منقول - الحلاقون في بغداد ايام زمان

تعتبر الحلاقه من اقدم الفعاليات التي قام بها الانسان وخاصة الرجال لانها تضيف اليه نوع من الفخامه والطلعه البهيه والجمال وكذلك للمرأه التي تهتم اكثر من الرجل بهذا الجانب...
ولكن لم يتم التركيز عليه سابقا لحرج في ذكره او لسبب آخر ومنذ القدم كان لهذا الواجب اناس يمتهنون هذه المهنه التي تشمل الرجال او النساء ولكن النساء كانوا يتصفون بالتجميل عموما وليس الشعر فقط وقد ورد ذكر الحلاقه في ملحمة ( كلكامش) حيث تذكر ان انكيدو تحول من البداوه الى التحضر بعد ان هذب شعره ,, ولم تكن في بغداد محلات حلاقه او اماكن معينه ويذكر المؤرخون ان اول محل للحلاقه في بغداد فتح سنة 1590 م في خان الكمرك ايام الوالي جغاله سنان باشا ..
كان الحلاقين ايام زمان يطوفون الازقه والدرابين يحملون حقيبه جلديه او صندوق خشبي فيه بعض الادوات البسيطه تتكون من ( ماكنة حلاقه يدويه , مشط او اكثر ,, موس يطوى ,, مستحد ,, سير جلد لشحذ الموس (قايش ) ,, كاسة صغيره ,, قطن ,, تنتريوك للتعقيم ,, فرشة حلاقه ,, فرشة تنظيف ,, صابون حلاقه ,, خاولي صغير ,, قولونيا ,, مقص او اكثر ,, صابونه ) ويجول في الازقه صائحا حلاق .. حلاق وكان سعر الحلاقه لايتجاوز 10 فلوس للكبار وعانه للصغار وعادة ما تكون على الارض او على مكان مرتفع ( دكه ) او كرسي ان تيسر اما الاخرون من الحلاقين فقد كانوا مستقرين في اماكن محدده على الارصفه في محلات المراقد الدينيه والاسواق والمقابر ومراكز تجمع الناس...
وكنا نراهم في منطقة باب الشيخ وعلاوي الحله مع المصورين الشمسيين وبائعي البسطيات وكان الجلوس على صفيحه ويمسك الزبون مرآة الحلاقه بيده ولم تكن هناك ادوات تعقيم واكثر الحلاقه كانت هكذا حتى الى ايام قريبه في الستينات كنا نشاهدهم متواجدين ولكن في الخمسينات وقبلها كانت هناك محلات حلاقه في كل منطقه ومحله ولكنها لم تكن متطوره بادواتها المشابهه لما ورد في الحلاق الجوال عدى توفر مادة الديتول لتعقيم الموس الذي يستخدم لكل الزبائن لعدم وجود الشفرات المتعارف عليها الان وهي لاستخدامها لمره واحده .
كانت للحلاقه انواع وموديلات كما هو الحال في كل الازمنه ومن الموديلات التي كانت في الاربعينات الخمسينات والستينات :
العصملي : وهو حلاقة الافنديه وتكون خفيفه جدا واقرب الى الصفر
زيان عرب : وهو حلاقه نمرة صفر وبالموس .
الجعجوله: وهي حلاقة جميع الرأس عدا المقدمه يبقى فيها شعر متوسط الطول يسمى الجعجوله .
المجيدي : وهو حلاقة وسط الرأس فقط بدائره تشبه عملة المجيدي .
الطاسه : وهي مايسمى اليوم بالحفر وهي حلاقة الشعر من الجوانب وترك الوسط اشبه بالطاسه .
سولجري : والمقصود عسكري وهي حلاقة الجوانب برقم 2 والاعلى برقم 4 والمقصود ملمتر على ماكنة الحلاقه .
