أدب السجون عبد الحسن حسين يوسف - الاسطبل الذي حوله البعثيون الى معتقل

كان يوم 15/1972 يوماً تاريخياً بالنسبة لي فقد نوديَ عليَّ مع مجموعة من المعتقلين الشيوعيين, وكان بانتظارنا المقبور (حسين المطير) رئيس الهيئة التحقيقية الثانية, كنا اربعة عشر شيوعيا جميعنا من العسكريين كان اعلانا رتبة هو ملازم اول في الجيش (محمد علي عبود) واصغرهم رتبة هو أنا اذ كنت جنديا.
اعلن لنا المقبور حسن المطير بأننا سنخرج من سجن قصر النهاية وانه ينقل لنا حرفياً ما قاله (ابو حرب) ويقصد بذلك المقبور (ناظم كزار) الذي كان في وقته مدير الامن العام.
عدنا الى القاعة لنجمع حاجياتنا البسيطة ونودع زملاءنا ورفاقنا الذين حملونا سلامهم الى اهلهم وهم يتصورون اننا سيطلق سراحنا مباشرة بعد خروجنا من قصر النهاية ولكننا بدلا من ذلك شحننا بسيارات المعتقل مع نفس الوجوه المجرمة التي رافقتنا منهم المجرم قيس والمجرم هاشم والمجرم عبد حاشوش ليوصلونا الى وزارة الدفاع في الباب المعظم وتحديدا الى مديرية الاستخبارات العسكرية واذا بنا نودع السجن مرة اخرى وكان هذا السجن لايقل فظاعة عن قصر النهاية.
يقع سجن الاستخبارت العسكرية في منطقة الكسرة, قريب من ملعب الكشافة ويسمونه (سجن الخيالة) لانه بالاساس كان اسطبل لخيول البلاط الملكي وقد حوله نظام حزب البعث بعد 8 شباط 1963 الى معتقل للشيوعيين ثم استورثه حكم العارفيين من البعث ليبقى نزلائه الشيوعيون فقط وعندما عاد البعث الى السلطة في 17 تموز 1968 عادت ملكية المعتقل الى مسؤوليه ليحوله هذه المرة الى معتقل (خمسة نجوم).
نزلنا في غرف هذا المعتقل الراقي التي هي عبارة عن معالف للخيول لايزيد ارتفاع المعلف عن متر ونصف, مسقف بصفائح الحديد (الجينكو). ليس في الغرف أي نوافذ عدا فتحة صغيرة في الباب يسمح للحرس برؤيتنا ولضباط المعتقل بشتمنا متى ما شعروا بالضيق او الارهاق.
كنا خمسة في معلف واحد.. آسف في ((غرفة)) هم الملازم اول محمد علي عبود البطاط والملازم المهندس ماهر الشابندر والنائب الضابط حسين نعمة وملازم ايراني متهم بالتسلل الى العراق وكاتب هذه السطور.
كنا نعيش تحت لهيب شهر آب يظلنا سقف من (الجينكو) فتخيلوا حرارة هذه الغرفة وكيف استطعنا ان نبقى على قيد الحياة. كل ما اريد قَوله ان البعثيون حكموا العراق خمسة وثلاثين سنة بهذه الطريقة ويتباكون الان على حقوق الانسان!



الحوار المتمدن-العدد: 1476 - 2006 / 3 / 1 - 11:26

تعليقات

لا توجد تعليقات.

هذا النص

ملف
أدب السجون والمعتقلات
المشاهدات
331
آخر تحديث
أعلى