د. مؤمن محجوب - الأدب المقارن وأهم مدارسه

"تاريخ الأدب" هو "دراسة للأدب داخل حدود لغة واحدة"( ). وتاريخ الأدب القومي "ينبع مفهومه من الكلمات التي يتكون منها إطلاق ذلك العلم، وهي التأريخ والتسجيل لوقائع الحياة الأدبية، وإحصاء الآثار المؤلفة فيها، والترجمة للمؤلفين والمبدعين في ميدان فن الأدب شعرًا ونثرًا، وذلك في إطار الحدود اللغوية والبيئية التي ينتمي إليها هذا الفن ومؤلفوه. ولا يقف هذا التأريخ على مجرد الرصد والإحصاء والترجمة، بل هو يتناول فن الأدب بالتحليل لظواهره والتعريف بآثاره، والبحث المستوعب لأسرار تياراته واتجاهاته، والتعرف على المؤثرات والروافد البيئية التي استقت منها قرائح العقول نتاجها الأدبي البديع، ومن ثم فهو يضيف إلى المادة التاريخية قدرا من التذوق والفهم العامين، تاركًا التفصيل في دقائق الصياغة وسرائر المعاني وتحديد القيم وتعليل الأحكام لما يقوم به النقد الأدبي من جولات في هذا الميدان"( ).
مفهوم "الأدب المقارن":
الأدب المقارن Comparative Literature هو "دراسة لعلاقات أدب ما خارج حدود لغته"( )، أو هو "دراسة العلاقات بين أدبين قوميين أو أكثر"( ). فالأدب المقارن يدرس على سبيل المثال تأثير الأدب العربي في الأدب الفارسي – مثلا- في موضوع معين، أو يدرس تأثير الآداب الأوربية الحديثة في نشأة بعض الأجناس الأدبية من رواية، ومسرحية، ومقال، وقصة قصيرة، وما إليها في أدبنا الحديث والمعاصر( ).
الحدود الفاصلة بين الآداب( )
الحدود الفاصلة بين الآداب هي اللغات، وليست الحدود السياسية؛ لأن الحدود اللغوية كانت على امتداد التاريخ أكثر ثباتًا، وأقل تقلبًا، مدًا وجذرًا، من الحدود الساسية. ونستطيع أن نأخذ لذلك مثالا من التاريخ القريب: فقد قُسِّمت ألمانيا إلى دولتين عام 1945م، مع أنهما يتكلمان لغة واحدة، ولهما نفس الثقافة والتاريخ، ولكن ذلك لا يعني بحال أن دراسة أدب الدولتين يمكن أن يدخل في مجال المقارنة. فالأدب القومي هو الذي يُكتب في لغة ما، ولو توزعت بين عدة دول، ومعنى هذا أنه لا يصح أن نقارن بين روائي إنجليزي وآخر أمريكي، إذا كانت الإنجليزية لغة إبداعهما، أو بين شاعر إسباني وآخر من الأرجنتين، ما دام كلاهما يكتب في الإسبانية، وهكذا. ولكن ذلك لا يعني أن هناك أدبا أمريكيا مستقلا عن الأدب الإنجليزيّ، وأرجنتينيا مستقلا عن الأدب الإسباني. والأدب المقارن لا يتجاهل إحساس الكاتب القومي، أو القضايا الوطنية التي يعرض لها، أو الألوان المحلية التي يطلي بها أفكاره، ولا شخصية هذه الآداب وذاتيتها، وكل ما هنالك أنه يرى أن هذه الخصائص ليست بذات أهمية في الدراسة المقارنة، وأن الحدود القومية تساوي قليلا في مجال الاعتبار إذا لم تدعمها الحدود اللغوية.
وتقتضي الأمانة إلى أن نشير إلى أن عددًا من الباحثين الأمريكيين يناضل ضد هذه الفكرة، ويرى أن الأدبين الإنجليزي والأمريكي مختلفان؛ لأننا بصدد أمتين متباينتين، سلكتا منذ القرن التاسع عشر طريقًا ثقافيًا، وبالتالي أدبيًا، متباعدًا تمامًا، ويرون أن إنتاجهما الأدبي يدخل في مجال الأدب المقارن، على الرغم من أنهما مكتوبان في اللغة نفسها.
وعلى ذلك ليس من الأدب المقارن في شيء ما يساق من موازنات في داخل الأدب القومي الواحد، سواء أكانت هناك صلات تاريخية بين النصوص المقارنة أم لا، كالموازنة بين أبي تمام والبحتري، أو بين حافظ وشوقي في الأدب العربي( ).
