ليس هناك ما هو أصعب من أن يعيش الإنسان مالا يشبهه،انه حملٌ ثقيل يشبه أن تنظر في المرآة فترى وجه شخص ٍ آخر لا تستطيع نزعه عن وجهك الذي تعرفه..
خانتني الكلمات مراراً،ولم تخلص لي إلا بعد أن بادلتها الخيانة مع الصمت،فاختبأ لساني داخل فمي كما اختبئت دموعي في عيني لسنوات،حتى أصبح اختبائنا من بعضنا مألوفاً كألفة أصابع المدخن لسيجارته..
فلم أخدع نفسي يوماً بالهروب إلى مدنٍ وتفاصيل ٍ أعرف سلفاً أنها لن تسعدني ولا تشبهني،كمن يخفي شرخاً في الجدار خلف لوحةٍ زاهية الألوان،لم أكن إلا أنا،مهما بدوت رتيباً،ربما كانت أحلامي فقط أن أكون في مكان ٍ يشعرني،وإن لم يفهم الناس وجه الشبه بيننا،ولم يروا مواطن الجمال فيه..
قرية،حارة،تلة،زقاقٌ ضيق يتسع لحلمٍ متعب عن وطنٍ ضائع أرقص فيه تحت المطر،لا آبه لسخافات العابرين وثرثرتهم،يشبهني وأشبهه،حجراً ينبض لأجلي،له ذراعان تعانقانني بحنان،تعرفني قبل أن تراني،تلمس بيديها الخشنتين المثقلتين بالأحزان وجهي..تسأل بحنوٍ..لم تأخرت؟..
أحب تلك الأشياء الصامتة التي تضج بالحياة،أحب سكوت الطرقات الصارخ،انها في دمي،انها أنا،تشبه ملامحي،تشبه لحظات حنيني في جوف الليل،تشبه الذكريات المحفورة على الأشجار،تشبه قصة حب ٍ مبتورة،ونافذةً تسهر على ضوءٍ خافت فيما النوم يغلف أجفان البشر،أنا مجنون،أفكر في وطنٍ فيما يتسابق الناس على تركه،لكنني لم أعرفه،لذا أبحث عنه،أبحث عن ذاتي فيه،أبحث عن لساني ودموعي ونظراتي وتنهداتي وابتساماتي وأغنياتي،أبحث عن رسوماتي الأولى وكلماتي الأولى وكذباتي الساذجة،أبحث عن قطارٍ يتجه من صدري إلى القدس إلى الزرقاء إلى صيدا إلى حلب،أبحث عن قلبي في البيوت التي تحن لأصحابها،والكلمات التي سقطت منهم ساعة رحيلهم،أبحث عنه في لهفةٍ تلاشت بعد انتظار ٍ طويل على مقعدٍ في حديقة ٍ عامة،أبحث عنه في ضبابٍ يطوق الفجر،وخطىً تمزق السكون،وشموعٍ ترقص في الظلام،وأحلامٍ تموت وحيدةً على شرفات الترقب،تهاب زحام النوافذ في الشوارع الخلفية،ونظرات الأبواب المغلقة إليها،وتستذكر قصص الأشباح تحت أضواء الشوارع الصفراء الخافتة،نحن لسنا سوى ما نحب ونخشى،سوى ما نفتقد ونخفي،نحن لسنا سوى مجموعة ٍمن التفاصيل،وتلك التفاصيل هي حقاً ما يشبهنا..
خالد جهاد..
خانتني الكلمات مراراً،ولم تخلص لي إلا بعد أن بادلتها الخيانة مع الصمت،فاختبأ لساني داخل فمي كما اختبئت دموعي في عيني لسنوات،حتى أصبح اختبائنا من بعضنا مألوفاً كألفة أصابع المدخن لسيجارته..
فلم أخدع نفسي يوماً بالهروب إلى مدنٍ وتفاصيل ٍ أعرف سلفاً أنها لن تسعدني ولا تشبهني،كمن يخفي شرخاً في الجدار خلف لوحةٍ زاهية الألوان،لم أكن إلا أنا،مهما بدوت رتيباً،ربما كانت أحلامي فقط أن أكون في مكان ٍ يشعرني،وإن لم يفهم الناس وجه الشبه بيننا،ولم يروا مواطن الجمال فيه..
قرية،حارة،تلة،زقاقٌ ضيق يتسع لحلمٍ متعب عن وطنٍ ضائع أرقص فيه تحت المطر،لا آبه لسخافات العابرين وثرثرتهم،يشبهني وأشبهه،حجراً ينبض لأجلي،له ذراعان تعانقانني بحنان،تعرفني قبل أن تراني،تلمس بيديها الخشنتين المثقلتين بالأحزان وجهي..تسأل بحنوٍ..لم تأخرت؟..
أحب تلك الأشياء الصامتة التي تضج بالحياة،أحب سكوت الطرقات الصارخ،انها في دمي،انها أنا،تشبه ملامحي،تشبه لحظات حنيني في جوف الليل،تشبه الذكريات المحفورة على الأشجار،تشبه قصة حب ٍ مبتورة،ونافذةً تسهر على ضوءٍ خافت فيما النوم يغلف أجفان البشر،أنا مجنون،أفكر في وطنٍ فيما يتسابق الناس على تركه،لكنني لم أعرفه،لذا أبحث عنه،أبحث عن ذاتي فيه،أبحث عن لساني ودموعي ونظراتي وتنهداتي وابتساماتي وأغنياتي،أبحث عن رسوماتي الأولى وكلماتي الأولى وكذباتي الساذجة،أبحث عن قطارٍ يتجه من صدري إلى القدس إلى الزرقاء إلى صيدا إلى حلب،أبحث عن قلبي في البيوت التي تحن لأصحابها،والكلمات التي سقطت منهم ساعة رحيلهم،أبحث عنه في لهفةٍ تلاشت بعد انتظار ٍ طويل على مقعدٍ في حديقة ٍ عامة،أبحث عنه في ضبابٍ يطوق الفجر،وخطىً تمزق السكون،وشموعٍ ترقص في الظلام،وأحلامٍ تموت وحيدةً على شرفات الترقب،تهاب زحام النوافذ في الشوارع الخلفية،ونظرات الأبواب المغلقة إليها،وتستذكر قصص الأشباح تحت أضواء الشوارع الصفراء الخافتة،نحن لسنا سوى ما نحب ونخشى،سوى ما نفتقد ونخفي،نحن لسنا سوى مجموعة ٍمن التفاصيل،وتلك التفاصيل هي حقاً ما يشبهنا..
خالد جهاد..