خيوط الإنطفاء هى الرواية الثالثة للكاتب السورى أيمن ماردينى ويسبقها روايتين الأولى سيرة الإنتهاك 2011 والثانية 2015 ، وقد صدرت عن دار رياض الريس عام 2020 فى 261 صفحة ، وتبدأ بخاتمة ثم خمسة عشر فصلا ثم خاتمة ثانية .
لابد أن يشعر قارئ الرواية فى البداية بالمعاناة والتشتت والتيه ، وذلك بسبب الشكل الروائى والتقنيات السردية الفائقة فى الرواية –كما سنرى- مثل تشظى الحدث والزمن وتداخل الشخصيات والضمائر وعدم وجود مرجع لها سوى السياق وغيرها من التقنيات السردية فى الرواية ، فهى رواية مختلفة فى البناء والأسلوب السردى والتقنى ، وعلى القارئ أن يتحلى بالصبر عند قراءتها حتى تلين له وبالقطع سيجنى متعة وجمالا وإشباعا فنيا منقطع النظير ، فرحلته فى القراءة لن تذهب سدىً بل ستكون رحلة بديعة محملة بهدايا الفن والجمال .
تتناول الرواية حكاية عائلة الساحر والتى تتكون من شخصيات رئيسية منها أيمن – يضاهى اسم الكاتب- وهوقبطان بشركة طيران عالمية ، أحب ابنة عمه نانو الطبيبة منذ أن كانوا أطفالا ، واستمر حبهما حتى نهاية الرواية رغم زواجها بآخر ، . والشخصية الثالثة سامى وهو شخصية عجائبية ولدته أمه بجناحين كان يطير بهما كان فى صحبة الطفولة مع أيمن ونانو ومحب لها أيضا وقد أحدث عجائبيات كثيرة على رأسها أجنحته والطيران ثم اختفائه أخيرا فى مقبرة النائمين ، والشخصية الرابعة هو الخال والد سامى المثقف ثقافة رفيعة وشاملة كان يُرى فى صحبة الكتب والموسيقى العربية والعالمية ومغرم بكتاب ألف ليلة وليلة والذى كان ملازما له وقام بدور الحاكى بحكايات متناسلة على غرار ألف ليلة وليلة وانتهى نهاية اسطورية باختفائه على بغلته أثناء جولاته الليلية ،أما الشخصيات الثانوية فكانت أبو أيمن وأمه وأخيها الشيخ ورقة (ملاحظة اسمه بالتراث وورقة بن نوفل) وإبنته ورد النيل شخصية عجائبية ولدت بأطرافها غصون شجر (دلالة الاسم بنبات ورد النيل الذى يعيش فى النيل وكذلك كان مصيرها ) .
تتناول الرواية قصة حب بين أيمن ابنة عمه نانو بدأت منذ طفولتهما ثم تفرقا بسفر أيمن لدراسة الطيران لمدة أربع سنوات ببريطانيا ، وأثناء ذلك درست نانو الطب ثم تزوجت من زميل لها ، إلا أن حبهما ظل متأججا حتى نهاية الرواية ، وهناك خيط آخر للرواية هى حكاية عائلة الساحر وكتابها كتاب النائمين والمفقود" اختفى كتاب النائمين الذى يزيد عمره على ألف عام وهو حسب عائلة الساحر كتاب مقدس كتب بين الأرض والسماء يحتوى من أسرارعائلتنا الكثير "ص13 و يسجل هذا الكتاب تاريخ عائلة الساحر ويحفظ أنسابها وأحداثها وأشخاصها ، وقد تشير عائلة الساحر إلى البشرية عامة (سلالة أدم) وقد تشير الى عائلة أهل الديانات السماوية وأنبيائها وقد تشير إلى الأمة الإسلامية ، فديدن الرواية -على ما سنرى - هو تداخل المعانى والشخصيات والأحداث ، أتفق مع الكاتبة وداد سلّوم فى مقالتها عن الرواية فرار من أسرار الأب بموقع الرواية حيث قالت " يعيدنا سر الكتاب إلى رواية أولاد حارتنا وسر الجد المحفوظ فى غرفة معتمة لا أحد يدخلها ولا يعرف ما فيها ، لكن ماردينى يفارق نجيب محفوظ الذى حافظ على التسلسل الزمنى للحدث فى روايته مكتفيا بالتورية ، بينما يأخذنا ماردينى إلى الواقعية السحرية شابكا فيها خطوط الرواية كما فى معجزة سامى فى امتلاكه جناحين وتحليقه أوضربه الماء لنفلق ويعبر مع أمه فى فرارهما من أسوار الاب المرتفعة والمحصنة والتى تحوى أبوابا سبعة " .
