من تقاليد سيرتا القديمة
عوامل عديدة جعلت مدينة قسنطينة تفقد نوعا ما بريقها اللامع بالتخلي عن بعض عادتها و تقاليدها و ما يميز نساءها من لباس تقليدي و ذلك باسم التفتح الحضاري و التأقلم مع العصرنة و الحداثة و العالم الخارجي خاصة مع خروج المرأة إلى سوق العمل جعلها تتخلى عن زيها القسنطيني الأصيل ، فأين هي الملاءة (الملاية) و أين هو البرقوع و الرديف الذي كان يزين قدمي المرأة "البـَلـْدِيـَّة"
كانت المرأة القسنطينية بالأمس تعيش حياة الأميرات و مع خروجها إلى العمل أضحت تعيش المفارقات و المتناقضات ، التناقض مع نفسها و مع العصر و كانت هذه المفارقة هي التي اضطرتها إلى أن تترك كل ما له صلة بالتراث و تعيش خارج التاريخ و أصبحت تعتقد أن تلك العادات و التقاليد قديمة بالية و تخطاها الزمن..
"زهرة " الصخور هي إحدى نساء قسنطينة وجدناها تطل على إحدى شرفات المدينة فكان لنا الفضول للتعرف عليها، قابلتنا بابتسامة المرأة "البـَلـْدِيـَّة" قدمت لنا نفسها على أنها "زهرة" الصخور ، رغم كبر سنها غير أن وجهها كان يشع نورا و بهجة و هي ترتدي الزيّ القسنطيني و الشاشية على رأسها و ما زادها جمالا و روعة بريق "الرديف" الذهبي في قدميها المرصعتان بالحنة..
كانت "زهرة" الصخور امرأة في كامل شموخها و كبريائها، طلبنا منها أن تسمي لنا ما تلبسه و ما تضعه من زينة ، راحت زهرة الصخور تحكي قصتها للأجيال عن المرأة القسنطينية و لباسها و طريقة عيشها و كيف تزف إلى زوجها و هي عادت دأبت عليها العائلة القسنطينية الأصيلة التي كانت في يوم ما رمز من رموز الحضارة و التاريخ، تعتز بماضيها و تراثها الأصيل ، و قبل أن تبدأ أطلقت تنهيدة عميقة و هي تردد لكن كل هذه الأزياء و الحلي انقرضت ، و ربما كانت هذه التنهيدة رسالة أرادت من خلالها زهرة الصخور أن توجهها إلى فتيات قسنطينة علها تعيد عز المدينة و مجدها البراق، و هي أشياء لا تستغني عنها لأنها تكون في قمة أنوثتها كما قالت هي..
1) الشاشية: و هي على شكل مستدير تصنع من قماش القطيفة أو الكتان الرفيع النوعية، تضعها المرأة القسنطينية حتى لا تكشف شعرها أمام الأجانب و تـُزَيَّنُ "الشاشية" عند العائلات الغنية بالسلطاني و هي قطع من الذهب أو الفضة و تسمى بالويزة و هي معروفة عند أهل الشرق ، و الشاشية تستعملها المرأة المتزوجة .
2) "القوفية" : هي شبيهة بالشاشية مصنوعة من جلد "فيلالي" تضعها الفتاة الغير متزوجة، و ما يميز الشاشية عن القوفية، كون الأولى يتصل بها ما سمته لنا زهرة الصخور "العلاج" و هو كذلك خيط مصنوع من السلطاني، و ترافق الشاشية و القوفية لباس خاص حسب لون القطيفة أو القماش
3) "الشّبْرَلــّة: أما هذه الأخيرة فهي عبارة عن حذاء يسمى بالعامية (البالغينة) مصنوع كذلك من جلد فيلالي و سعره في السوق مرتفع جدا
4) "الرْدِيفْ" عبارة عن حلقة دائرية مصنوعة من الذهب الخالص أو الفضة و يصنف ضمن المصوغات، تضعه المرأة القسنطينية في قدمها بعدما تزينها بمادة الحنة.
5) "الفـَرَّاشـِيـَّة" : و هي حجاب المرأة القسنطينية تشبه ما يسمى عن أهل الوسط الجزائري (حايك مرمة) ، مصنوعة من الصوف الرقيقة بيضاء اللون و خيوط الحرير تضعها المرأة أو الفتاة القسنطينية عندما تهم بالخروج من البيت، حتى لا تعرض زينتها إلى الأجانب.
6) "العَبْرُوق" نوع من "النقاب" و يسمى كذلك عند أهل الشرق بـ: العجار مصنوع من قماش مكشوف و مزين بالتل بألوان عديدة حسب ذوق كل امرأة تغطي بها المرأة وجهها عند خروجها من البيت..
7) "الملاءة أو الملاية " و هي كذلك قماش رفيع النوعية يحجب زينة و جمال المرأة عن الأجانب عند خروجها من البيت، و للملاءة قصة تاريخية تعود إلى مقتل صالح باي على أيدي اليهود في سنوات الثلاثينيات ، فحزنت عليه المرأة القسنطينية ، فتركت الفراشية و اختارت لها قماشا أسود اللون لتلتحف به و تغطي بها جسدها في الشارع تعبيرا عن حزنها الكبير و العميق..و ألفت في ذلك قصائد و أغاني و هي تردد :
كي ذبحوا القـمّاطْ و نـَوْضُوا لـَعْيَاطْ
خرج صالح باي بلا صَبـَّاطْ
هذيك المَرْجَة فيها الحشايْش
شحمة اليهود قعدت تطايش
صحاب قسنطينة ضربوا و ما شبعوش
و صحاب الدوار جَاوْ و ما لحْقـُوشْ
و أطلقت على هذا القماش اسم "الملاية" بعدما أضافت عليه مادة الطلاء ألأسود حتى يزداد سوادا، و منذ ذلك الوقت أصبحت الملاية هي الحجاب المخصص للمرأة القسنطينية و اللباس الموحد لها ، و استعملت بعض النساء اللواتي شاركن في الثورة "الملاية" للتستر و التخفي من المستعمر و هن يحملن القنابل و الأسلحة و يحولونها إلى المجاهدين .
ولا تستغني المرأة القسنطينية تضيف "زهرة" الصخور عند ذهابها إلى الحمام بأخذها ما يسمى بـ: ( الطاسة، و الطفاية) هذه الأخيرة كانت تستعمل فيها المرأة مادة "الطفل" و هي مادة مرطبة للشعر و مغذية له و للجلد، كانت تستعملها المرأة القسنطينية في غسل شعرها بدلا من "الشامبوان" ، و الطاسة و الطفاية هي أواني نحاسية ، و تضيف زهرة الصخور إلى هذه الأواني النحاسية ما يسمى بـ: ( الكفاتيرة و الوضاية) تستعملها المرأة القسنطينية دوما في بيتها عند عودة زوجها من العمل تقابله بها لغسل يديه و رجليه و هي ضر ب من ضروب الطاعة الزوجية..
ومن تقاليد المدينة أن ترافق الفتاة القسنطينة يوم زفافها المرآة و ما يسمى بـ: "المشاطة"و هي عبارة عن قماش مطرز بخيوط ذهبية تضعه العروس على صدرها عندما تاتي لتسريح شعرها و ترافق المشاطة مشط "العاج" يصنع هذا الأخير أي المشط بأنياب "الفيل" و تفتقر الجزائر إلى المادة ألأولية لصناعة هذا النوع من المشط ؛ و هي تستورد من تونس كما قيل لنا، ، و عند اقتراب حفل الزفاف تخرج " المستأذنات" و هي مجموعة من النساء لدعوة الأهل إلى حفل الزفاف، و تُستقبلُ المستأذنات كذلك بالزغاريد، في حين تقوم العروس قبل ليلة الزفاف بالذهاب إلى الحمّام ، ترافقها مجموعة من "الصبايا" و معهن لوازم الحمام تضعها العروس في ما يسمى "المحبس"، و "الحلوى" في صينية كي تفرقها على أهل الحمّام و زواره ، وهن يطلقن "الزغاريد"، و أما "القفّافات " فهن النسوة اللواتي يقمن بوضع الحنة في يد العروس وسط جو من الرقص و الغناء و الرشق، و هن ما يطلق عليهن حاليا باسم "الدفاعات" و تسمى الليلة بليلة "الدفيعة" ..
الملاحظ أن كل هذه العادات و التقاليد اضمحلت و انقرضت بحيث عزفت فتاة قسنطينة عن ارتدائها تماشيا مع الموضة ، و تكاد تنعدم في وقتنا الحالي خاصة الملاية ، و عوضت هذه الألبسة بالسروال و التشادور و ما إلى ذلك، و فقدت المرأة القسنطينية ذلك اللباس، فلا تجد اللباس موجودا في الشوارع أو المدن سوى لدى بعض العجائز في قسنطينة، اللواتي رفضن التخلي عنها..، وهنا وقفت زهرة الصخور لتنهي قصتها للأجيال و هي تطلق أهات من الأعماق و تنهدات و هي تسترجع كما قالت تلك (القعدة العزيزة) في وسط دار بن شريف و بن طوبال بالسويقة، تتوسطهن صينية القهوة و على أصداء الكمان و المالوف ودعتنا "زهرة" الصخور بابتسامة حزينة ممزوجة بنظرات تحدي لعل و ربما تستعيد مجد قسنطينة العتيق..
