تستقطب عملية التطبيع بين السعودية والكيان الصهيوني اهتمام وسائل الإعلام العالمية ، في الأسابيع القليلة الماضية،نشرت تقارير تؤكّد حجم الاهتمام الذي توليه إدارة الرئيس الأميركي بايدن لموضوع تطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل، ورغبتها في إنجاز هذا الهدف قبل نهاية شهر مارس/ آذار المقبل ضمن عملية استكمال اتفاقيات أبراهام والتي بدأها الرئيس الأمريكي السابق ترامب وأدت إلى توقيع اتفاقيات بين الإمارات المتحدة والبحرين والمغرب والسودان مع الكيان الصهيوني وتم التعريف عليها بما سمي اتفاقات أبراهام وتعني تجميع الأديان كافة بالديانة الابراهيميه .
عوامل كثيرة تبرّر هذه العجلة: أولها، حرص الرئيس بايدن، الذي يحلو له تعريف نفسه بأنه "صهيوني" رغم أنه ليس يهوديا، على تقديم هديةٍ ثمينة لإسرائيل قبيل انتخابات الرئاسة الأميركية المقرر عقدها في نوفمبر/ تشرين الثاني من العام المقبل، والتي يأمل أن يحصل فيها على دعم قوي من الجالية اليهودية الأميركية. وثانيها، اعتقاده أن التطبيع الرسمي للعلاقات بين السعودية وإسرائيل سوف يكون أقصر الطرق وأنسبها، في الوقت نفسه، لعرقلة اندفاع السعودية نحو الاتجاه شرقا وكبح جماح مساعيها الرامية إلى رفع مستوى علاقاتها بكلٍّ من روسيا والصين. وثالثها، إحساسه بأن بدء مفاوضاتٍ جادّة بين إسرائيل ودولة عربية وازنة بحجم السعودية قادرٌ، في حد ذاته، على أن ينتج زخما يكفي لإقناع نتنياهو بضرورة التحلّي بالمرونة اللازمة للتوصل إلى تهدئة طويلة الأمد في الصراع العربي الإسرائيلي، تتيح له التفرغ لمواجهة التحدّيات الدولية الناجمة عن الحرب في أوكرانيا، وعن تصاعد الطموحات الصينية للمشاركة في قيادة النظام الدولي
تستقطب عملية التطبيع مع السعودية اهتمام الإعلام الإسرائيلي أيضا وتصريحات المسئولين الاسرائليين وخاصة رئيس حكومة اليمين الفاشية نتنياهو تصب في هذا الاتجاه وكان الاتفاق مع السعودية بات باب قوسين أو أدنى وهنا لا بد وان نحذر من إقدام السعودية على التطبيع مع إسرائيل للمخاطر والتداعيات التي ستنعكس بمردودة السلبي على السعودية
يذكر أن قنوات الاتصال بين السعودية وإسرائيل، والتي بدأت منذ سنوات، لا تزال مفتوحة وتعمل بكفاءةٍ ساعدت على تمكين الطرفين من التوصل إلى تفاهماتٍ بشأن مسائل متنوّعة تهم الطرفين، بل وسمحت باتخاذ إجراءاتٍ عديدة لدفع عملية التطبيع غير الرسمي بين البلدين. بل إن بعضهم يعتقد أنه ما كان يمكن لدول عربية لصيقة الصلة بالسعودية، كالبحرين على سبيل المثال، أن تُقدم على تطبيع علاقاتها رسميا مع إسرائيل من دون ضوءٍ سعوديٍّ أخضر. صحيحٌ أن ذلك كله جرى إنجازه إبّان فترة ولاية ترامب الذي تبنّى موقفا غاية في التشدّد من إيران، وتمكّن من عقد أوثق الصلات مع كل من السعودية وإسرائيل. وصحيح أيضا أن إدارة بايدن تبنّت سياسة خارجية مختلفة، أدّت إلى انفتاح أميركي أكبر على إيران، وبروز بعض مظاهر التوتر في العلاقات التي تربطها بكل من السعودية وإسرائيل، غير أن قنوات الاتصال بين السعودية وإسرائيل ظلت مفتوحةً، حتى بعد وصول بايدن إلى البيت الأبيض، ربما لأسبابٍ تتعلق بحرص ولي العهد السعودي محمد بن سلمان على تحفيز إسرائيل للقيام بدور ما لتلطيف أجواء العلاقة مع بايدن، وهو ما جرى بالفعل إبّان زيارة الأخير لكل من السعودية وإسرائيل صيف العام الماضي (2022)، فخلال هذه الزيارة، نجح بايدن في الحصول على موافقة السعودية على عبور بعض رحلات الطيران الإسرائيلي الأجواء السعودية.
