اذا بحثنا عن ركن يجمع الدين والدولة، فلابد أن نعيد الدين الى اصوله النظرية، ويكون هناك في بنية الدولة الدين وجه الشريعة، لكن الدين هو هنا اصلا يراد له اعادة تفسير من جديد خارج حدوده المذهبية، والا سيكون في مواجهة الدولة شريعة متعارضة مع نفسها، لذلك بنية الدولة من حقها وضع القانون الوضعي امام الواقع الاجتماعي، ورفع قيمة تلك العقيدة الملتبسة الى اعلى لتكون من القيم الكبرى التي لا تمس، ومن خلال محافظة بنية الدولة عليها ستكون في مأمن، واذا اصاب بنية الدولة أي ضرر، فحتما سيصيب ذات الضرر تلك القيم الكبرى، واذا تعرضت بنية الدولة لهجمة من المعارضة ويصبها الضرر الفادح، واصعب ضرر هو اذا اقامت المعارضة السياسية بعد استيلائها على الحكم الى استبدال تلك الدولة بأخرى، وذلك سيسبب اضرارا فادحة، ويفقد مفهوم العدالة بشتى تنويعاته، وتشكل الحاجة الملحة الى الدولة في كونها نظام شاقولي، والدولة (لا تعني الامتلاك الفعلي للسلطة العليا والحق في الحصول عليها فحسب، بل تعني الحق الطبيعي المصون في سلطة عليا لا تستمد علوها ممن يخضعون لها وهي في الوقت نفسه فوقهم)1، وتلك المعادلة في كون الدولة النظام الذي هو ارقى وفوق الجميع، هو لصالح الجميع سيكون وليس لصالح الدولة نفسها فقط، والرقي والتطور ينبثق من خلال نظام الدولة، وذلك من الممكن أن يشمل حتى القوانين الكبرى المرابطة بالدستور .
من الممكن أن تفسر الدولة بذلك الوعاء الذي يمتلك مقدرة عجيبة في حفظ القيم العليا، والدين دون الدولة عرضة للتجاذبات المتنوعة الإيقاعات، والتي تحتمل تعارضا حادا فيما بينها، ومن الطبيعي أن تجد هناك نفسا شاذا، ولا يتوافق مع الذائقة العامة، وهنا سينتج دين مشوه وبعدة أطر تفسير جديدة، وكل تفسير يسعى لفرض نفسه، حتى لو تطلبت القوة إلى ذلك، وفي واقع الإسلام السياسي لا تعني الدولة إلا ذلك المفهوم البغيض، ففي ما تشكل قوانين الدولة العضوية سيان كانت ليبرالية أو دكتاتورية الرفض على اعتبارها تتعارض ومبادئ الإسلام الحنيف، لذلك تجد الدولة مغلوبة على امرها عندما يسود الاسلام السياسي، والدولة في كيانها الحقيقي تدرك تماما ما معنى العدل، وتهدف الى ترجمته بصورة عادلة لا تميز احدا على اخر، والدولة ليست سلطة في المظهر كما تفسر عند الاسلام السياسي، بل هي معنى القوة والعدالة والانصاف، فيما انصاف الاسلام السياسي يمر من خلال قناة الحلال والحرام المسيسة، وذلك بعيد كل البعد عن المنطق والصواب، واحالة الفكرة الى العقل السليم والحر، فمن الطبيعي سيكون شطب الاسلام السياسي وظيفيا هو امر اساس، وقضية ملحة لا يمكن التخلي عنها، والعقل يضع الدولة المدنية في نصابها الاساس وفوق الجميع، فهي المعنى الاجدر للعدالة، والذي يتفق تماما مع جوهر الاسلام الحنيف، وتلك الطبيعة الروحية الجديرة بالمعنى السلمي تماما .
