8-
اعداد: رائد الجحافي
الكويت.. بيت المال لجماعة الإخوان على مستوى العالم..
أموال الجماعة في الكويت ومصادرها التمويل..
تقوم مالية جماعة الإخوان المسلمين ظاهريا على الاشتراكات الشهرية للاعضاء، على الرغم ان المبالغ التي يجري جمعها من الاشتراكات الشهرية ليست بسيطة جراء العدد الكبير من الاعضاء المنتسبين إلى الجماعة الذي يتجاوز الملايين على مستوى العالم، وحركة الإخوان المسلمين التي نشأت وتأسست على فكر ديني اقتصادي يعتمد بالدرجة الرئيسية على السيطرة على الأموال وجمعها بشتى الطرق والوسائل لتقوم على دخول السوق والمساهمة في معظم المشاريع التجارية بل ومحاولة الاستحواذ على كافة المشاريع والشركات العملاقة التي تدر أرباحا طائلة يساعدها في ذلك المنهج الإخواني الذي أسسه البناء القائم على تسخير السياسة والسلطة والوظيفة العامة لصالح خدمة مصالحها التجارية على مستوى الدول التي أصبحت تمتلك داخل أروقة حكوماتها نفوذ ما.
هذا بالإضافة إلى الجانب المهم الذي يتمثل في جمع التبرعات من خلال استغلال الأحداث والكوارث التي تحدث في بلاد المسلمين وغيرها.
هذا حتى أن المنهج الاقتصادي للجماعة يجيز ممارسة أساليب الاستعطاف الشعبي سواء تحت مظلة الغيرة على الدين الاسلامي أو لدعم القضايا الإسلامية كالقضية الفلسطينية وصولاً إلى محاولة تبني حملات التبرعات لمساعدة الأقليات المسلمة في مختلف دول العالم وتجني الجماعة من هذه الحملات أموالاً كبيرة جداً تعمل على تقديم جزء يسير منها للجهة التي جمعت لها التبرعات وتحتفظ بالنسبة الأكبر من المبالغ التي جمعتها لتودعها ضمن رأس مالها وتسخيرها في أبواب ومصالح أخرى أما لخدمة نشاطها أو لدعم مشاريعها الاستثمارية وغيرها.
ومن ضمن السياسة الإقتصادية للجماعة أنها تلجأ في غالب الأحيان إلى ممارسة اشكال عميقة من الاحتيال وخداع الشعوب بالاعلان والترويج عن شركات مساهمة عملاقة وبمجرد جمع الأسهم والوصول إلى المبلغ المستهدف جمعه، تعمل على التلاعب بالمشروع ومماطلة تنفيذه، أما إن وجدت إمكانية كبيرة في إمكانية نجاح الشركة المعلن عنها فإنها تواصل تنفيذ نشاط الشركة بعد تغيير كافة الوثائق التي قد تعرضها لأي مساءلة قانونية مستقبلية أو لأي مطالبة بمستحقات المساهمين، ومن هذه الشركات العملاقة على سبيل المثال قيام عبدالمجيد عزيز الزنداني أحد أبرز جماعة الإخوان المسلمين على مستوى العالم ورئيس شورى حزب الإصلاح اليمني (فرع جماعة الإخوان في اليمن) بالاعلان عن تأسيس شركة مساهمة عملاقة أطلق عليها شركة الأسماك والأحياء البحرية في العام 1995، حصل من الحكومة على دعم مالي يقدر بمائة وخمسين مليون ريال يمني بالإضافة إلى مصادرة جميع سفن الصيد والزوارق والمعدات التابعة لشركة الأسماك لدولة الجنوب التي تعرضت للاجتياح بقوة السلاح من قبل جماعة الإخوان المسلمين بالاشتراك مع عناصر الأفغان العرب العائدين من أفغانستان بعد مشاركتهم في الحرب ضد الاتحاد السوفيتي سابقا، واستطاع الزنداني الذي استخدم الدين في إقناع ملايين اليمنيين بالمساهمة في تلك الشركة وبلغ إجمالي الأموال التي جمعها من المساهمين أكثر من مليار ريال يمني، (عشرة مليون دولار امريكي)، وعلى الرغم من استمرار الشركة وتدشين نشاطها التجاري حتى وصلت أرباحها إلى أكثر من ثلاثة مليار ريال يمني خلال سنوات قليلة ليجري تحويل رأس مالها وارباحها لاحقا إلى استثمارات في بنوك سبأ والتضامن والبنك الإسلامي وجميعها مصارف تتبع جماعة الإخوان المسلمين.
ورغم مضي أكثر من ثلاثين عام على تدشين عمل الشركة الا ان المساهمين لم يتسلموا اي ارباح بل واحتجبت الشركة عن المساهمين وسيطرت عناصر الإخوان على مفاصل الهيئة الإدارية للتنصل عن حقوق المساهمين الذين لم يستطيعوا حتى استعادة المبالغ التي دفعوها عند شراء أسهم الشركة (1).