مناهج البحث في الأدب المقارن:
تتعدد مناهج البحث في الأدب المقارن، ولكن يمكن أن تتلخص في منهجين رئيسيين، هما: المنهج التاريخي أو الاتجاه الفرنسي، والمنهج النقدي أو الاتجاه الأمريكي.
1- مفهوم المدرسة الفرنسية (التاريخية)( )
حين نلقي نظرة على البيئة التي تمخضت عن ميلاد الأدب المقارن في فرنسا وريادتها فيه نجد أنها في القرن الثامن عشر كانت تهتم بالبحوث التاريخية اهتمامًا جعل مناهج البحث في التاريخ تقارب الاكتمال في نهايته، وقد بلغ الاهتمام بها المدى في القرن التاسع عشر، حيث حفلت بعديد من البحوث التاريخية التي تجعله أكثر القرون نزوعًا إلى التاريخ، وقد صاحب ذلك اتجاه الفرنسيين إلى الفلسفة الوضعية التي تعمد إلى تفسير الحقائق من خلال علاقات بعضها ببعض وعلاقاتها بحقائق أعم، وتدرس الظواهر الاجتماعية بنفس الطريقة التي تدرس بها ظواهر الكيمياء والطبيعة (مجلة فصول مج 3 ع3، مقال عبد الحكيم حسان، ص14).
ويركز المفهوم الفرنسي في اتجاهاته عند دراسة الأدب المقارن على عدة أمور، هي:
1- أن الأدب المقارن امتداد لتاريخ الآداب القومية، ويعني بدراسة جزء مهم منها، وهو دراسة التأثيرات والتأثرات الخارجية للآداب، وهو يتناول النتائج التي انتهى إليها الأدب القومي ويعمد إلى تكميلها وتنسيقها وضمها بعضاً إلى بعض، وقد استلزم ذلك أن يكون الأدب القومي هو منطلق المقارنة ومرتكزها الأساسي، فالأدب المقارن في النهاية هو دراسة الأدب القومي في علاقته بالآداب الأخرى.
2- الحد الفاصل بين الآداب المقارنة هو اللغة، فالكاتب أو الشاعر إذا كتب كلاهما بلغة واحدة عدت كتابتهما أدبًا واحدًا مهما كان جنس أى منهما أو بيئته، إذ إن اللغة – فيما يرون – تطبع أهلها والمتكلمين بها بطابع فكري عام موحد، ومن ثم لا تدخل دراستهما في موضوعات الأدب المقارن، فالموازنة بين أبي تمام والبحتري، أو بين شوقي وحافظ في الأدب العربي، أو بين راسين وفولتير في الأدب الفرنسي، هي موضوعات تاريخ الأدب القومي لا الأدب المقارن، ويترتب على ذلك أن البلاد المتباعدة التي تنطق لغة واحدة يعد أدبها قوميًا واحدًا تبعًا لوحدة اللغة، مثل الأدب الإنجليزي والأدب الأمريكي، أو الأدب الإسباني وأدب أمريكا اللاتينية، أو الأدب الفرنسي وأدب البلاد الناطقة بالفرنسية مثل السنغال، تعد دراسة المشابهة والاختلاف أو العلاقات بينها ليست من قبيل الأدب المقارن.
فإذا ما اختلفت اللغة كان هذا الاختلاف هو الحد الذي يسمح بالدخول في الأدب المقارن، مثل المقارنة بين مجنوب ليلى في الأدبين العربي والفارسي، وتأثير المقامة العربية في الأدب الفرنسي، والموازنة بين آداب بلاد الاتحاد السوفيتي (سابقًا) تدخل في موضوعات الأدب المقارن، لاختلاف اللغة بين تلك البلاد، وإن انطوت تحت علم دولة واحدة وتماثلت في الظروف الثقافية والاهتمامات الوطنية.
3- ومحور الدراسة المقارنة يقوم على ثبات علاقة التأثير والتأثر ومن ثم فهم يرون أن المقارنة لا تقوم بين الآداب لمجرد التشابه والاختلاف بينهما، وليس من صميم عنايتها الاهتمام بخصائص الفن ودراسة عناصره في الآداب المختلفة، وإنما تتجه إلى ما يرونه أعمق من ذلك وهو تبصر التأثير والتأثر، والوقوف على العلاقة المادية لثباتهما، وعلاقة التأثير هذه شرط ضروري لقيام المقارنة بين الأعمال والتيارات الأدبية، ومن ثم لا يعدون من الأدب المقارن ما يعقد من موازنات بين كتاب من آداب مختلفة لم تقم بينهم صلات تاريخية حتى يؤثر أحدهم في الآخر نوعًا من التأثير، أو يتأثر به، مثل الموازنة بين راسين وشكسبير ومقابلة الأصول التقليدية في مسرحياتهما، لأنه ليس بين راسين وشكسبير صلة تاريخية. (الأدب المقارن، د. محمد غنيمي هلال، ص17).
