الأحزاب السياسية ذات المرجعية الإسلامية، أينما وُجِدت وكيفما كان إدراكها لمفهوم السياسة، هدفُها الأساسي، كباقي الأحزاب السياسية الأخرى، هو الوصول إلى السلطة. والوصول إلى السلطة هدف مشروع تضمنه الدساتير في جميع البلدان الديمقراطية. لا أحد يُجادل في هذا الأمر.
لكن، عندمآ تدَّعي الأحزاب السياسية ذات المرجعية الإسلامية أنها تُمارس السلطةَ بوصاية من الله ومن أجل إعلاء كلمته، فهذا استهزاء بعقول الناس. لماذا؟
أولا، لأن اللهَ غني عن العباد وعن العالمين. إنه الخالق الذي إذا أرادَ شيئا، إنما يقول له كن، فيكون. ثانيا، لأنه لا توجد وساطة في الأمور الدينية في الإسلام كما هو الشأن عند المسيحيين (الكنيسة) أو عند الشيعة (المرجعية الدينية). ثالثا، الدين (العبادات) أمر محصور بين الخالق والمخلوق. رابعا، إن الله يُحاسب عبادَه فردا فردا، أي أنه لا يحاسب عمراً بما اقترفه زيدٌ من ذنوب.
ولهذا، فإن ادِّعاءَ الأحزاب السياسية ذات المرجعية الإسلامية ليس إلا ذريعةً أو مطيَّةً يركبونها للوصول إلى السلطة وإلى ما توفِّره من امتيازات. والواقع هو الذي يشهد على ما أقول.
وقد يقول قائل : المواطن هو الذي يصوِّت على الأحزاب السياسية ذات المرجعية الإسلامية لتصل إلى السلطة. نعم وبكل تأكيد. لكن، يجب أن لا ننسى أن المواطن، عادةً، يصوِّت من أجل التغيير، أي التغيير الذي يستجيب لتطلُّعاته الاجتماعية والاقتصادية والثقافية. وهذا هو ما حدث في بلادنا عندما صوَّت المواطنون على حزب العدالة والتنمية.
أما المرجعية الإسلامية لهذا الحزب، فإنها كانت بمثابة الحافز القوي الذي دفع المواطنين للتصويت لصالحه ظانين أن هذه المرجعية هي الضامن لاستقامته وتشبثه بالقيم الإنسانية السامية التي ينص عليها الدين الإسلامي.
غير أن الواقع بيَّن، وبوضوح، أن الأحزاب السياسية ذات المرجعية الإسلامية لا تختلف عن الأحزاب الأخرى إذ، بمجرد ما تصل إلى السلطة (برلمان وحكومة)، تدخل نَفَقَ النِّفاق ناسيةً أو متناسيةً أن وراءها مواطنون صوَّتوا من أجل التغيير. والواقع، كما سبق الذكر، يشهد على ذلك.
بالنسبة لبلادنا، يكفي أن نتذكر بعض الأحداث لنقفَ عند المنسوب العالي للنفاق السياسي لحزب أوصله المواطنون إلى السلطة لأن مرجعيتََه إسلامية. فلنتذكر : حصول رئيس الحكومة السابق عل تقاعد ريعي لم يدفع من أجله ولو سنتيما واحدا، إصلاح صندوقي التقاعد والمقاصة على حساب المواطنين، قضية بيليكي، التناقض الصارخ فيما يخص إعادة العلاقات مع إسرائيل، تجاوز القانون والدستور من طرف وزيرين لم يقوما بتسجيل مَن يشتغلون بمكاتبهم في صندوق الضمان الاجتماعي، وقوف بعض الوزراء ضد المقاطعة، الانتقاد الذي يتعرَّض له الحزبُ من داخله ومن طرف بعض قياداته منبِّهين أن الحزب قد زاغ عن مبادئه، عدم إصدار موقف واضح حول الخروقات القانونية والأخلاقية لوزرائه وكبار قيادييه، ازدواجية الخطاب والمواقف أو النُّطق بلسانين حسب ما تقتصبه مصالح الحزب الضيقة، الكذب على المواطنين كلما دعت ضرورة الحفاظ على مصلحة الحزب إلى ذلك، فشل الحزب في محاربة الفساد باعتراف رئيس الحكومة السابق بقوله : عفى الله عن ما سلف، فشل الحزب في تحقيق وعوده الانتخابية، استقالة العديد من الأعضاء والقياديين من الحزب،...
