لرفع كل لُبسٍ قد يثيرُه هذا العنوان، أوضِّحُ أن ما أقصد ب "أنجبتْ ناخبين" هو الناخبين الذين لا يتذكَّرون وجودَ السياسة إلا كل خمس سنوات، وبالضبط، عند اقتراب الاستحقاقات الانتخابية. ناخبون يكتَفون بردَّةُ فعل لما تقوم به الأحزاب السيايية من تحضير ودعاية لخوض غمار الانتخابات.
ولا داعيَ للقول أن هناك فَرقا كبيرا بين ناخبٍ عَرَضي أو ظرفي ومواطن ينخرط، إراديا وعن وعي، في الشأن السياسي باستمرار ليؤثِّرَ عليه ويتفاعل معه بغض النظر عن مواعد الاستحقاقات الانتخابية. ولا داعيَ للقول كذلك أن مسئولية وجود الناخب الظرفي وغياب المواطن المنخرظ بانتظام في العمل السياسي تتحمَّلها الأحزاب السياسية التي لم تقم بدورها الذي ينصُّ عليه القانون والمتمثل في تأطير المواطنين سياسيا.
وما يزيد في الطين بلَّةً، هو أن الناخبين الظرفيين ليسوا كلُّهم مقتنعين بما يقومون به من تأييد لهذا أو ذاك الطرف. فمنهم مَن يجعل من الانتخابات مصدرَ استرزاق ومنهم مَن له حاجة في نفس يعقوب. ومنهم مَن يتربَّص الفرصَ لقضاء مصلحة ما ومنهم مَن يختار الشخصَ بغض النظر عن برنامجه الانتخابي وانتمائه السياسي…
ولهذا، فعددٌ لا يستهان به من الناخبين الظرفيين، عوض أن يساهموا في تحسين المشهد السياسي، فإنهم يؤثِّرون عليه سلبا ويمهِّدون الطريقَ للفاسدبن للوصول إلى مراكز السلطة.
وما يزيد في بلَّة الطين بلَّةً أخرى، هو أن المواطنين المنخرطين في الشأن السياسي بانتظام وباستمرار، أصبحوا عُملةً نادرةً بحكم عزوفهم عن السياسة، وبالتالي، عن الانتخابات أو من جراء إهمال الأحزاب السياسية لأهم دور منوطٍ بها ألاَ و هو تأطيرهم السياسي.
وهنا يجب، كيفما كان الحال، أن لا نُنكِرَ أن المواطن يتحمَّل جزأً من المسئوليةً في غيابه عن الشأن السياسي، لكن الجزءَ الأكبر تتحمَّله الأحزاب السياسية التي أهملت التأطيرَ ونسيت تجديدَ النُّخب وهمَّشت الشباب وزاغت عن مبادئها ولم تعد تهتمُّ إلا بالأعيان لأنهم ورقة رابحة. الأعيان الذين، بحكم نفوذهم وثرواتهم وجاهِهم قادرون على استقطاب عددٍ لا يستهان به من الناخبين الظرفيين، هذا إن لم يقطعوا الطريقَ على المناضلين الحقيقيين للوصول إلى كراسي السلطة.
فكيف لمشهدٍ سياسيٍ يتحكَّم فيه الأعيان أن يتطوَّرَ ويسيرَ بالبلاد إلى الرُّقيِّ والازدهار والتَّقدُّم؟ هل رأيتم، في يومنا هذا، أعيانا يفكِّرون في شيء آخر غير مصلحتهم؟ الأعيان لا يتقنون إلا لغةَ "التبزنيس". و دخولهم إلى عالم السياسة يفتح لهم جميع الأبواب "باش يتهلَّو في تبزنيسهم".
ولهذا، أنا شخصيا، لا أنتظر أن تأتيَ الاستحقاقات السابقة أو المقبلة بجديدٍ أو بتغيير لأن أحزابَنا السياسية ضعيفة إلى حدٍّ كبير، إن لم أقل أنها تحتضر. وأضعفت معها كل ما هو مرتبط بالسياسة من ديمقراطية وانتخابات ومجتمع مدني ودستور وقوانين… علما أن الضحية الأولى والأخيرة لهذا الوضع هو المواطن وتطلُّعُه إلى العيش بعِزٍّ وكرامة.