علجية عيش
عوامل عديدة جعلت مدينة قسنطينة تفقد نوعا ما بريقها اللامع بالتخلي عن بعض عادتها و تقاليدها و ما يميز نساءها من لباس تقليدي و ذلك باسم التفتح الحضاري و التأقلم مع العصرنة و الحداثة و العالم الخارجي خاصة مع خروج المرأة إلى سوق العمل جعلها تتخلى عن زيها القسنطيني الأصيل ، فأين هي الملاءة (الملاية) و أين هو البرقوع و الرديف الذي كان يزين قدمي المرأة "البـَلـْدِيـَّة"
"زهرة " الصخور هي إحدى نساء قسنطينة وجدناها تطل على إحدى شرفات المدينة فكان لنا الفضول للتعرف عليها، قابلتنا بابتسامة المرأة "البـَلـْدِيـَّة" قدمت لنا نفسها على أنها "زهرة" الصخور ، رغم كبر سنها غير أن وجهها كان يشع نورا و بهجة و هي ترتدي الزيّ القسنطيني و الشاشية على رأسها و ما زادها جمالا و روعة بريق "الرديف" الذهبي في قدميها المرصعتان بالحنة..
كانت "زهرة" الصخور امرأة في كامل شموخها و كبريائها، طلبنا منها أن تسمي لنا ما تلبسه و ما تضعه من زينة ، راحت زهرة الصخور تحكي قصتها للأجيال عن المرأة القسنطينية و لباسها و طريقة عيشها و كيف تزف إلى زوجها و هي عادت دأبت عليها العائلة القسنطينية الأصيلة التي كانت في يوم ما رمز من رموز الحضارة و التاريخ، تعتز بماضيها و تراثها الأصيل ، و قبل أن تبدأ أطلقت تنهيدة عميقة و هي تردد لكن كل هذه الأزياء و الحلي انقرضت ، و ربما كانت هذه التنهيدة رسالة أرادت من خلالها زهرة الصخور أن توجهها إلى فتيات قسنطينة علها تعيد عز المدينة و مجدها البراق، و هي أشياء لا تستغني عنها لأنها تكون في قمة أنوثتها كما قالت هي..
1) الشاشية: و هي على شكل مستدير تصنع من قماش القطيفة أو الكتان الرفيع النوعية، تضعها المرأة القسنطينية حتى لا تكشف شعرها أمام الأجانب و تـُزَيَّنُ "الشاشية" عند العائلات الغنية بالسلطاني و هي قطع من الذهب أو الفضة و تسمى بالويزة و هي معروفة عند أهل الشرق ، و الشاشية تستعملها المرأة المتزوجة .
2) "القوفية" : هي شبيهة بالشاشية مصنوعة من جلد "فيلالي" تضعها الفتاة الغير متزوجة، و ما يميز الشاشية عن القوفية، كون الأولى يتصل بها ما سمته لنا زهرة الصخور "العلاج" و هو كذلك خيط مصنوع من السلطاني، و ترافق الشاشية و القوفية لباس خاص حسب لون القطيفة أو القماش
3) "الشّبْرَلــّة: أما هذه الأخيرة فهي عبارة عن حذاء يسمى بالعامية (البالغينة) مصنوع كذلك من جلد فيلالي و سعره في السوق مرتفع جدا
4) "الرْدِيفْ" عبارة عن حلقة دائرية مصنوعة من الذهب الخالص أو الفضة و يصنف ضمن المصوغات، تضعه المرأة القسنطينية في قدمها بعدما تزينها بمادة الحنة.
5) "الفـَرَّاشـِيـَّة" : و هي حجاب المرأة القسنطينية تشبه ما يسمى عن أهل الوسط الجزائري (حايك مرمة) ، مصنوعة من الصوف الرقيقة بيضاء اللون و خيوط الحرير تضعها المرأة أو الفتاة القسنطينية عندما تهم بالخروج من البيت، حتى لا تعرض زينتها إلى الأجانب.
6) "العَبْرُوق" نوع من "النقاب" و يسمى كذلك عند أهل الشرق بـ: العجار مصنوع من قماش مكشوف و مزين بالتل بألوان عديدة حسب ذوق كل امرأة تغطي بها المرأة وجهها عند خروجها من البيت..
