها هناك أسماء قصصية أخرى فلسطينية تقيم في الأردن وبرعت في كتابة هذا الجنس وأخلصت له ولعل أبرزها القاص يوسف ضمرة الذي صار يكتب قصة قصيرة جدا ذات مواصفات فنية عالية يلجأ فيها غالبا إلى التلميح والإشارة ويبتعد عن المباشرة والتفاصيل والاستطراد والحشو اللغوي .( أنظر كتابي قراءات في القصة القصيرة الفلسطينية ودراستي في كتاب " تأملات نقدية في نماذج من الأدب الفلسطيني " إعداد عزت الغزاوي )
القصة القصيرة في زمن الرواية :
هل تراجع فن القصة القصيرة لصالح فن الرواية ؟
ما زالت المجموعات القصصية تصدر بين الفينة والفينة ، وما زال بعض الكتاب مخلصين لها مثل يوسف ضمرة وزياد خداش ، وزياد واحد من الكتاب الذين أصدروا العديد من المجموعات القصصية ولم يقارب أي جنس أدبي آخر حتى اللحظة ، وهو بذلك يختلف عن شقير ويخلف وحتى عن هنية الذي كتب مؤخرا القصة الطويلة / النوفيلا مجسدة في نصه " شارع فرعي في رام الله " ، ويشكل خداش في موضوعاته التي يخوض فيها وفي ولعه بكتابة قصة تقوم على المفارقة وتنهل من تجربته الذاتية ، غير منفصلة طبعا عن واقعه الفلسطيني ، ظاهرة تستحق أن تدرس ، ولكن يبدو أن الالتفات إلى الرواية في العقود الثلاثة الأخيرة قلل من مكانة القصة القصيرة ووضعها في سلة النسيان . هنا أشير إلى تجربة الشاعر والروائي الدكتور بسام أبو غزالة ، فقد قال في ندوة لي عن روايته " العشق المر " إنه لم يفكر في كتابة الرواية ، وإنه كتب مجموعة قصصية وذهب إلى ناشر يعرضها عليه فاعتذر لأنه لا ينشر المجموعات القصصية فلا قراء لها .
ولعل ما يعزز ما سبق أنك تقرأ عن إصدار عشرات المجموعات القصصية دون أن تقرأ مراجعات نقدية لها إلا ما ندر .
ثمة أصوات قصصية جديدة نسوية لافتة أصدرت حتى الآن بضع مجموعات قصصية ولكنها لم تشكل في المشهد الأدبي حضورا لافتا ، وإن تميزت في موضوعها ، فمثلا هناك شيخة حليوي صاحبة " سيدات العتمة " ( ٢٠١٦ ) وهي تكتب عن بيئتها البدوية وتوظف في قصصها لهجتها وتعبر عن حياة البدو وعاداتهم وتقاليدهم .
مثل شيخة حليوي هناك كاتبات أخريات عديدات كتبن القصة القصيرة ولكنهن أصدرن مجموعة واحدة وما واصلن الكتابة مثل إسراء كلش صاحبة مجموعة " خطأ مطبعي " ( ٢٠١١ ) التي حصلت على جائزة مؤسسة القطان لمسابقة الكاتب الشاب في العام ٢٠١٠ ، وتسهم مؤسسة القطان ، من خلال جائزتها السنوية ، بتشجيع الكتاب الشباب ، ومثل إسراء كلش الشابة سامية مصطفى عياش صاحبة مجموعة " فراولة وكعك وشوكولاتة " ( ٢٠١٤ ) وغيرهما ، وغالبا ما يعزف النقاد عن الكتابة عن كاتب أو كاتبة ليس له / ا مشروع قصصي ، لأنهم - أي النقاد - يرون أن كتابتهم ضرب من الجهد الضائع ، وهنا يشار إلى ظاهرة مهمةوهي أن هناك كتابا كثيرين يصدرون مجموعة واحدة وبعدها يتوقفون عن النشر ، وهذا طبعا له دلالته .
وثمة أيضا توجه لافت لكتابة القصة القصيرة جدا مكانها بالدرجة الأولى حائط الفيس بوك وان صدرت مجموعات عديدة منها لمازن معروف وجمعة شنب ومحمد خليل وغيرهم وغيرهم ، وهم بذلك يواصلون ما بدأه زين العابدين الحسيني ومحمود شقير ، وأهم مجموعة للأخير في هذا الجانب هي مجموعته " طقوس المرأة الشقية " التي أصدرها في العام ١٩٨٥ .
ومن المؤكد أن هناك أصواتا قصصية أخرى لها باع طويل في كتابة القصة القصيرة مثل محمود الريماوي ومحمود شاهين وابراهيم العبسي وحزامة حبايب ، ولم يكن الهدف ، من وراء هذه الكتابة ، الكتابة التفصيلية ، فهذا أصلا مكتوب فيه العديد من الأبحاث والكتب والرسائل العلمية .
المصادر والمراجع :
اعتمدت في كتابة هذه التأملات على الكتب والدراسات التي أنجزتها في العقود الأربعة الأخيرة ، وهي :
1 - القصة القصيرة في الضفة الغربية وقطاع غزة ما بين ١٩٦٧ و ١٩٨٢ ، وصدر الكتاب في نابلس في ١٩٩٣ ، وهو في الأصل رسالة ماجستير قدمت إلى الجامعة الأردنية في العام ١٩٨٢ .
2- فلسطينية الأدب والأديب : سؤال الهوية في الأدب الفلسطيني ، منشورات دار الشروق للنشر والتوزيع ، عمان ، ٢٠٠٠ .
3 - قراءات في القصة القصيرة الفلسطينية ، وزارة الثقافة الفلسطينية ، رام الله ، ٢٠١١ .
٤ - تأملات في واقع القصة القصيرة : قصتنا الفلسطينية مثالا ، مقالات في جريدة الأيام الفلسطينية بتاريخ ٤ و ٢٣ / ١٠ و ٤ / ١١ / ٢٠١٢ .
٥ - تأملات نقدية في نماذج من الأدب الفلسطيني المعاصر ، جمع وإعداد عزت الغزاوي ، منشورات أوغاريت ، رام الله ، ٢٠٠١ .
٦ - أوراق مقارنة في الأدب الفلسطيني ، منشورات مجمع القاسمي ، باقة الغربية ، ٢٠١٤ .
٧ - أدب العائدين ، تساؤلات وقراءات ، الرقمية ، رام الله ، ٢٠٢٠
٨ - القصة القصيرة ، حقيقة الإبداع ( نحو تقييم التطور التاريخي ودراسة الخصائص النوعية للقصة القصيرة ) ، تأليف د. تشارلز ماي ، ترجمة د . ناصر الحجيلان ، النادي الأدبي بحائل ، السعودية ، ٢٠١١ .
عادل الأسطه
نابلس