وخلاصة القول، حزب العدالة والتنمية يكيل بمكيالين أو يتصرف بوجهين : وجه يتماشى مع موقعه السابق في الحكومة كقائد لها و وجه يُرضي به مُنتَخِبِيه. وفي هذا الصدد، فإنه لا يختلف على الإطلاق عن الأحزاب الأخرى. إنه، على غرار هذه الأخيرة يسعى جاهدا للظفر بالسلطة وامتيازاتها المشروعة وغير المشروعة، وبالتالي، فإنه فقد مصداقيتَه وبدَّد كل الآمال التي كان يعلِّقها عليه المواطنون في إحداث التغيير. إنها قمة النفاق السياسي.
وآخر ما جاد به هذا الحزبُ ذو المرجعية الإسلامية هو البيان الذي نشرته أمانتُه العامة إثرَ وقوع زلزال الحوز والنواحي. وأهم ما جاء في هذا البيان، هو إعطاءُ تفسيرٍ ديني لهذه الكارثة التي خلفت ما يناهز 3000 قتيل وتقريبا نفس العدد من الجرحى والمصابين إضافةً إلى مئات الآلاف من المشرَّدين الذين فقدوا منازلَهم.
ما جاء في هذا البيان هو أن الزلزالَ عقابٌ من الله لانتشار الفساد والفحشاء والمنكر. وما زاد في الطين بلَّةً في هذا البيان، هو أن الزلزالَ هو كذلك عقابٌ لأخطاء سياسية ارتكبها المواطنون حينما لم يُصوِّتوا على جزب العدالة والتنمية في الاستحقاقات الأخيرة.
إن تحليلاً معمَّقا لهذا البيان، يبيِّن بوضوح أن حزب العدالة والتنمية لا يزال متشبِّثا في الوصول إلى السلطة (وهذا حقُّه). لكنه أخطأَ عندما ربط زلزالَ الحوز والنواحي بالدين. لماذا؟
أولا، لأن الفسادَ والفحشاءَ والمنكرَ موجودون، بدون استثناء، في جميع أنحاء العالم. بل إنها ملازمةٌ لوجود الإنسان على وجه الأرض منذ القِدَم. انطلاقا من هذا المنطق، لماذا لم يدمِّر اللهُ سبحانه وتعالى العالمَ كلَّه؟
ثنايا، أتحدَّى حزبَ العدالة والتنمية أن يعطينا دليلا واحدا قاطعا يُبيِّن أن زلزالَ الحوز والنواحي عقابٌ من الله. لن يستطيعوا أن يأتوا بهذا الدليل لأنه شيءٌ لا يعلمُه إلا الله، أي يدخل في علم الغيب.
ثالثا، عندما نتمعَّن في العديد من آيات القرآن الكريم، يتبيَّن لنا أن اللهَ سبحانه وتعالى يريد الخير لعباده. فكيف لخالق منزَّه عن الخطأ، الرحمان، الرحيم، السميع، البصير، العدل، اللطيف، الحليم، الغفور، الكريم، الواسع، الوَدُود، القوي، القيُّوم، القادر، البِرّ، التَّواب، العَفُو، الرؤوف، الغني، النافعُ… أن يسلِّطَ على عباده الكوارث وهو يريد لهم الخيرَ؟
رابعا، ما يفسِّر الزلازلَ هو العلمُ الحديث بنظرياتِه المتتالية التي تتغيَّر كلما تقدَّمَ وتجدَّد الفكر البشري العلمي الحديث.
فما المقصود من البيان الذي أصدره حزبُ العدالة والتنمية؟ المقصود هو أن هذا الحزبَ يريد أن يرجعَ للمشهد السياسي. بل إنه يريد أن يرجعَ للوضع الذي كان عليه حينما تصدَّر الانتخابات وترأس الحكومةَ لولايتين متتاليتين. لكنه فشل فعلا ذريعا في الاستجابة لتطلُّعات المواطنين، بل ارتكب خطأً فادحا لما استعمل الدين لأغراض سياسية لا علاقةَ لها بهذا الدين.
حزب العدالة والتنمية، لا فرقَ بينه وبين الأحزاب الأخرى. إنه مشغول انشغالا جنونيا بالوصول إلى السلطة. لكنه يُخفي هذا الانشغال. بل ويُخفي فشلَه ونفاقَه، فراح يخاطب الناسَ بوجهين : وجهٌ سياسي و وجهٌ ديني. لكن الخلطَ بينهما أوقعه في الخطأ!
