دون الدخول في التفاصيل القانونية والسياسية التي تتميّز بها دولة الحق والقانون (هنا، دولة مستعملة كمرادف لوطن)، يمكن تعريف هذا المفهوم الأخير من الناحية الاجتماعية كما يلي :
كيان أو نظام اجتماعي يتكون من جماعة بشرية اختار أعضاءُها عن طواعية، من أجل التّساكن والعيش الجماعي فوق تراب ما، العملَ بمجموعة قوانين تُسَيَّرُ بموجبها أعمالُهم وتفاعلاتُهم (تعاملاتُهم).
عبارة "التَّساكن والعيش الجماعي" تعني أن يَقْبَلَ البعضُ البعضَ الآخرَ بغضّ النّظر عن الاعتبارات العِرقية، الدينية، السياسية، الثقافية، اللغوية، الخ.
عبارة "اختار عن طواعية" تعني أن اختيارَهم مجموعةَ قوانين تمّ بدون ضغط أو إكراه.
عبارة "مجموعة قوانين" تعني وسيلةً تُنظِّم التّساكن وتُحدِّد العملَ في إطاره. يتعلَّق الأمر بترسانة مبادئ وقوانين ومساطر، الخ. على رأسها القانون الأسمى أي الدستور. علما أن هذه الترسانة يتمُّ تطبيقُها على مختلف مستويات الحياة اليومية وتتعامل مع أعضاء الجماعة على قدم المساواة. وهنا كذلك، تُعدُّ فكرةُ القبول المتبادل أساسية.
عندما نجمع "جماعة بشرية" و"تساكن" و"اختيار عن طواعية" و"مجموعة قوانين"، فإننا نصل إلى مفهوم "المواطن" الذي يستلزمُ إعمالَ مفهومَ "الحقوق والواجبات". وهذه الأخيرة، ضرورية بمكان، لإخضاع "الأعمال والتفاعلات" التي يقوم بها "أعضاء الجماعة" لمبادئِ وحُكمِ "مجموعة قوانين".
وعليه، لماذا وضعتُ معا "دولة الحق والقانون"، "المواطنة" و"الحياة اليومية"؟ بكل بساطة، لأن هذه الوحدات الثلاثة مرتبطة ارتباطا وثيقا فيما بينها بمعنى أنه إذا لم يَسُدْ بينها توازنٌ، فإن الأمرَ يؤدي إلى الاختلال.
وللإشارة، إذا لم يكنْ هناك لا دولة الحق والقانون ولا مواطنة، فإن الحياةَ اليوميةَ تعتريها الفوضى (السيبة) أو قانون الغاب (قانون الأقوى – و لو أن الغاب، من الناحية البيئية، له قوانينه). فهما (دولة الحق و القانون و المواطنة) اللذان ينظِّمان الحياةَ اليوميةَ.
وإذا مَحَتْ "دولة الحق والقانون" المواطنةَ، فإن الحياة اليومية تخضع للاستبداد والكُلِّيانِية (حكم شمولي - totalitarisme) والطُّغيان مع خنق الحريات. وداعاً للتّفتُّح والتّحرُّر والإبداع، وبالتالي، وداعا للتنمية البشرية. والمُحيِّر هنا هو أن بعض الدول لا تزال تعيش هذا الوضع بحيث أن المواطنين جميعَهم يكونون في خدمة المتسلِّطين والمستبِدين إن لم يكونوا كلهم مُدَانين حتى إشعار آخر.
يتَّضح جليّاً مما سبق أن التَّوازن بين المكوِّنات الثلاثة، السالفة الذكر، شيء أساسي لتستثب "دولة حق وقانون عادلة" و"مواطنة مثالية" و"حياة يومية سليمة (صحية)".
علاقةً ب"دولة حق وقانون عادلة"، يمكن القول بأنها، مبدئيا، عادلة ما دامت القيم والمبادئ والقوانين والمساطر، الخ. التي تنظِّمها، من جهة، نابعةً من القانون الأسمى (الدستور) ومن الإرادة الشعبية التي تُجسِّدها المؤسسات التمثيلية، ومن جهة أخرى، يتم تطبيقُها على المواطنين بكيفية متساوية (لا شك، وهذا شيء مفروغ منه، أن هناك دائما خروقات التي هي راجعة ليس ل"دولة الحق والقانون" في حد ذاتها كمفهوم ولكن للاستعمال السيئ النوايا لهذا المفهوم).