بروص : وهي ايضا حلاقه عسكريه ولكنها تخص الانكليز وتكون خفيفه جدا من الجوانب ومن الخلف ومن الامام يكون شعر متوسط الطول وقد سماه البعض بعد احتلال العراق ( المارينز ).
التواليت :وهي حلاقة الشباب حيث يكون الشعر مسدل على الرقبه ومن الامام مائل على اليسار.
ابو الطوبه : وهو ان يترك الشعر يطول نحو الرقبه .
الهاي لايف : وهذا يكون مع الشعر زلف الى مسافه تحت الاذن .
الخنافس:وهو اطالة الشعر (كرفش) مع زلوف طويله واشبه بشعر النساء .
كان لكل محل اسطه ولديه صانع صغير يقوم بعملية تنظيف المحل وحمل القروانه عند غسل رأس الزبون وتقديم المناشف او الوزره (الفوطه ) واهم واجب لديه هو ان يقول ( نعيما عمي ) ليقبض الاكراميه ثم يتطور عمل الصانع بعد مده من الزمن ليكلفه الاسطه بحلاقة وجه احد الزبائن غير المهمين وبعدها يتطور لحلاقة رؤوس الاطفال وخاصة في العيد وعند الازدحام وعند تمرسه في المهنه يشهد له الاسطه بانه اصبح حلاق ويبلغ الاسطوات في مقهى الحلاقين ليكون عندهم علم بذلك ..
لم يكن الحلاق ايام زمان مختص بحلاقة الشعر فقط فقد كان المضمد الصحي للمحله فهو يداوي الناس ويزرق الابر ويقوم بختان الاطفال ويداوي ويقلع الاسنان ويخيط الجروح والحروق .
وقد اسست اول جمعية للحلاقين في العراق في عام(1929) وقد اسسها مجموعة من الشباب الحلاقين وهي اول جمعية مهنية ثم تلتها جمعية الصناعيين ثم جمعية البقالين . وقد اسهمت الجمعية في كل التظاهرات التي خرجت انذاك ضد الاحتلال الانكليزي كما شاركت في الاضراب ضد شركة الكهرباء التي كان يديرها الانكليز انذاك. ولان الجمعيات كانت مراكزاً للوعي الوطني فقد سارعت السلطة الى حلها وابعاد اصحابها. وكان من ابرز ما حققته الجمعية هو انشاء صندوق مساعدة الحلاقين العجزة وكبار السن. وبعد تطور الحياةوما ادخلته المدنيه على مهنة الحلاقه وتطور ادواتها وخاصة الكهربائيه ودخول الكريمات والعطور والمعقمات والتخصص في ازالة الشعر .
لقد كان لمحلات الحلاقه النسائيه دور كبير ايضا في بغداد فقد فتحت العديد من محلات الحلاقه النسائيه وكان اشهرها ( حلاقة الجابي ) في شارع الرشيد و(توكالون ) في ساحة كهرمانه و(ناصيف في الكراده /عرصات )و( مالك في شارع الرشيد ) بعد ان كانت في قديم الزمان تعتمد على الحفافات الجوالات او اللواتي في بيوتهن وكن يقومن بعملية التجميل .
كما كان من اشهر الحلاقين الرجال في بغداد خلال فترة الستينات والسبعينات صالون ( حكمت ) حلاق الملوك وحلاقة ( الفلاح في شارع السعدون ) وحلاقة( مادو / مهدي ) في الباب الشرقي وحلاقة ( صباح في الكراده ) وغيرها .
اما حلاقي فترة الخمسينات واذكر منهم في منطقة الكرخ ( رشيد وعنتر وفازع ) في منطقة التكارته
واليوم اصبحت الحلاقه من المهن المعتبره والتي تدر واردا جيدا لاصحابها ودخلت اليها التكنولوجيا الحديثه في الادوات والشفرات والتعقيم والكريمات وقناع الوجه وصبغ الشعر ونتف الحواجب والخدود وتطبير الحواجب وحفر خطوط وكتابات وعمل عرف الديك وغيرها .

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى