ما زلت أذكر قصة "الحلاق الثرثار" التي ترجمها الأديب مصطفى لطفي المنفلوطي عن الأدب العالمي، وكانت في الخمسينيات من القرن الماضي ضمن المنهج في كتاب القراءة للصف الرابع أو الخامس الابتدائي، وفيما يلي نصها:
دخل صيني، أيام الحرب الروسية اليابانية سنة(1904)، حانوت حلاق معروف بالثرثرة، أكثر من أفراد طائفته، ليحلق له رأسه. وكان عنده جماعة من زائريه. فأجلسه على كرسي، أمام المرآة وأمسك بالموسى، وأنشأ يحلق رأسه حلقًا غريبًا، لا عهد له بمثله من قبل. فكان يحلق بقعة، ويترك إلى جانبها أخرى مستطيلة أو مستديرة، وأخرى مثلثة، أو مربعة، فخاف الصيني خوفًا شديدًا وظن أن الحلاق قد أصابه مسّ من الجنون. فأخذ يرتعد بين يديه، ولكنه لم يجسُر أن يسأله عن عمله خشية أن يقوده جنونه إلى ما لا تحمد عقباه. فلما انتهى الحلاق من أشكاله الهندسية ورسومه الجغرافية التفت إلى زواره وقال لهم كأنه يتمم حديثًا سابقًا : " لأجل فض النزاع بيننا، رسمت لكم مخطط الحرب في رأس الزبون. هنا طوكيو وهنا بورت أرثور! وقد سارت السفن الروسية من هذا الساحل ففاجأها إذ ذاك الأسطول الياباني، وضربها هنا الضربة القاضية ". وضرب الحلاق رأس الزبون بقبضة يده. فقام الصيني يصرخ غضبًا وأسرع بالهرب، حاسر الرأس، إلى خارج الحانوت، وهو يلعن السياسة والسياسيين والروس واليابانيين والناس أجمعين.
بتصرف عن مصطفى لطفي المنفلوطي.
دخل صيني، أيام الحرب الروسية اليابانية سنة(1904)، حانوت حلاق معروف بالثرثرة، أكثر من أفراد طائفته، ليحلق له رأسه. وكان عنده جماعة من زائريه. فأجلسه على كرسي، أمام المرآة وأمسك بالموسى، وأنشأ يحلق رأسه حلقًا غريبًا، لا عهد له بمثله من قبل. فكان يحلق بقعة، ويترك إلى جانبها أخرى مستطيلة أو مستديرة، وأخرى مثلثة، أو مربعة، فخاف الصيني خوفًا شديدًا وظن أن الحلاق قد أصابه مسّ من الجنون. فأخذ يرتعد بين يديه، ولكنه لم يجسُر أن يسأله عن عمله خشية أن يقوده جنونه إلى ما لا تحمد عقباه. فلما انتهى الحلاق من أشكاله الهندسية ورسومه الجغرافية التفت إلى زواره وقال لهم كأنه يتمم حديثًا سابقًا : " لأجل فض النزاع بيننا، رسمت لكم مخطط الحرب في رأس الزبون. هنا طوكيو وهنا بورت أرثور! وقد سارت السفن الروسية من هذا الساحل ففاجأها إذ ذاك الأسطول الياباني، وضربها هنا الضربة القاضية ". وضرب الحلاق رأس الزبون بقبضة يده. فقام الصيني يصرخ غضبًا وأسرع بالهرب، حاسر الرأس، إلى خارج الحانوت، وهو يلعن السياسة والسياسيين والروس واليابانيين والناس أجمعين.
بتصرف عن مصطفى لطفي المنفلوطي.