فعوض أن تستيقظ هذه الأحزاب من سُباتها وتقوم بنقد ذاتي عميق ومسئول، فإنها تكرِّس ضعفَها الذي عبَّرت عنه، دون أن تشعُرَ، بتبنيها القاسم الانتخابي. وعِوض أن تستقطبَ النُّخبَ الفكريةَ إلى صفوفها كما كان الشأن في الماضي، فإنها امتلأت بالأعيان الذين لن يسمحوا بالتجديد وبإدخال نَفَسٍ آخر غير الذي يتماشى مع إرادتهم. أحزاب سياسية لم تعد إلا مجموعة من الأفراد تتضارب مصالحُهم الشخصية. أحزاب سياسية تخاف أن لا يُعادَ انتخابُ أعضائها عوض أن تهتمَّ بمصلحة البلاد ومستقبلها.
فهل الأحزاب السياسية خُلِقت لتمثِّلَ الشعب وتنوب عنه أم هي، حصريا، لِجان انتخابية؟ ما كانت تقوم به الأحزابُ من توعية وفكر وتكوين وتأطير في الماضي، اندثر و ولَّى إلى درجة إن هذه الأحزاب نسيت أو تناست روَّادها الأوائل الذين كان لهم الفضل في إعطاءِ السياسةَ والنضالَ والديمقراطية معانيها النبيلة. اليوم، الأحزاب السياسية تميَّعت وأصبحت بدون طَعمٍ، بدون لون وبدون ذوق.
المشكل كل المشكل هو أن الديمقراطية غير ممكنة بدون أحزاب سياسية. لو كان هذا الأمر ممكنا لكان له مؤيِّدون كُثُرٌ. أكاد أقولُ أن الأحزاب السياسيةَ شر لا بد منه. ولهذا، فلا مناصَ لهذه الأحزاب من إعادة النظر في سببِ وجودِها وفي مفهوم السياسة وفي ارتباطها بالشعب وهمومه وتطلُّعاته.
حمدا لِلَّه أن بلدنا يقودها ملكٌ يحب وطنَه و يغير عليه ويرفعُه باستمرار إلى أرقى الدرجات.
ولا داعيَ للقول أن هناك فَرقا كبيرا بين ناخبٍ عَرَضي أو ظرفي ومواطن ينخرط، إراديا وعن وعي، في الشأن السياسي باستمرار ليؤثِّرَ عليه ويتفاعل معه بغض النظر عن مواعد الاستحقاقات الانتخابية. ولا داعيَ للقول كذلك أن مسئولية وجود الناخب الظرفي وغياب المواطن المنخرظ بانتظام في العمل السياسي تتحمَّلها الأحزاب السياسية التي لم تقم بدورها الذي ينصُّ عليه القانون والمتمثل في تأطير المواطنين سياسيا.
وما يزيد في الطين بلَّةً، هو أن الناخبين الظرفيين ليسوا كلُّهم مقتنعين بما يقومون به من تأييد لهذا أو ذاك الطرف. فمنهم مَن يجعل من الانتخابات مصدرَ استرزاق ومنهم مَن له حاجة في نفس يعقوب. ومنهم مَن يتربَّص الفرصَ لقضاء مصلحة ما ومنهم مَن يختار الشخصَ بغض النظر عن برنامجه الانتخابي وانتمائه السياسي…
ولهذا، فعددٌ لا يستهان به من الناخبين الظرفيين، عوض أن يساهموا في تحسين المشهد السياسي، فإنهم يؤثِّرون عليه سلبا ويمهِّدون الطريقَ للفاسدبن للوصول إلى مراكز السلطة.
وما يزيد في بلَّة الطين بلَّةً أخرى، هو أن المواطنين المنخرطين في الشأن السياسي بانتظام وباستمرار، أصبحوا عُملةً نادرةً بحكم عزوفهم عن السياسة، وبالتالي، عن الانتخابات أو من جراء إهمال الأحزاب السياسية لأهم دور منوطٍ بها ألاَ و هو تأطيرهم السياسي.
