كما هو متعارف عليها، التّعدّدية الحزبية هي عبارة عن نظام للحكم تتعدد فيه الأحزاب السياسية، ثلاثة فما فوق، وتتنافس من أجل الوصول إلى السلطة إما عن طريق حزب واحد (في حال حصوله على الأغلبية المطلقة كما هو الشأن في الولايات المتحدة : حزب الديمقراطيين و حزب الجمهوريين أو في المملكة المتحدة : حزب العمال و حزب المحافظين) أو عدة أحزاب من خلال تحالف. وهذا التنافس يتم باسم فئات من الشعب التي تؤمن بمبادئ وقيم الأحزاب التي تمثّلها.
غير أن التّعدّدية الحزبية لا يجب أن تعني كثرةَ الأحزاب في الساحة السّياسية حسب المقاربة العددية. التّعدّدية الحزبية يجب أن تعني تعدّدَ التوجهات والرؤى والأفكار البناءة وتكاملها وبالأخص تثمين مفهوم السياسة بمعناه النبيل. ومفهوم السياسة بمعناه النبيل، يحتّم على كل حزب سياسي أراد أن يساهم في التعددية الإيجابية أن :
-تكون المواطنة هي محركه الأساسي
-ينبثق من الشعب (أو فئات من الشعب)، أي أن يكون صنيعة هذا الشعب،
-متجذرا في المجتمع، أي أن يعبّر عن تطلعاته وطموحاته ويحمل همومه
-يعطيَ الأولويةَ للصالح العام ومصلحة البلاد، أي أن يبتعد كل البعد عن الحسابات الحزبية الضيقة والتهافت على الكراسي
-يتبنّى الديمقراطية كمبدأ أساسي في عمله الداخلي قبل أن يطلبها من العباد و البلاد،
-يصنع نساءَ و رجالَ دولةٍ يتمتعون بالكاريزما وبُعد النظر والحكمة والتواضع والحصافة والرصانة والنضج السياسي وضَليعِين في الحكامة وتدبير الشأن العام،
-يساهم في تأطير المواطنين لامتطاء السياسة كوسيلة للتحرر والنّضج الفكريين وللمساهمة في كل ما من شأنه أن يخدم رقي وازدهار البلاد،
-يبقى في تواصل مستمر مع فئات المجتمع التي أنشأته وأودعت ثقتها فيه، الخ.
عندما نتفحّص الواقعَ السياسي، كم هي كبيرة الصّدمة حينما نعرف أن الأحزاب التي تتوفر فيها هذه المواصفات نادرة إن لم أقل منعدمة. بل أكثر من هذا، العديد من الأحزاب التي تؤثّث المشهد السياسي لم تنشأ من حِراك اجتماعي بل عن انشقاقات ناتجة عن خلافات (غالبا حول الزعامة والاستوزار) بين أشخاص أو قياديين داخل حزب ما.
والعجيب في الأمر أن عددا من هذه الأحزاب غير معروفة ولا تظهر في الساحة إلا أثناء فترة الانتخابات ثم تختفي ولا يُسمع عنها أي شيء إلى حين أن تظهر في الانتخابات الموالية. وكأن هذه الأحزاب خُلقت من أجل غنيمة الكراسي والدّليل على ذلك أنها، رغم انهزامها في الانتخابات، لا تُراجع نفسَها ولا تقوم بأي نقد ذاتي بل تُعزي هذا الانهزام الى أسباب خارجية، غامضة ومُبهمة.
وهذا يعني أن هذه الأحزاب لا ثِقل لها في الشأن السياسي، بمعنى أنها لم ولن تُغيّر شيئا في هذا الأخير لأنها مغمورة وغير معروفة لدى شريحة عريضة من المواطنين. وذلك راجع لعدم ارتكازها على قاعدة شعبية تستمد منها شرعيتَها.
أحزاب تعيش على أوهام لن تتحقق ولا علاقةَ لها بما تتطلَّع له فئة عريضة من المواطنين. بل إن البعض من هذه الأحزاب تعيش على مباديء أكل الدهر عليها وشرب تعود إلى فترة كان فيها العالم يتألَّف من قطبين متناقضين فكريا وعمليا وسياسيا. قطبٌ شيوعي يتزعَّمه الاتحاد السوفياتي وقطبٌ رأسمالي تتزعَّمُه الولايات المتحدة الأمريكية. والغريب في الأمر أن جل الأحزاب الأجنبية التي كانت تدور في فَلَك هذين القطبين، أخضعت نفسَها لنقد ذاتي لتتأقلمَ مع التَّغيير الحاصل في العالم، بينما أحزابنا هذه لا تزال تتحدَّث عن أمور لم يعد لها وجودٌ في محيط اجتماعي و اقتصادي تغيَّر تغييرا جذريا.
وهناك نوع آخر من الأحزاب تتمتّع شيئا ما بحضور في المشهد السياسي وتستقطب عددا لا بأس به من المواطنين. وهي الأحزاب التي تتناوب على تدبير الشأن العام من خلال تحالفات غالبا ما تكون غير متجانسة.
وما يُعابُ على هذه الأحزاب أنها تصبُّ كل جهودها للظفر بأعلى المراتب في مختلف دوائر السلطة. وبمجرد ما يتحقّق لها ذلك، تضرب عرض الحائط كل المبادئ والقيم والأعراف لتتفرَّغَ لتحقيق المآرب والتَّمتُّعِ بالامتيازات. حينها، لا يبقى للمواطن ولا لمصلحة البلاد في حسابها مكان. وهذا يعني انفصالَها عن المجتمع الذي بدونه ما كان ليكون لها وجود. وهذا شيء عايشه المواطنون وتحمَّلوا تبِعاتِه طيلة أكثر من ستة عقود.
أهذه أحزاب سياسية أم لوبيات مصالح؟ وأية مصلحة هذه تشدّ اهتمامَ حزب كيفما كان توجّهه إن لم تكن مصلحة البلاد؟ وهل يُعقل أن يبيع حزب سياسي ثقةَ المواطنين ليشتري بثمنها مصالحه الضيقة؟ وهل يُعقل أن يفضِّل حزب مصالحَه على مصالح البلاد؟ فأين نحن من التعددية الحزبية الإيجابية؟
كل ما يمكن قولُه في هذه الحالة، هو أن التعددية الحزبية، عوض أن تُشكِّل ثروةً وخزانا للأفكار والاقتراحات والحلول والإبداعات السياسية التي تُسخَّر لخدمة البلاد، فإنها تصبح عرقلةً للسير العادي لشؤونها.
بل أكثر من هذا، فإنها، أمام هذا العُقم، تُساهم لا أقل ولا أكثر في بَلْقَنَةِ المشهد السياسي. وعندما يُبَلْقَنُ المشهد السياسي، فلا يُنتظر منه أي شيء ما عدا تَأْجيج وإِلْهاب حُمَّى السّباق نحو الكراسي والسلطة. وهنا، لا غرابةَ أن يُصبح الخطاب السياسي شتما وسبًّا وقذفا لا لشيء إلا لتنحية الآخر وإقصائه من السباق المحموم.
فأين إيديولوجيات الأحزاب التي من المفترض أن يُشكِّل اختلافُها ربحا ومكسبا للبلاد؟ أين مبادئها وقِيمها التي تُرصِّع بها واجهاتِها وتنفُخ بها خطاباتها؟ حينما تحضر الغنائم، تذوب هذه الإيديولوجيات ويحلّ محلّها ال"أنا" الذي يدوس كل شيء يعترض طريقه ولو اقتضى الأمر التنديدَ بالآخر والتنكيلَ به وتشويهَ سمعته.
هذه هي التعددية الحزبية العددية الفارغة من كل محتوى نافع والتي لا تُفيد البلادََ والعبادََ، بل بالأحرى تفيد أولائك الذين يتربّصون الفرصَ للحصول على مكاسب غير مشروعة.
وخلاصة القول، المشهد السياسي المغربي يتألَّف من فئتين من الأحزاب السياسية : أحزاب تتصدَّر هذا المشهد وهي التي تتناوب على تدبير الشأن العام وبدون جدوى إلى حد الآن. وأحزاب صغيرة مغمورة تتصارع من أجل الوصول إلى السلطة لكنها لن تصلَ إليها على الأقل على المدى القريب والمتوسط.
ولهذا، فأقل ما يُقال عن مشهدنا السياسي الحالي هو أنه عقيم ولا يُسمن ولا يُغني من جوع. أما ما يُعتَبَرُ تعدُّدية حزبية، فهي مجرَّد حشوٍ يؤدي إلى بلقنة المشهد السياسي بدون فائدة. والدليل على ذلك أن غياب جل الأحزاب الصغيرة عن حركة هذا المشهد، ما بين فترتين انتخابيتين، لا أثرَ له على هذا الأخير. أي حزبٍ سياسي، كيفما كان، إن لم يكن له نفعٌ للبلاد والعباد، فوجودُه لا يختلف عن عدم وجوده.
إن أحزابَنا السياسية، إن هي فعلا تربط وجودَها بمصلحة البلاد والعباد، عليها في الظرف الراهن، أن تتصدَّى لبلقنة المشهد السياسي وذلك بخلق ثلاثة أقطاب وازنة : قطبٌ يميني، قُطبٌ يساري وقُطبٌ وسطي، عوضَ حُزَيبَاتٍ ليست لا أقلَّ ولا أكثرَ إلا تجمُّعات لأشخاص تتضاربُ مصالحُهم. حُزَيبَات لا علمَ لكثير من المواطنين بوجودها. واليوم، بحكم وجود أهمِّ أحزاب اليسار في المعارضة، إنها فرصة من ذهب لهذه الأحزاب لتشكِّل قطبا يساريا قويا.
فكيف للديمقراطية أن يُكتب لها النجاح في فضاء حزبي تُهيمن عليه السياسة السياسوية التي اشمأز ويشمئز وسيشمئز منها المواطن الذي أُجْبِرَ على كُره السياسة ومَن يُمارسها. فلا غرابة إذن أن تقول فئة عريضة من الشّعب أنها لا تعترف ولا تؤمن إلا بالسلطة العليا في هذه البلاد. ولا غرابة كذلك أن يكون عدد الأصوات التي تُمنحُ للأحزاب، في مختلف الاستحقاقات، ضعيفة جدا بالمقارنة مع العدد الإجمالي لسكان البلاد، الذين لهم الحق في التَّصويت!
إلى يومنا هذا، التَّعدُّدية الحزبية في بلادنا هي فقط ذرُّ الرماد على العيون!
فهل أمناء ورؤساء أحزابنا السياسية واعون بهذه الإشكالية؟
غير أن التّعدّدية الحزبية لا يجب أن تعني كثرةَ الأحزاب في الساحة السّياسية حسب المقاربة العددية. التّعدّدية الحزبية يجب أن تعني تعدّدَ التوجهات والرؤى والأفكار البناءة وتكاملها وبالأخص تثمين مفهوم السياسة بمعناه النبيل. ومفهوم السياسة بمعناه النبيل، يحتّم على كل حزب سياسي أراد أن يساهم في التعددية الإيجابية أن :
-تكون المواطنة هي محركه الأساسي
-ينبثق من الشعب (أو فئات من الشعب)، أي أن يكون صنيعة هذا الشعب،
-متجذرا في المجتمع، أي أن يعبّر عن تطلعاته وطموحاته ويحمل همومه
-يعطيَ الأولويةَ للصالح العام ومصلحة البلاد، أي أن يبتعد كل البعد عن الحسابات الحزبية الضيقة والتهافت على الكراسي
-يتبنّى الديمقراطية كمبدأ أساسي في عمله الداخلي قبل أن يطلبها من العباد و البلاد،
-يصنع نساءَ و رجالَ دولةٍ يتمتعون بالكاريزما وبُعد النظر والحكمة والتواضع والحصافة والرصانة والنضج السياسي وضَليعِين في الحكامة وتدبير الشأن العام،
-يساهم في تأطير المواطنين لامتطاء السياسة كوسيلة للتحرر والنّضج الفكريين وللمساهمة في كل ما من شأنه أن يخدم رقي وازدهار البلاد،
-يبقى في تواصل مستمر مع فئات المجتمع التي أنشأته وأودعت ثقتها فيه، الخ.
عندما نتفحّص الواقعَ السياسي، كم هي كبيرة الصّدمة حينما نعرف أن الأحزاب التي تتوفر فيها هذه المواصفات نادرة إن لم أقل منعدمة. بل أكثر من هذا، العديد من الأحزاب التي تؤثّث المشهد السياسي لم تنشأ من حِراك اجتماعي بل عن انشقاقات ناتجة عن خلافات (غالبا حول الزعامة والاستوزار) بين أشخاص أو قياديين داخل حزب ما.
والعجيب في الأمر أن عددا من هذه الأحزاب غير معروفة ولا تظهر في الساحة إلا أثناء فترة الانتخابات ثم تختفي ولا يُسمع عنها أي شيء إلى حين أن تظهر في الانتخابات الموالية. وكأن هذه الأحزاب خُلقت من أجل غنيمة الكراسي والدّليل على ذلك أنها، رغم انهزامها في الانتخابات، لا تُراجع نفسَها ولا تقوم بأي نقد ذاتي بل تُعزي هذا الانهزام الى أسباب خارجية، غامضة ومُبهمة.
وهذا يعني أن هذه الأحزاب لا ثِقل لها في الشأن السياسي، بمعنى أنها لم ولن تُغيّر شيئا في هذا الأخير لأنها مغمورة وغير معروفة لدى شريحة عريضة من المواطنين. وذلك راجع لعدم ارتكازها على قاعدة شعبية تستمد منها شرعيتَها.
أحزاب تعيش على أوهام لن تتحقق ولا علاقةَ لها بما تتطلَّع له فئة عريضة من المواطنين. بل إن البعض من هذه الأحزاب تعيش على مباديء أكل الدهر عليها وشرب تعود إلى فترة كان فيها العالم يتألَّف من قطبين متناقضين فكريا وعمليا وسياسيا. قطبٌ شيوعي يتزعَّمه الاتحاد السوفياتي وقطبٌ رأسمالي تتزعَّمُه الولايات المتحدة الأمريكية. والغريب في الأمر أن جل الأحزاب الأجنبية التي كانت تدور في فَلَك هذين القطبين، أخضعت نفسَها لنقد ذاتي لتتأقلمَ مع التَّغيير الحاصل في العالم، بينما أحزابنا هذه لا تزال تتحدَّث عن أمور لم يعد لها وجودٌ في محيط اجتماعي و اقتصادي تغيَّر تغييرا جذريا.
وهناك نوع آخر من الأحزاب تتمتّع شيئا ما بحضور في المشهد السياسي وتستقطب عددا لا بأس به من المواطنين. وهي الأحزاب التي تتناوب على تدبير الشأن العام من خلال تحالفات غالبا ما تكون غير متجانسة.
وما يُعابُ على هذه الأحزاب أنها تصبُّ كل جهودها للظفر بأعلى المراتب في مختلف دوائر السلطة. وبمجرد ما يتحقّق لها ذلك، تضرب عرض الحائط كل المبادئ والقيم والأعراف لتتفرَّغَ لتحقيق المآرب والتَّمتُّعِ بالامتيازات. حينها، لا يبقى للمواطن ولا لمصلحة البلاد في حسابها مكان. وهذا يعني انفصالَها عن المجتمع الذي بدونه ما كان ليكون لها وجود. وهذا شيء عايشه المواطنون وتحمَّلوا تبِعاتِه طيلة أكثر من ستة عقود.
أهذه أحزاب سياسية أم لوبيات مصالح؟ وأية مصلحة هذه تشدّ اهتمامَ حزب كيفما كان توجّهه إن لم تكن مصلحة البلاد؟ وهل يُعقل أن يبيع حزب سياسي ثقةَ المواطنين ليشتري بثمنها مصالحه الضيقة؟ وهل يُعقل أن يفضِّل حزب مصالحَه على مصالح البلاد؟ فأين نحن من التعددية الحزبية الإيجابية؟
كل ما يمكن قولُه في هذه الحالة، هو أن التعددية الحزبية، عوض أن تُشكِّل ثروةً وخزانا للأفكار والاقتراحات والحلول والإبداعات السياسية التي تُسخَّر لخدمة البلاد، فإنها تصبح عرقلةً للسير العادي لشؤونها.