قامت الرواية بمحاكاة التاريخ الدينى للبشرية وبأنبيائها والتناص مع الأحداث والنصوص المقدسة وإدخالها ببناء الرواية منسوبة إلى عائلة الساحر ، على سبيل المثال كتاب النائمين كتاب عائلة الساحر المفقود يتناص مع كتب البشرية المقدسة والتى فقدت والتى لازالت موجودة منذ آدم والأنبياء نوح وإبراهيم ويوسف وموسى وعيسى ومحمد ( عليهم السلام ) ، رفض أبو أيمن وهو على فراش المرض أن يكتب وصية لعائلة الساحر يتناص مع قصة رفض النبى كتابة كتاب للمسلمين أثناء مرضه وقبل وفاته مكتفيا بكتاب الله وسنة رسوله ، اختفاء النور الذى كان على وجه أبى سامى قبل الدخول بزوجته ص86 يتناص مع قصة عبد الله أبى النبى واختفاء النور الذى كان على وجهه بعد البناء بزوجه السيدة آمنة أم النبى ، خيط العنكبوت وحمامتين عند بيت سامى 209 ص تناص مع قصة اختباء النبى وصاحبه ابى بكر فى غار ثور اثناء رحلة الهجرة من مكة الى يثرب ، فلق سامى للبحر ص159 تناص مع قصة النبى موسى عندما تبعه فرعون ففلق الله له البحر وعبر موسى وبنى اسرائيل وغرق فرعون وجنوده ، آخر كلمات سامى قبل النوم (الموت): إلهى إلهى لم أنمتنى ؟ تناص مع كلمة السيد المسيح المشهورة عند صلبه فى عقيدة المسيحيين إلهى إلهى لماذا تركتنى ؟! إيلى أيلى لما شبقتنى؟! ، وغيرها من عشرات الاحداث والنصوص المقدسة فى الكتب السماوية الثلاثة تم التناص معها ومحاكاتها مع عائلة الساحر .
هناك ثيمتان رئيسيتان فى الرواية الأولى ثيمة الطيران ، والثانية هى ثيمة الحكى وقد تجلت ثيمة الطيران فى الإهداء / نانو حبيبتى شكرا ../أنت أجنحتى ، كما تجلت فى مهنة الطيار لأيمن ، كما تجلت أيضا فى الشخصية العجائبية بالرواية سامى الذى ولد بجناحين صغيرين يمكنانه من الطيران ، كما تجلت ثيمة الحكى فى شخصية الخال عبر حكاياته المتناسلة والمتأثرة بحكايات ألف ليلة وليلة وهو الكتاب الأثير لديه .
هناك أجواء أسطورية كثيرة بالرواية مثل شخصية سامي وجناحيه الذى ولد بهما ويطير فى أجواء الفضاء كما سبق ،وأمه التى حملت به أربع سنوات واكتسب بعد حملها صفات أسطورية والشيخ مبروك الذى ذهبت إليه أم سامى مع زوجها ، وورد النيل التى تنمو بأطرافها فروع شجر وغيرها من عجائب وردت بالرواية .