وعلاقةً ب"المواطنة المثالية"، لا داعي للقول أنها، على الإطلاق، ليست من شِيم أو صِفات جميع أعضاء الجماعة communauté. قد لا تُقاوم هذه "المواطنة المثالية" الميولَ إلى الجشع وحبِّ الشّهرة والصّيت والتّعطّش للسلطة والسُّمعة والجاه والاغتناء، الخ.
وعلاقةً ب"حياة يومية سليمة"، أقول، وبدون تردُّد، أنها من ضرب الخيال بمعنى أنها لا يمكن أن تُعْتَبَرَ خالية مائة بالمائة (إطلاقا) من العيوب.
كما نلاحظ، التوازن بين منظومة المكوِّنات الثلاثة ("دولة حق وقانون عادلة"، "المواطنة المثالية" و "حياة يومية سليمة") غير مكتمل. كل مكوِّنٍ من المكوِّنات الثلاثة يمكن أن يتعرض للخلل.
فما هي إذن العوامل التي تقود إلى الخلل المذكور؟ إنها كثيرة. وعلى سبيل المثال ونظرياً، هذه قائمة غير شاملة للعوامل التي قد تُخِلُّ بالتوازن : عدم احترام دولة الحق والقانون، غياب المواطنة وحب الصالح العام، الفساد، الإفلات من العقاب، انعدام الأخلاق، عدم الاستقامة، الجشع، المكيدة والخداع، التَّحايل، النّصب، الاختلاس، الاستهزاء بالصالح العام، الأنانية، النّفاق، التّزوير، الزَّبونية، الدّيماغوجية، السياسة السياسوية، الخ.
ومما يُؤسف له أن الحياة اليومية هي مصدر هذه العوامل المُخِلّة بالتَّوازن. وهذا يعني أن الجماعةَ البشريةَ التي تحتضنها دولة الحق والقانون تحتضن بدورها فئتين من الأعضاء (المواطنين) : فئةٌ تحترم دولةَ الحق والقانون وفئةٌ لا تُقيم لها أي اعتبار.
الفئة الأولى تنشط في الحياة اليومية مسلحةً بمبادئ المواطنة وحب الصالح العام (سيادة الصالح العام على المصلحة الشخصية). بينما الفئة الثانية تنشط في الحياة اليومية مدعمةً بالنقائص والعيوب والصفات الدنيئة المشار إليها أعلاه.
وهذا هو ما يجعلني أطرحُ السؤال التالي : "هل بالإمكان تقويةُ وتمتينُ وتحسينُ وتوسيعُ التوازن بين المكوِّنات الثلاثة للمنظومة السالفة الذكر؟"
الجواب هو نعم. لكن الأمرَ لا يتعلَّقُ بالدفاع عن "المدينة الفاضلة كما وصفها أفلاطون"، والتي هي من ضرب الخيال، فضلاً عن أن الطبيعة البشرية ليست شيئا قارّاً. بمعنى أنها تتأرجح بين الخير والشر. فالأمر يتعلَّق بترجيح كفَّة الميزان نحو الخير وذلك باللجوء إلى الوسائل الضرورية لمواجهة جذور الشر. فكيف يمكن تحقيق هذا الهدف النبيل؟
وهنا كذلك، هذه، على سبيل المثال، قائمة غير شاملة للأعمال التي، من المفروض، القيامُ بها للتَّوفيق بين العناصر الثلاثة السالفة الذكر : احترام دولة الحق والقانون من خلال احترام المؤسسات الوطنية، إرساء استقلالية القضاء، الحرص الصارم على تطبيق القانون، تخليق الحياة العامة، جعل المواطنة وحب الصالح العام مُحرِّكين أساسيين للعلاقات البشرية، ترسيخ العدالة الاجتماعية، الدفع إلى تفتُّح وتَّحرُّر المواطنين من خلال الثقافة والاتصال والفنون، النهوض بالحريات العامة وحقوق الإنسان (الحقوق الاجتماعية والاقتصادية والثقافية)، تشجيع بروز طبقة متوسطة، إرساء مساواة المواطنين أمام القانون (محاربة الإفلات من العقاب)، اعتبار المدرسة كمؤسسة مُسخَّرة للتربية وليس كآلة لحشو الأدمغة، محاربة أو القضاء على الفقر والهشاشة والتهميش والأمية، امتصاص الاقتصاد غير المهيكل، الخ.