بل أكثر من هذا، فإنها، أمام هذا العُقم، تُساهم لا أقل ولا أكثر في بَلْقَنَةِ المشهد السياسي. وعندما يُبَلْقَنُ المشهد السياسي، فلا يُنتظر منه أي شيء ما عدا تَأْجيج وإِلْهاب حُمَّى السّباق نحو الكراسي والسلطة. وهنا، لا غرابةَ أن يُصبح الخطاب السياسي شتما وسبًّا وقذفا لا لشيء إلا لتنحية الآخر وإقصائه من السباق المحموم.
فأين إيديولوجيات الأحزاب التي من المفترض أن يُشكِّل اختلافُها ربحا ومكسبا للبلاد؟ أين مبادئها وقِيمها التي تُرصِّع بها واجهاتِها وتنفُخ بها خطاباتها؟ حينما تحضر الغنائم، تذوب هذه الإيديولوجيات ويحلّ محلّها ال"أنا" الذي يدوس كل شيء يعترض طريقه ولو اقتضى الأمر التنديدَ بالآخر والتنكيلَ به وتشويهَ سمعته.
هذه هي التعددية الحزبية العددية الفارغة من كل محتوى نافع والتي لا تُفيد البلادََ والعبادََ، بل بالأحرى تفيد أولائك الذين يتربّصون الفرصَ للحصول على مكاسب غير مشروعة.
وخلاصة القول، المشهد السياسي المغربي يتألَّف من فئتين من الأحزاب السياسية : أحزاب تتصدَّر هذا المشهد وهي التي تتناوب على تدبير الشأن العام وبدون جدوى إلى حد الآن. وأحزاب صغيرة مغمورة تتصارع من أجل الوصول إلى السلطة لكنها لن تصلَ إليها على الأقل على المدى القريب والمتوسط.
ولهذا، فأقل ما يُقال عن مشهدنا السياسي الحالي هو أنه عقيم ولا يُسمن ولا يُغني من جوع. أما ما يُعتَبَرُ تعدُّدية حزبية، فهي مجرَّد حشوٍ يؤدي إلى بلقنة المشهد السياسي بدون فائدة. والدليل على ذلك أن غياب جل الأحزاب الصغيرة عن حركة هذا المشهد، ما بين فترتين انتخابيتين، لا أثرَ له على هذا الأخير. أي حزبٍ سياسي، كيفما كان، إن لم يكن له نفعٌ للبلاد والعباد، فوجودُه لا يختلف عن عدم وجوده.
إن أحزابَنا السياسية، إن هي فعلا تربط وجودَها بمصلحة البلاد والعباد، عليها في الظرف الراهن، أن تتصدَّى لبلقنة المشهد السياسي وذلك بخلق ثلاثة أقطاب وازنة : قطبٌ يميني، قُطبٌ يساري وقُطبٌ وسطي، عوضَ حُزَيبَاتٍ ليست لا أقلَّ ولا أكثرَ إلا تجمُّعات لأشخاص تتضاربُ مصالحُهم. حُزَيبَات لا علمَ لكثير من المواطنين بوجودها. واليوم، بحكم وجود أهمِّ أحزاب اليسار في المعارضة، إنها فرصة من ذهب لهذه الأحزاب لتشكِّل قطبا يساريا قويا.
فكيف للديمقراطية أن يُكتب لها النجاح في فضاء حزبي تُهيمن عليه السياسة السياسوية التي اشمأز ويشمئز وسيشمئز منها المواطن الذي أُجْبِرَ على كُره السياسة ومَن يُمارسها. فلا غرابة إذن أن تقول فئة عريضة من الشّعب أنها لا تعترف ولا تؤمن إلا بالسلطة العليا في هذه البلاد. ولا غرابة كذلك أن يكون عدد الأصوات التي تُمنحُ للأحزاب، في مختلف الاستحقاقات، ضعيفة جدا بالمقارنة مع العدد الإجمالي لسكان البلاد، الذين لهم الحق في التَّصويت!
إلى يومنا هذا، التَّعدُّدية الحزبية في بلادنا هي فقط ذرُّ الرماد على العيون!
فهل أمناء ورؤساء أحزابنا السياسية واعون بهذه الإشكالية؟