د. أحمد الحطاب - يا أيها السياسيون! هل سمعتم ما قاله ويقوله لكم الشعبُ المغربي؟

الشعبُ المغربي المُسالم، الوَدودُ، المُحِبُّ لوطنه ولاستقراره، المُتطلِّع لكرامة العيش وللديمقراطية، المُقدِّر لواجباته، والطامح لنيل حقوقه، الصَّبور، الرَّحب الصدر، العاقل، المُتحمِّلُ، القوي بمَلِكِه، المُتمسِّك بوحدتِه و وحدة ترابه…

يا أيها السياسيون! أينما وُجِدتُم وأينما حللتُم وارتحلتُم، هل سمعتُم ما قاله ويقوله لكم الشعبُ المغربي، الذي عانى ويُعاني من وجودكم، فبالاحرى، من أعمالكم وسلوكِكم؟ قال ويقول لكم: لماذا لم تتَّعِظوا كلما حلَّت ببلدكم مصائبٌ كبرى اجتماعية، اقتصادية وصِحية كجائحة كورونا والجفاف وغلاء المعيشة وتداعيات حرب روسيا/أوكرانيا…؟ فماذا كنتم تنتظرون؟ هل كنتم تنتظرون أن يسقطَ هذا البلدُ في الهاوية لتتَّعِظوا و لا أظنكم متَّعِظين.

يا أيها السياسيون! هل سمعتم ما قاله ويقوله لكم الشعبُ المغربي صُبحَ مساء؟ قال ويقول لكم بصوتٍ هادئ : إذا لم تتَّعظوا، فاتركوا الإنسانيةَ تنتشر و تحُلُّ محلَّكم بقِيهمها وأخلاقِها النبيلة والسامية!

يا أيها السياسيون! هل سمعتم ما قاله ويقوله لكم الشعب المغربي الصبور والمتحمِّل؟ قال ويقول لكم : الإنسانية ليس لها حدودٌ. الإنسانية ليس لها موطِنٌ وليس لها جنسِية. أنتم الذين وضعتُم للإنسانية حدوداً وأنتم الذين جنَّستمونَها. قال ويقول لكم : الإنسانيةُ فِطرةٌ تولَد مع البشر والبشرُ هم الذين ينحرفون عنها.

يا أيها السياسيون! هل سمعتم ما قاله ويقوله لكم الشعب المغربي المتسامح والمُسالم؟ قال ويقول لكم : هل رأيتم كيف حاولتم أن تُجرِّدوني من إنسانيتي المُستقرة في وِجداني وفي كِياني؟ فعوض أن تُقَوُّوا هذه الإنسانيةَ، حاولتم إضعافَها. وعوضَ أن تسعوا إلى توحيد الصفوف، زرعتم التَّفرقةَ والكراهية وحبَّ الذات والنفاق والكذب المُقنَّع وغير المُقنَّع…

أيها السياسيون! هل سمعتم ما قاله ويقوله لكم الشعب المغربي وهو يعاني من آلام المشاكل اليومية...؟ قال ويقول لكم : إنكم تُغرِّدون خارج سِرب الإنسانية وخارج ما يُريده بلدُكم وما يطمح له من كرامة عيشٍ وحسن حالٍ. قال ويقول لكم : أرأيتم كيف أنكم في وادٍ وأنا في وادٍ آخر؟ قال ويقول لكم : أرأيتم كيف أن المواطنين غير راضين عنكم وعن سلوككم وأعمالكم؟ أتدرون لماذا؟ لأن البشرَ، و لو غرَّت بهم السياسة ولو علَّقوا عليها آمالاً كبيرة، يبقون بشراً في أعماقهم وفي وِجْدَانِهم. والبشرُ يحتاجون إلى الإنسانية أولا وقبل كل شيء. وهذه الإنسانية هي التي غابت من قاموسِكم الأخلاقي أو، بالأحرى، غيَّبتموها عن سلوككم وأعمالكم!

