قبل الدخول في صلب موضوع هذه المقالةِ، فيما يلي، إليكم بعض التَّوضيحات حول ما المقصود بالسرقة وحول الدور الذي، من المفروض، أن يقومَ به السياسي.
السارِق هو ذلك الشخص الذي يستولي أو يسطو، خُفيةً، على ما يملِكُه الغيرُ. والشيء المسروقُ يمكن أن يكونَ ماديا كسرِقة المال أو السيارات أو الحقائب… كما يمكن أن تكون السرقة معنويةً كسرقة الأفكار والمقالات ومحتوى الكتب والأطروحات…
في هذه المقالة، سأتحدَّث عن السرقة بشقَّيها المادي والمعنوي، وخصوصا تلك التي يكون أبطالُها سياسيين. وهذا شيءٌ جاري به العملُ في مجال السياسة لأن هذا الأخير يعجُّ بالسياسيين الانتهازيين الذين يتربَّصون الفرصَ للسَّطوِ، بالحِيَل، بالخداع وبالنفاق، على ما ليس في مِلكِهم.
السياسي، عادةً، دورُه هو تمثيل المواطنين في المؤسسات التي تُعنى بتدبير الشأنين العام المحلي، وفي نهاية المطاف، تدبير شؤون المواطنين، بعد النجاح في الانتخابات التشريعية أو الجماعية. وعلى رأس هذه المؤسسات، يوجد البرلمان، الحكومة والجماعات التُّرابية.
السياسي هو ذلك الرجل أو المرأة، المنوطة بهما، من خلال الانتخابات، مهمة عمومية متمثِّلة في خدمة مصالح المواطنين. وهنا، يمكن تقسيم السياسيين إلى فئتين.
الفئة الأولى تتألف من سياسيين يمارسون السياسة بمعناها النبيل، ألمتمثِّل في خدمة الصالح العام، ومن خلاله، خدمة المواطنين، علما أن هذا النوع من السياسيين، في يومنا هذا، أصبح عُملةً نادرةً.
الفئة الثانية تتألف من سياسيين أختاروا، من أول وهلة، الانخراطَ في عالم السياسة من أجل خدمة مصالحهم الشخصية. وأعضاء هذه الفئة يشكِّلون السَّوادَ الأعظمَ من السياسيين، بمعنى أنهم هم الذين يحتلون عددا كبيرا من كراسي السلطة في البرلمان، وبالأخص، في الجماعات الترابية.
بعد هذه التَّوضيحات حول ماهية السرقة ودور السياسي، السؤال المطروح هو : "ما هي الأشياء التي يمكن للسياسي، المنتمي للفئة الثانية المشار إليها أعلاه، أن يسرقها؟"
أول سرقة التي يقوم بها السياسي المنتمي للفئة الثانية، أي السياسي الذي يرى في ممارسة السياسة أداةً لتحقيق مآربه ومصالحه الشخصية، هي سرقة أصوات الناخبين. لماذا؟
لأن هذا السياسي له نوايا مبيَّتة لا يعلمها إلا هو، وبالتالي، فبالنسبة له، أصوات الناخبين ليست إلا مطية يركبها للوصول إلى تحقيق ما خطَّط له من مآرب وأهداف دنيئة. وبعبارة أخرى، الأصوات التي منحها له المواطنون ليست، بالنسبة له، أمانةً في عنقه، كما يفرض ذلك الدستور والواجب الوطني، وكما تفرض ذلك، أيضا، الأخلاق والأعراف الاجتماعية والوفاء بالأمانة.
انطلاقا من هذه الاعتبارات، فإن السرقةَ الثانية التي يقوم بها السياسي، السيء النية مسبقا، هي سرقة ثقة المواطنين فيه. ومَن يسرق ثقةَ المواطنين، فهو، في نفس الوقت، يسرق آمالَهم وتطلُّعاتِهم وما ينتظرونه من تغييرٍ إيجابي في ظروف عيشهم.
أما السرقة الثالثة، فتتمثَّل في سرقة المنصب أو المرتبة التي يحتلها في دواليب السلطة، والتي وصل إليها معتمدا على خداعه للناخبين وظهوره لهم كشخص مخلص، مستقيم، صالح وخدوم.
وهكذا، فإن كل خطوةٍ يقوم بها السياسي المنتمي للفئة الثانية المشار إليها أعلاه، إلا وتُعتبر سرقة. لماذا؟ لأن وجودَ هذا النوع من السياسيين في المشهد السياسي، هو، في حد ذاتِه، يُعتبر سرقة طالت وتطال جميع المواطنين.