4- ومجالات الأدب المقارن في المدرسة الفرنسية كثيرة متعددة، فهي تشمل الموضوعات الأدبية، والأجناس الأدبية، والمذاهب والتيارات الفنية، وعلاقات التأثير والتأثر بين الأدباء ووسائل الانتقال بين الآداب المختلفة، والنماذج البشرية، وما يجب أن يكون عليه المقارن والمقارنة.
بيد أن هذه المجالات تتحدد عند الفرنسيين بأمرين: أولهما: أن يكون محيط هذه المقارنة الأدب القومي في علاقته التاريخية بغيره من الآداب الخارجة عن نطاق لغته القومية التي كتب بها، أعنى ألا تمتد المقارنة لوسائل التعبير المختلفة التي لا تنتمي إلى فن القول، وثانيهما: أن يدور ذلك حول العلاقات الثنائية بين الآداب تجاه كاتبين أو طائفتين من الكتب، دون أن يمتد إلى طائفة من الأبحاث التي تتناول الوقائع المشتركة بين عدد من الآداب، فهذا ميدانه ما يسمى بالأدب العام. (الأدب المقارن، فان تيجم، ص151).
2- مفهوم المدرسة الأمريكية (النقدية):
في ظل سيطرة المدرسة الفرنسية باتجاهاتها وضوابطها في المقارنة نشأ الاتجاه الأمريكي، وهو يرى ضرورة أن تكون دراسة الأدب المقارن دراسة للظواهر الأدبية وتناظرها في عديد من الآداب، ومن ثم حملت في مبادئها قدرًا كبيرًا من المعارضة لهذا الاتجاه الفرنسي في المقارنة خاصة في جعل الأدب القومي محورًا تدور حوله المقارنة مع غيره من الآداب، والحدود الفاصلة بينه وبين الأدب العام، وفي ضرورة الاعتداد بشرط ثبات علاقة التأثير والتأثر، ومن ثم يعرفه ريماك بقوله: "إن الأدب المقارن هو "دراسة الأدب بحيث تتعدى حدود القطر الواحد. ودراسة العلاقات القائمة بين الأدب من ناحية وبين مجالي المعرفة والمعتقدات الأخرى كالفنون. والفلسفة، والتاريخ، والعلوم الاجتماعية، والعلوم البحتة، والأديان من الناحية الأخرى". مفاهيم نقدية: رينيه ويليك. ت. د. محمد عصفور. عالم المعرفة. الكويت. ص317). أو هو كما عرفه أوين ألدريج بقوله: "... باختصار يمكن تعريف الأدب المقارن بأنه دراسة أية ظاهرة أدبية من وجهة نظر أكثر من أدب واحد، أو متصلة بعلم آخر أو أكثر". (مجلة فصول. عدد سابق. ص16).
وينطوي تحت التعريفين السابقين عدة أمور تحدد طبيعة المقارنة وميادينها وموقفها من الضوابط المقارنة عند الفرنسيين، وقد تعهد رينيه ويليك وهو من أشهر المناوئين للاتجاه الفرنسي ببيان أكثرها عندما ذهب إلى الأدب المقارن "هو الدراسة الأدبية المستقلة عن الحدود اللغوية والعنصرية والسياسية" (مفاهيم نقدية، ص318). ومنه يفهم:
1- استياء رواد المدرسة الأمريكية من الوقوف عند شرط الحدود اللغوية فقط فاصلاً بين الآداب المختلفة، والتي تجعل الأدب الأمريكي والإنجليزي لا يدخلان ميدان الأدب المقارن لكتابتهما بلغة واحدة هي الإنجليزية، ويضيفون إلى ذلك الحدود العنصرية والسياسية.
2- كذلك لا تنحصر المقارنة في الصلات التاريخية الفعلية، فقد يكون هناك من القيمة في مقارنة ظواهر كاللغات والأنواع الأدبية المنقطعة الصلة تاريخيًا ببعضها البعض لدراسة التأثيرات التي يمكن إثباتها بالأدلة القائمة على المناظرات، أو على إثبات أن فلانًا قرأ علانًا"(مفاهيم نقدية، ص318). وتلك خطوة أولى في سبيل توسيع دائرة المقارنة، تتلوها خطوة أوسع وأكثر بعدًا، وذلك بعدم الوقوف عند مقارنة أدب أمة ما بأدب أمة أخرى، وإنما تمتد الدراسة إلى مقارنة ذلك الأدب بوسائل التعبير الفني من رسم وتصوير ونحت وموسيقى معبرة عن موقف إنساني أو متخذة لها تيارًا فنيًا في الرؤية والتصور، وكذلك المقارنة بينه وبين ميادين المعرفة الأخرى.
3- وثمة أمر آخر يتعلق بطبيعة المقارنة، وهو عدم الوقوف عند الدراسة التاريخية للآداب، وإنما يجب أن يكون النقد الأدبي دور في الأدب المقارن، "لا فائدة من حصر الأدب المقارن بالتاريخ الأدبي، واستبعاد النقد والأدب المعاصر من دائرته، فالنقد لا ينفصل عن التاريخ لأنه ليست هناك حقائق محايدة في الأدب .. كذلك لا يمكننا اعتبار التناول التاريخي أفضل المناهج لدراسة الماضي السحيق، فالأعمال الأدبية معالم لا وثائق وهي في متناولنا الآن، وتتحدانا لأن نفهمها فهمًا قد تسهم فيه معرفة الخلفية التاريخية أو المكانية، ولكن إسهامها ليس هو كل ما تحتاج إليه". (مفاهيم نقدية، ص319).
وواضح أن الاتجاه الأمريكي في المقارنة قد أفاد من تلك الملاحظات التي وجهت إلى بعض الأسس التي يقوم عليها الأدب المقارن عند الفرنسيين، وحاول أن يجسدها في نقد المنهج الفرنسي لا الأمة الفرنسية، كما ذكر رينيه ويليك في وصفه للاتجاه نحو مخالفة المدرسة الفرنسية في الأدب المقارن.
ومن ثم فإن الأدب المقارن في المفهوم الأمريكي يتخلى عن الوقوف عند كونه فرعًا مكملاً لتاريخ الأدب القومي مهمته البحث في العلائق أو التأثيرات الخارجية، ويقترب من التداخل مع النقد الأدبي ونظرية الأدب، "فالفروع الرئيسية الثلاثة للدراسة الأدبية – كما يرى رينيه ويليك – وهي التاريخ والنظرية والنقد تستدعي بعضها البعض مثلما لا يمكن فصل دراسة الأدب الوطني عن دراسة الأدب ككل، من حيث الفكرة على الأقل". (مفاهيم نقدية، ص319).
التعقيب على المدرستين:
على الرغم من أن المدرسة الأمريكية تتمتع ببعض الميزات الماثلة في محاولة تفادي عيوب المدرسة الفرنسية في المقارنة، وتمثيلها لتطور الفكر في الدرس الأدبي المقارن، فإن أقصى ما قامت به هي أنها استطاعت أن تجاور المدرسة الفرنسية دون أن تتمكن من إزاحتها، ولا غرو في ذلك فإن قدرة الفرنسيين على التنظير وإرساء الدعائم الثقافية ورسوخ قدمهم في الأدب المقارن يجعل أمر القضاء على اتجاههم جِدّ عسير.
وفي مصر نلاحظ سيطرة المدرسة الفرنسية في الأدب المقارن سيطرة تامة، ويمكن أن نقسم دراسات الأدب المقارن لدينا إلى ثلاثة أقسام:
- أولها: يتبنى المنهج الفرنسي ويروج له ويلتزم به نظرية وتطبيقًا، بل ومناهج وموضوعات في إغفال للمنحى الأمريكي في المقارنة، وذلك ما نجده في كتب: الأدب المقارن للدكتور محمد غنيمي هلال، والأدب المقارن للدكتور حسن جاد، ودراسات في الأدب المقارن للدكتور محمد عبد المنعم خفاجي، والأدب المقارن: أصوله وتطوره ومناهجه للدكتور الطاهر أحمد مكي، ودراسات في النقد المسرحي والأدب المقارن للدكتور محمد زكي العشماوي، والأدب المقارن منهجًا وتطبيقًا للدكتور السيد العراقي.