لكن، عندمآ تدَّعي الأحزاب السياسية ذات المرجعية الإسلامية أنها تُمارس السلطةَ بوصاية من الله ومن أجل إعلاء كلمته، فهذا استهزاء بعقول الناس. لماذا؟
أولا، لأن اللهَ غني عن العباد وعن العالمين. إنه الخالق الذي إذا أرادَ شيئا، إنما يقول له كن، فيكون. ثانيا، لأنه لا توجد وساطة في الأمور الدينية في الإسلام كما هو الشأن عند المسيحيين (الكنيسة) أو عند الشيعة (المرجعية الدينية). ثالثا، الدين (العبادات) أمر محصور بين الخالق والمخلوق. رابعا، إن الله يُحاسب عبادَه فردا فردا، أي أنه لا يحاسب عمراً بما اقترفه زيدٌ من ذنوب.
ولهذا، فإن ادِّعاءَ الأحزاب السياسية ذات المرجعية الإسلامية ليس إلا ذريعةً أو مطيَّةً يركبونها للوصول إلى السلطة وإلى ما توفِّره من امتيازات. والواقع هو الذي يشهد على ما أقول.
وقد يقول قائل : المواطن هو الذي يصوِّت على الأحزاب السياسية ذات المرجعية الإسلامية لتصل إلى السلطة. نعم وبكل تأكيد. لكن، يجب أن لا ننسى أن المواطن، عادةً، يصوِّت من أجل التغيير، أي التغيير الذي يستجيب لتطلُّعاته الاجتماعية والاقتصادية والثقافية. وهذا هو ما حدث في بلادنا عندما صوَّت المواطنون على حزب العدالة والتنمية.
أما المرجعية الإسلامية لهذا الحزب، فإنها كانت بمثابة الحافز القوي الذي دفع المواطنين للتصويت لصالحه ظانين أن هذه المرجعية هي الضامن لاستقامته وتشبثه بالقيم الإنسانية السامية التي ينص عليها الدين الإسلامي.
غير أن الواقع بيَّن، وبوضوح، أن الأحزاب السياسية ذات المرجعية الإسلامية لا تختلف عن الأحزاب الأخرى إذ، بمجرد ما تصل إلى السلطة (برلمان وحكومة)، تدخل نَفَقَ النِّفاق ناسيةً أو متناسيةً أن وراءها مواطنون صوَّتوا من أجل التغيير. والواقع، كما سبق الذكر، يشهد على ذلك.
بالنسبة لبلادنا، يكفي أن نتذكر بعض الأحداث لنقفَ عند المنسوب العالي للنفاق السياسي لحزب أوصله المواطنون إلى السلطة لأن مرجعيتََه إسلامية. فلنتذكر : حصول رئيس الحكومة السابق عل تقاعد ريعي لم يدفع من أجله ولو سنتيما واحدا، إصلاح صندوقي التقاعد والمقاصة على حساب المواطنين، قضية بيليكي، التناقض الصارخ فيما يخص إعادة العلاقات مع إسرائيل، تجاوز القانون والدستور من طرف وزيرين لم يقوما بتسجيل مَن يشتغلون بمكاتبهم في صندوق الضمان الاجتماعي، وقوف بعض الوزراء ضد المقاطعة، الانتقاد الذي يتعرَّض له الحزبُ من داخله ومن طرف بعض قياداته منبِّهين أن الحزب قد زاغ عن مبادئه، عدم إصدار موقف واضح حول الخروقات القانونية والأخلاقية لوزرائه وكبار قيادييه، ازدواجية الخطاب والمواقف أو النُّطق بلسانين حسب ما تقتصبه مصالح الحزب الضيقة، الكذب على المواطنين كلما دعت ضرورة الحفاظ على مصلحة الحزب إلى ذلك، فشل الحزب في محاربة الفساد باعتراف رئيس الحكومة السابق بقوله : عفى الله عن ما سلف، فشل الحزب في تحقيق وعوده الانتخابية، استقالة العديد من الأعضاء والقياديين من الحزب،...