وهنا يجب، كيفما كان الحال، أن لا نُنكِرَ أن المواطن يتحمَّل جزأً من المسئوليةً في غيابه عن الشأن السياسي، لكن الجزءَ الأكبر تتحمَّله الأحزاب السياسية التي أهملت التأطيرَ ونسيت تجديدَ النُّخب وهمَّشت الشباب وزاغت عن مبادئها ولم تعد تهتمُّ إلا بالأعيان لأنهم ورقة رابحة. الأعيان الذين، بحكم نفوذهم وثرواتهم وجاهِهم قادرون على استقطاب عددٍ لا يستهان به من الناخبين الظرفيين، هذا إن لم يقطعوا الطريقَ على المناضلين الحقيقيين للوصول إلى كراسي السلطة.
فكيف لمشهدٍ سياسيٍ يتحكَّم فيه الأعيان أن يتطوَّرَ ويسيرَ بالبلاد إلى الرُّقيِّ والازدهار والتَّقدُّم؟ هل رأيتم، في يومنا هذا، أعيانا يفكِّرون في شيء آخر غير مصلحتهم؟ الأعيان لا يتقنون إلا لغةَ "التبزنيس". و دخولهم إلى عالم السياسة يفتح لهم جميع الأبواب "باش يتهلَّو في تبزنيسهم".
ولهذا، أنا شخصيا، لا أنتظر أن تأتيَ الاستحقاقات السابقة أو المقبلة بجديدٍ أو بتغيير لأن أحزابَنا السياسية ضعيفة إلى حدٍّ كبير، إن لم أقل أنها تحتضر. وأضعفت معها كل ما هو مرتبط بالسياسة من ديمقراطية وانتخابات ومجتمع مدني ودستور وقوانين… علما أن الضحية الأولى والأخيرة لهذا الوضع هو المواطن وتطلُّعُه إلى العيش بعِزٍّ وكرامة.
فعوض أن تستيقظ هذه الأحزاب من سُباتها وتقوم بنقد ذاتي عميق ومسئول، فإنها تكرِّس ضعفَها الذي عبَّرت عنه، دون أن تشعُرَ، بتبنيها القاسم الانتخابي. وعِوض أن تستقطبَ النُّخبَ الفكريةَ إلى صفوفها كما كان الشأن في الماضي، فإنها امتلأت بالأعيان الذين لن يسمحوا بالتجديد وبإدخال نَفَسٍ آخر غير الذي يتماشى مع إرادتهم. أحزاب سياسية لم تعد إلا مجموعة من الأفراد تتضارب مصالحُهم الشخصية. أحزاب سياسية تخاف أن لا يُعادَ انتخابُ أعضائها عوض أن تهتمَّ بمصلحة البلاد ومستقبلها.
فهل الأحزاب السياسية خُلِقت لتمثِّلَ الشعب وتنوب عنه أم هي، حصريا، لِجان انتخابية؟ ما كانت تقوم به الأحزابُ من توعية وفكر وتكوين وتأطير في الماضي، اندثر و ولَّى إلى درجة إن هذه الأحزاب نسيت أو تناست روَّادها الأوائل الذين كان لهم الفضل في إعطاءِ السياسةَ والنضالَ والديمقراطية معانيها النبيلة. اليوم، الأحزاب السياسية تميَّعت وأصبحت بدون طَعمٍ، بدون لون وبدون ذوق.
المشكل كل المشكل هو أن الديمقراطية غير ممكنة بدون أحزاب سياسية. لو كان هذا الأمر ممكنا لكان له مؤيِّدون كُثُرٌ. أكاد أقولُ أن الأحزاب السياسيةَ شر لا بد منه. ولهذا، فلا مناصَ لهذه الأحزاب من إعادة النظر في سببِ وجودِها وفي مفهوم السياسة وفي ارتباطها بالشعب وهمومه وتطلُّعاته.
حمدا لِلَّه أن بلدنا يقودها ملكٌ يحب وطنَه و يغير عليه ويرفعُه باستمرار إلى أرقى الدرجات.