وباختصار، الضمانة الراسخة لاستدامة التَّوازن بين المكوِّنات الثلاثة للمنظومة تكمن في :
"تمتُّع المواطن بكرامته وبحقوقه كاملةً وأداءُه لواجباته بإخلاص"
في هذه الحالة، ستزداد "الحياة اليومية" سلامةً وستجد فيها "دولة الحق والقانون" مكانا يسير من حسن إلى أحسن.
غير أن التمتّتُعَ بالكرامة يحتِّم على دولة الحق والقانون أن تسهرَ على احترام وتطبيق القانون تطبيقا صارما. لأنه من غير المعقول أن تُسَنَّ القوانينُ دون الحرص على تطبيقها في الحياة اليومية.
إنه خللٌ في "دولة الحق والقانون" التي هي الضامن المؤسساتي لتطبيق القانون. إذا كان بعض المواطنين يتجاهلون هذا الأخير أو لا يعترفون به، فعلى "دولة الحق والقانون" أن تُعيدهم إلى الصّواب.
يكفي أن نتجول من الصباح إلى المساء في الأماكن العمومية (أزقَّة، شوارع، مِحجَّات، طرق، إدارات، أسواق، مرافق خدمات، أماكن الترفيه، الخ.) لنلاحظ كيف يفتح تَسَاهُلُ السلطاتِ الطريقَ للتجاوزات والفوضى بجميع أشكالها بكيفيةٍ علنية وٍمرَّاتٍ ومرَّاتٍ مُخِلَّةٍ للنظام.
وأخيرا، يجب أن لا ننسى أن عدم احترام دولة الحق والقانون عاملٌ قويٌ يُعرقلُ مسيرةَ التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. يكفي أن نُلقي نظرةً من حولنا لنلاحظ أن كل الدول التي تقدمتْ وتطوَّرتْ، تكون فيها السيادة لدولة الحق والقانون.
فسُخطاً للأمية والوصوليين والفاسدين والمفسدين وسُخطا للديمقراطية التي فتحت لهم الأبوابَ واسعةً ليسيِّروا شؤون أسيادهم.
كيان أو نظام اجتماعي يتكون من جماعة بشرية اختار أعضاءُها عن طواعية، من أجل التّساكن والعيش الجماعي فوق تراب ما، العملَ بمجموعة قوانين تُسَيَّرُ بموجبها أعمالُهم وتفاعلاتُهم (تعاملاتُهم).
عبارة "التَّساكن والعيش الجماعي" تعني أن يَقْبَلَ البعضُ البعضَ الآخرَ بغضّ النّظر عن الاعتبارات العِرقية، الدينية، السياسية، الثقافية، اللغوية، الخ.
عبارة "اختار عن طواعية" تعني أن اختيارَهم مجموعةَ قوانين تمّ بدون ضغط أو إكراه.
عبارة "مجموعة قوانين" تعني وسيلةً تُنظِّم التّساكن وتُحدِّد العملَ في إطاره. يتعلَّق الأمر بترسانة مبادئ وقوانين ومساطر، الخ. على رأسها القانون الأسمى أي الدستور. علما أن هذه الترسانة يتمُّ تطبيقُها على مختلف مستويات الحياة اليومية وتتعامل مع أعضاء الجماعة على قدم المساواة. وهنا كذلك، تُعدُّ فكرةُ القبول المتبادل أساسية.
عندما نجمع "جماعة بشرية" و"تساكن" و"اختيار عن طواعية" و"مجموعة قوانين"، فإننا نصل إلى مفهوم "المواطن" الذي يستلزمُ إعمالَ مفهومَ "الحقوق والواجبات". وهذه الأخيرة، ضرورية بمكان، لإخضاع "الأعمال والتفاعلات" التي يقوم بها "أعضاء الجماعة" لمبادئِ وحُكمِ "مجموعة قوانين".
وعليه، لماذا وضعتُ معا "دولة الحق والقانون"، "المواطنة" و"الحياة اليومية"؟ بكل بساطة، لأن هذه الوحدات الثلاثة مرتبطة ارتباطا وثيقا فيما بينها بمعنى أنه إذا لم يَسُدْ بينها توازنٌ، فإن الأمرَ يؤدي إلى الاختلال.
