في إحدى ايام نوفمبر الباردة ، و في تلك الليلة المتشحة بالحزن ، و الغارقة بالظلام الدامس ، كنتُ أتلمسُ صندوقَ رسائلكِ على ضوء شمعة مرتجف ، مازالت رسائلكِ مبتلة بالدمع و مازالت حروفُكِ هي الاخرى يقطرُ منها الخوف .
رسائلكِ أمامي يا ماريز و الذكريات بدأت تنهالُ عليَّ كغيوم سود ، كانَ اللقاءُ الأول على قارعة الطريق ، نظرات متبادلة توحي بالإعجاب و الاحترام ، بعدها كان الكلام ، كنتِ اكثر شجاعة منّي ، فبادرتِ بالسلام ، وصلني صوتكِ أجمل من زقزقة العصافير ، ذكرتِ اسمي فكان يسيلُ كالعسل بين شفتيكِ ، حاولتُ أن يكون ردي مثل بهاء صوتكِ ، الا أنّ الكلمات تعثرت على لساني ، و انفلتت عبارة خجولة :
ـ ( صباح الخير يا ماريز ) .
أشعرُ بالخجل منكِ و أنا أقلبُ رسائلكِ الأن ، و لابدّ من مصارحتكِ في هذه اللحظة حول مراقبتي لكِ و أنتِ تنشرين الملابسَ على حبل الغسيل ، و ثوبُكِ البنفسجي القصير يكشفُ عن مفاتن جسدكِ ، و مع كل حركة منكِ .. كنتِ تنشرين مشاعري و أحاسيسي بأنغامٍ عجزت المرسيقى عن لحنها ، و لم اعرف أنّ أمي كانت تراقبني ، و عندما نزلتُ من سطح الدار ، صاحت بي دون مقدمات :
- أما تخجل يا آيميش مما تفعله ؟
شعرتُ بالندم و من يومها لم اصعد الى سطح الدار ، قمتُ بعدها بكتابة رسالة لكِ ضمنتها مشاعري تجاهكِ ، و أقسمتُ لكِ أن أكون وفيّا إذا كنت تحبينني .
بعد يومٍ وصلت رسالتكِ بالموافقة ، شعرتُ بأنّ الحياة انقلبت الى رقصة طفولية رائعة ، تحولت الدنيا الى لحنٍ حافلٍ بالأفراح و المسرات ، و عاهدتُ نفسي على النجاح ، و تخرجنا معاً بعد كفاح و صبر ، و التقينا يا ماريز ، كنّا خائفيْن من مراقبة الآخرين لنا ، و لكي نحيم الأمر كنتِ شجاعة و كنتُ شجاعاً و أتخذنا قراراً في منتهىٰ الصواب ، و قررتُ مفاتحة أمي بالأمر و هذا ما حصل يا اميرتي ففي ساعة متأخرة من الليل جلستُ مع أمي ، عرضتُ عليها ما اتفقنا عليه ، الفرحُ الذي ارتسمَ على ملامحها شجعني على المواصلة ، و عند الانتهاء سمعتها تقول بصوت الأم الرؤوم :
- مبارك لك الاختيار يا ولدي أيميش .
هكذا توّجت الفرحةُ في اليوم التالي ، و زيارة أمي لكم و عند عودتها فرحة ، اصبح قلبي وقتها وطناً ببراءة الاطفال و أحلام الصبايا ، رحماً خصبا لكل الامنيات الجميلة ، انا الخجول بطبعي انقلبتُ الى طائرٍ أحلقُ فوق مرافئ السعادة و الغبطة و الحبور .
كان كل شيء يسير على ما يرام تمت الموافقة و حصلَ اللقاء ، و في يوم زفافنا رقصنا رقصتنا المفضلة ( السلو ) على أنغام الفنان ( عمرو دياب ) و في غفلة من نظرات الجميع طبعت على شفتيكِ قبلة الوفاء ، لم تكن قبلة عابرة يا ماريز كانت التقاء الحلم بالحلم و خلاصة الامنيات التي كانت تختمر في صدري ، و تحقق الهدف الذي كنت اسعى اليه ، بعد أنتظارٍ طويل .
لكنني ما كنت احسب ان القدر يتربص بنا بعد ان انحرفت بوصلة الزمن الغادر نحونا ، و انقلبت الامور ، دخلت عناصر تنظيم ( داعش ) الىٰ مدينتنا ( كوجو ) في قضاء سنجار و فعلوا ما لم يفعله الشيطان ، تسارعت الاحداث و خرج من المجهول مالم يكن في الحسبان ، كانت بندقية أحد عناصر التنظيم تطلق رصاصها الغادر بأيادي من جبلت رؤوسهم على الغدر ، كان هجوماً لا يعرف سوىٰ الحقد و الضغينة على كل ما هو جميل ، كانت الرصاصة التي استقرت في رأسكِ محشوة بالخسة و النذالة و التخلف .
في تلك اللحظة التي وقع نظري عليكِ لم أتذكر ما حدث سوىٰ انني راقد على فراش المرض بعد اغماء استمر طويلاً ، و أنت رحلتِ الى العالم الآخر .
خمس سنوات مرّت على تلك الليلة الطافية على بحر الخوف و الألم ، و مع طيلة الفترة لا أحمل سوىٰ فجيعتي ، و هذه الرسائل التي أفتحها كل ليلة فهي تعزيتي الوحيدة .
خمس سنوات ، و ما زلتُ وفيّا لكِ أيتها الحبيبة الرائعة الجميلة .
وداعاً أيتها السنبلة المليئة بالوفاء في زمن التصحر و الجفاف .
رسائلكِ أمامي يا ماريز و الذكريات بدأت تنهالُ عليَّ كغيوم سود ، كانَ اللقاءُ الأول على قارعة الطريق ، نظرات متبادلة توحي بالإعجاب و الاحترام ، بعدها كان الكلام ، كنتِ اكثر شجاعة منّي ، فبادرتِ بالسلام ، وصلني صوتكِ أجمل من زقزقة العصافير ، ذكرتِ اسمي فكان يسيلُ كالعسل بين شفتيكِ ، حاولتُ أن يكون ردي مثل بهاء صوتكِ ، الا أنّ الكلمات تعثرت على لساني ، و انفلتت عبارة خجولة :
ـ ( صباح الخير يا ماريز ) .
أشعرُ بالخجل منكِ و أنا أقلبُ رسائلكِ الأن ، و لابدّ من مصارحتكِ في هذه اللحظة حول مراقبتي لكِ و أنتِ تنشرين الملابسَ على حبل الغسيل ، و ثوبُكِ البنفسجي القصير يكشفُ عن مفاتن جسدكِ ، و مع كل حركة منكِ .. كنتِ تنشرين مشاعري و أحاسيسي بأنغامٍ عجزت المرسيقى عن لحنها ، و لم اعرف أنّ أمي كانت تراقبني ، و عندما نزلتُ من سطح الدار ، صاحت بي دون مقدمات :
- أما تخجل يا آيميش مما تفعله ؟
شعرتُ بالندم و من يومها لم اصعد الى سطح الدار ، قمتُ بعدها بكتابة رسالة لكِ ضمنتها مشاعري تجاهكِ ، و أقسمتُ لكِ أن أكون وفيّا إذا كنت تحبينني .
بعد يومٍ وصلت رسالتكِ بالموافقة ، شعرتُ بأنّ الحياة انقلبت الى رقصة طفولية رائعة ، تحولت الدنيا الى لحنٍ حافلٍ بالأفراح و المسرات ، و عاهدتُ نفسي على النجاح ، و تخرجنا معاً بعد كفاح و صبر ، و التقينا يا ماريز ، كنّا خائفيْن من مراقبة الآخرين لنا ، و لكي نحيم الأمر كنتِ شجاعة و كنتُ شجاعاً و أتخذنا قراراً في منتهىٰ الصواب ، و قررتُ مفاتحة أمي بالأمر و هذا ما حصل يا اميرتي ففي ساعة متأخرة من الليل جلستُ مع أمي ، عرضتُ عليها ما اتفقنا عليه ، الفرحُ الذي ارتسمَ على ملامحها شجعني على المواصلة ، و عند الانتهاء سمعتها تقول بصوت الأم الرؤوم :
- مبارك لك الاختيار يا ولدي أيميش .
هكذا توّجت الفرحةُ في اليوم التالي ، و زيارة أمي لكم و عند عودتها فرحة ، اصبح قلبي وقتها وطناً ببراءة الاطفال و أحلام الصبايا ، رحماً خصبا لكل الامنيات الجميلة ، انا الخجول بطبعي انقلبتُ الى طائرٍ أحلقُ فوق مرافئ السعادة و الغبطة و الحبور .
كان كل شيء يسير على ما يرام تمت الموافقة و حصلَ اللقاء ، و في يوم زفافنا رقصنا رقصتنا المفضلة ( السلو ) على أنغام الفنان ( عمرو دياب ) و في غفلة من نظرات الجميع طبعت على شفتيكِ قبلة الوفاء ، لم تكن قبلة عابرة يا ماريز كانت التقاء الحلم بالحلم و خلاصة الامنيات التي كانت تختمر في صدري ، و تحقق الهدف الذي كنت اسعى اليه ، بعد أنتظارٍ طويل .
لكنني ما كنت احسب ان القدر يتربص بنا بعد ان انحرفت بوصلة الزمن الغادر نحونا ، و انقلبت الامور ، دخلت عناصر تنظيم ( داعش ) الىٰ مدينتنا ( كوجو ) في قضاء سنجار و فعلوا ما لم يفعله الشيطان ، تسارعت الاحداث و خرج من المجهول مالم يكن في الحسبان ، كانت بندقية أحد عناصر التنظيم تطلق رصاصها الغادر بأيادي من جبلت رؤوسهم على الغدر ، كان هجوماً لا يعرف سوىٰ الحقد و الضغينة على كل ما هو جميل ، كانت الرصاصة التي استقرت في رأسكِ محشوة بالخسة و النذالة و التخلف .
في تلك اللحظة التي وقع نظري عليكِ لم أتذكر ما حدث سوىٰ انني راقد على فراش المرض بعد اغماء استمر طويلاً ، و أنت رحلتِ الى العالم الآخر .
خمس سنوات مرّت على تلك الليلة الطافية على بحر الخوف و الألم ، و مع طيلة الفترة لا أحمل سوىٰ فجيعتي ، و هذه الرسائل التي أفتحها كل ليلة فهي تعزيتي الوحيدة .
خمس سنوات ، و ما زلتُ وفيّا لكِ أيتها الحبيبة الرائعة الجميلة .
وداعاً أيتها السنبلة المليئة بالوفاء في زمن التصحر و الجفاف .