النِّفاق السياسي هو أن يقولَ محترفو وممارسو السياسة، بجميع مواقعهم، عكسَ ما يُفكِّرون فيه وعكسَ ما هم في باطن أنفسهم مُقتنِعون به.
وهذا النوع من النّفاق هو الذي يسودُ جلَّ أركان المشهد السياسي بهذا البلد السعيد إن على مستوى الأحزاب السياسية أو الجهاز التنفيذي أو التشريعي أو التدبير المحلّي.
وجوانب النِّفاق السياسي كثيرة ومتعدِّدةُ الأنواع. مثلا، فكم من مرّة يُطلُّ علينا مسئول سياسي أو حكومي أو برلماني أو مُدَبِّرٌ محلّي، فينْساق في سرد بلاغتِه الإنشائية ليدافعَ أو يُشِيدَ بوضع اجتماعي، اقتصادي، ثقافي، قانوني، الخ. وهو يُدرِك تمام الإدراك أن غالبيةَ المواطنين غيرُ راضين عنه أو غير مقتنعين به.
ما أخطر هذا النوع من البشر على المجتمع وعلى البلاد برمتها! يريدون أن يفرضوا على الناس واقعا لا يوجَد، في غالبية أطواره، إلا على الورق (أُو شوف تشوف).
والخطورة هنا تكمن في تكريس واقعٍ جلُّ المواطنين غير راضين عنه ويريدون أن يبتلعَه هؤلاء المواطنون باللجوء إلى الحرفِ المنمَّقِ والجُمل الرنَّانة وإلى القوانين غير المطبَّقة أو المطبَّقة حسب ما تميل إليه الأهواء.
وأخطر من الخطورة هو أن يصدُرَ النِّفاق عن إنسان مثقّف و واعي. لأن الجاهل أو الأمِّيَ (قد لا يُلامُ) على جهله. في هذه الحالة، يصبح المثقَّفُ الواعي أخطر بكثير من الجاهل لأنه عِوَض أن يبني، فإنه يخرب أو على الأقل لا يساعد على التغيير.
قد يقول قائل، إنهم بنفاقهم هذا، منسجِمون مع أفكارهم وتوجُّهاتهم السياسية. نعم وبكل تأكيد. بل إنه من المنطقي أن يتصرَّفوا هكذا تصرُّف. لكن أين تأنيب الضمير؟
وهنا بيت القصيد. هذا إذا كان لهم ضمير يُعاتِبهم على ممارساتهم المنافِقة. لكن ضميرَهم، عِوَض أن يُعاتبَهم، فإنه هو الذي يُملي عليهم التفنُّنَ في أساليب النفاق لا لشيء إلا للحفاظ على كراسيهم. وليذهب المواطنون إلى الجحيم!
ولو استعملوا فعلا نقاءَ الضمير، لأعادت الأحزاب السياسية النظرَ في وجودها ولاستقالت الحكومة والبرلمان برمَّتيهما. وهو الشيء الذي لم نشهدْه في هذا البلد السعيد مند أن قيلَ إن هذا الأخيرَ دخل عالمَ الديمقراطية، وربما لن نشهدَه في مستقبل قريب.
تحت سموات أخرى، فاجأ وزيرٌ برلمانَ بلاده بتقديم استقالته لأنه، فقط، تأخّر بربع ساعة عن الموعد الذي كان مقرَّرا لبدء جلسة برلمانية.
في هذا البلد السعيد، يتأخّر وزيرٌ أو لا يتأخر، يحضرُ أو لا يحضر، الأمران سوِيَّان. وقد يكون عدمُ حضوره أحسنَ من حضوره.
وكأن أحزابَنا السياسية ومسئولينا وبرلمانيِّينا ومُدبِّري شأننا المحلي اختاروا، عن طوع، أن يتركوا ضمائرَهم الحيَّة في ثلاجات إلى حين. وأن يتسلَّحوا بضمائر منافِقة لمواجهة واقع يومي يُدْرِكُونَ تمام الإدراك أنه مُرٌّ. هل هذه هي الديمقراطية؟ أين المواطنة؟ أين السياسة بمعناها النبيل؟ أين الشعور بالمسئولية؟ أين،فقط، الإنسانية؟
وهذا النوع من النّفاق هو الذي يسودُ جلَّ أركان المشهد السياسي بهذا البلد السعيد إن على مستوى الأحزاب السياسية أو الجهاز التنفيذي أو التشريعي أو التدبير المحلّي.
وجوانب النِّفاق السياسي كثيرة ومتعدِّدةُ الأنواع. مثلا، فكم من مرّة يُطلُّ علينا مسئول سياسي أو حكومي أو برلماني أو مُدَبِّرٌ محلّي، فينْساق في سرد بلاغتِه الإنشائية ليدافعَ أو يُشِيدَ بوضع اجتماعي، اقتصادي، ثقافي، قانوني، الخ. وهو يُدرِك تمام الإدراك أن غالبيةَ المواطنين غيرُ راضين عنه أو غير مقتنعين به.
ما أخطر هذا النوع من البشر على المجتمع وعلى البلاد برمتها! يريدون أن يفرضوا على الناس واقعا لا يوجَد، في غالبية أطواره، إلا على الورق (أُو شوف تشوف).
والخطورة هنا تكمن في تكريس واقعٍ جلُّ المواطنين غير راضين عنه ويريدون أن يبتلعَه هؤلاء المواطنون باللجوء إلى الحرفِ المنمَّقِ والجُمل الرنَّانة وإلى القوانين غير المطبَّقة أو المطبَّقة حسب ما تميل إليه الأهواء.
وأخطر من الخطورة هو أن يصدُرَ النِّفاق عن إنسان مثقّف و واعي. لأن الجاهل أو الأمِّيَ (قد لا يُلامُ) على جهله. في هذه الحالة، يصبح المثقَّفُ الواعي أخطر بكثير من الجاهل لأنه عِوَض أن يبني، فإنه يخرب أو على الأقل لا يساعد على التغيير.
قد يقول قائل، إنهم بنفاقهم هذا، منسجِمون مع أفكارهم وتوجُّهاتهم السياسية. نعم وبكل تأكيد. بل إنه من المنطقي أن يتصرَّفوا هكذا تصرُّف. لكن أين تأنيب الضمير؟
وهنا بيت القصيد. هذا إذا كان لهم ضمير يُعاتِبهم على ممارساتهم المنافِقة. لكن ضميرَهم، عِوَض أن يُعاتبَهم، فإنه هو الذي يُملي عليهم التفنُّنَ في أساليب النفاق لا لشيء إلا للحفاظ على كراسيهم. وليذهب المواطنون إلى الجحيم!
ولو استعملوا فعلا نقاءَ الضمير، لأعادت الأحزاب السياسية النظرَ في وجودها ولاستقالت الحكومة والبرلمان برمَّتيهما. وهو الشيء الذي لم نشهدْه في هذا البلد السعيد مند أن قيلَ إن هذا الأخيرَ دخل عالمَ الديمقراطية، وربما لن نشهدَه في مستقبل قريب.
تحت سموات أخرى، فاجأ وزيرٌ برلمانَ بلاده بتقديم استقالته لأنه، فقط، تأخّر بربع ساعة عن الموعد الذي كان مقرَّرا لبدء جلسة برلمانية.
في هذا البلد السعيد، يتأخّر وزيرٌ أو لا يتأخر، يحضرُ أو لا يحضر، الأمران سوِيَّان. وقد يكون عدمُ حضوره أحسنَ من حضوره.
وكأن أحزابَنا السياسية ومسئولينا وبرلمانيِّينا ومُدبِّري شأننا المحلي اختاروا، عن طوع، أن يتركوا ضمائرَهم الحيَّة في ثلاجات إلى حين. وأن يتسلَّحوا بضمائر منافِقة لمواجهة واقع يومي يُدْرِكُونَ تمام الإدراك أنه مُرٌّ. هل هذه هي الديمقراطية؟ أين المواطنة؟ أين السياسة بمعناها النبيل؟ أين الشعور بالمسئولية؟ أين،فقط، الإنسانية؟