وخلاصة القول، حزب العدالة والتنمية يكيل بمكيالين أو يتصرف بوجهين : وجه يتماشى مع موقعه السابق في الحكومة كقائد لها و وجه يُرضي به مُنتَخِبِيه. وفي هذا الصدد، فإنه لا يختلف على الإطلاق عن الأحزاب الأخرى. إنه، على غرار هذه الأخيرة يسعى جاهدا للظفر بالسلطة وامتيازاتها المشروعة وغير المشروعة، وبالتالي، فإنه فقد مصداقيتَه وبدَّد كل الآمال التي كان يعلِّقها عليه المواطنون في إحداث التغيير. إنها قمة النفاق السياسي.
وآخر ما جاد به هذا الحزبُ ذو المرجعية الإسلامية هو البيان الذي نشرته أمانتُه العامة إثرَ وقوع زلزال الحوز والنواحي. وأهم ما جاء في هذا البيان، هو إعطاءُ تفسيرٍ ديني لهذه الكارثة التي خلفت ما يناهز 3000 قتيل وتقريبا نفس العدد من الجرحى والمصابين إضافةً إلى مئات الآلاف من المشرَّدين الذين فقدوا منازلَهم.
ما جاء في هذا البيان هو أن الزلزالَ عقابٌ من الله لانتشار الفساد والفحشاء والمنكر. وما زاد في الطين بلَّةً في هذا البيان، هو أن الزلزالَ هو كذلك عقابٌ لأخطاء سياسية ارتكبها المواطنون حينما لم يُصوِّتوا على جزب العدالة والتنمية في الاستحقاقات الأخيرة.
إن تحليلاً معمَّقا لهذا البيان، يبيِّن بوضوح أن حزب العدالة والتنمية لا يزال متشبِّثا في الوصول إلى السلطة (وهذا حقُّه). لكنه أخطأَ عندما ربط زلزالَ الحوز والنواحي بالدين. لماذا؟
أولا، لأن الفسادَ والفحشاءَ والمنكرَ موجودون، بدون استثناء، في جميع أنحاء العالم. بل إنها ملازمةٌ لوجود الإنسان على وجه الأرض منذ القِدَم. انطلاقا من هذا المنطق، لماذا لم يدمِّر اللهُ سبحانه وتعالى العالمَ كلَّه؟
ثنايا، أتحدَّى حزبَ العدالة والتنمية أن يعطينا دليلا واحدا قاطعا يُبيِّن أن زلزالَ الحوز والنواحي عقابٌ من الله. لن يستطيعوا أن يأتوا بهذا الدليل لأنه شيءٌ لا يعلمُه إلا الله، أي يدخل في علم الغيب.
ثالثا، عندما نتمعَّن في العديد من آيات القرآن الكريم، يتبيَّن لنا أن اللهَ سبحانه وتعالى يريد الخير لعباده. فكيف لخالق منزَّه عن الخطأ، الرحمان، الرحيم، السميع، البصير، العدل، اللطيف، الحليم، الغفور، الكريم، الواسع، الوَدُود، القوي، القيُّوم، القادر، البِرّ، التَّواب، العَفُو، الرؤوف، الغني، النافعُ… أن يسلِّطَ على عباده الكوارث وهو يريد لهم الخيرَ؟
رابعا، ما يفسِّر الزلازلَ هو العلمُ الحديث بنظرياتِه المتتالية التي تتغيَّر كلما تقدَّمَ وتجدَّد الفكر البشري العلمي الحديث.
فما المقصود من البيان الذي أصدره حزبُ العدالة والتنمية؟ المقصود هو أن هذا الحزبَ يريد أن يرجعَ للمشهد السياسي. بل إنه يريد أن يرجعَ للوضع الذي كان عليه حينما تصدَّر الانتخابات وترأس الحكومةَ لولايتين متتاليتين. لكنه فشل فعلا ذريعا في الاستجابة لتطلُّعات المواطنين، بل ارتكب خطأً فادحا لما استعمل الدين لأغراض سياسية لا علاقةَ لها بهذا الدين.
حزب العدالة والتنمية، لا فرقَ بينه وبين الأحزاب الأخرى. إنه مشغول انشغالا جنونيا بالوصول إلى السلطة. لكنه يُخفي هذا الانشغال. بل ويُخفي فشلَه ونفاقَه، فراح يخاطب الناسَ بوجهين : وجهٌ سياسي و وجهٌ ديني. لكن الخلطَ بينهما أوقعه في الخطأ!