7) "الملاءة أو الملاية " و هي كذلك قماش رفيع النوعية يحجب زينة و جمال المرأة عن الأجانب عند خروجها من البيت، و للملاءة قصة تاريخية تعود إلى مقتل صالح باي على أيدي اليهود في سنوات الثلاثينيات ، فحزنت عليه المرأة القسنطينية ، فتركت الفراشية و اختارت لها قماشا أسود اللون لتلتحف به و تغطي بها جسدها في الشارع تعبيرا عن حزنها الكبير و العميق..و ألفت في ذلك قصائد و أغاني و هي تردد :
كي ذبحوا القـمّاطْ و نـَوْضُوا لـَعْيَاطْ
خرج صالح باي بلا صَبـَّاطْ
هذيك المَرْجَة فيها الحشايْش
شحمة اليهود قعدت تطايش
صحاب قسنطينة ضربوا و ما شبعوش
و صحاب الدوار جَاوْ و ما لحْقـُوشْ
و أطلقت على هذا القماش اسم "الملاية" بعدما أضافت عليه مادة الطلاء ألأسود حتى يزداد سوادا، و منذ ذلك الوقت أصبحت الملاية هي الحجاب المخصص للمرأة القسنطينية و اللباس الموحد لها ، و استعملت بعض النساء اللواتي شاركن في الثورة "الملاية" للتستر و التخفي من المستعمر و هن يحملن القنابل و الأسلحة و يحولونها إلى المجاهدين .
ولا تستغني المرأة القسنطينية تضيف "زهرة" الصخور عند ذهابها إلى الحمام بأخذها ما يسمى بـ: ( الطاسة، و الطفاية) هذه الأخيرة كانت تستعمل فيها المرأة مادة "الطفل" و هي مادة مرطبة للشعر و مغذية له و للجلد، كانت تستعملها المرأة القسنطينية في غسل شعرها بدلا من "الشامبوان" ، و الطاسة و الطفاية هي أواني نحاسية ، و تضيف زهرة الصخور إلى هذه الأواني النحاسية ما يسمى بـ: ( الكفاتيرة و الوضاية) تستعملها المرأة القسنطينية دوما في بيتها عند عودة زوجها من العمل تقابله بها لغسل يديه و رجليه و هي ضر ب من ضروب الطاعة الزوجية..
ومن تقاليد المدينة أن ترافق الفتاة القسنطينة يوم زفافها المرآة و ما يسمى بـ: "المشاطة"و هي عبارة عن قماش مطرز بخيوط ذهبية تضعه العروس على صدرها عندما تاتي لتسريح شعرها و ترافق المشاطة مشط "العاج" يصنع هذا الأخير أي المشط بأنياب "الفيل" و تفتقر الجزائر إلى المادة ألأولية لصناعة هذا النوع من المشط ؛ و هي تستورد من تونس كما قيل لنا، ، و عند اقتراب حفل الزفاف تخرج " المستأذنات" و هي مجموعة من النساء لدعوة الأهل إلى حفل الزفاف، و تُستقبلُ المستأذنات كذلك بالزغاريد، في حين تقوم العروس قبل ليلة الزفاف بالذهاب إلى الحمّام ، ترافقها مجموعة من "الصبايا" و معهن لوازم الحمام تضعها العروس في ما يسمى "المحبس"، و "الحلوى" في صينية كي تفرقها على أهل الحمّام و زواره ، وهن يطلقن "الزغاريد"، و أما "القفّافات " فهن النسوة اللواتي يقمن بوضع الحنة في يد العروس وسط جو من الرقص و الغناء و الرشق، و هن ما يطلق عليهن حاليا باسم "الدفاعات" و تسمى الليلة بليلة "الدفيعة" ..
الملاحظ أن كل هذه العادات و التقاليد اضمحلت و انقرضت بحيث عزفت فتاة قسنطينة عن ارتدائها تماشيا مع الموضة ، و تكاد تنعدم في وقتنا الحالي خاصة الملاية ، و عوضت هذه الألبسة بالسروال و التشادور و ما إلى ذلك، و فقدت المرأة القسنطينية ذلك اللباس، فلا تجد اللباس موجودا في الشوارع أو المدن سوى لدى بعض العجائز في قسنطينة، اللواتي رفضن التخلي عنها..، وهنا وقفت زهرة الصخور لتنهي قصتها للأجيال و هي تطلق أهات من الأعماق و تنهدات و هي تسترجع كما قالت تلك (القعدة العزيزة) في وسط دار بن شريف و بن طوبال بالسويقة، تتوسطهن صينية القهوة و على أصداء الكمان و المالوف ودعتنا "زهرة" الصخور بابتسامة حزينة ممزوجة بنظرات تحدي لعل و ربما تستعيد مجد قسنطينة العتيق..
علجية عيش