حفلت الرواية بتقنيات سردية فائقة على رأسها تقنية التشظى والإسترجاع والقطع والتى أضفت على الرواية حداثة وتشويقا بالإضافة إلى نوع من الغموض وعدم اليقين فأبعدت الرواية عن الرتابة والملل ، كذلك استخدت الرواية بكثرة تقنية التناص مع النصوص المقدسة والأحداث التاريخية المشهورة وذلك مناسب لموضوع الرواية ، كما حفلت الرواية بتعدد الأصوات ، فشاركت كل شخصية رئيسية بصوتها وأكملت دور الراوى الرئيسى أيمن فى الرواية فكانت أكثر تشويقا وجاذبية وأبعدت الصوت الواحد المسبب أحيانا للرتابة ، استخدمت الرواية أسلوبا جديدا وهو قطع السرد فى عدة مواضع بكلمة قول أو قلت يعقبها فقرة حِكمية أو تعليقية من السارد مثل ص16وغيرها .
أما اللغة فكانت الفصحى البسيطة السلسة فى الوصف والسرد والحوار ولم تستخدم العامية إلا فى موضع واحد وهو أثناء وجود أيمن ونانو فى أحد المقاهى واستخدم النادل عبارة " أيوة جاى " فكانت موفقة ومناسبة للشخصية وبها ملاحة العامية فى السرد ، وقد وصلت اللغة فى بعض المواضغ الى لغة شعرية مثلا "تهاجمنى( نانو) بأنوثتها المفعمة ،المضمخة بكل أسلحة أتقنت إبرازها فى وجهى ، وأضعف أنا أمامها ،أنتشى لرؤيتها ،أحن لأصبح أمامها كما تشاء ويشاء الهوى، ويشاء الجنون وتشاء الذكرى فى أن تحيا،لا تريد لها أن تنقضى " ص20 ، وفى موضع آخر " كنا فى مقتبل العمر فى عمر الصبا ، وأزرار الورد على وشك التفتح ، إلا أننا كنا لا نحيا لم نعش وقتنا وفتوتنا خوفا من الحياة وأسرارها وما تخبئه لنا ، والآن ، فى الباقى من العمر أيضا لا نحيا لكن خوفا من الموت هذه المرة "ص26
بدا عنوان الرواية ملغزا بعض الشئ ولعل كلمة الانطفاء تشير إلى الانتهاء أو الموت وهو ما نصت عليه الفقرة الإخيرة بالرواية " وقالوا هو(سامى) راقد هناك فى مقبرة الإطفال النائمين التى تمتد من أول التاريخ إلى آخر خيط للإنطفاء ، انطفاء الحياة ، هكذا دون فى كتاب النائمين " ، أما الإهداء فكان الى نانو حبيبتى شكرا../ أنت أجنحتى ، ثم يعقبها نص شعرى عن عشتار الإلهة المقدسة " أنا البغى ، وأنا القديسة / أنا الزوجة وأنا العذراء / أنا الأم وأنا الابنة ..." وهذا التجاور بين نانو وعشتار كأهداء وتقديم يقطع بأن بينهما صفات مشتركة أو هما وجهان لكائن واحد وربما يشيران الى حواء أو الحياة بتناقضاتها وحيرتنا أمامها .
كما جاء ت الآية الكريمة " نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا إليك" بتقديم الرواية ولعلها تشير إلى عماد الرواية وهو الحكي أوالقص من آدم وحواء حتى اليوم ، وقد ختم الراوى روايته قبل الخاتم الثانية بكلمات أراها من أروع ما قرأت فى تزيد أصحاب الديانات فى دياناتهم .
قول : كما كتبة الأناجيل قالوا مالم يقله عيسى المسيح
ومفسرو القرآن أتوا بما لم ياتِ على ذكره الله فى كتابه الحكيم
كل هذا القول لم يقله سامى
وهذه الافعال لم يأت بها سامى
وما هو إلا شبه لهم
ماهو إلا الإنطفاء وخيوطه
ماهى إلا آخر أمل يتعلقون به أمام مقبرة الأطفال النائمين
كانت رواية خيوط الإنطفاء رواية حديثة بامتياز ومختلفة فى البناء والسرد وبرعت فى استخدام تقنيات سردية فائقة أضفت عليها الحداثة والمتعة والتشويق والجمال .