ومع ذلك، جدير ملاحظة أن حرص السعودية على توظيف الدور الإسرائيلي لتلطيف أجواء العلاقة المتوتّرة مع بايدن أصبح أقلّ بكثير مما كان عليه قبل التطورات التي طرأت، أخيرا، على النظام الدولي، خصوصا عقب اندلاع الحرب على الساحة الأوكرانية وتداعياتها على النظام الدولي وإنهاء التحكم الأحادي القطبي للولايات المتحدة ونشوء تعدد للقوى الدولية ، فقد أتاحت التداعيات الناجمة عن هذه الحرب فرصة فريدة أمام المملكة السعودية للانفتاح أكثر على كل من روسيا والصين، وتقليل درجة اعتمادها على الولايات المتحدة، وسمح لها بهامش أوسع للحركة والمناورة على الصعيدين، العالمي والإقليمي. فعلى الصعيد العالمي، لم تتردّد السعودية في تنسيق مواقفها مع مواقف دول مجموعة دول "أوبك +"، ومن ثم اتخذت قرارا يقضي بتخفيض إنتاجها من النفط، كي تحافظ على استقرار أسعاره العالمية، ما شكّل تحدّيا سافرا للولايات المتحدة. وعلى الصعيد الإقليمي، أقدمت السعودية على سلسلة خطوات عكست حرصها الشديد على تصفية خلافاتها العميقة والمزمنة مع إيران، وعبّرت عن رغبتها في التوصل إلى اتفاقٍ لإعادة العلاقات الدبلوماسية المقطوعة معها منذ عام 2016. الأهم أنها حرصت على إنجاز هذا الاتفاق عبر وساطة صينية، الأمر الذي لم تشعر الولايات المتحدة بأي ارتياحٍ حياله. ولا جدال في أن مجمل هذه التحولات والتفاعلات ساعد على تغيير السياق الذي تجري في إطاره العلاقات السعودية الأميركية، من ناحية، والعلاقات السعودية الإسرائيلية، من ناحية أخرى، سواء ما يتصل منه بالاتصالات السعودية الإسرائيلية المباشرة، التي ركّزت جهودها على تنشيط العلاقة بين البلدين على صعيد التطبيع غير الرسمي، أو بالجهود الأميركية التي تركّز حاليا على مساعدة السعودية وإسرائيل على التوصل إلى اتفاق رسمي، يسمح بإبرام معاهدة سلام بين البلدين. لذا، يمكن القول إن السعودية أصبحت في موقف أفضل من منظور قدرتها على مقاومة الضغوط الأميركية، ما يفسّر إقدامها، أخيرا، على الإفصاح عن شروطها لتطبيع العلاقة مع إسرائيل.
وفي هذا الجانب قالت صحيفة فايننشال تايمز الأمريكية، إنّ الولايات المتحدة تعمل على التطبيع بين السعودية وإسرائيل " وبحسب تقرير الصحيفة فإن الرئيس الأمريكي جو بايدن، أرسل أحد أقرب مستشاريه إلى العاصمة السعودية الأسبوع الماضي لمناقشة الموضوع ، لكن مستشار الأمن القومي الإسرائيلي تساحي هنغبي، قال إن “الطريق لا يزال طويلا” لإقامة علاقات بين البلدين.
وكشف المستشار الإسرائيلي هنغبي في مقابلة مع هيئة الإذاعة العامة الإسرائيلية قبل ايام ، أن الاتفاق الكامل بين السعودية و"إسرائيل" ليس قيد المناقشة.
وقال دبلوماسيون إن السعودية تسعى للحصول على تنازلات من الولايات المتحدة بما في ذلك ضمانات أمنية ودعم لبرنامج نووي مدني والحصول على أسلحة، مقابل تطبيع العلاقات مع "إسرائيل".
وقال مسئولون سعوديون إن المملكة ستحتاج أيضا إلى خطوة إيجابية كبيرة من "إسرائيل" تجاه الفلسطينيين. على الرغم من أنهم لم يوضحوا ما سيترتب على ذلك. وفق ما نقلت BBC عن فايننشال تايمز.
توماس فريدمان، كاتب العمود في صحيفة نيويورك تايمز، كتب بعد اجتماعه مع بايدن الأسبوع الماضي، عن أن المطالب السعودية من "إسرائيل" يمكن أن تشمل وقف التوسع الاستيطاني، وتعهدا بعدم ضم الضفة الغربية، التي يريد الفلسطينيون أن تكون قلب دولة مستقبلية، لكن "إسرائيل" تحتلها منذ عام 1967
وردا على سؤال حول التنازلات الإسرائيلية المحتملة، قال هنغبي إن "إسرائيل" لن تقبل “بأي شيء يقوض أمنها”. لكنه قال إن بلاده لن تقلق من احتمال تطوير السعودية قدرات نووية مدنية وقال شخصان مطلعان على المناقشات إن هناك أملًا في إمكانية التوصل إلى اتفاق هذا العام، قبل أن تنشغل إدارة بايدن بالحملة الانتخابية
يقول يوئيل غوزنسكي، الباحث الإسرائيلي في الشؤون الإستراتيجية، في معهد دراسات الأمن القومي التابع لجامعة تل أبيب، إن إدارة الرئيس بايدن وضعت لنفسها هدفاً طموحاً جداً، وهو الوصول إلى تطبيع في العلاقات بين إسرائيل والسعودية. ويقول أيضاً إن الجدول الزمني الذي تعمل عليه الإدارة الأمريكية مضغوط، مرجّحاً أن الهدف هو الوصول إلى اتفاق في الخريف، قبل الدخول في الحملات الانتخابية للرئاسة الأمريكية.
ويعلل يوئيل غوزنسكي تقديره بأن طموحات بايدن عالية جداً، بالقول إن المطالب السعودية طويلة ومهمة بالنسبة إلى الأمريكيين، وأيضاً بالنسبة إلى إسرائيل.
غوزنسكي: العلاقات المستقبلية مع السعودية ستجري استناداً إلى نموذج مختلف عن نموذج اتفاقيات أبراهام: المسار سيتقدم بصورة أبطأ، وفي مجالات مختلفة عن العلاقات مع الإمارات والبحرين مثلاً.