لقد تجاوز الاسلام السياسي كل المسميات التاريخية التي سقف عليها ركن الدولة، ولم يجعل الدولة المدنية سوى ذلك الهامش البائس، وجعل سياسته الدينية هي المتن، الذي لابد أن تقف عنده جميع التطبيقات العضوية، لكن لا ننكر بأن هناك اعراف وشرايع تدعو بروح علمانية الى اكتسابها في التطبيق، وكما أن هناك مادة بشرية
مؤهلة للقبول والرفض، فالمسألة بطبيعتها المركبة ما بين العضوي والديني، فمن الطبيعي أن تنقسم المادة البشرية على نفسها، وذلك الانقسام يؤشر وجود تعارض مسميات، والعالم البشري ليس هو عالم المفاهيم، والدعوة الى المزج بينهما تتم عند الاسلام السياسي، لكن لا تتم عند القانون المدني، فحكم قطع يد السارق فيه القانون المدني يتصل مباشرة بجوهر الدين، لكن مظهر الاسلام السياسي يهتم بقطع اليد وعتبرا بأن النص فيصل وهو يحكم بذلك، لكن مضمون النص لا يجعل السماء بلا عدالة ولا رأفة ولا حكمة، بل الحكمة هي المعيار، فقطع اليد يعني المنع وليس كما يجهر الاسلام السياسي يقطع عضو اليد كاملا معارضا الحكمة الربانية من جهة، وما كرم به البشرية بيد للعمل وتناول الطعام في الافق العضوي، واما العبادة حسب الدين السياسي ستفقد احد اركانها، ولا يحاسب الدين السياسي نفسه على هذه الجريمة التي قام بها ضد معنى الشريعة وجوهره من جهة، ومن جهة اخرى ضد المعنى المدني والإنساني سوية، ومن جهة ثالثة وضعت احد افراد المجتمع في عوق عصيب، والغريب يلتقي الدين السياسي بإثم الحروب في قطع الاطراف بلا ادنى رحمة او شفقة .
شكلت الدولة المدنية طيلة تاريخها رسم جميع الامور بدقة متناهية، فهناك فرق دينية، وهناك ايضا ايديولوجيات، وهدفت الدولة المدنية الى جعل الجميع امامها من الادنى بالتساوي، فليس هناك تفاوت او تفاضل او تمييز ابدا، ومن الممكن أن يقوم بالتفاضل الفرق الدينية نفسها، او تسعى الايديولوجيات الى التمايز، لكن الدولة هي القيمة الفنية العليا، والتي من المستحيل أن تمس بسوء أي مذهب ديني او ايديولوجيا علمانية، والدولة هي الجهة التي تمكنت من جمع الدين والعلمانية على السواء دون ضرر او مثلبة، فيما الواقع لكل من العلمانية والدين السياسي يتعارض تماما، وهناك نسب من الاتهام تكال من الطرفين، فالإسلام السياسي يجد العلمانية تجذب البشرية الى الحد الذي تتجاوز سقف الاخلاق العامة، بل تزيح حتى ورقة التوت، فيما العلمانية ذاتها ايضا تتهم الاسلام السياسي بالتعامل بطريقة لا تليق بالمعنى الديني والحكمة التي يتصف بها، وهذا الصراع ما بين جهة عمياء واخرى بلا بصيرة، في وجه الصراحة التامة، تلك الخصومة التاريخية اضعفت القانون الديني داخل بنية الدولة، وكذلك جردت المعنى الاخلاقي للقانون من معناه وافرغته منه، وهنا صار القانون لا ينظر ابدا بمعنى انساني للعدالة، بل هي حق لابد أن يقوم ويأخذ به، ولذلك اصبح القانون بلا روح، وقد اختلط القانون بالظلم، والعدل بالخطيئة، وتخلى القانون في جميع دول العالم عن الحكمة، واصبح عصا غليظة جدا اسمها القانون، وقد قدم لنا في الرواية المهمة - البؤساء – احد الامثلة المهمة، فاللص الذي يمتلك روح انسانية قادته الظروف الى أن يكون ذلك المحافظ النبيل الشهم والعادل، وقبالته ذلك الشرطي الذي حولته الظروف ايضا من شرطي في السجن ذاته ليكون يعمل عند ذلك المحافظ، لكن في النهاية يدرك الشرطي بأن القانون الحقيقي ليس في صفه فينتحر، ونحن في قصدنا هذا نتوخى وجود دولة الله وليس دولة البشر، فكيف يكون بشر يحكم بشر اخر ربما يكون اكثر عدلا منه، ومن الطبيعي الدين السياسي والايديولوجيات تسعى لفرض قانونها، فالدين السياسي يضعك امام وجود النص القرآني الخارجي، وتكون مجبرا على التسليم والاستسلام، واما العلمانية السياسية تصرح لك بأنك امام قانون الدولة، فيما هي تدير دفة القانون حسبما تريد ويرضيها .
