لا أعرف بالضبط متى ترجمت أول رواية للكاتب التشيكي المنشق (ميلان كونديرا) الى اللغة العربية، ولكني اعرف انني سمعت باسمه اول مرة، وانا في ألمانيا في العام 8891، من طالبة فلسطينية الأب، ألمانية الأم، هي عبير بشناق. وقد تعرفت اليها في جامعة (بامبرغ) حيث ذهبت لأدرس فيها. وقد اخبرتني، وأنا أسألها عن الكتاب الذي تقرأ فيه، أنه لكاتب تشيكي يقيم الآن في باريس، بعد ان غادر وطنه هرباً من النظام الشيوعي، وأنه الأكثر رواجاً في فرنسا وألمانيا، وعرفت ايضاً ان باريس احتفلت بالكاتب واحتضنته.
ولم اشتر اية رواية بالألمانية لكونديرا، اذ انها ليست اللغة الأصلية التي يكتب فيها، عدا ان معرفتي بالألمانية لا تشعرني بالمتعة وأنا أقرأ الروايات فيها، وقد آثرت ان اقرأه بالعربية، وهذا ما تم. فمنذ عودتي من ألمانيا، في العام 1991، اقتنيت ما تيسر من اعماله المنقولة الى العربية، واقر انني قرأتها بمتعة. قرأت له "الخلود" و "البط" و "كائن لا تحتمل خفته" و"كتاب الضحك والنسيان" ومؤخراً "الجهل". وما زالت رواياته "المحاورة" و "المزحة" و"فالس الوداع" تنتظر ان اقرأها، فقد اقتنيتها مؤخراً.
وحين فرغت من قراءة "الجهل"، وهي قصة طويلة، صدرت طبعتها العربية الأولى في العام )2000( والثانية في العام )2007( عن منشورات "ورد" في الشام، آثرت السؤال التالي: لماذا لم يمنح (ميلان كونديرا) جائزة نوبل للآداب، وهو المعروف والمقروء جيداً منذ العام 1987، وهو المترجم الى العديد من اللغات؟ وكيف منحت نوبل لكاتب تركي، هذا العام، هو (باموت)، وهو اقل شهرة من (كونديرا)؟.
وكنت، وأنا اتابع اخبار نوبل، عرفت ان (كونديرا) كان مرشحاً للحصول على الجائزة، وكنت أيضاً عرفت السبب الذي من اجله لم يحصل عليها. عرفت مثلاً ان افكاره تتكرر في الرواية، وانه لا يجدد فيها، وانما ينوع في صياغتها. وحين عرفت هذا لم اكن قرأت رواياته كلها، لأقتنع بما ذهب اليه اصحاب الرأي. وهكذا لم اؤيد ما ذهبوا اليه ولم اعارضه، بخاصة أنني ايضاً لم أقرأ عن (باموت)، فقد قرأت لأدباء اتراك غيره، من عزيز نيسين، الى تحسين يوجل، وقبل هذين قرأت لناظم حكمت.
وأنا اقرأ رواية "الجهل" لكونديرا فطنت الى نقطة مهمة ربما هي، التي حالت دون منحه الجائزة. ولأوضح. يكثر (كونديرا) في رواياته من نقد الشيوعية، ويكون نقده لها لاذعاً. وكان يفترض ان يمنح الجائزة لهذا، فقد منحت، من قبل، لمنشقين سوفييت، ذهب ملمون بأدبهم انهم ما كانوا يستحقون الجائزة لولا مهاجمتهم الشيوعية. إذاً لماذا لم تمنح الجائزة لـ (كونديرا) الذي سار على خطاهم؟.
كما ذكرت بدأ (كونديرا) ينشر أعماله في الثمانينيات من القرن العشرين، وبدأ صيته يذيع مع نهاية الثمانينيات، يوم بدأ نجم الاتحاد السوفييتي يأفل، وانهار فجأة، وما عادت الامبريالية بحاجة الى من يهاجم الشيوعية. وربما ما عادت كتابات (كونديرا) ذات جدوى للامبريالية. ألهذا لم يحصل على نوبل؟ ربما. هذا مجرد اجتهاد على أية حال.
وأنا أقرأ رواية "الجهل"، وهي على الأصح قصة طويلة، أخذت أقارن بين كتابات كتابنا وبين ما ورد فيها. لن اذهب بالتأكيد الى ان كتابنا يقلدون. لا لن اذهب هذا المذهب، فبعضهم انجز نصوصه قبل العام 0002، وبعضهم انجزها بعده ما الذي دفعني الى هذه المقارنة؟ تشابه التجربة بالتأكيد.
يكتب (كونديرا) في روايته عن تشيك تركوا بلادهم هرباً من الحكم الشيوعي، وعاشوا في فرنسا والدنمرك عشرين عاماً او يزيد قليلاً، وعادوا اليها بعد سقوط النظام الشيوعي فيها، وهكذا اخذوا يقارنون بين ما كانت عليه بلادهم، وعاصمتهم (براغ)، وما غدت عليه، وسيأتي (كونديرا) على ما تقوم به الرأسمالية وما تجريه من تغييرات على المكان. ثمة وحش اسمه الرأسمالية. ثمة غول يغير طبيعة المكان وجغرافيته.
وربما تذكر المرأ منا كتاب محمود شقير "ظل آخر للمدينة" حيث يكتب فيه عن القدس التي تركها مجبراً، حيث ابعد، وغاب عنها من عشرين عاماً تقريباً، ولاحظ التغيرات على المكان، وأتى على علاقته بالناس. وربما تذكر المرء ايضاً كتاب مريد البرغوثي "رأيت رام الله" وكتاب فاروق وادي "منازل القلب". غير انني اعتقد ان اقرب كتابة لكتابة (كونديرا) هي ديوان محمود درويش "لا تعتذر عما فعلت" وبعض قصائد كزهر اللوز ... أو أبعد. مرة كتبت مقالة عنوانها تشابه التجربة ... تشابه الكتابة. و (كونديرا) قارن بين تجربة التشيكي العائد وتجربة (عويس) في الأسطورة. وكم تتشابه التجارب!!.
عادل الأسطة
2007-05-20
ولم اشتر اية رواية بالألمانية لكونديرا، اذ انها ليست اللغة الأصلية التي يكتب فيها، عدا ان معرفتي بالألمانية لا تشعرني بالمتعة وأنا أقرأ الروايات فيها، وقد آثرت ان اقرأه بالعربية، وهذا ما تم. فمنذ عودتي من ألمانيا، في العام 1991، اقتنيت ما تيسر من اعماله المنقولة الى العربية، واقر انني قرأتها بمتعة. قرأت له "الخلود" و "البط" و "كائن لا تحتمل خفته" و"كتاب الضحك والنسيان" ومؤخراً "الجهل". وما زالت رواياته "المحاورة" و "المزحة" و"فالس الوداع" تنتظر ان اقرأها، فقد اقتنيتها مؤخراً.
وحين فرغت من قراءة "الجهل"، وهي قصة طويلة، صدرت طبعتها العربية الأولى في العام )2000( والثانية في العام )2007( عن منشورات "ورد" في الشام، آثرت السؤال التالي: لماذا لم يمنح (ميلان كونديرا) جائزة نوبل للآداب، وهو المعروف والمقروء جيداً منذ العام 1987، وهو المترجم الى العديد من اللغات؟ وكيف منحت نوبل لكاتب تركي، هذا العام، هو (باموت)، وهو اقل شهرة من (كونديرا)؟.
وكنت، وأنا اتابع اخبار نوبل، عرفت ان (كونديرا) كان مرشحاً للحصول على الجائزة، وكنت أيضاً عرفت السبب الذي من اجله لم يحصل عليها. عرفت مثلاً ان افكاره تتكرر في الرواية، وانه لا يجدد فيها، وانما ينوع في صياغتها. وحين عرفت هذا لم اكن قرأت رواياته كلها، لأقتنع بما ذهب اليه اصحاب الرأي. وهكذا لم اؤيد ما ذهبوا اليه ولم اعارضه، بخاصة أنني ايضاً لم أقرأ عن (باموت)، فقد قرأت لأدباء اتراك غيره، من عزيز نيسين، الى تحسين يوجل، وقبل هذين قرأت لناظم حكمت.
وأنا اقرأ رواية "الجهل" لكونديرا فطنت الى نقطة مهمة ربما هي، التي حالت دون منحه الجائزة. ولأوضح. يكثر (كونديرا) في رواياته من نقد الشيوعية، ويكون نقده لها لاذعاً. وكان يفترض ان يمنح الجائزة لهذا، فقد منحت، من قبل، لمنشقين سوفييت، ذهب ملمون بأدبهم انهم ما كانوا يستحقون الجائزة لولا مهاجمتهم الشيوعية. إذاً لماذا لم تمنح الجائزة لـ (كونديرا) الذي سار على خطاهم؟.
كما ذكرت بدأ (كونديرا) ينشر أعماله في الثمانينيات من القرن العشرين، وبدأ صيته يذيع مع نهاية الثمانينيات، يوم بدأ نجم الاتحاد السوفييتي يأفل، وانهار فجأة، وما عادت الامبريالية بحاجة الى من يهاجم الشيوعية. وربما ما عادت كتابات (كونديرا) ذات جدوى للامبريالية. ألهذا لم يحصل على نوبل؟ ربما. هذا مجرد اجتهاد على أية حال.
وأنا أقرأ رواية "الجهل"، وهي على الأصح قصة طويلة، أخذت أقارن بين كتابات كتابنا وبين ما ورد فيها. لن اذهب بالتأكيد الى ان كتابنا يقلدون. لا لن اذهب هذا المذهب، فبعضهم انجز نصوصه قبل العام 0002، وبعضهم انجزها بعده ما الذي دفعني الى هذه المقارنة؟ تشابه التجربة بالتأكيد.
يكتب (كونديرا) في روايته عن تشيك تركوا بلادهم هرباً من الحكم الشيوعي، وعاشوا في فرنسا والدنمرك عشرين عاماً او يزيد قليلاً، وعادوا اليها بعد سقوط النظام الشيوعي فيها، وهكذا اخذوا يقارنون بين ما كانت عليه بلادهم، وعاصمتهم (براغ)، وما غدت عليه، وسيأتي (كونديرا) على ما تقوم به الرأسمالية وما تجريه من تغييرات على المكان. ثمة وحش اسمه الرأسمالية. ثمة غول يغير طبيعة المكان وجغرافيته.
وربما تذكر المرأ منا كتاب محمود شقير "ظل آخر للمدينة" حيث يكتب فيه عن القدس التي تركها مجبراً، حيث ابعد، وغاب عنها من عشرين عاماً تقريباً، ولاحظ التغيرات على المكان، وأتى على علاقته بالناس. وربما تذكر المرء ايضاً كتاب مريد البرغوثي "رأيت رام الله" وكتاب فاروق وادي "منازل القلب". غير انني اعتقد ان اقرب كتابة لكتابة (كونديرا) هي ديوان محمود درويش "لا تعتذر عما فعلت" وبعض قصائد كزهر اللوز ... أو أبعد. مرة كتبت مقالة عنوانها تشابه التجربة ... تشابه الكتابة. و (كونديرا) قارن بين تجربة التشيكي العائد وتجربة (عويس) في الأسطورة. وكم تتشابه التجارب!!.
عادل الأسطة
2007-05-20