- ثانيهما: يشير إلى المنحى الأمريكي في دراساته النظرية والتاريخية بجانب الحديث عن المدرسة الفرنسية، فإذا ما أتى إلى التطبيق كان الاتجاه الفرنسي رائده في النماذج ومراعاة المفاهيم، مثل كتاب: الأدب المقارن للدكتور طه ندا، ودراسات في الأدب المقارن للدكتور بديع محمد جمعة، والنظرية والتطبيق في الأدب المقارن للدكتور إبراهيم عبد الرحمن محمد، ومدخل إلى الدرس الأدبي المقارن للدكتور أحمد شوقي رضوان.
- ثالثهما: يعرض مفاهيم المدرستين: الفرنسية والأمريكية ولا يجد حرجًا في التطبيق وفقًا لمفهوم المدرستين، مثل كتاب: الأدب المقارن: النظرية والتطبيق للدكتور أحمد درويش، ودراسات في الأدب المقارن التطبيقي للدكتور داود سلوم.
وتعليل ذلك يرجع – فيما نرى- لعاملين. أولهما: أن الجيل الأول من المتخصصين في دراسة الأدب المقارن كان من الموفدين إلى فرنسا، مثل: محمد غنيمي هلال، وحسن التوني، وأنور لوقا، وعطية عامر، وهو جيل متأثر بالمدرسة الفرنسية ويؤمن بالاتجاه التاريخي في دراسة الأدب المقارن. وثانيهما: أن كثيرًا من دراسات الأدب المقارن العربية تكاد تكون ترجمة للدراسات الأجنبية، بل وتتبنى مواقف الغربيين – خاصة المدرسة الفرنسية – في المبادئ والتطبيقات، وأقرب الشواهد لذلك العددان اللذان صدرا من مجلة فصول عن الأدب المقارن (المجلد الثالث: العددان: 3، 3 إبريل، يوليه 1983م). وذلك بجانب عديد من الكتب المترجمة عن المقارنين الفرنسيين مثل: الأدب المقارن لفان تيجم الذي ترجمه الدكتور سامي الدروبي (1948م)، والأدب المقارن لفرانسوا جويار بترجمة الدكتورين محمد غلاب وعبد الحليم محمود (1956م)، والأدب المقارن لكلود بيشوا وأندريه ميشيل ترجمة الدكتور رجاء عبد المنعم جبر (1980م).
ومنذ عام 1945م أخذت العوامل المحلية أولاً والعالمية ثانيًا تمهد لظهور المدرسة السلافية في الأدب المقارن التي تضم دول شرق أوربا الشيوعية والاتحاد السوفيتي. وقد حاولت تلك المدرسة أن تناوئ الاتجاه الغربي بجناحيه الفرنسي والأمريكي في المقارنة، وأن تتخلص من عيوب هاتين المدرستين، وتنحو نحو منزع يجمع بين التاريخي والنقدي ويقود إلى فهم أكثر إنسانية في تفسير الظواهر الأدبية، مع مراعاة الاعتبارات الوطنية في الثقافة، والتطلع إلى نتائج فلسفة التاريخ والدراسات الإنسانية في المقارنة. بيد أننا نجد أنها نبتت في بيئة تداعت أركانها ومقوماتها القومية، وأنها لا تشكل مدرسة بكل معاني الخصوصية والانسجام، بل تكون اتجاهًا عامًا يخضع لخلفيات فكرية، وأنها أبعدت في اتخاذ مواقف العداء والمهاجمة للمقارنين الغربيين لاعتبارات تأتي من السياسة لا الأدب.
وذلك وغيره – بالنسبة لما سبق- يدعونا إلى البحث عن مدرسة عربية في الأدب المقارن تتسم بالموضوعية والتكامل والثبات( ).



.......................................

.المراجع:
- في الأدب المقارن: نحو تأصيل مدرسة عربية في المقارنة"، د أحمد حنطور.
- الأدب المقارن، محمد غنيمي هلال.
- الأدب المقارن دراسات نظرية وتطبيقية، د.أحمد درويش.
- الأدب المقارن أصوله وتطوره ومناهجه، د.الطاهر أحمد مكي.
- الأدب المقارن دراسات تطبيقية بين الأدبين العربي والفارسي، د.محمد السعيد جمال الدين.
الأدب المقارن
nsSpeotrod1l9vrh70ehém214m7211utthfm1m69 i1mf2uirm6f1f2tgc0 ·
الأدب المقارن وأهم مدارسه



د.مؤمن محجوب
قسم اللغة العربية بكلية الآداب- جامعة سوهاج- مصر

تعليقات

لا توجد تعليقات.

هذا النص

ملف
في الأدب المقارن
المشاهدات
263
آخر تحديث
أعلى