ويستذكر يوئيل غوزنسكي أن رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو وضعَ هدف الوصول إلى اتفاق مع السعودية خلال الجلسة الأولى لحكومته الحالية. منوهاً بأن لإسرائيل مصلحة واضحة في تقوية العلاقات مع السعودية، وتحويلها إلى علنية، لأنها الدولة القائدة اليوم بين الدول العربية، وأيضاً بسبب مكانة المملكة كـ “حارسة الأماكن المقدسة للإسلام”. كذلك التقدير، برأيه، هو أن اتفاقاً مع السعودية سيمنح دولاً إضافية في العالم الإسلامي، كأندونيسيا مثلاً، شرعية أكثر بكثير، حتى لو لم تكن مُطلقة، لإقامة علاقات مع إسرائيل.
رداً على هذا التساؤل ؟؟؟؟ ماذا ستربح السعودية من الاتفاق؟ ، يرى يوئيل غوزنسكي أن للسعودية أيضاً مصلحة في تحسين العلاقات مع إسرائيل، وذلك بالأساس بسبب الأرباح التي تستطيع جنْيها من الولايات المتحدة نتيجة لذلك. لكنه ينبه إلى أن التقديرات تشير إلى أن العلاقات المستقبلية مع السعودية ستجري استناداً إلى نموذج مختلف عن نموذج اتفاقيات أبراهام: المسار سيتقدم بصورة أبطأ، وفي مجالات مختلفة عن العلاقات مع الإمارات والبحرين مثلاً، وذلك بسبب الحساسية والمميزات الخاصة بالمملكة
ويضيف: “منذ وقت طويل، يدير السعوديون محادثات مع الأمريكيين بشأن مطالبهم من الولايات المتحدة في مقابل خطوة باتجاه إسرائيل. هذه المطالب تتضمن بالأساس ضمانات أمنية أمريكية، وحتى الوصول إلى اتفاق دفاع رسمي بين الدولتين، تريده السعودية بشدة. هذا بالإضافة إلى أن السعوديين قدموا للإدارة “قائمة مشتريات” لأسلحة أمريكية متطورة، ومن ضمنها الطائرات المقاتلة المتطورة. وفي النهاية يرغب السعوديون أيضاً بمساعدة أمريكية في إقامة بنية تحتية نووية مدنية تتضمن
القدرة على تخصيب اليورانيوم " ”
وضمن استبعاده التقدم في التطبيع مع السعودية، يخلص يوئيل غوزنسكي إلى القول إن هذا في وقت قد يكون من الصعب على السياسة الإسرائيلية في الساحة الفلسطينية خلق ظروف مريحة للتقدم في القناة الإسرائيلية- السعودية في الوقت الحالي.
يشار إلى أن صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية قد استبعدت هي الأخرى التطبيع مع السعودية في المنظور القريب، بقولها، يوم السبت الماضي، إن أي اتفاق تطبيع محتمل بين السعودية وإسرائيل سيتطلب من هذه الأخيرة تقديم “تنازلات كبيرة إلى الفلسطينيين في المناطق المحتلة” (ليس تسوية القضية الفلسطينية)، ولكنها في الوقت عينه، أكدت أنه من غير المرجح أن يتم ذلك في ظل حكومة بنيامين نتنياهو الحالية المتشددة.
وأضافت الصحيفة أن إسرائيل تدرك تماماً أن السعودية لن تكتفي بوعد من نتنياهو بأنه لن يضم الضفة الغربية، بل ستطلب، بدلاً من ذلك، اتخاذ إجراءات مهمة على الأرض. وأشارت إلى أن مثل هذه الخطوات من غير المرجح أن تحظى بموافقة العناصر اليمينية المتطرفة في حكومة نتنياهو، وأن الضغط في مثل هذا الاتجاه قد يؤدي إلى انهيارها.
تدرك ألدوله العميقة المخاطر والتداعيات التي ستنعكس على المملكة السعودية حال أقدمت على توقيع اتفاقيات مع إسرائيل مما ينعكس بمردودة على مكانة السعودية على الصعيد الإسلامي وحتى العربي ويفقدها ذلك مكانتها القيادية ، كما أن التطبيع مع إسرائيل سيكون له تداعيات داخل المملكة وصراعات داخل الأسرة الحاكمة لان هناك عدد كبير من الأسرة الحاكمة يرفض التطبيع مع إسرائيل أو إقامة أي علاقات معها ويدرك المخاطر التي يمكن أن تشأ عن خطوة كهذه على كافة الصعد
الإعلام يلعب دور الإيهام والإيحاء بقرب إتمام صفقة التطبيع مع السعودية وحتى الاسرائيليون بات مغمورون بذلك وتصريحات المسئولين وعلى رأسهم رئيس حكومة اليمين الفاشي نتنياهو توحي بذلك ويمني النفس بتحقق ذلك ويطمح لتحقيق التكامل الاقتصادي مع دول الخليج ويعرض لمخطط اعادة سكة حديد الحجاز لتربط الكيان الصهيوني مع دول الخليج
لكن وبحقيقة الواقع هنالك مجموعة من العوامل التي تدفع السعودية إلى عدم تطبيع علاقتها مع إسرائيل، ويمكن الإشارة إلى أهمها :-
الموقف السعودي من القضية الفلسطينية، فعلى الرغم من التضليل الإعلامي الغربي والصهيوني من تقليل أهمية القضية الفلسطينية في اعتبارات السعودية، إلا أن القضية الفلسطينية هي في أولى أولويات الاهتمام السعودي من بعدين ، بعد عربي و إسلامي وبعد العقيدة الاسلاميه والسعودية تأخذ هذه الأبعاد بعين الاهتمام وتدرك المخاطر والتحديات إذا تجاوزت عن ذلك ، فالسعودية هي صاحبة المبادرة العربية في قمة بيروت العام 2002 التي اشترطت تطبيع العلاقات مع إسرائيل بحل القضية الفلسطينية وفق القرارات الدولية. على الأقل تحتاج السعودية إلى تنفيذ إجراءات عملية ملموسة من الجانب الإسرائيلي فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية من أجل التطبيع مع إسرائيل، فكما أن الإمارات برّرت تطبيعها مع إسرائيل بوقف مشروع الضم العام 2021، فإن السعودية في المقابل لا تستطيع التطبيع بدون تقدم يسجل لها في الشأن الفلسطيني على خلاف الإمارات التي لم تحصل سوى على الوعود وهي غير الحقائق على الأرض .
إعادة العلاقات الدبلوماسية بين السعودية وإيران بوساطة صينية ساهمت في بداية فترة جديدة في العلاقات الثنائية بين البلدين، وجاءت ضمن سلسلة من المصالحات الإقليمية في المنطقة شملت المصالحة الخليجية السورية (ما عدا قطر)، مما قد يفتح المجال أمام السعودية لحل مشكلة اليمن وتخفيض حدة التوتر في المنطقة. تقلل هذه التطورات من حاجة السعودية على المدى المنظور لتطبيع علاقتها مع إسرائيل والتي قد تشوش فترة المصالحة الجديدة مع إيران والتي تصب في صالح السعودية ضمن رؤيتها للعام 2030 في تطوير الاستثمارات والتنمية الاقتصادية في بيئة مستقرة.
تجديد المباحثات بين الولايات المتحدة وإيران حول توقيع اتفاق نووي، أو التوصل إلى اتفاق تفاهمات حول المشروع النووي الإيراني. وقد أشارت مصادر إسرائيلية إلى أن هنالك تقدما في المباحثات حول توقيع اتفاق نووي مع إيران، بيّد أن تأثير إسرائيل عليه محدود، وحتى غير قائم، وتحديدا على الولايات المتحدة، وحسب مصادر سياسية إسرائيلية، فإن قدرة إسرائيل على التأثير على الكونغرس والدول الأوروبية محدودة، وقد تم قطع شوط كبير في هذا الاتجاه والمسار وينحصر في تجميد التخصيب وفي حال تحقق ذلك يمنع إيران أن تصل لمرحلة الدخول النادي النووي
السعودية تدرك أن وجود حكومة يمينية متطرفة في إسرائيل، والتي تضع في سلم أولويتها التوسع الاستيطاني والضم ، وانتهاك الحرم القدسي الشريف ومخطط التقسيم الزماني والمكاني ، وخطابها المتطرف، كل ذلك يفرمل خطواتها تجاه تطبيع مع إسرائيل
كما أن تغير البيئة الإقليمية، ونهاية فترة استقطاب التحالفات في المنطقة، كما كان في الماضي بين تحالف عربي معتدل سني، أمام تحالف إيراني- سوري، أو أمام محور تركي- قطري، فقد تبعثرت هذه التحالفات ونشأت مكانها خارطة إقليمية جديدة بعد سلسلة المصالحات الإقليمية التي شملت جميع الأطراف تقريبا، وتراجع التحالفات السابقة يُقلل من شأن إسرائيل في المنطقة التي دخلت إلى المنطقة ضمن هذا الاستقطاب الذي أعقب الثورات العربية أضف إلى ذلك تداعيات الحرب الاوكرانيه في حال تمكنت روسيا من تحقيق الانتصار على أمريكا والغرب مع ما سيتركه من انعكاسات على منطقة الشرق وتحديدا " اسرائيل "
وجود الملك سلمان بن عبد العزيز، حيث أن الملك السعودي لا يزال ملتزما بالموقف والسياسة السعودية التاريخية الداعمة للقضية الفلسطينية، واعتبارها واحدة من القضايا العربية والإسلامية المركزية، والتي بدون حلها لا يمكن التطبيع مع إسرائيل بأي حال من الأحوال.
ووفق كل ذلك تدرك ألدوله العميقة في السعودية التحولات والتغيرات في الخارطة الإقليمية والدولية، وهي تكبح جماح الراغبين في التوجه السعودي نحو تطبيع علاقات مع إسرائيل، وهي تكتفي بعلاقات غير رسمية مع إسرائيل وعقد تعاون علني في مجالات محددة، لا سيّما الاقتصادية. إذن، ستتجه السعودية نحو شكل من أشكال التطبيع التدريجي العلني، والذي سوف يتمحور في المجالات الاقتصادية والمدنية. وهي خطوات تطبيع تراكم خطوات أخرى معلنة مثل السماح للطيران الإسرائيلي المدني بالتحليق فوق الأراضي السعودية، خاصة خلال الرحلات للإمارات والبحرين.