لابد أن يشعر قارئ الرواية فى البداية بالمعاناة والتشتت والتيه ، وذلك بسبب الشكل الروائى والتقنيات السردية الفائقة فى الرواية –كما سنرى- مثل تشظى الحدث والزمن وتداخل الشخصيات والضمائر وعدم وجود مرجع لها سوى السياق وغيرها من التقنيات السردية فى الرواية ، فهى رواية مختلفة فى البناء والأسلوب السردى والتقنى ، وعلى القارئ أن يتحلى بالصبر عند قراءتها حتى تلين له وبالقطع سيجنى متعة وجمالا وإشباعا فنيا منقطع النظير ، فرحلته فى القراءة لن تذهب سدىً بل ستكون رحلة بديعة محملة بهدايا الفن والجمال .
تتناول الرواية حكاية عائلة الساحر والتى تتكون من شخصيات رئيسية منها أيمن – يضاهى اسم الكاتب- وهوقبطان بشركة طيران عالمية ، أحب ابنة عمه نانو الطبيبة منذ أن كانوا أطفالا ، واستمر حبهما حتى نهاية الرواية رغم زواجها بآخر ، . والشخصية الثالثة سامى وهو شخصية عجائبية ولدته أمه بجناحين كان يطير بهما كان فى صحبة الطفولة مع أيمن ونانو ومحب لها أيضا وقد أحدث عجائبيات كثيرة على رأسها أجنحته والطيران ثم اختفائه أخيرا فى مقبرة النائمين ، والشخصية الرابعة هو الخال والد سامى المثقف ثقافة رفيعة وشاملة كان يُرى فى صحبة الكتب والموسيقى العربية والعالمية ومغرم بكتاب ألف ليلة وليلة والذى كان ملازما له وقام بدور الحاكى بحكايات متناسلة على غرار ألف ليلة وليلة وانتهى نهاية اسطورية باختفائه على بغلته أثناء جولاته الليلية ،أما الشخصيات الثانوية فكانت أبو أيمن وأمه وأخيها الشيخ ورقة (ملاحظة اسمه بالتراث وورقة بن نوفل) وإبنته ورد النيل شخصية عجائبية ولدت بأطرافها غصون شجر (دلالة الاسم بنبات ورد النيل الذى يعيش فى النيل وكذلك كان مصيرها ) .
تتناول الرواية قصة حب بين أيمن ابنة عمه نانو بدأت منذ طفولتهما ثم تفرقا بسفر أيمن لدراسة الطيران لمدة أربع سنوات ببريطانيا ، وأثناء ذلك درست نانو الطب ثم تزوجت من زميل لها ، إلا أن حبهما ظل متأججا حتى نهاية الرواية ، وهناك خيط آخر للرواية هى حكاية عائلة الساحر وكتابها كتاب النائمين والمفقود" اختفى كتاب النائمين الذى يزيد عمره على ألف عام وهو حسب عائلة الساحر كتاب مقدس كتب بين الأرض والسماء يحتوى من أسرارعائلتنا الكثير "ص13 و يسجل هذا الكتاب تاريخ عائلة الساحر ويحفظ أنسابها وأحداثها وأشخاصها ، وقد تشير عائلة الساحر إلى البشرية عامة (سلالة أدم) وقد تشير الى عائلة أهل الديانات السماوية وأنبيائها وقد تشير إلى الأمة الإسلامية ، فديدن الرواية -على ما سنرى - هو تداخل المعانى والشخصيات والأحداث ، أتفق مع الكاتبة وداد سلّوم فى مقالتها عن الرواية فرار من أسرار الأب بموقع الرواية حيث قالت " يعيدنا سر الكتاب إلى رواية أولاد حارتنا وسر الجد المحفوظ فى غرفة معتمة لا أحد يدخلها ولا يعرف ما فيها ، لكن ماردينى يفارق نجيب محفوظ الذى حافظ على التسلسل الزمنى للحدث فى روايته مكتفيا بالتورية ، بينما يأخذنا ماردينى إلى الواقعية السحرية شابكا فيها خطوط الرواية كما فى معجزة سامى فى امتلاكه جناحين وتحليقه أوضربه الماء لنفلق ويعبر مع أمه فى فرارهما من أسوار الاب المرتفعة والمحصنة والتى تحوى أبوابا سبعة " .
قامت الرواية بمحاكاة التاريخ الدينى للبشرية وبأنبيائها والتناص مع الأحداث والنصوص المقدسة وإدخالها ببناء الرواية منسوبة إلى عائلة الساحر ، على سبيل المثال كتاب النائمين كتاب عائلة الساحر المفقود يتناص مع كتب البشرية المقدسة والتى فقدت والتى لازالت موجودة منذ آدم والأنبياء نوح وإبراهيم ويوسف وموسى وعيسى ومحمد ( عليهم السلام ) ، رفض أبو أيمن وهو على فراش المرض أن يكتب وصية لعائلة الساحر يتناص مع قصة رفض النبى كتابة كتاب للمسلمين أثناء مرضه وقبل وفاته مكتفيا بكتاب الله وسنة رسوله ، اختفاء النور الذى كان على وجه أبى سامى قبل الدخول بزوجته ص86 يتناص مع قصة عبد الله أبى النبى واختفاء النور الذى كان على وجهه بعد البناء بزوجه السيدة آمنة أم النبى ، خيط العنكبوت وحمامتين عند بيت سامى 209 ص تناص مع قصة اختباء النبى وصاحبه ابى بكر فى غار ثور اثناء رحلة الهجرة من مكة الى يثرب ، فلق سامى للبحر ص159 تناص مع قصة النبى موسى عندما تبعه فرعون ففلق الله له البحر وعبر موسى وبنى اسرائيل وغرق فرعون وجنوده ، آخر كلمات سامى قبل النوم (الموت): إلهى إلهى لم أنمتنى ؟ تناص مع كلمة السيد المسيح المشهورة عند صلبه فى عقيدة المسيحيين إلهى إلهى لماذا تركتنى ؟! إيلى أيلى لما شبقتنى؟! ، وغيرها من عشرات الاحداث والنصوص المقدسة فى الكتب السماوية الثلاثة تم التناص معها ومحاكاتها مع عائلة الساحر .
هناك ثيمتان رئيسيتان فى الرواية الأولى ثيمة الطيران ، والثانية هى ثيمة الحكى وقد تجلت ثيمة الطيران فى الإهداء / نانو حبيبتى شكرا ../أنت أجنحتى ، كما تجلت فى مهنة الطيار لأيمن ، كما تجلت أيضا فى الشخصية العجائبية بالرواية سامى الذى ولد بجناحين صغيرين يمكنانه من الطيران ، كما تجلت ثيمة الحكى فى شخصية الخال عبر حكاياته المتناسلة والمتأثرة بحكايات ألف ليلة وليلة وهو الكتاب الأثير لديه .
هناك أجواء أسطورية كثيرة بالرواية مثل شخصية سامي وجناحيه الذى ولد بهما ويطير فى أجواء الفضاء كما سبق ،وأمه التى حملت به أربع سنوات واكتسب بعد حملها صفات أسطورية والشيخ مبروك الذى ذهبت إليه أم سامى مع زوجها ، وورد النيل التى تنمو بأطرافها فروع شجر وغيرها من عجائب وردت بالرواية .