طالت وتطال جميع المواطنين لأن كل سرقة يقوم بها هذا النوع من السياسيين، مهما صغُرت أو كبُرت (وما أكثرها)، تُخصَمُ، أولا، من طموحات وتطلعات المواطنين، أي من المجتمع، وثانيا، من مُخرجات التنمية الاجتماعية والاقتصادية، وبالتالي، من الناتج الداخلي الخام الذي هو المرآة لخلق الثروة.
وعليه، فإن هذا النوع من السياسيين يسرقون أجزاءً من نمو اقتصاد البلاد وكذلك أجزاءً من أمكانيات خلق الثروة التي هي أساس تطوُّر وتقدُّم للبلاد.
فكلما تكاثر هذا النوع من السياسيين وكبُرَ عددُهم، كلما كبرت سرقة أجزاء مهمة من طموحات وتطلعات المواطنين، وكلما، كذلك، كبُرت سرقة أجزاء مهمة من التنمية ومن خلق الثروة.
ولا داعيَ للقول أن هذا النوعَ من السياسيين موجود بكثرة في مشهدنا السياسي. ولا داعيَ للقول أن وجودَهم هذا مبني، أساسا، على سرقة كل شيء، سواءً من المواطنين أو من البلاد التي هي، في نظرهم، كعكةٌ أو غنينةٌ قابلة للنهش والاقتسام.
فما بالك إذا عشَّشَ هذا النوعُ من السياسيين في المشهد السياسي ببلادِنا طيلة عقود! حينها، تتراكم السرقات بجميع أنواعها وأشكالها. ويتراكم معها الخَصمُ من طموحات وتطلعات الشعب، الذي يُتَرجَمُ إلى خصم من التنمية بجميع مظاهرها.
فلا غرابةَ أن تبقى مشاكل اجتماعية حادة بدون حلول، إلى يومنا هذا، مثل الفقر والأمية والهشاشة وفكُّ عزلة العالم القروي والنهوض بظروف عيش ساكنتِه والتوزيع غير العادل للثروة…
وقد بيَّن زلزالُ الحوز أن الشعبَ المغربي بريء، كل البراءة، من هذا النوع من السياسيين الذين فضحهم هذا الزلزال، وفي نفس الوقت، بيِّن أنهم كانوا من أكبر السُّرَّاقِ!
السارِق هو ذلك الشخص الذي يستولي أو يسطو، خُفيةً، على ما يملِكُه الغيرُ. والشيء المسروقُ يمكن أن يكونَ ماديا كسرِقة المال أو السيارات أو الحقائب… كما يمكن أن تكون السرقة معنويةً كسرقة الأفكار والمقالات ومحتوى الكتب والأطروحات…
في هذه المقالة، سأتحدَّث عن السرقة بشقَّيها المادي والمعنوي، وخصوصا تلك التي يكون أبطالُها سياسيين. وهذا شيءٌ جاري به العملُ في مجال السياسة لأن هذا الأخير يعجُّ بالسياسيين الانتهازيين الذين يتربَّصون الفرصَ للسَّطوِ، بالحِيَل، بالخداع وبالنفاق، على ما ليس في مِلكِهم.
السياسي، عادةً، دورُه هو تمثيل المواطنين في المؤسسات التي تُعنى بتدبير الشأنين العام المحلي، وفي نهاية المطاف، تدبير شؤون المواطنين، بعد النجاح في الانتخابات التشريعية أو الجماعية. وعلى رأس هذه المؤسسات، يوجد البرلمان، الحكومة والجماعات التُّرابية.
السياسي هو ذلك الرجل أو المرأة، المنوطة بهما، من خلال الانتخابات، مهمة عمومية متمثِّلة في خدمة مصالح المواطنين. وهنا، يمكن تقسيم السياسيين إلى فئتين.
الفئة الأولى تتألف من سياسيين يمارسون السياسة بمعناها النبيل، ألمتمثِّل في خدمة الصالح العام، ومن خلاله، خدمة المواطنين، علما أن هذا النوع من السياسيين، في يومنا هذا، أصبح عُملةً نادرةً.
الفئة الثانية تتألف من سياسيين أختاروا، من أول وهلة، الانخراطَ في عالم السياسة من أجل خدمة مصالحهم الشخصية. وأعضاء هذه الفئة يشكِّلون السَّوادَ الأعظمَ من السياسيين، بمعنى أنهم هم الذين يحتلون عددا كبيرا من كراسي السلطة في البرلمان، وبالأخص، في الجماعات الترابية.
بعد هذه التَّوضيحات حول ماهية السرقة ودور السياسي، السؤال المطروح هو : "ما هي الأشياء التي يمكن للسياسي، المنتمي للفئة الثانية المشار إليها أعلاه، أن يسرقها؟"
أول سرقة التي يقوم بها السياسي المنتمي للفئة الثانية، أي السياسي الذي يرى في ممارسة السياسة أداةً لتحقيق مآربه ومصالحه الشخصية، هي سرقة أصوات الناخبين. لماذا؟
لأن هذا السياسي له نوايا مبيَّتة لا يعلمها إلا هو، وبالتالي، فبالنسبة له، أصوات الناخبين ليست إلا مطية يركبها للوصول إلى تحقيق ما خطَّط له من مآرب وأهداف دنيئة. وبعبارة أخرى، الأصوات التي منحها له المواطنون ليست، بالنسبة له، أمانةً في عنقه، كما يفرض ذلك الدستور والواجب الوطني، وكما تفرض ذلك، أيضا، الأخلاق والأعراف الاجتماعية والوفاء بالأمانة.
انطلاقا من هذه الاعتبارات، فإن السرقةَ الثانية التي يقوم بها السياسي، السيء النية مسبقا، هي سرقة ثقة المواطنين فيه. ومَن يسرق ثقةَ المواطنين، فهو، في نفس الوقت، يسرق آمالَهم وتطلُّعاتِهم وما ينتظرونه من تغييرٍ إيجابي في ظروف عيشهم.
أما السرقة الثالثة، فتتمثَّل في سرقة المنصب أو المرتبة التي يحتلها في دواليب السلطة، والتي وصل إليها معتمدا على خداعه للناخبين وظهوره لهم كشخص مخلص، مستقيم، صالح وخدوم.
وهكذا، فإن كل خطوةٍ يقوم بها السياسي المنتمي للفئة الثانية المشار إليها أعلاه، إلا وتُعتبر سرقة. لماذا؟ لأن وجودَ هذا النوع من السياسيين في المشهد السياسي، هو، في حد ذاتِه، يُعتبر سرقة طالت وتطال جميع المواطنين.
طالت وتطال جميع المواطنين لأن كل سرقة يقوم بها هذا النوع من السياسيين، مهما صغُرت أو كبُرت (وما أكثرها)، تُخصَمُ، أولا، من طموحات وتطلعات المواطنين، أي من المجتمع، وثانيا، من مُخرجات التنمية الاجتماعية والاقتصادية، وبالتالي، من الناتج الداخلي الخام الذي هو المرآة لخلق الثروة.
وعليه، فإن هذا النوع من السياسيين يسرقون أجزاءً من نمو اقتصاد البلاد وكذلك أجزاءً من أمكانيات خلق الثروة التي هي أساس تطوُّر وتقدُّم للبلاد.
فكلما تكاثر هذا النوع من السياسيين وكبُرَ عددُهم، كلما كبرت سرقة أجزاء مهمة من طموحات وتطلعات المواطنين، وكلما، كذلك، كبُرت سرقة أجزاء مهمة من التنمية ومن خلق الثروة.
ولا داعيَ للقول أن هذا النوعَ من السياسيين موجود بكثرة في مشهدنا السياسي. ولا داعيَ للقول أن وجودَهم هذا مبني، أساسا، على سرقة كل شيء، سواءً من المواطنين أو من البلاد التي هي، في نظرهم، كعكةٌ أو غنينةٌ قابلة للنهش والاقتسام.
فما بالك إذا عشَّشَ هذا النوعُ من السياسيين في المشهد السياسي ببلادِنا طيلة عقود! حينها، تتراكم السرقات بجميع أنواعها وأشكالها. ويتراكم معها الخَصمُ من طموحات وتطلعات الشعب، الذي يُتَرجَمُ إلى خصم من التنمية بجميع مظاهرها.
فلا غرابةَ أن تبقى مشاكل اجتماعية حادة بدون حلول، إلى يومنا هذا، مثل الفقر والأمية والهشاشة وفكُّ عزلة العالم القروي والنهوض بظروف عيش ساكنتِه والتوزيع غير العادل للثروة…
وقد بيَّن زلزالُ الحوز أن الشعبَ المغربي بريء، كل البراءة، من هذا النوع من السياسيين الذين فضحهم هذا الزلزال، وفي نفس الوقت، بيِّن أنهم كانوا من أكبر السُّرَّاقِ!