في هذا الصدد، ترى السعودية أن التقدم في العلاقات مع إسرائيل خطوات إلى الأمام دون اتفاق تطبيع، يعطيها الوقت لتحديد اللحظة المريحة لها لتوقيع هذا الاتفاق في المستقبل، وتتمثل هذه اللحظة في حالة الهدوء في الساحة الفلسطينية، وتهيئة الأجواء الشعبية لمثل هذا الاتفاق، والانتظار لما سيفضي له الاتفاق النووي مع إيران. لذلك فالسعودية ستتجه نحو تطبيع تدريجي غير رسمي مع إسرائيلي، حتى التوصل إلى اتفاق تطبيع كامل بين البلدين على المدى البعيد.
عوامل كثيرة تبرّر هذه العجلة: أولها، حرص الرئيس بايدن، الذي يحلو له تعريف نفسه بأنه "صهيوني" رغم أنه ليس يهوديا، على تقديم هديةٍ ثمينة لإسرائيل قبيل انتخابات الرئاسة الأميركية المقرر عقدها في نوفمبر/ تشرين الثاني من العام المقبل، والتي يأمل أن يحصل فيها على دعم قوي من الجالية اليهودية الأميركية. وثانيها، اعتقاده أن التطبيع الرسمي للعلاقات بين السعودية وإسرائيل سوف يكون أقصر الطرق وأنسبها، في الوقت نفسه، لعرقلة اندفاع السعودية نحو الاتجاه شرقا وكبح جماح مساعيها الرامية إلى رفع مستوى علاقاتها بكلٍّ من روسيا والصين. وثالثها، إحساسه بأن بدء مفاوضاتٍ جادّة بين إسرائيل ودولة عربية وازنة بحجم السعودية قادرٌ، في حد ذاته، على أن ينتج زخما يكفي لإقناع نتنياهو بضرورة التحلّي بالمرونة اللازمة للتوصل إلى تهدئة طويلة الأمد في الصراع العربي الإسرائيلي، تتيح له التفرغ لمواجهة التحدّيات الدولية الناجمة عن الحرب في أوكرانيا، وعن تصاعد الطموحات الصينية للمشاركة في قيادة النظام الدولي
تستقطب عملية التطبيع مع السعودية اهتمام الإعلام الإسرائيلي أيضا وتصريحات المسئولين الاسرائليين وخاصة رئيس حكومة اليمين الفاشية نتنياهو تصب في هذا الاتجاه وكان الاتفاق مع السعودية بات باب قوسين أو أدنى وهنا لا بد وان نحذر من إقدام السعودية على التطبيع مع إسرائيل للمخاطر والتداعيات التي ستنعكس بمردودة السلبي على السعودية
يذكر أن قنوات الاتصال بين السعودية وإسرائيل، والتي بدأت منذ سنوات، لا تزال مفتوحة وتعمل بكفاءةٍ ساعدت على تمكين الطرفين من التوصل إلى تفاهماتٍ بشأن مسائل متنوّعة تهم الطرفين، بل وسمحت باتخاذ إجراءاتٍ عديدة لدفع عملية التطبيع غير الرسمي بين البلدين. بل إن بعضهم يعتقد أنه ما كان يمكن لدول عربية لصيقة الصلة بالسعودية، كالبحرين على سبيل المثال، أن تُقدم على تطبيع علاقاتها رسميا مع إسرائيل من دون ضوءٍ سعوديٍّ أخضر. صحيحٌ أن ذلك كله جرى إنجازه إبّان فترة ولاية ترامب الذي تبنّى موقفا غاية في التشدّد من إيران، وتمكّن من عقد أوثق الصلات مع كل من السعودية وإسرائيل. وصحيح أيضا أن إدارة بايدن تبنّت سياسة خارجية مختلفة، أدّت إلى انفتاح أميركي أكبر على إيران، وبروز بعض مظاهر التوتر في العلاقات التي تربطها بكل من السعودية وإسرائيل، غير أن قنوات الاتصال بين السعودية وإسرائيل ظلت مفتوحةً، حتى بعد وصول بايدن إلى البيت الأبيض، ربما لأسبابٍ تتعلق بحرص ولي العهد السعودي محمد بن سلمان على تحفيز إسرائيل للقيام بدور ما لتلطيف أجواء العلاقة مع بايدن، وهو ما جرى بالفعل إبّان زيارة الأخير لكل من السعودية وإسرائيل صيف العام الماضي (2022)، فخلال هذه الزيارة، نجح بايدن في الحصول على موافقة السعودية على عبور بعض رحلات الطيران الإسرائيلي الأجواء السعودية.
ومع ذلك، جدير ملاحظة أن حرص السعودية على توظيف الدور الإسرائيلي لتلطيف أجواء العلاقة المتوتّرة مع بايدن أصبح أقلّ بكثير مما كان عليه قبل التطورات التي طرأت، أخيرا، على النظام الدولي، خصوصا عقب اندلاع الحرب على الساحة الأوكرانية وتداعياتها على النظام الدولي وإنهاء التحكم الأحادي القطبي للولايات المتحدة ونشوء تعدد للقوى الدولية ، فقد أتاحت التداعيات الناجمة عن هذه الحرب فرصة فريدة أمام المملكة السعودية للانفتاح أكثر على كل من روسيا والصين، وتقليل درجة اعتمادها على الولايات المتحدة، وسمح لها بهامش أوسع للحركة والمناورة على الصعيدين، العالمي والإقليمي. فعلى الصعيد العالمي، لم تتردّد السعودية في تنسيق مواقفها مع مواقف دول مجموعة دول "أوبك +"، ومن ثم اتخذت قرارا يقضي بتخفيض إنتاجها من النفط، كي تحافظ على استقرار أسعاره العالمية، ما شكّل تحدّيا سافرا للولايات المتحدة. وعلى الصعيد الإقليمي، أقدمت السعودية على سلسلة خطوات عكست حرصها الشديد على تصفية خلافاتها العميقة والمزمنة مع إيران، وعبّرت عن رغبتها في التوصل إلى اتفاقٍ لإعادة العلاقات الدبلوماسية المقطوعة معها منذ عام 2016. الأهم أنها حرصت على إنجاز هذا الاتفاق عبر وساطة صينية، الأمر الذي لم تشعر الولايات المتحدة بأي ارتياحٍ حياله. ولا جدال في أن مجمل هذه التحولات والتفاعلات ساعد على تغيير السياق الذي تجري في إطاره العلاقات السعودية الأميركية، من ناحية، والعلاقات السعودية الإسرائيلية، من ناحية أخرى، سواء ما يتصل منه بالاتصالات السعودية الإسرائيلية المباشرة، التي ركّزت جهودها على تنشيط العلاقة بين البلدين على صعيد التطبيع غير الرسمي، أو بالجهود الأميركية التي تركّز حاليا على مساعدة السعودية وإسرائيل على التوصل إلى اتفاق رسمي، يسمح بإبرام معاهدة سلام بين البلدين. لذا، يمكن القول إن السعودية أصبحت في موقف أفضل من منظور قدرتها على مقاومة الضغوط الأميركية، ما يفسّر إقدامها، أخيرا، على الإفصاح عن شروطها لتطبيع العلاقة مع إسرائيل.
وفي هذا الجانب قالت صحيفة فايننشال تايمز الأمريكية، إنّ الولايات المتحدة تعمل على التطبيع بين السعودية وإسرائيل " وبحسب تقرير الصحيفة فإن الرئيس الأمريكي جو بايدن، أرسل أحد أقرب مستشاريه إلى العاصمة السعودية الأسبوع الماضي لمناقشة الموضوع ، لكن مستشار الأمن القومي الإسرائيلي تساحي هنغبي، قال إن “الطريق لا يزال طويلا” لإقامة علاقات بين البلدين.
وكشف المستشار الإسرائيلي هنغبي في مقابلة مع هيئة الإذاعة العامة الإسرائيلية قبل ايام ، أن الاتفاق الكامل بين السعودية و"إسرائيل" ليس قيد المناقشة.
وقال دبلوماسيون إن السعودية تسعى للحصول على تنازلات من الولايات المتحدة بما في ذلك ضمانات أمنية ودعم لبرنامج نووي مدني والحصول على أسلحة، مقابل تطبيع العلاقات مع "إسرائيل".
وقال مسئولون سعوديون إن المملكة ستحتاج أيضا إلى خطوة إيجابية كبيرة من "إسرائيل" تجاه الفلسطينيين. على الرغم من أنهم لم يوضحوا ما سيترتب على ذلك. وفق ما نقلت BBC عن فايننشال تايمز.
توماس فريدمان، كاتب العمود في صحيفة نيويورك تايمز، كتب بعد اجتماعه مع بايدن الأسبوع الماضي، عن أن المطالب السعودية من "إسرائيل" يمكن أن تشمل وقف التوسع الاستيطاني، وتعهدا بعدم ضم الضفة الغربية، التي يريد الفلسطينيون أن تكون قلب دولة مستقبلية، لكن "إسرائيل" تحتلها منذ عام 1967
وردا على سؤال حول التنازلات الإسرائيلية المحتملة، قال هنغبي إن "إسرائيل" لن تقبل “بأي شيء يقوض أمنها”. لكنه قال إن بلاده لن تقلق من احتمال تطوير السعودية قدرات نووية مدنية وقال شخصان مطلعان على المناقشات إن هناك أملًا في إمكانية التوصل إلى اتفاق هذا العام، قبل أن تنشغل إدارة بايدن بالحملة الانتخابية
يقول يوئيل غوزنسكي، الباحث الإسرائيلي في الشؤون الإستراتيجية، في معهد دراسات الأمن القومي التابع لجامعة تل أبيب، إن إدارة الرئيس بايدن وضعت لنفسها هدفاً طموحاً جداً، وهو الوصول إلى تطبيع في العلاقات بين إسرائيل والسعودية. ويقول أيضاً إن الجدول الزمني الذي تعمل عليه الإدارة الأمريكية مضغوط، مرجّحاً أن الهدف هو الوصول إلى اتفاق في الخريف، قبل الدخول في الحملات الانتخابية للرئاسة الأمريكية.
ويعلل يوئيل غوزنسكي تقديره بأن طموحات بايدن عالية جداً، بالقول إن المطالب السعودية طويلة ومهمة بالنسبة إلى الأمريكيين، وأيضاً بالنسبة إلى إسرائيل.
غوزنسكي: العلاقات المستقبلية مع السعودية ستجري استناداً إلى نموذج مختلف عن نموذج اتفاقيات أبراهام: المسار سيتقدم بصورة أبطأ، وفي مجالات مختلفة عن العلاقات مع الإمارات والبحرين مثلاً.
ويستذكر يوئيل غوزنسكي أن رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو وضعَ هدف الوصول إلى اتفاق مع السعودية خلال الجلسة الأولى لحكومته الحالية. منوهاً بأن لإسرائيل مصلحة واضحة في تقوية العلاقات مع السعودية، وتحويلها إلى علنية، لأنها الدولة القائدة اليوم بين الدول العربية، وأيضاً بسبب مكانة المملكة كـ “حارسة الأماكن المقدسة للإسلام”. كذلك التقدير، برأيه، هو أن اتفاقاً مع السعودية سيمنح دولاً إضافية في العالم الإسلامي، كأندونيسيا مثلاً، شرعية أكثر بكثير، حتى لو لم تكن مُطلقة، لإقامة علاقات مع إسرائيل.
رداً على هذا التساؤل ؟؟؟؟ ماذا ستربح السعودية من الاتفاق؟ ، يرى يوئيل غوزنسكي أن للسعودية أيضاً مصلحة في تحسين العلاقات مع إسرائيل، وذلك بالأساس بسبب الأرباح التي تستطيع جنْيها من الولايات المتحدة نتيجة لذلك. لكنه ينبه إلى أن التقديرات تشير إلى أن العلاقات المستقبلية مع السعودية ستجري استناداً إلى نموذج مختلف عن نموذج اتفاقيات أبراهام: المسار سيتقدم بصورة أبطأ، وفي مجالات مختلفة عن العلاقات مع الإمارات والبحرين مثلاً، وذلك بسبب الحساسية والمميزات الخاصة بالمملكة
ويضيف: “منذ وقت طويل، يدير السعوديون محادثات مع الأمريكيين بشأن مطالبهم من الولايات المتحدة في مقابل خطوة باتجاه إسرائيل. هذه المطالب تتضمن بالأساس ضمانات أمنية أمريكية، وحتى الوصول إلى اتفاق دفاع رسمي بين الدولتين، تريده السعودية بشدة. هذا بالإضافة إلى أن السعوديين قدموا للإدارة “قائمة مشتريات” لأسلحة أمريكية متطورة، ومن ضمنها الطائرات المقاتلة المتطورة. وفي النهاية يرغب السعوديون أيضاً بمساعدة أمريكية في إقامة بنية تحتية نووية مدنية تتضمن
القدرة على تخصيب اليورانيوم " ”
وضمن استبعاده التقدم في التطبيع مع السعودية، يخلص يوئيل غوزنسكي إلى القول إن هذا في وقت قد يكون من الصعب على السياسة الإسرائيلية في الساحة الفلسطينية خلق ظروف مريحة للتقدم في القناة الإسرائيلية- السعودية في الوقت الحالي.
يشار إلى أن صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية قد استبعدت هي الأخرى التطبيع مع السعودية في المنظور القريب، بقولها، يوم السبت الماضي، إن أي اتفاق تطبيع محتمل بين السعودية وإسرائيل سيتطلب من هذه الأخيرة تقديم “تنازلات كبيرة إلى الفلسطينيين في المناطق المحتلة” (ليس تسوية القضية الفلسطينية)، ولكنها في الوقت عينه، أكدت أنه من غير المرجح أن يتم ذلك في ظل حكومة بنيامين نتنياهو الحالية المتشددة.
وأضافت الصحيفة أن إسرائيل تدرك تماماً أن السعودية لن تكتفي بوعد من نتنياهو بأنه لن يضم الضفة الغربية، بل ستطلب، بدلاً من ذلك، اتخاذ إجراءات مهمة على الأرض. وأشارت إلى أن مثل هذه الخطوات من غير المرجح أن تحظى بموافقة العناصر اليمينية المتطرفة في حكومة نتنياهو، وأن الضغط في مثل هذا الاتجاه قد يؤدي إلى انهيارها.
تدرك ألدوله العميقة المخاطر والتداعيات التي ستنعكس على المملكة السعودية حال أقدمت على توقيع اتفاقيات مع إسرائيل مما ينعكس بمردودة على مكانة السعودية على الصعيد الإسلامي وحتى العربي ويفقدها ذلك مكانتها القيادية ، كما أن التطبيع مع إسرائيل سيكون له تداعيات داخل المملكة وصراعات داخل الأسرة الحاكمة لان هناك عدد كبير من الأسرة الحاكمة يرفض التطبيع مع إسرائيل أو إقامة أي علاقات معها ويدرك المخاطر التي يمكن أن تشأ عن خطوة كهذه على كافة الصعد
الإعلام يلعب دور الإيهام والإيحاء بقرب إتمام صفقة التطبيع مع السعودية وحتى الاسرائيليون بات مغمورون بذلك وتصريحات المسئولين وعلى رأسهم رئيس حكومة اليمين الفاشي نتنياهو توحي بذلك ويمني النفس بتحقق ذلك ويطمح لتحقيق التكامل الاقتصادي مع دول الخليج ويعرض لمخطط اعادة سكة حديد الحجاز لتربط الكيان الصهيوني مع دول الخليج
لكن وبحقيقة الواقع هنالك مجموعة من العوامل التي تدفع السعودية إلى عدم تطبيع علاقتها مع إسرائيل، ويمكن الإشارة إلى أهمها :-
الموقف السعودي من القضية الفلسطينية، فعلى الرغم من التضليل الإعلامي الغربي والصهيوني من تقليل أهمية القضية الفلسطينية في اعتبارات السعودية، إلا أن القضية الفلسطينية هي في أولى أولويات الاهتمام السعودي من بعدين ، بعد عربي و إسلامي وبعد العقيدة الاسلاميه والسعودية تأخذ هذه الأبعاد بعين الاهتمام وتدرك المخاطر والتحديات إذا تجاوزت عن ذلك ، فالسعودية هي صاحبة المبادرة العربية في قمة بيروت العام 2002 التي اشترطت تطبيع العلاقات مع إسرائيل بحل القضية الفلسطينية وفق القرارات الدولية. على الأقل تحتاج السعودية إلى تنفيذ إجراءات عملية ملموسة من الجانب الإسرائيلي فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية من أجل التطبيع مع إسرائيل، فكما أن الإمارات برّرت تطبيعها مع إسرائيل بوقف مشروع الضم العام 2021، فإن السعودية في المقابل لا تستطيع التطبيع بدون تقدم يسجل لها في الشأن الفلسطيني على خلاف الإمارات التي لم تحصل سوى على الوعود وهي غير الحقائق على الأرض .
إعادة العلاقات الدبلوماسية بين السعودية وإيران بوساطة صينية ساهمت في بداية فترة جديدة في العلاقات الثنائية بين البلدين، وجاءت ضمن سلسلة من المصالحات الإقليمية في المنطقة شملت المصالحة الخليجية السورية (ما عدا قطر)، مما قد يفتح المجال أمام السعودية لحل مشكلة اليمن وتخفيض حدة التوتر في المنطقة. تقلل هذه التطورات من حاجة السعودية على المدى المنظور لتطبيع علاقتها مع إسرائيل والتي قد تشوش فترة المصالحة الجديدة مع إيران والتي تصب في صالح السعودية ضمن رؤيتها للعام 2030 في تطوير الاستثمارات والتنمية الاقتصادية في بيئة مستقرة.
تجديد المباحثات بين الولايات المتحدة وإيران حول توقيع اتفاق نووي، أو التوصل إلى اتفاق تفاهمات حول المشروع النووي الإيراني. وقد أشارت مصادر إسرائيلية إلى أن هنالك تقدما في المباحثات حول توقيع اتفاق نووي مع إيران، بيّد أن تأثير إسرائيل عليه محدود، وحتى غير قائم، وتحديدا على الولايات المتحدة، وحسب مصادر سياسية إسرائيلية، فإن قدرة إسرائيل على التأثير على الكونغرس والدول الأوروبية محدودة، وقد تم قطع شوط كبير في هذا الاتجاه والمسار وينحصر في تجميد التخصيب وفي حال تحقق ذلك يمنع إيران أن تصل لمرحلة الدخول النادي النووي
السعودية تدرك أن وجود حكومة يمينية متطرفة في إسرائيل، والتي تضع في سلم أولويتها التوسع الاستيطاني والضم ، وانتهاك الحرم القدسي الشريف ومخطط التقسيم الزماني والمكاني ، وخطابها المتطرف، كل ذلك يفرمل خطواتها تجاه تطبيع مع إسرائيل
كما أن تغير البيئة الإقليمية، ونهاية فترة استقطاب التحالفات في المنطقة، كما كان في الماضي بين تحالف عربي معتدل سني، أمام تحالف إيراني- سوري، أو أمام محور تركي- قطري، فقد تبعثرت هذه التحالفات ونشأت مكانها خارطة إقليمية جديدة بعد سلسلة المصالحات الإقليمية التي شملت جميع الأطراف تقريبا، وتراجع التحالفات السابقة يُقلل من شأن إسرائيل في المنطقة التي دخلت إلى المنطقة ضمن هذا الاستقطاب الذي أعقب الثورات العربية أضف إلى ذلك تداعيات الحرب الاوكرانيه في حال تمكنت روسيا من تحقيق الانتصار على أمريكا والغرب مع ما سيتركه من انعكاسات على منطقة الشرق وتحديدا " اسرائيل "
وجود الملك سلمان بن عبد العزيز، حيث أن الملك السعودي لا يزال ملتزما بالموقف والسياسة السعودية التاريخية الداعمة للقضية الفلسطينية، واعتبارها واحدة من القضايا العربية والإسلامية المركزية، والتي بدون حلها لا يمكن التطبيع مع إسرائيل بأي حال من الأحوال.
ووفق كل ذلك تدرك ألدوله العميقة في السعودية التحولات والتغيرات في الخارطة الإقليمية والدولية، وهي تكبح جماح الراغبين في التوجه السعودي نحو تطبيع علاقات مع إسرائيل، وهي تكتفي بعلاقات غير رسمية مع إسرائيل وعقد تعاون علني في مجالات محددة، لا سيّما الاقتصادية. إذن، ستتجه السعودية نحو شكل من أشكال التطبيع التدريجي العلني، والذي سوف يتمحور في المجالات الاقتصادية والمدنية. وهي خطوات تطبيع تراكم خطوات أخرى معلنة مثل السماح للطيران الإسرائيلي المدني بالتحليق فوق الأراضي السعودية، خاصة خلال الرحلات للإمارات والبحرين.
في هذا الصدد، ترى السعودية أن التقدم في العلاقات مع إسرائيل خطوات إلى الأمام دون اتفاق تطبيع، يعطيها الوقت لتحديد اللحظة المريحة لها لتوقيع هذا الاتفاق في المستقبل، وتتمثل هذه اللحظة في حالة الهدوء في الساحة الفلسطينية، وتهيئة الأجواء الشعبية لمثل هذا الاتفاق، والانتظار لما سيفضي له الاتفاق النووي مع إيران. لذلك فالسعودية ستتجه نحو تطبيع تدريجي غير رسمي مع إسرائيلي، حتى التوصل إلى اتفاق تطبيع كامل بين البلدين على المدى البعيد.