حفلت الرواية بتقنيات سردية فائقة على رأسها تقنية التشظى والإسترجاع والقطع والتى أضفت على الرواية حداثة وتشويقا بالإضافة إلى نوع من الغموض وعدم اليقين فأبعدت الرواية عن الرتابة والملل ، كذلك استخدت الرواية بكثرة تقنية التناص مع النصوص المقدسة والأحداث التاريخية المشهورة وذلك مناسب لموضوع الرواية ، كما حفلت الرواية بتعدد الأصوات ، فشاركت كل شخصية رئيسية بصوتها وأكملت دور الراوى الرئيسى أيمن فى الرواية فكانت أكثر تشويقا وجاذبية وأبعدت الصوت الواحد المسبب أحيانا للرتابة ، استخدمت الرواية أسلوبا جديدا وهو قطع السرد فى عدة مواضع بكلمة قول أو قلت يعقبها فقرة حِكمية أو تعليقية من السارد مثل ص16وغيرها .
أما اللغة فكانت الفصحى البسيطة السلسة فى الوصف والسرد والحوار ولم تستخدم العامية إلا فى موضع واحد وهو أثناء وجود أيمن ونانو فى أحد المقاهى واستخدم النادل عبارة " أيوة جاى " فكانت موفقة ومناسبة للشخصية وبها ملاحة العامية فى السرد ، وقد وصلت اللغة فى بعض المواضغ الى لغة شعرية مثلا "تهاجمنى( نانو) بأنوثتها المفعمة ،المضمخة بكل أسلحة أتقنت إبرازها فى وجهى ، وأضعف أنا أمامها ،أنتشى لرؤيتها ،أحن لأصبح أمامها كما تشاء ويشاء الهوى، ويشاء الجنون وتشاء الذكرى فى أن تحيا،لا تريد لها أن تنقضى " ص20 ، وفى موضع آخر " كنا فى مقتبل العمر فى عمر الصبا ، وأزرار الورد على وشك التفتح ، إلا أننا كنا لا نحيا لم نعش وقتنا وفتوتنا خوفا من الحياة وأسرارها وما تخبئه لنا ، والآن ، فى الباقى من العمر أيضا لا نحيا لكن خوفا من الموت هذه المرة "ص26
بدا عنوان الرواية ملغزا بعض الشئ ولعل كلمة الانطفاء تشير إلى الانتهاء أو الموت وهو ما نصت عليه الفقرة الإخيرة بالرواية " وقالوا هو(سامى) راقد هناك فى مقبرة الإطفال النائمين التى تمتد من أول التاريخ إلى آخر خيط للإنطفاء ، انطفاء الحياة ، هكذا دون فى كتاب النائمين " ، أما الإهداء فكان الى نانو حبيبتى شكرا../ أنت أجنحتى ، ثم يعقبها نص شعرى عن عشتار الإلهة المقدسة " أنا البغى ، وأنا القديسة / أنا الزوجة وأنا العذراء / أنا الأم وأنا الابنة ..." وهذا التجاور بين نانو وعشتار كأهداء وتقديم يقطع بأن بينهما صفات مشتركة أو هما وجهان لكائن واحد وربما يشيران الى حواء أو الحياة بتناقضاتها وحيرتنا أمامها .
كما جاء ت الآية الكريمة " نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا إليك" بتقديم الرواية ولعلها تشير إلى عماد الرواية وهو الحكي أوالقص من آدم وحواء حتى اليوم ، وقد ختم الراوى روايته قبل الخاتم الثانية بكلمات أراها من أروع ما قرأت فى تزيد أصحاب الديانات فى دياناتهم .
قول : كما كتبة الأناجيل قالوا مالم يقله عيسى المسيح
ومفسرو القرآن أتوا بما لم ياتِ على ذكره الله فى كتابه الحكيم
كل هذا القول لم يقله سامى
وهذه الافعال لم يأت بها سامى
وما هو إلا شبه لهم
ماهو إلا الإنطفاء وخيوطه
ماهى إلا آخر أمل يتعلقون به أمام مقبرة الأطفال النائمين
كانت رواية خيوط الإنطفاء رواية حديثة بامتياز ومختلفة فى البناء والسرد وبرعت فى استخدام تقنيات سردية فائقة أضفت عليها الحداثة والمتعة والتشويق والجمال .