من الممكن أن تفسر الدولة بذلك الوعاء الذي يمتلك مقدرة عجيبة في حفظ القيم العليا، والدين دون الدولة عرضة للتجاذبات المتنوعة الإيقاعات، والتي تحتمل تعارضا حادا فيما بينها، ومن الطبيعي أن تجد هناك نفسا شاذا، ولا يتوافق مع الذائقة العامة، وهنا سينتج دين مشوه وبعدة أطر تفسير جديدة، وكل تفسير يسعى لفرض نفسه، حتى لو تطلبت القوة إلى ذلك، وفي واقع الإسلام السياسي لا تعني الدولة إلا ذلك المفهوم البغيض، ففي ما تشكل قوانين الدولة العضوية سيان كانت ليبرالية أو دكتاتورية الرفض على اعتبارها تتعارض ومبادئ الإسلام الحنيف، لذلك تجد الدولة مغلوبة على امرها عندما يسود الاسلام السياسي، والدولة في كيانها الحقيقي تدرك تماما ما معنى العدل، وتهدف الى ترجمته بصورة عادلة لا تميز احدا على اخر، والدولة ليست سلطة في المظهر كما تفسر عند الاسلام السياسي، بل هي معنى القوة والعدالة والانصاف، فيما انصاف الاسلام السياسي يمر من خلال قناة الحلال والحرام المسيسة، وذلك بعيد كل البعد عن المنطق والصواب، واحالة الفكرة الى العقل السليم والحر، فمن الطبيعي سيكون شطب الاسلام السياسي وظيفيا هو امر اساس، وقضية ملحة لا يمكن التخلي عنها، والعقل يضع الدولة المدنية في نصابها الاساس وفوق الجميع، فهي المعنى الاجدر للعدالة، والذي يتفق تماما مع جوهر الاسلام الحنيف، وتلك الطبيعة الروحية الجديرة بالمعنى السلمي تماما .
لقد تجاوز الاسلام السياسي كل المسميات التاريخية التي سقف عليها ركن الدولة، ولم يجعل الدولة المدنية سوى ذلك الهامش البائس، وجعل سياسته الدينية هي المتن، الذي لابد أن تقف عنده جميع التطبيقات العضوية، لكن لا ننكر بأن هناك اعراف وشرايع تدعو بروح علمانية الى اكتسابها في التطبيق، وكما أن هناك مادة بشرية
مؤهلة للقبول والرفض، فالمسألة بطبيعتها المركبة ما بين العضوي والديني، فمن الطبيعي أن تنقسم المادة البشرية على نفسها، وذلك الانقسام يؤشر وجود تعارض مسميات، والعالم البشري ليس هو عالم المفاهيم، والدعوة الى المزج بينهما تتم عند الاسلام السياسي، لكن لا تتم عند القانون المدني، فحكم قطع يد السارق فيه القانون المدني يتصل مباشرة بجوهر الدين، لكن مظهر الاسلام السياسي يهتم بقطع اليد وعتبرا بأن النص فيصل وهو يحكم بذلك، لكن مضمون النص لا يجعل السماء بلا عدالة ولا رأفة ولا حكمة، بل الحكمة هي المعيار، فقطع اليد يعني المنع وليس كما يجهر الاسلام السياسي يقطع عضو اليد كاملا معارضا الحكمة الربانية من جهة، وما كرم به البشرية بيد للعمل وتناول الطعام في الافق العضوي، واما العبادة حسب الدين السياسي ستفقد احد اركانها، ولا يحاسب الدين السياسي نفسه على هذه الجريمة التي قام بها ضد معنى الشريعة وجوهره من جهة، ومن جهة اخرى ضد المعنى المدني والإنساني سوية، ومن جهة ثالثة وضعت احد افراد المجتمع في عوق عصيب، والغريب يلتقي الدين السياسي بإثم الحروب في قطع الاطراف بلا ادنى رحمة او شفقة .
شكلت الدولة المدنية طيلة تاريخها رسم جميع الامور بدقة متناهية، فهناك فرق دينية، وهناك ايضا ايديولوجيات، وهدفت الدولة المدنية الى جعل الجميع امامها من الادنى بالتساوي، فليس هناك تفاوت او تفاضل او تمييز ابدا، ومن الممكن أن يقوم بالتفاضل الفرق الدينية نفسها، او تسعى الايديولوجيات الى التمايز، لكن الدولة هي القيمة الفنية العليا، والتي من المستحيل أن تمس بسوء أي مذهب ديني او ايديولوجيا علمانية، والدولة هي الجهة التي تمكنت من جمع الدين والعلمانية على السواء دون ضرر او مثلبة، فيما الواقع لكل من العلمانية والدين السياسي يتعارض تماما، وهناك نسب من الاتهام تكال من الطرفين، فالإسلام السياسي يجد العلمانية تجذب البشرية الى الحد الذي تتجاوز سقف الاخلاق العامة، بل تزيح حتى ورقة التوت، فيما العلمانية ذاتها ايضا تتهم الاسلام السياسي بالتعامل بطريقة لا تليق بالمعنى الديني والحكمة التي يتصف بها، وهذا الصراع ما بين جهة عمياء واخرى بلا بصيرة، في وجه الصراحة التامة، تلك الخصومة التاريخية اضعفت القانون الديني داخل بنية الدولة، وكذلك جردت المعنى الاخلاقي للقانون من معناه وافرغته منه، وهنا صار القانون لا ينظر ابدا بمعنى انساني للعدالة، بل هي حق لابد أن يقوم ويأخذ به، ولذلك اصبح القانون بلا روح، وقد اختلط القانون بالظلم، والعدل بالخطيئة، وتخلى القانون في جميع دول العالم عن الحكمة، واصبح عصا غليظة جدا اسمها القانون، وقد قدم لنا في الرواية المهمة - البؤساء – احد الامثلة المهمة، فاللص الذي يمتلك روح انسانية قادته الظروف الى أن يكون ذلك المحافظ النبيل الشهم والعادل، وقبالته ذلك الشرطي الذي حولته الظروف ايضا من شرطي في السجن ذاته ليكون يعمل عند ذلك المحافظ، لكن في النهاية يدرك الشرطي بأن القانون الحقيقي ليس في صفه فينتحر، ونحن في قصدنا هذا نتوخى وجود دولة الله وليس دولة البشر، فكيف يكون بشر يحكم بشر اخر ربما يكون اكثر عدلا منه، ومن الطبيعي الدين السياسي والايديولوجيات تسعى لفرض قانونها، فالدين السياسي يضعك امام وجود النص القرآني الخارجي، وتكون مجبرا على التسليم والاستسلام، واما العلمانية السياسية تصرح لك بأنك امام قانون الدولة، فيما هي تدير دفة القانون حسبما تريد ويرضيها .
Log into Facebook
Log into Facebook to start sharing and connecting with your friends, family, and people you know.
www.facebook.com