أيها السياسيون! هل سمعتم ما قاله ويقوله لكم الشعبُ المغربي المٌحِب لوطنه والقويُّ بمَلِكِه؟ قال لكم : السياسة يجب أن تكونَ في خدمة مواطنيكم! قال ويقول لكم : لقد أقمتم حدودا صلبةً بينكم و بين هؤلاء النواطنين وتفرَّغتم لما هو خارجٌ عن نطاق الإنسانية من انتهازية وانتفاعية ونفاق وكَذِب وتملُّقٍ وخداعٍ ومحسوبية وزبونية… وقال ويقول لكم : قد تفرَّغتم لتفضيل الكراسي والسلطة والمال والجاه على ما فيه نفعٌ للجميع ضاربين عرضَ الحائط كل ما أطمح إليه! قال ويقول لكم : لماذا لا تريدون أن تعترفوا، وأنتم تدرون حق الدراية، أن المواطنين الذين تتعالوا عليهم ينتمون، أولا وقبل كل شيءٍ، للإنسانية التي تُنكِرونها في أفكاركم وفي سلوككم!

أيها السياسيون! هل سمعتم ما قاله ويقوله لكم الشعبُ المغربي الصبور والمسالم؟ قال ويقول لكم: إن اللهَ، الذي نسيتموه وتنسونه في غُدوِّكم ورواحِكم، يُحب الخيرَ لعباده وسخّر لهم ما في الأرض والسماء ليسعدوا ويتساعدوا فكيف تُحرمون الناسَ من الخير الذي أراده لهم اللهُ مصداقا لقوله سبحانه و تعالى : "إنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ" (البقرة، 243) أو "يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا (البقرة، 168).

يا أيها السياسيون! هل سمعتم ما قاله ويقوله لكم الشعبُ المغربي المسالم والمتسامح؟ قال ويقول لكم : قضيتُ عقودا بأكملها في الحِرمان والحاجة. لكنني صبرتُ وعانيتُ لأبيِّنَ لكم أنني لا أزال أختزن جرعةً لا بأسَ بها من الإنسانية وعُلُوِّ الأخلاق. فال ويقول لكم : مَن لم يتَّعظ بما يجري ويدور حوله من أحداث ومشاكل، ومَن لم يحترم نفسَه و واجبَه ومسئوليتًه، فمصيرُه أن يُدفَنَ في مزبلة التاريخ.

أيها السياسيون! هل سمعتم ما قاله لكم الشعبُ المغربي القوي بمَلَكِيتِه؟ قال ويقول لكم : إذا استسلمتم للماديات واستولت على عقولكم وإذا أملَت عليكم غريزتُكم الجريَ وراء المكاسب المشروعة وغير المشروعة، فهذا شأنُكم. لكن، طال الزمان أم قصُرَ، فسيأتي يومٌ ينتصر فيه الحق على الباطل، الخيرُ على الشر، والعدل على الظلم، والطيبُ على الخبيث… قال ويقول لكم : إنكم لا تستحقون شعبَكم. بل إنكم تسعون للتَّفرقة لتسودوا وتنهبوا وتستَعْلَوا وتتغطرسوا وتنشروا الظُّلمَ والفسادَ؟

يا أيها السياسيون! هل سمعتم ما قاله ويقوله لكم الشعبُ المغربي الصبور والمتحمِّل؟ قال ويقول لكم : إن شريحةً عريضةً من المواطنين غارقةٌ في غياهب الفقر والظلم والهشاشة والتهميش والقسوة والجهل والعبودية… قال ويقول لكم : ما الذي يمنعكم أن تتصدوا وتذحاربوا هذه الآفات؟ ثم ما هي أولوياتُكم؟ هل الصالح العام أم إغراقُ البلد في مستنقع من الفساد الشاسع الأطراف؟

يا أيها السياسيون! هل سمعتم ما قاله ويقوله لكم الشعبُ المغربي المُحبُّ لوطنه؟ قال ويقول لكم : إن لم تتَّعظوا بما أراد الله لعباده من خيرٍ، فاعلموا أن الطريق واضحٌ لمَن أراد أن يتَّعِظَ والطريق كذلك واضحٌ لمَن أراد أن يستمرَّ في غَيِّهِ. مَن أراد أن يتَّعظَ، قالباب مفتوح على مصراعيه. ومَن أراد أن يستمرَّ في غيِّه، فهناك أبواب متعدِّدة لا يدخلها إلا الجاحدون. فهل أنتم مُتَّعظون؟ ولا أظنكم متَّعلينا!

قال ويقول لكم : طعِّموا سياستَكم بقدر كبير من الإنسانية. فالإنسانيةُ وقِيمُها هي سرُّ نجاح الشعوب!

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى