ما يجري أمام الملأ من تجاوزات وخروقات للقانون، في الحياة اليومية، وبالأخص في الجماعات المحلية، لا يبشٍّرُ بالخير!
في الحياة اليومية، يكفي الوقوف في الشوارع والأزقة وملتقى الطرقات والساحات العمومية والحدائق والمساحات الخضراء… لملاحظة ما تتلقَّاه المواطنةُ من تعديب من طرف شريحة عريضة من المواطنين. فوضى عارمة تجعل الملاحظَ يظن أن لكل مواطن قانونا خلقه لنفسه بغض النظر عن القانون العام الذي يفرضه حسن الجوار والتَّساكن والتَّعايش. كما تجعل نفسََ الملاحظ يجزم بأن المواطنة ليست إلا وهما أو حبرا على ورق يؤمن بها الكثير ويدوسها بالأقدام الكثير المضاعف.
والأمثلة، في هذا الباب، كثيرة بقدر كثرة أولئك الذين، بالنسبة لهم، تبقى المواطنة مجرد شعار أَفرِغَ من محتواه ومسجونة في الأدمغة وممنوعة من التَّبلور على أرض الواقع. وهكذا، فإن الفضاءَ العمومي يصبح ملكا لأول مَن يحتله وبدون رسمٍ عقاري. كما أن الفضاءات المخصصة لرَكنِ السيارات، في الشوارع والأزقة، أصبح يتصرف فيها الحراس كما يشاؤون. بل إنهم هم الذين يخلقون قوانين خاصة بهم. يركنون السيارات حيث يشاؤون وحتى فوق الأرصفة. والملاحظ اليوم، إنهم يتوفرون على صفارات، وأحيانا، ينظمون السيرَ!
الرصيف ملك عمومي و وقوف السيارات له قانونه والسلطات عليها أن تحمي الرصيف وتطبِّق القانون. فإذا كانت هذه السلطات التي تحدث عنها ملك البلاد في إحدى خُطب عيد العرش، فلا تنتظروا منها شيئا. إنها تتقن كل شيء إلا تطبيق القانون. السلطات، أي الإدارة العمومية، عائق كبير من عوائق التنمية في المغرب. والمواطن لا يدخل بتاتا في أولوياتها. وإذا قدمت لهذا المواطن خدمة، كن على يقين أنها تعتبرها إحسانا أو تبرعا وليس واجبا على الإطلاق.
أما إذا توجَّه الملاحِظ إلى الإدارات العمومية والجماعات المحلية، فحدِّث ولا حرج. فكل مَن لم تُتَحْ له الفرصة لمعاينة الزبونية والمحسوبية، فما عليه إلا أن يلجَ هذه المرافق ليراهما بأمِّ عينيه. يراهما أحيانا أمام الملأ وبكل وقاحة. فما على هذا الملاحظِ إلا أن يضبظَ أعصابَه، أو من الأحسن، أن يتخلَّصَ منها قبل الدخول إلى هذه المرافق.
أنا لا أضع كل المواطنين، كما يُقالُ، في نفس السلة. لكن المثل المغربي يقول : "حوتة وحدة كَتْخَنّْزْ الشواري". وهذا يعني أن عدمَ احترام المواطمة مرضٌ معدي قد يؤدي إلى مضاعفة أنانيةَ الأشخاص وتبنِّيهم مبدأَ " ومن بعدي الطوفان".
أما ما شاهدناه في بعض الجماعات المحلية من فوضى وضربِ القانون عرض الحائط، شيءٌ لا يُطاق في بلاد تدعي أحزابُها السياسية أنها ديمقراطية وتحترم الديمقراطية. فهذا يقول لأحد المستشارين : "خرجو عليَ هدْ الكلب"، وهذا يحرم مستشارا آخر من أخذ الكلمة، وهذه جماعاتٌ محلية تتحوَّل اجتماعاتُها إلى حلباتٍ للملاكمة والضرب والرَّكل… السؤال الذي يفرض نفسَه هو : "أين هي السلطاتُ أمام هذه المهازل التي تضرب في العمق السياسة بمعناها النَّبيل؟".
إن صمتَ وغيابَ السلطات أمام هذه الكوارث خطير جدا ويمكن تأويلُه وتفسيرُه بما لا يُحمدُ عقباه. ومَن يقول إن السلطات لا علمَ لها بما يجري داخلَ الجماعات المحلية، لن يصدِّقَه أحدٌ. لماذا؟ لسببٍ بسيطٍ هو أن أحد وزراء الحكومة الحالية سبق أن قال لأحد المواطنين : "إني أعرف لونَ الجوارب التي ترتديها". فما بالُك بالكوارث والمهازل التي تحدث أمام الملأ! فما هي التَّأويلات التي يمكن استخلاصُها من الضربات التي تتلقَّاها السياسة بمعناها النَّبيل؟
1.لا أحدَ يُعذرُ بجهله للقانون. قد يُعذَرُ بعض المواطنين بجهلهم للقانون بحُكم أمِّيتهم، لكن أن يجهلَه مَن يمتهنون السياسة من أجل الوصول إلى السلطة، فهذا شيءٌ مرفوضٌ اجتماعيا، أخلاقيا وسياسيا. في هذه الحالة، فكل جهلٍ للقانون فهو إذن مُتعمَّدٌ، أي أن جهلَ القانون تمَّ عن قصدٍ وعن وعيٍ. بل ما هو موثوق به هو تجاهل القانون أو الالتفافُ عليه.
2.المواطنة سلاح يصلح فقط للحملات الانتخابية، لذرِّ الرماد على العيون ولتجميد العقول وتخديرها. وهذا يعني أن المواطنة ليست إلا شعارٌ يتلاعب به السياسيون الانتهازيون كما يشاؤون ووقتَ ما يشاؤون. بل إن السياسةَ، بالنسبة لهؤلاء الانتهازيين، وسيلةٌ تساعدهم على تغيير الوجوه كلما دعت الضرورة إلى ذلك. كما أن المواطنةَ، عندما يدافع عنها الآخرون، فهي سذاجة. وعندما يمارسونها هم، فهي وسيلةٌ لتحقيق أغراضٍ في نفس يعقوب.
3.جٌل الجماعات المحلية عبارة عن تواجد أشخاص انتهازيين كل واحدٍ منهم له هدفٌ خاص به ولا علاقة له بالصالح العام. هدفٌ يريد تحقيقَه بطريقة أو أخرى، وكيفما كان الحال، بطريقة غير مشروعة وبالتَّحايُلِ على القانون. فهذا يريد أن يستفيدَ من ريعٍ وهذا يريد أن يستفيدَ من صفقة وهذا يريد أن يبيعَ صوتَه مقابل ربحٍ معيَّنٍ وهذا يريد أن يطالَ الريعُ أو الربحُ أقاربَه وذويه… وهذا يعني أن الجماعةَ المحليةَ تصبح عبارة عن غنيمة أو فريسة قابلة للاقتسام بين المستشارين. كل واحد من هؤلاء المستشارين له نصيبٌ منها أو فيها. بل إن المستشارين، عندما اختاروا الدخولَ للسلطة المحلية، كانوا يعتبرون الجماعةَ المحليةَ غنيمةً يجب الاستفادةُ منها. ولهذا، فإذا لم يحصل مستشارٌ أو مستشرون على النصيب الذي كان/كانوا ينتظره/ينتظرونه والذي، ربما، قد أنفقوا أموالاً من أجله، قد يكونون مستعدين للقيام بأبشع الأمور من ملاكمةٍ وصراعٍ بالأيدي والأرجل. وقد يصل الأمرُ إلى صراعاتٍ مُمِيتة. وما يزيد في الطين بلَّةً هو أن المتصارعين بالأيدي والأرجل لم يعد يهمهم الرأي العام وما سيقول عنهم مَن انتخبونهم. ما يهمهم هو الحصول على نصيبهم من الكعكة إن طوعاً أو بالقوة. وهذا دليلٌ قاطعٌ على أن الغنائمَ ضخمة ومُسيلةٌ لللعاب.
4.السياسة بمعناها النبيل والأحزاب السياسية التي تمارس هذه السياسة، غير ناضجة على الإطلاق وأن ما يهمُّها هو الوصول إلى السلطة والاستفادة من مزاياها بل واستغلالُها لتحقيق أغراضٍ شخصية لا علاقةَ لها بالصالح العام. بل إن الأحزابَ السياسةَ هي مصدر الفساد إن على المستوى المحلي أو الوطني. وما يزيد في الطين بلَّةً هو أن بعضَ السياسيين الفاسدين والمفسدين استطاعوا، من خلال فساد أحزابهم، أن يصلوا إلى أماكن صُنع القرار والتَّأثير على المشهد السياسي لجعله يصبُّ في صالحهم عوض الصالح العام. فلا غرابةَ أن يبقى الفقرُ منتشرا في البلاد وأن تنخرَ الأمية شريحةً عريضةً من المواطنين وأن تتدهورَ جودة التعليم بانتظامٍ وأن تسودَ الأنانية والجريُ وراء الماديات وأن تستفيدَ من ثروات البلاد طُغمةٌ صغيرة…
5.السياسة بمعناها النبيل والانتخابات والقوانين والتَّشريعُ وتقارير المجلس الأعلى للحسابات لا قيمةَ لها. بل حتى الدستور تُضربُ مضامينُه عرض الحائط. وكل هذا يحدث على مرآى ومسمع السلطات المعنية من رئاسة الحكومة وقضاءٍ وداخليةٍ وبرلمان وأحزاب سياسية وأغلبية ومعارضة وإعلام ومجتمع مدني… ولا مَن يحرِّك ساكناً… السياسة أفسدت كل شيءٍ… و لك الله يا وطني…
وفي ختام هذه المقالة، هناك شيءٌ يصعب على العقول السليمة إدراكُه : المواطنة وحب الوطن هما اللذان، بدون أدنى شك، دفعا و يدفعان المواطنين، من كل حدبٍ وصوبٍ، ليهبُّوا، كرجل واحدٍ، لمساعدة ومواساة إخوانهم المتضرٍّرين من زلزال الحوز والنواحي. السؤال الذي يفرض نفسَه هنا هو : "لماذا لا تحضر المواطنةُ وحبُّ الوطن في التَّصرُّفات اليومية للمواطنين أو، بعبارة أخرى، في تصرُّفات الحياة اليومية للمواطنين؟". واللهِ لأمرٌ غريبٌ! فهل المواطنة درجات؟ ما أعرفُه أنا شخصيا هو : المواطنة إما أن تكونَ وإما أن لا تكون!
في الحياة اليومية، يكفي الوقوف في الشوارع والأزقة وملتقى الطرقات والساحات العمومية والحدائق والمساحات الخضراء… لملاحظة ما تتلقَّاه المواطنةُ من تعديب من طرف شريحة عريضة من المواطنين. فوضى عارمة تجعل الملاحظَ يظن أن لكل مواطن قانونا خلقه لنفسه بغض النظر عن القانون العام الذي يفرضه حسن الجوار والتَّساكن والتَّعايش. كما تجعل نفسََ الملاحظ يجزم بأن المواطنة ليست إلا وهما أو حبرا على ورق يؤمن بها الكثير ويدوسها بالأقدام الكثير المضاعف.
والأمثلة، في هذا الباب، كثيرة بقدر كثرة أولئك الذين، بالنسبة لهم، تبقى المواطنة مجرد شعار أَفرِغَ من محتواه ومسجونة في الأدمغة وممنوعة من التَّبلور على أرض الواقع. وهكذا، فإن الفضاءَ العمومي يصبح ملكا لأول مَن يحتله وبدون رسمٍ عقاري. كما أن الفضاءات المخصصة لرَكنِ السيارات، في الشوارع والأزقة، أصبح يتصرف فيها الحراس كما يشاؤون. بل إنهم هم الذين يخلقون قوانين خاصة بهم. يركنون السيارات حيث يشاؤون وحتى فوق الأرصفة. والملاحظ اليوم، إنهم يتوفرون على صفارات، وأحيانا، ينظمون السيرَ!
الرصيف ملك عمومي و وقوف السيارات له قانونه والسلطات عليها أن تحمي الرصيف وتطبِّق القانون. فإذا كانت هذه السلطات التي تحدث عنها ملك البلاد في إحدى خُطب عيد العرش، فلا تنتظروا منها شيئا. إنها تتقن كل شيء إلا تطبيق القانون. السلطات، أي الإدارة العمومية، عائق كبير من عوائق التنمية في المغرب. والمواطن لا يدخل بتاتا في أولوياتها. وإذا قدمت لهذا المواطن خدمة، كن على يقين أنها تعتبرها إحسانا أو تبرعا وليس واجبا على الإطلاق.
أما إذا توجَّه الملاحِظ إلى الإدارات العمومية والجماعات المحلية، فحدِّث ولا حرج. فكل مَن لم تُتَحْ له الفرصة لمعاينة الزبونية والمحسوبية، فما عليه إلا أن يلجَ هذه المرافق ليراهما بأمِّ عينيه. يراهما أحيانا أمام الملأ وبكل وقاحة. فما على هذا الملاحظِ إلا أن يضبظَ أعصابَه، أو من الأحسن، أن يتخلَّصَ منها قبل الدخول إلى هذه المرافق.
أنا لا أضع كل المواطنين، كما يُقالُ، في نفس السلة. لكن المثل المغربي يقول : "حوتة وحدة كَتْخَنّْزْ الشواري". وهذا يعني أن عدمَ احترام المواطمة مرضٌ معدي قد يؤدي إلى مضاعفة أنانيةَ الأشخاص وتبنِّيهم مبدأَ " ومن بعدي الطوفان".
أما ما شاهدناه في بعض الجماعات المحلية من فوضى وضربِ القانون عرض الحائط، شيءٌ لا يُطاق في بلاد تدعي أحزابُها السياسية أنها ديمقراطية وتحترم الديمقراطية. فهذا يقول لأحد المستشارين : "خرجو عليَ هدْ الكلب"، وهذا يحرم مستشارا آخر من أخذ الكلمة، وهذه جماعاتٌ محلية تتحوَّل اجتماعاتُها إلى حلباتٍ للملاكمة والضرب والرَّكل… السؤال الذي يفرض نفسَه هو : "أين هي السلطاتُ أمام هذه المهازل التي تضرب في العمق السياسة بمعناها النَّبيل؟".
إن صمتَ وغيابَ السلطات أمام هذه الكوارث خطير جدا ويمكن تأويلُه وتفسيرُه بما لا يُحمدُ عقباه. ومَن يقول إن السلطات لا علمَ لها بما يجري داخلَ الجماعات المحلية، لن يصدِّقَه أحدٌ. لماذا؟ لسببٍ بسيطٍ هو أن أحد وزراء الحكومة الحالية سبق أن قال لأحد المواطنين : "إني أعرف لونَ الجوارب التي ترتديها". فما بالُك بالكوارث والمهازل التي تحدث أمام الملأ! فما هي التَّأويلات التي يمكن استخلاصُها من الضربات التي تتلقَّاها السياسة بمعناها النَّبيل؟
1.لا أحدَ يُعذرُ بجهله للقانون. قد يُعذَرُ بعض المواطنين بجهلهم للقانون بحُكم أمِّيتهم، لكن أن يجهلَه مَن يمتهنون السياسة من أجل الوصول إلى السلطة، فهذا شيءٌ مرفوضٌ اجتماعيا، أخلاقيا وسياسيا. في هذه الحالة، فكل جهلٍ للقانون فهو إذن مُتعمَّدٌ، أي أن جهلَ القانون تمَّ عن قصدٍ وعن وعيٍ. بل ما هو موثوق به هو تجاهل القانون أو الالتفافُ عليه.
2.المواطنة سلاح يصلح فقط للحملات الانتخابية، لذرِّ الرماد على العيون ولتجميد العقول وتخديرها. وهذا يعني أن المواطنة ليست إلا شعارٌ يتلاعب به السياسيون الانتهازيون كما يشاؤون ووقتَ ما يشاؤون. بل إن السياسةَ، بالنسبة لهؤلاء الانتهازيين، وسيلةٌ تساعدهم على تغيير الوجوه كلما دعت الضرورة إلى ذلك. كما أن المواطنةَ، عندما يدافع عنها الآخرون، فهي سذاجة. وعندما يمارسونها هم، فهي وسيلةٌ لتحقيق أغراضٍ في نفس يعقوب.
3.جٌل الجماعات المحلية عبارة عن تواجد أشخاص انتهازيين كل واحدٍ منهم له هدفٌ خاص به ولا علاقة له بالصالح العام. هدفٌ يريد تحقيقَه بطريقة أو أخرى، وكيفما كان الحال، بطريقة غير مشروعة وبالتَّحايُلِ على القانون. فهذا يريد أن يستفيدَ من ريعٍ وهذا يريد أن يستفيدَ من صفقة وهذا يريد أن يبيعَ صوتَه مقابل ربحٍ معيَّنٍ وهذا يريد أن يطالَ الريعُ أو الربحُ أقاربَه وذويه… وهذا يعني أن الجماعةَ المحليةَ تصبح عبارة عن غنيمة أو فريسة قابلة للاقتسام بين المستشارين. كل واحد من هؤلاء المستشارين له نصيبٌ منها أو فيها. بل إن المستشارين، عندما اختاروا الدخولَ للسلطة المحلية، كانوا يعتبرون الجماعةَ المحليةَ غنيمةً يجب الاستفادةُ منها. ولهذا، فإذا لم يحصل مستشارٌ أو مستشرون على النصيب الذي كان/كانوا ينتظره/ينتظرونه والذي، ربما، قد أنفقوا أموالاً من أجله، قد يكونون مستعدين للقيام بأبشع الأمور من ملاكمةٍ وصراعٍ بالأيدي والأرجل. وقد يصل الأمرُ إلى صراعاتٍ مُمِيتة. وما يزيد في الطين بلَّةً هو أن المتصارعين بالأيدي والأرجل لم يعد يهمهم الرأي العام وما سيقول عنهم مَن انتخبونهم. ما يهمهم هو الحصول على نصيبهم من الكعكة إن طوعاً أو بالقوة. وهذا دليلٌ قاطعٌ على أن الغنائمَ ضخمة ومُسيلةٌ لللعاب.
4.السياسة بمعناها النبيل والأحزاب السياسية التي تمارس هذه السياسة، غير ناضجة على الإطلاق وأن ما يهمُّها هو الوصول إلى السلطة والاستفادة من مزاياها بل واستغلالُها لتحقيق أغراضٍ شخصية لا علاقةَ لها بالصالح العام. بل إن الأحزابَ السياسةَ هي مصدر الفساد إن على المستوى المحلي أو الوطني. وما يزيد في الطين بلَّةً هو أن بعضَ السياسيين الفاسدين والمفسدين استطاعوا، من خلال فساد أحزابهم، أن يصلوا إلى أماكن صُنع القرار والتَّأثير على المشهد السياسي لجعله يصبُّ في صالحهم عوض الصالح العام. فلا غرابةَ أن يبقى الفقرُ منتشرا في البلاد وأن تنخرَ الأمية شريحةً عريضةً من المواطنين وأن تتدهورَ جودة التعليم بانتظامٍ وأن تسودَ الأنانية والجريُ وراء الماديات وأن تستفيدَ من ثروات البلاد طُغمةٌ صغيرة…
5.السياسة بمعناها النبيل والانتخابات والقوانين والتَّشريعُ وتقارير المجلس الأعلى للحسابات لا قيمةَ لها. بل حتى الدستور تُضربُ مضامينُه عرض الحائط. وكل هذا يحدث على مرآى ومسمع السلطات المعنية من رئاسة الحكومة وقضاءٍ وداخليةٍ وبرلمان وأحزاب سياسية وأغلبية ومعارضة وإعلام ومجتمع مدني… ولا مَن يحرِّك ساكناً… السياسة أفسدت كل شيءٍ… و لك الله يا وطني…
وفي ختام هذه المقالة، هناك شيءٌ يصعب على العقول السليمة إدراكُه : المواطنة وحب الوطن هما اللذان، بدون أدنى شك، دفعا و يدفعان المواطنين، من كل حدبٍ وصوبٍ، ليهبُّوا، كرجل واحدٍ، لمساعدة ومواساة إخوانهم المتضرٍّرين من زلزال الحوز والنواحي. السؤال الذي يفرض نفسَه هنا هو : "لماذا لا تحضر المواطنةُ وحبُّ الوطن في التَّصرُّفات اليومية للمواطنين أو، بعبارة أخرى، في تصرُّفات الحياة اليومية للمواطنين؟". واللهِ لأمرٌ غريبٌ! فهل المواطنة درجات؟ ما أعرفُه أنا شخصيا هو : المواطنة إما أن تكونَ وإما أن لا تكون!