د. محمد عباس محمد عرابي - ملامح الحياة الزوجية السعيدة كما تصورها قصيدة " بيـــن آدم وحـــوَّاء "للشاعر الدكتور /عبد الرحمن العشماوي

الزواج مقدس يقوم على المودة والرحمة قال تعالى "وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ. الروم /آية (21) فبالمودة والرحمة تعم بيت الزوجية السعادة والطمأنينة، وبدونهما تعم الخلافات الزوجية وحول هذه المعاني وعن العلاقة بين آدم وحواء تحدث الشاعر الدكتور /عبد الرحمن العشماوي حيث بين: متى تتحقق السعادة في بيت الزوجية، وأسس العلاقة الطيبة بين الزوج والزوجة (1)، وأشار إلى أسباب الخلافات الزوجية، وكيفية التغلب عليها من خلال عدة محاور؛ حيث يقول في قصيدة " بيـــن آدم وحـــوَّاء ":
المحور الأول: العلاقات الزوجية الحسنة بين الزوجين:
يبين الشاعر الدكتور /عبد الرحمن العشماوي أنه مهما بين الزوجين من اختلاف إلا أن العلاقات الزوجية الحسنة بينهما كوكب لا يــأفُل، فالعلاقات الزوجية الطيبة سر سعادة الزوجين، ويخيم الحب والوفاء بين الزوجين بسببها، فلا وألف لا للخلافات الزوجية حيث يقول:
لا تســألي عـمـا جــرى لا تسألي
بيني وبيـــنكِ كـــــوكبٌ لـمْ يــأفُلِ

بـيــني وبيـــنك لوحـةٌ مرســـومةٌ
من زهــــرِ روضتنا وشدو البلْبـلِ

بيني وبيـنــــــك منزلٌ من حبــــنا
أبوابُـــهُ مـــــن دُونـنــــا لمْ تُـقْـفَـلِ

بيني وبـيـنَكِ يا حـبـيــــبـة دوحــةٌ
خضراءُ من خـــــلُقِ الوفاء الأنبلِ

منذُ التقيـــنا والـحــــيـاة سعــــيدةٌ
فعلامَ نُلْـبِـسُــــها ثـيابَ تَمَلْمُلِ
المحور الثاني: أصل العلاقة بين الذكـــورة والأنــوثةِ:
بين الشاعر الدكتور /عبد الرحمن العشماوي أن الفطرة تحتم الاحترام المتبادل بين الذكر والأنثى فلا تضاد بينهما فكل له طبيعته القائم على التكامل بين الزوجين حيث يقول:
وعلامَ نـفـتـحُ للقبـــيـــــح قلوبـنا
وقُلُـــــوبنـا مســـــكونةٌ بالأجـمـلِ

بين الذكـــورة والأنــوثةِ فِـطْـرةٌ
مغروسةٌ من ربنـــا الـمتفـــــضّلِ

غُــرِستْ مُــبرأةً من الوهـم الذي
يطغى على وجْـــدانِ كلِّ مُغــــفَّلِ

هي فطْرة الإسلامِ ترْقى روحُــها
بالدِّينِ عن أوهــامِ من لـمْ يعْــــقلِ

حــــوّاءُ لـم تُخلَقْ نـشـازاً، إنَّــها
سكَنٌ بتـعـبـــــير الكتابِ الـمُــنزَلِ

سكنٌ، و محــضِنُ كلِّ جـيلٍ قادمٍ
تُبــنى به إشـــــراقةُ الـمســـــتقبلِ

لا حــــربَ بين ذكــــورةٍ وأُنوثةٍ
الـحـــربُ بينَ مُعـــــلِّمٍ ومُجـــهِّلِ

المحور الثالث: مكانة الزوجة العظيمة في قلب زوجها:
بين الشاعر الدكتور /عبد الرحمن العشماوي مكانة الزوجة العظيمة في قلب زوجها، حيث التكامل والوفاق لا التناحر والاختلاف كما قررته الفطرة ،وهدي الكتاب والسنة المطهرة حيث يقول:
يا نبــتةَ الإحـسـاسِ فـي قلبي الذي
تُسقى مشاعِرهُ بأصفى جــــــــدولِ

أنا ما شُغـــــلت عـن الـحقيـقةِ إنَّني
رجلٌ بغـير حقيــــقتي لـم أُشـــــغَلِ

أنا ما كتبتُ الشِّعــــر فــــيكِ تذلُّـلاً
فـمقامُ شــعري فــــوق كلِّ تــــذلُّلِ

لغـــة التَّكـامل بـيـنــنـا مفـــــهومةٌ
ما شابَها دنسُ الحديثِ الـمُبــــطِلِ

لكِ في صَياغَةِ حُــــبنـا وحَـياتـِـنـا
أَثَــــرٌ أُكَـمِّــلُ منهُ مــالَمْ يَكــــمُـلِ

فأنا وأنْتِ على طــــــريقٍ واحـــدٍ
نـمضـــي علـيـه بـهـمّـةٍ وتَعـقُّـــلِ

لـمْ ترْحــلي عنِّي رَحِيــــلَ مُكَابرٍ
جـافٍ ، وعنــكِ قوافلي لـمْ ترْحَلِ

أُنْثَى ، وفي صــفة الأُنـوثـةِ همّـةٌ
مُزِجـتْ بـروحِ تـــودُّدٍ وتبـــعُّــلِ

رجــلٌ ، وفي صفَة الرُّجـولة همّةٌ
مُزِجَتْ بــروحِ مـــوَدَّةٍ وتـحــــمُّلِ

و العلـم يُشــرق في حياتـهـــما إِذا
سَلَكا بِهِ دَرْبَ الـمُحبِّ الـمُقْبـــــــلِ

فَعَلامَ نصطــــنعُ الخـــلافَ وبَـيْـننا
روحُ التَّواؤمِ واللقاء الأمثَلِ

حـــــوّاءُ ترْفُــلُ في أُنوثتــــها الَّتي
شَـمَخَتْ بفطرتـِها فلـمْ تَسْتَرْجِلِ

وجَـبـــــينُ آدَمَ شــــامخٌ برجــــولةٍ
لـمْ ينْـصرفْ عـنــــها ولـمْ يتــحوّلِ

هـذي مُـبــــــجَّلةٌ وذاكَ مُـبـــــجَّلٌ
والدِّينُ يـحفـــــظُ حــقَّ كلِّ مُبَجَّلِ

يا ذاتَ قلبٍ خــــــافقٍ بـمحبـــتي
يا ذاتَ وجهٍ مُشـــــرقٍ مُتـهـــلِّلِ

بيني وبينك فِــــــــطرةٌ مـحروسةٌ
بـحيـائـنـا ووفـائـــــنـا الـمتأصِّـلِ

لا فرقَ بينَ السَّيـف والقــلـمِ الَّذي
تـنْسـابُ أَحرفـُـــه وبينَ الـمِـغْزَلِ

هـــذي وســائل للـبـنـاءِ ، وإنَّـمـا
بالصـدق يبني الـمرءُ أكْرَمَ مَنْزِلِ

لا تـخـلطي بـينَ الهدى ونَقـيضِهِ
شـــتَّان بينَ تـحـــــرُّرٍ وتـحــــلُّلِ

شـــتَّـان بينَ الورْدِ في بســتـانـنـا
تزْهـــو مناظـرهُ وبينَ الـحنــظلِ

شــــتَّان بـينَ القـلب يُورِقُ حــبُّه
والقــلبِ يغــلي حقْدُهُ كالـمِرْجَــلِ

يا شاطئَ الأملِ الـجميلِ زوارقي
ترنــــو إلى اللقـيا بعــــين مُؤمِّلِ

مِنْ آخــر الدَّربِ الذي نـجــــتازُهُ
بدأتْ علامــاتُ النـــــجاح الأوّلِ

درْبٌ تُعطِّـرهُ الزهــورُ بـنَشْــرِها
والنَّبعُ يـمنــحهُ صــــــفاءَ الـمَنهَلِ

ويُضـــيـئُـه نـــورُ الكـتابِ وسـنّةٍ
نُقِلَتْ لنا من هَدْي أفْضل ِمُرسَــلِ
فلتحرص الأسر على قوتها بعيدا عن الخلافات الزوجية.



(1) كثيرة هي الكتب التي تناولت الموضوع الذي تدور حوله قصيدة " بيـــن آدم وحـــوَّاء "للشاعر الدكتور /عبد الرحمن العشماوي منها على سبيل المثال :الطهر العائلي للزنبيدي ،القلوب المحطمة وأسرار السعادة الحقيقة بين الزوجين ،مأمون مبيض :التفاهم في الحياة الزوجية .
بثينة السيد العراقي، أسرار وراء الجدران، سعد طه، طريقك إلى بيت سعيد،
سلمان الشهري، عش الزوجية، عامر شماخ، العنف الأسري، فدوى حلمي، فن إدارة الخلافات الزوجية، نهاد سيد إدريس: الخلافات شبح يهدد الحياة الزوجية، نهاد سيد إدريس: سفينة الحياة الزوجية إلى شاطئ السعادة الأبدية، وغيرها كثير

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى