الطبقة السياسية (هذا إن كان لا يزال لها وجود) في هذا البلد السعيد، لا تعرف للمسئولية طريقا. إنها هي التي، من ولاية إلى أخرى ومن انتخابات إلى أخري، تركت البابَ مفتوحا على مصراعيه لزواج المال بالسلطة. وهو الزواج الذي أنجب لهذا البلد ليبراليةً متوحشة خربت كل ما يوجد في طريقها، مع العلم، وفي نفس الوقت وبكل وقاحة، أنه لا يستفيد من هذه الليبرالية إلا طُغْمَةٌ شعارها "ومن بعدي الطوفان".
والغريب في الأمر، أن كل ما تقوم به الحكومات من محاولات وتفرضه من توجهات على البلاد لتخليصه من معوقات تنميته، لم يأت بأي تغيير يُذكر على مستوى المواطن. بل بالعكس، الأغنياء يزدادون غنى والفقراء يظلون فقراء والطبقة المتوسطة تتراجع خطواتٍ إلى الوراء، علما أن هذه الأخيرة، في البلدان التي تحترم نفسَها، تُعْتَبَرُ هي المحرك الأساسي للاقتصاد.
وحينما أقول "زواج المال بالسلطة"، فإنه ليس زواجا ناتجا عن رؤية يحتل فيها الفكر والثقافة مكانةً عاليةً. لا أبدا. إنه زواج تلعب فيه الأمية والريع دورا مُعيقا للتنمية. وهل يُنْتَظَر مِن مَن شعارُهم "ومن بعدي الطوفان"، أن يفكروا في تنمية البلاد؟ وإن فكروا، ففكرُهم يتماشى مع هذا الشعار ويدور حصريا في فلك مصالحهم الشخصية.
فطبقتُنا السياسية، عوض أن تُفكِّرَ في إعداد مشروع مجتمع (هذا إن كان لديها شخصيات قادرة على صياغة هذه المشروع) من بين أهدافه تكوين مواطن مُحبٍّ لبلده وفخور بانتمائه له و واعٍ بحقوقه و واجباته،٠٠ ومُكرَّم ومعزَّز، تقضي وقتها في التنافس على الكراسي وفي التفكير في المصالح الحزبية الضيقة وإن تطلَّب ذلك صراعات دامية كما وقع ذلك في المشهد الحزبي في عدة مناسبات.
والدليل على ذلك أنه بعد مرور أكثر من ستين سنة على استقلال البلاد، لا شيء تغير (في ظروف العيش بصفة عامة). كل ما تغير ويتغير هي الوجوه لكن وجوه سَحَنَاتُها ديمقراطية وخفاياها مكر وخداع وجشع ونفاق...بل الوضع اجتماعيا واقتصاديا آخذ في التدهور رغم كثرة المشاريع الكبرى التي لم يستفد منها المواطن العادي ولو بقيد أنملة.
وعندما أتحدَّث عن التغيير، فالمقصود هو التَّغييرُ الآتي مباشرة من الحكومة المنتَخَبَة التي اختارها الشعبُ من خلال الانتخابات. هذه الحكومة، كسابقاتها، لم تستطع أن تُغيِّرَ شيئا في المعيش اليومي للمواطنين، رغم اللغط والوعود التي تشدَّقت بها أحزاب الأغلبية البرلمانية. غلاء الأسعار لا يزال قائما وأسعار المحروقات، رغم انخفاض طفيف، آخذةُ في الزيادة هذه الأيام. ما نجحت وتنجح فيه الحكومة الحالية هو الكلام الفارغ المتعلق بحماية القدرة الشرائية للمواطنين، الذي لا أثرَ ولا وجودَ له على أرض الواقع!
وهذا لا يعني أن التَّغييرَ غير موجود. لا، التَّغييرُ موجود، لكن مبادراتِه تأتي دائما من أعلى سلطة في البلاد. فما هو، إذن، دورُ الحكومة المنبثقة من الأغلبية البرلمانية المنبثقة من الانتخابات؟ وما هو دورُ الأحزاب السياسية؟
البلاد في حاجة ماسة إلى إرادة سياسية قوية صادقة نابعة من حب الوطن ومن مآسي هذه البلاد خيطُها الناظمُ بلا هوادة هو "ربط المسؤولية بالمحاسبة".
غير أن الإرادةَ السياسيةَ لا يمكن أن تتوفَّرَ إلا لدى أحزابٍ سياسيةٍ مستقلةٍ استقلالا تاما من حيث اتخاذ المبادرات وإصدار القرارات. أحزابٌ سياسيةٌ لها ما يكفي من الشجاعة والجرأة للإدلاء بآرائها بكل حرية حول القضايا التي تصب في إرساء دولة الحق والقانون، وكذلك، في القضايا التي لها علاقة بالصالح العام وبالمعيش اليومي للمواطنين.
أما اليوم، فما يمكن ملاحظتُه هو أن أحزابَنا السياسية أو طبقتَنا السياسية، بغض النظر عن توجُّهاتِها الإديولوجية (إن بقيت لها هذه التوجهات)، فاقِدة للمسؤولية.
والغريب في الأمر، أن كل ما تقوم به الحكومات من محاولات وتفرضه من توجهات على البلاد لتخليصه من معوقات تنميته، لم يأت بأي تغيير يُذكر على مستوى المواطن. بل بالعكس، الأغنياء يزدادون غنى والفقراء يظلون فقراء والطبقة المتوسطة تتراجع خطواتٍ إلى الوراء، علما أن هذه الأخيرة، في البلدان التي تحترم نفسَها، تُعْتَبَرُ هي المحرك الأساسي للاقتصاد.
وحينما أقول "زواج المال بالسلطة"، فإنه ليس زواجا ناتجا عن رؤية يحتل فيها الفكر والثقافة مكانةً عاليةً. لا أبدا. إنه زواج تلعب فيه الأمية والريع دورا مُعيقا للتنمية. وهل يُنْتَظَر مِن مَن شعارُهم "ومن بعدي الطوفان"، أن يفكروا في تنمية البلاد؟ وإن فكروا، ففكرُهم يتماشى مع هذا الشعار ويدور حصريا في فلك مصالحهم الشخصية.
فطبقتُنا السياسية، عوض أن تُفكِّرَ في إعداد مشروع مجتمع (هذا إن كان لديها شخصيات قادرة على صياغة هذه المشروع) من بين أهدافه تكوين مواطن مُحبٍّ لبلده وفخور بانتمائه له و واعٍ بحقوقه و واجباته،٠٠ ومُكرَّم ومعزَّز، تقضي وقتها في التنافس على الكراسي وفي التفكير في المصالح الحزبية الضيقة وإن تطلَّب ذلك صراعات دامية كما وقع ذلك في المشهد الحزبي في عدة مناسبات.
والدليل على ذلك أنه بعد مرور أكثر من ستين سنة على استقلال البلاد، لا شيء تغير (في ظروف العيش بصفة عامة). كل ما تغير ويتغير هي الوجوه لكن وجوه سَحَنَاتُها ديمقراطية وخفاياها مكر وخداع وجشع ونفاق...بل الوضع اجتماعيا واقتصاديا آخذ في التدهور رغم كثرة المشاريع الكبرى التي لم يستفد منها المواطن العادي ولو بقيد أنملة.
وعندما أتحدَّث عن التغيير، فالمقصود هو التَّغييرُ الآتي مباشرة من الحكومة المنتَخَبَة التي اختارها الشعبُ من خلال الانتخابات. هذه الحكومة، كسابقاتها، لم تستطع أن تُغيِّرَ شيئا في المعيش اليومي للمواطنين، رغم اللغط والوعود التي تشدَّقت بها أحزاب الأغلبية البرلمانية. غلاء الأسعار لا يزال قائما وأسعار المحروقات، رغم انخفاض طفيف، آخذةُ في الزيادة هذه الأيام. ما نجحت وتنجح فيه الحكومة الحالية هو الكلام الفارغ المتعلق بحماية القدرة الشرائية للمواطنين، الذي لا أثرَ ولا وجودَ له على أرض الواقع!
وهذا لا يعني أن التَّغييرَ غير موجود. لا، التَّغييرُ موجود، لكن مبادراتِه تأتي دائما من أعلى سلطة في البلاد. فما هو، إذن، دورُ الحكومة المنبثقة من الأغلبية البرلمانية المنبثقة من الانتخابات؟ وما هو دورُ الأحزاب السياسية؟
البلاد في حاجة ماسة إلى إرادة سياسية قوية صادقة نابعة من حب الوطن ومن مآسي هذه البلاد خيطُها الناظمُ بلا هوادة هو "ربط المسؤولية بالمحاسبة".
غير أن الإرادةَ السياسيةَ لا يمكن أن تتوفَّرَ إلا لدى أحزابٍ سياسيةٍ مستقلةٍ استقلالا تاما من حيث اتخاذ المبادرات وإصدار القرارات. أحزابٌ سياسيةٌ لها ما يكفي من الشجاعة والجرأة للإدلاء بآرائها بكل حرية حول القضايا التي تصب في إرساء دولة الحق والقانون، وكذلك، في القضايا التي لها علاقة بالصالح العام وبالمعيش اليومي للمواطنين.
أما اليوم، فما يمكن ملاحظتُه هو أن أحزابَنا السياسية أو طبقتَنا السياسية، بغض النظر عن توجُّهاتِها الإديولوجية (إن بقيت لها هذه التوجهات)، فاقِدة للمسؤولية.