وللإشارة، إذا لم يكنْ هناك لا دولة الحق والقانون ولا مواطنة، فإن الحياةَ اليوميةَ تعتريها الفوضى (السيبة) أو قانون الغاب (قانون الأقوى – و لو أن الغاب، من الناحية البيئية، له قوانينه). فهما (دولة الحق و القانون و المواطنة) اللذان ينظِّمان الحياةَ اليوميةَ.
وإذا مَحَتْ "دولة الحق والقانون" المواطنةَ، فإن الحياة اليومية تخضع للاستبداد والكُلِّيانِية (حكم شمولي - totalitarisme) والطُّغيان مع خنق الحريات. وداعاً للتّفتُّح والتّحرُّر والإبداع، وبالتالي، وداعا للتنمية البشرية. والمُحيِّر هنا هو أن بعض الدول لا تزال تعيش هذا الوضع بحيث أن المواطنين جميعَهم يكونون في خدمة المتسلِّطين والمستبِدين إن لم يكونوا كلهم مُدَانين حتى إشعار آخر.
يتَّضح جليّاً مما سبق أن التَّوازن بين المكوِّنات الثلاثة، السالفة الذكر، شيء أساسي لتستثب "دولة حق وقانون عادلة" و"مواطنة مثالية" و"حياة يومية سليمة (صحية)".
علاقةً ب"دولة حق وقانون عادلة"، يمكن القول بأنها، مبدئيا، عادلة ما دامت القيم والمبادئ والقوانين والمساطر، الخ. التي تنظِّمها، من جهة، نابعةً من القانون الأسمى (الدستور) ومن الإرادة الشعبية التي تُجسِّدها المؤسسات التمثيلية، ومن جهة أخرى، يتم تطبيقُها على المواطنين بكيفية متساوية (لا شك، وهذا شيء مفروغ منه، أن هناك دائما خروقات التي هي راجعة ليس ل"دولة الحق والقانون" في حد ذاتها كمفهوم ولكن للاستعمال السيئ النوايا لهذا المفهوم).
وعلاقةً ب"المواطنة المثالية"، لا داعي للقول أنها، على الإطلاق، ليست من شِيم أو صِفات جميع أعضاء الجماعة communauté. قد لا تُقاوم هذه "المواطنة المثالية" الميولَ إلى الجشع وحبِّ الشّهرة والصّيت والتّعطّش للسلطة والسُّمعة والجاه والاغتناء، الخ.
وعلاقةً ب"حياة يومية سليمة"، أقول، وبدون تردُّد، أنها من ضرب الخيال بمعنى أنها لا يمكن أن تُعْتَبَرَ خالية مائة بالمائة (إطلاقا) من العيوب.
كما نلاحظ، التوازن بين منظومة المكوِّنات الثلاثة ("دولة حق وقانون عادلة"، "المواطنة المثالية" و "حياة يومية سليمة") غير مكتمل. كل مكوِّنٍ من المكوِّنات الثلاثة يمكن أن يتعرض للخلل.
فما هي إذن العوامل التي تقود إلى الخلل المذكور؟ إنها كثيرة. وعلى سبيل المثال ونظرياً، هذه قائمة غير شاملة للعوامل التي قد تُخِلُّ بالتوازن : عدم احترام دولة الحق والقانون، غياب المواطنة وحب الصالح العام، الفساد، الإفلات من العقاب، انعدام الأخلاق، عدم الاستقامة، الجشع، المكيدة والخداع، التَّحايل، النّصب، الاختلاس، الاستهزاء بالصالح العام، الأنانية، النّفاق، التّزوير، الزَّبونية، الدّيماغوجية، السياسة السياسوية، الخ.
ومما يُؤسف له أن الحياة اليومية هي مصدر هذه العوامل المُخِلّة بالتَّوازن. وهذا يعني أن الجماعةَ البشريةَ التي تحتضنها دولة الحق والقانون تحتضن بدورها فئتين من الأعضاء (المواطنين) : فئةٌ تحترم دولةَ الحق والقانون وفئةٌ لا تُقيم لها أي اعتبار.
