لأول مرة منذ ارتقائهم في الثالث من تموز الماضي،عرَّجت عند عودتي من مناسبة إلى أضرحتهم هناك على باب مدرسة الوكالة،،فنازعتني دمعة حزينة،وقفت أمام أضرحتهم التي تبث الطمأنينة في الروح المجبولة بألم الفقدان والحزن،مجدي يتوسط عليّ وأحمد...
قرأتُ أمَّ الكتاب،وتركت لروحي الصمت،وأنا اشاهد أمامي ورود المسك ساحبةً في ملكوت الله،وفي ذاكرتي ما يتوراد على السنة معظم الناس من تزاحم وصراخ على فتات الحياة...شعرتُ كم هي المسافة طويلة بين طلاب المجد وطلاب الفناء...
كم هي الحياة مريحة عندنا تطلب الارواح النقية التي لم تلوثها الدنيا السمو المتمثل بالشهادة،وكم هو الموت برائحته العفنة الذي تطلبه الارواح الملوثة من فتات الدنيا وزخرفها...
كلما نقلت عيني بين وجه مجدي وسماحة أحمد،شدتني ابتسامة عليّ...كلما دققت في نضارة أحمد شدني براءة مجدي،وأخذتني عفوية عليّ التي تنضح من صورته البهية...ولولا وجود غلمان من القدس شدوا الرحال الى اضرحتهم لجثوت على ركبتيّ لأبوح لهم بعض ما في صدري،وأشكو لهم بعض من صور حلت مكانهم بعد أن رحلوا....
كنت سأقول لمجدي،هذا الذي لا اعتقد أني كلمته يوما،لكن بعد أن ارتقى ،شعرت أني اعرفه منذ ولد،مجدي الذي أبكى القلوب والعيون،الأرض والسماء،الانفاس التي تسكن الهواء،مجدي الذي أبكى الحصى والرمال،السهول والجبال،الوديان والتلال...
كنت سأقول له المخيّم بخير،رغم أن من ورثوا الفساد تربية لازالوا يمارسون انحطاط اخلاقهم،فهم لا يسرقون في وضح النهار فقط،بل يجاهرون في عيون وقحة والسنة شيطانية،يخوضون في عبق الشهداء،ويحاولون تمريغ انوفهم السيئة في لوحتكم التي رسمتموها...
كنت سأقول له،يا مجدي،يا احمد،يا عليّ... يا فتيان الصفاء...أيها الصادقون في بحر الاكاذيب...لم تكن كلُّ العيون التي كانت ترقب فعلكم ورحيلكم صادقة الحزن عليكم،ولم تكن كل القلوب التي نضحت بالحسرة عليكم وفيّة،ولم تكن كل الحناجر التي زفتكم لمرقد اجسادكم الطاهرة نظيفة... لقد حملوا من حينها مناجل الحصاد...وصوّر لهم الشيطان مليء الجيوب حتى لو كان حراما قادما من دماء وخطوب...وسال لعابهم الاسود على نهش ما سقط من لحم ميّت حول الكروب...
يأ مجدي..بينكم وبين ما يبيتون،مسافة بين الابيض والأسود،بين الارض والسماء،بين الرضى والسخط،بين الرحمن والشيطان،بين الجنة التي فزتم بها والنار التي تطلبوهم فيلبون...بين الاعلى والأسفل...بين الحق والباطل
لقد كان فعلهم وما زال،منكرا،مستحقرا،مستقذرا...هذا في الحالة العادية،فكيف عندما يخوضون بأعمالهم الشريرة في فضاء عطركم،في نعيم بستانكم ؟...ألا يعلمون أن فعلهم هذا كالزانية التي تطلب البغاء في ساحة الكعبة...؟!
يا مجدي...سامحني...لقد هز كلامي سرائركم في جنانكم...لكنها آيات البوح في صلاة الشكوى في محراب الاضرحة المجبولة بالمسك...
قلت ذلك ومشيت...لقد بكيت حتى خجلت دموعي من مجدي الذي عندما تلفت إلى الخلف رأيته يرمقني بعيون صامتة... تحركت نحو المخيّم كئيبا حزينا،حان وقت الغروب،توجهت للمسجد لأداء صلاة المغرب بنفس مكتئبة... جلست انتظر الاقامة على المقعد الخلفي ...فدخل رفاق مجد وعليّ وأحمد خلف بعضهم ،يلبسون السواد،ويمتشقون السلاح...ركنوا سيوفهم جانبا،بعضهم حيا المسجد بركعتين،وآخرون توضئوا وعادوا،وعندما اقيمت الصلاة... وضع أحدهم سلاحه بين قدميّة حتى لا يترك فرجه للشيطان بينه وبين جاره في صف الصلاة...أشعرني التلذذ في النظر اليهم أن هناك جانب أبيض مشرق لا زال موجودا حيا في انفاسنا،في تفاصيل حياتنا ...فمن يحسب حساب من يقف الى جانبة في الصلاة،ولا يضايقه بسلاحه أمين،صادق،مخلص،كما كان مجد وعليّ واحمد وغيرهم.فعرفت سر نظرت مجدي الصامتة التي ارسلها خلفي عندما غادرت الاضرحة الغناء.
عصري فياض
قرأتُ أمَّ الكتاب،وتركت لروحي الصمت،وأنا اشاهد أمامي ورود المسك ساحبةً في ملكوت الله،وفي ذاكرتي ما يتوراد على السنة معظم الناس من تزاحم وصراخ على فتات الحياة...شعرتُ كم هي المسافة طويلة بين طلاب المجد وطلاب الفناء...
كم هي الحياة مريحة عندنا تطلب الارواح النقية التي لم تلوثها الدنيا السمو المتمثل بالشهادة،وكم هو الموت برائحته العفنة الذي تطلبه الارواح الملوثة من فتات الدنيا وزخرفها...
كلما نقلت عيني بين وجه مجدي وسماحة أحمد،شدتني ابتسامة عليّ...كلما دققت في نضارة أحمد شدني براءة مجدي،وأخذتني عفوية عليّ التي تنضح من صورته البهية...ولولا وجود غلمان من القدس شدوا الرحال الى اضرحتهم لجثوت على ركبتيّ لأبوح لهم بعض ما في صدري،وأشكو لهم بعض من صور حلت مكانهم بعد أن رحلوا....
كنت سأقول لمجدي،هذا الذي لا اعتقد أني كلمته يوما،لكن بعد أن ارتقى ،شعرت أني اعرفه منذ ولد،مجدي الذي أبكى القلوب والعيون،الأرض والسماء،الانفاس التي تسكن الهواء،مجدي الذي أبكى الحصى والرمال،السهول والجبال،الوديان والتلال...
كنت سأقول له المخيّم بخير،رغم أن من ورثوا الفساد تربية لازالوا يمارسون انحطاط اخلاقهم،فهم لا يسرقون في وضح النهار فقط،بل يجاهرون في عيون وقحة والسنة شيطانية،يخوضون في عبق الشهداء،ويحاولون تمريغ انوفهم السيئة في لوحتكم التي رسمتموها...
كنت سأقول له،يا مجدي،يا احمد،يا عليّ... يا فتيان الصفاء...أيها الصادقون في بحر الاكاذيب...لم تكن كلُّ العيون التي كانت ترقب فعلكم ورحيلكم صادقة الحزن عليكم،ولم تكن كل القلوب التي نضحت بالحسرة عليكم وفيّة،ولم تكن كل الحناجر التي زفتكم لمرقد اجسادكم الطاهرة نظيفة... لقد حملوا من حينها مناجل الحصاد...وصوّر لهم الشيطان مليء الجيوب حتى لو كان حراما قادما من دماء وخطوب...وسال لعابهم الاسود على نهش ما سقط من لحم ميّت حول الكروب...
يأ مجدي..بينكم وبين ما يبيتون،مسافة بين الابيض والأسود،بين الارض والسماء،بين الرضى والسخط،بين الرحمن والشيطان،بين الجنة التي فزتم بها والنار التي تطلبوهم فيلبون...بين الاعلى والأسفل...بين الحق والباطل
لقد كان فعلهم وما زال،منكرا،مستحقرا،مستقذرا...هذا في الحالة العادية،فكيف عندما يخوضون بأعمالهم الشريرة في فضاء عطركم،في نعيم بستانكم ؟...ألا يعلمون أن فعلهم هذا كالزانية التي تطلب البغاء في ساحة الكعبة...؟!
يا مجدي...سامحني...لقد هز كلامي سرائركم في جنانكم...لكنها آيات البوح في صلاة الشكوى في محراب الاضرحة المجبولة بالمسك...
قلت ذلك ومشيت...لقد بكيت حتى خجلت دموعي من مجدي الذي عندما تلفت إلى الخلف رأيته يرمقني بعيون صامتة... تحركت نحو المخيّم كئيبا حزينا،حان وقت الغروب،توجهت للمسجد لأداء صلاة المغرب بنفس مكتئبة... جلست انتظر الاقامة على المقعد الخلفي ...فدخل رفاق مجد وعليّ وأحمد خلف بعضهم ،يلبسون السواد،ويمتشقون السلاح...ركنوا سيوفهم جانبا،بعضهم حيا المسجد بركعتين،وآخرون توضئوا وعادوا،وعندما اقيمت الصلاة... وضع أحدهم سلاحه بين قدميّة حتى لا يترك فرجه للشيطان بينه وبين جاره في صف الصلاة...أشعرني التلذذ في النظر اليهم أن هناك جانب أبيض مشرق لا زال موجودا حيا في انفاسنا،في تفاصيل حياتنا ...فمن يحسب حساب من يقف الى جانبة في الصلاة،ولا يضايقه بسلاحه أمين،صادق،مخلص،كما كان مجد وعليّ واحمد وغيرهم.فعرفت سر نظرت مجدي الصامتة التي ارسلها خلفي عندما غادرت الاضرحة الغناء.
عصري فياض