الفئة الأولى تنشط في الحياة اليومية مسلحةً بمبادئ المواطنة وحب الصالح العام (سيادة الصالح العام على المصلحة الشخصية). بينما الفئة الثانية تنشط في الحياة اليومية مدعمةً بالنقائص والعيوب والصفات الدنيئة المشار إليها أعلاه.
وهذا هو ما يجعلني أطرحُ السؤال التالي : "هل بالإمكان تقويةُ وتمتينُ وتحسينُ وتوسيعُ التوازن بين المكوِّنات الثلاثة للمنظومة السالفة الذكر؟"
الجواب هو نعم. لكن الأمرَ لا يتعلَّقُ بالدفاع عن "المدينة الفاضلة كما وصفها أفلاطون"، والتي هي من ضرب الخيال، فضلاً عن أن الطبيعة البشرية ليست شيئا قارّاً. بمعنى أنها تتأرجح بين الخير والشر. فالأمر يتعلَّق بترجيح كفَّة الميزان نحو الخير وذلك باللجوء إلى الوسائل الضرورية لمواجهة جذور الشر. فكيف يمكن تحقيق هذا الهدف النبيل؟
وهنا كذلك، هذه، على سبيل المثال، قائمة غير شاملة للأعمال التي، من المفروض، القيامُ بها للتَّوفيق بين العناصر الثلاثة السالفة الذكر : احترام دولة الحق والقانون من خلال احترام المؤسسات الوطنية، إرساء استقلالية القضاء، الحرص الصارم على تطبيق القانون، تخليق الحياة العامة، جعل المواطنة وحب الصالح العام مُحرِّكين أساسيين للعلاقات البشرية، ترسيخ العدالة الاجتماعية، الدفع إلى تفتُّح وتَّحرُّر المواطنين من خلال الثقافة والاتصال والفنون، النهوض بالحريات العامة وحقوق الإنسان (الحقوق الاجتماعية والاقتصادية والثقافية)، تشجيع بروز طبقة متوسطة، إرساء مساواة المواطنين أمام القانون (محاربة الإفلات من العقاب)، اعتبار المدرسة كمؤسسة مُسخَّرة للتربية وليس كآلة لحشو الأدمغة، محاربة أو القضاء على الفقر والهشاشة والتهميش والأمية، امتصاص الاقتصاد غير المهيكل، الخ.
وباختصار، الضمانة الراسخة لاستدامة التَّوازن بين المكوِّنات الثلاثة للمنظومة تكمن في :
"تمتُّع المواطن بكرامته وبحقوقه كاملةً وأداءُه لواجباته بإخلاص"
في هذه الحالة، ستزداد "الحياة اليومية" سلامةً وستجد فيها "دولة الحق والقانون" مكانا يسير من حسن إلى أحسن.
غير أن التمتّتُعَ بالكرامة يحتِّم على دولة الحق والقانون أن تسهرَ على احترام وتطبيق القانون تطبيقا صارما. لأنه من غير المعقول أن تُسَنَّ القوانينُ دون الحرص على تطبيقها في الحياة اليومية.
إنه خللٌ في "دولة الحق والقانون" التي هي الضامن المؤسساتي لتطبيق القانون. إذا كان بعض المواطنين يتجاهلون هذا الأخير أو لا يعترفون به، فعلى "دولة الحق والقانون" أن تُعيدهم إلى الصّواب.
يكفي أن نتجول من الصباح إلى المساء في الأماكن العمومية (أزقَّة، شوارع، مِحجَّات، طرق، إدارات، أسواق، مرافق خدمات، أماكن الترفيه، الخ.) لنلاحظ كيف يفتح تَسَاهُلُ السلطاتِ الطريقَ للتجاوزات والفوضى بجميع أشكالها بكيفيةٍ علنية وٍمرَّاتٍ ومرَّاتٍ مُخِلَّةٍ للنظام.
وأخيرا، يجب أن لا ننسى أن عدم احترام دولة الحق والقانون عاملٌ قويٌ يُعرقلُ مسيرةَ التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. يكفي أن نُلقي نظرةً من حولنا لنلاحظ أن كل الدول التي تقدمتْ وتطوَّرتْ، تكون فيها السيادة لدولة الحق والقانون.
فسُخطاً للأمية والوصوليين والفاسدين والمفسدين وسُخطا للديمقراطية التي فتحت لهم الأبوابَ واسعةً ليسيِّروا شؤون أسيادهم.