وتعتبر الكويت البنك الكبير والآمن لجماعة الإخوان المسلمين على مستوى العالم وبحسب تقارير ووثائق استخباراتية أجنبية كشفها تحقيق صحافي استقصائي - كانت قد رفضت إحدى وسائل الإعلام العربية نشره وعملت بعد تسلمه من الصحفي على تسريبه إلى جماعة الإخوان، ما سبب مشاكل لذلك الصحفي إذ تعرض للتهديد بالتصفية الجسدية، ووصل الأمر إلى حد تلفيق تهم كيدية وجرى حبك إحدى التهم بإتقان تضعه وجها لوجه أمام القانون على انه ارتكب جرائم جسيمة وخطيرة.
هذه الأمور جعلته عاجزاً حتى عن الإفصاح لما يتعرض له من ابتزاز ومقايضة شوكتها، عدم نشر التحقيق الاستقصائي مقابل عدم التعرض له أو لأقاربه.
ذلك التحقيق الذي عكف على العمل عليه لمدة خمس سنوات، اي منذ مارس 2014م وانتهى من الاعداد النهائي له مطلع ديسمبر من العام 2021م يؤكد أن رأس مال جماعة الإخوان في الكويت وحدها بلغ أكثر من (332) مليار دولار امريكي، استطاعت الجماعة هناك جمعه خلال العشر سنوات الأخيرة، من تبرعات أمراء ومسئولين وتجار، وكذلك ما نسبته 58% هي الأموال التي جمعتها عبر الجمعيات الخيرية والتعاونيات ونسب المرابحات المصرفية، وغيرها من حملات التبرع الشعبية التي نظمتها الجماعة عبر جمعياتها.
وتطرق التحقيق المدعم بالوثائق والأدلة الواضحة إلى وجود مبالغ مهولة جرى ويجري تحصيلها من ارباح الشركات العملاقة والمصارف التي تمتلكها ويديرها أشخاص أما منتمين إلى الجماعة أو مرتبطين بها بشكل غير مباشر.
وأوضح التقرير حقيقة مدعمة بعدد من المستندات والتسجيلات الصوتية والمرئية إلى عدد من كبار التجار ورجال الأعمال يعملون في الباطن لصالح جماعة الإخوان بالإضافة إلى عدد من الشركات العملاقة والمصارف لديها تراخيص تحمل اسماء شخصيات معظمها من خارج عناصر جماعة الإخوان سواء في الكويت أو الاستثمارات التي تعدت الحدود وأصبح لها نشاطها الكبير في أفريقيا وأوروبا وامريكا الجنوبية، واليمن والسعودية والأردن، وكذلك في دول أوروبية، وفي الولايات المتحدة الأمريكية، ودول شرق آسيا ولا تزال معظمها غير مكشوفة الغطاء لحساب الجهة التي تعمل لصالحها (2).
وكان لجماعة الإخوان عبر جمعياتها الكثيرة داخل الكويت تمويل أنشطة الجماعة على مستوى دول العالم سواء الجماعات المسلحة والمتطرفة وحتى المحظورة منها والمصنفة ضمن قائمة الإرهاب مثل تنظيم القاعدة وتنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) وغيرها.
التحقيق الاستقصائي يكشف أن أموال جماعة الإخوان المحولة من الكويت ركزت خلال السنوات الأخيرة على فتح أبواب الاستثمارات وعمليات غسيل الأموال ووصل الأمر إلى المتاجرة بالممنوعات، وبعد أحداث الربيع العربي لجأت الجماعة إلى تمويل عناصرها في كل من اليمن ولبنان والأردن والسعودية وتمكينهم من تلك الأموال للاستحواذ على الأسواق المربحة بما فيها المصارف التي تعمل تحت غطاء المرابحة غير الربوية وتضفي صفة الاسلامية على سياساتها الربحية بالإضافة إلى شركات الصرافة وتجارة العقارات، وأشكال اخرى من التجارة غير المشروعة، وبشكل عام جل نشاطها وحركة أموالها تسير داخل الأسواق وفق عمليات غسل أموال دقيقة، سيتطرق البحث إلى توضيحها وشرحها في الفصل الثالث..
ومن أبرز المصارف والشركات التابعة لجماعة الإخوان في الكويت:
بيت التمويل الكويتي.. أكبر المصارف العملاقة التابعة للإخوان المسلمين في الكويت..
تأسس بيت التمويل الكويتي عام 1977م ودشن العمل فيه بتاريخ 28 أغسطس 1978م ، كان رأس مال البيت في ذلك الوقت مليون دينار كويتي بنسبة 49% للمؤسسات الرسمية و51% للقطاع الخاص وبدأ العمل بربع رأس المال اي بمبلغ 2.5 مليون دينار.
أسسه رجل الأعمال الكويتي أحمد بزيع ياسين محمد القناعي الذي شغل منصب أمين سر جمعية الإصلاح الاجتماعي (الإخوان المسلمون في الكويت) ، كما ترأس العديد من الهيئات الشرعية في مختلف البنوك والمؤسسات الإسلامية في دولة الكويت وخارجها ويعد رأسمال الجماعة.
تلقى بزيغ دروس فقه المعاملات على يد الشيخ العلامة الدكتور بدر المتولي عبدالباسط، وبعد تخرجه من المدرسة المباركية عام 1942، عمل كاتب حسابات لدى سلميان إبراهيم المسلم ثم سافر عام 1946 م إلى لبنان لمدة عامين لإدارة المكتب المختص بالأقمشة والصيرفة، ثم انتقل للعمل في المملكة العربية السعودية لمدة ست سنوات وحتى العام 1972 لإدارة الشؤون التجارية لعبد العزيز على المطوع هناك في منطقة الخُبَر وقبل ذلك تنقل بين الكويت والهند لمدة سنتين ثم انضم إلى غرفة التجارة والصناعة عام 197.، وأصبح عضوًا في مجلس إدارة بنك الكويتي المركزي، وفي عام 1978 كان من المشاركين الرئيسيين في تأسيس بيت التمويل الكويتي الى جانب بدر تولى رئاسة مجلس إدارة بيت التمويل الكويتي من العام 1977 إلى العام 1993، ورئيس مجلس إدارة بيت التمويل التركي 1981-1993 ورئيس هيئة الفتوى والرقابة الشرعية في بيت التمويل الكويتي منذ عام 1994، ورئيس الهيئة الاستشارية التشريعية في بنك الكويت الدولي، ورئيس هيئات الفتوى والرقابة في بنك بوبيان وشركات أعيان للتجارة والاستثمار، والمستثمر الدولي، ودار الاستثمار، كما كان عضوًا بالتأسيس في بنك فيصل الإسلامي في السودان، بنك دبي الإسلامي في دبي، بنك بنجلاديش الاسلامي، بنك بيتك تركيا، بنك التنمية في مصر، بنك البحرين الإسلامي وشارك في عملية تحويل البنك الأهلي المتحد والبنك الدولي إلى العمل وفق أحكام الشريعة الإسلامية.
شغل احمد بزيغ منصب أمين سر جمعية الإصلاح الاجتماعي ذراع الإخوان المسلمون في الكويت ودفعت به الجماعة في انتخابات مجلس الأمة ثلاث مرات، الأولى كانت عام 1963 وحصل فيها على المركز العاشر، والثانية حصل فيها على المركز الرابع عشر عام 1967، بينما كان من نصيبه المركز السادس في المرة الثالثة عام 1975م وكان من أهم اذرع الجماعة في العمل الخيري والتطوعي حيث كان عضو مجلس إدارة الهيئة الخيرية الإسلامية العالمية، وعضو مجلس إدارة جمعية النجاة الخيرية، وعضو مجلس إدارة جمعية الشيخ عبدالله النوري الخيرية، وعضو في بيت الزكاة حتى وفاته (3).
وفي وقت سابق اثار كلام الداعية الشيعي العراقي باقر الصدر الذي امتدح بيت التمويل الكويتي، حنق دعاة وكتاب شيعة اخرين حيث انتقدوا الصدر واتهموه بمجاملة من اسموهم اعداء الشيعة، مثل جماعة الإخوان المسلمين، وذلك
عندما تحدث عن بيت التمويل الكويتي في كتاب أهداه لمجلس إدارة البنك بعنوان "البنك الّلاربوي في الإسلام"، أبرز ما ورد فيه من عبارات: "هذا هو البنكُ اللاربوي في الإسلام" وكتابه ذلك الذي صدر عن دار التعارف للمطبوعات، الطبعةُ الثامنة، 1403 هجري قمري، امتدح البنك وأكد ذلك ما ذكره في الـمُقدِّمة: "وفضلُ التسبيبِ في هذا البحث للجنةِ التحضير لبيت التمويل الكويتي".
وجاء تعليق الشيخ الشيعي الغزي على كلام الصدر، الحقيقة أن بيت التمويل الكويتي هو بنكٌ للإخوان المسلمين تأسس مطلع سبعينيات القرن الماضي، وأُسِّس بنكُ الإخوان (بيتُ التمويل الكويتي)، وكُلُّ نشاطاتِ الإخوان تُدعَمُ من هذا البنك إلى فترةٍ قريبةٍ حتى جرى غسله بشكل عجيب باضفاء الصفة الرسمية عليه والادعاء أن الحكومةُ الكويتيةُ قد سيطرت عليه..
بينما جميع مشاريع الإخوان تُدعَمُ من أموالهِ.
ويواصل الشيخ الشيعي الغزي هجومه موجهاً حديثه إلى النجف الذي قال عنها أنها أصدرت فتوى بمشروعية التعاملات المالية لبيت التمويل الكويتي الذي وجه القائمين عليه سؤالهم إلى النجف لادراكهم أن النجف يحمل توجه ذات منهج شافعي، لذلك أفتى لهم بالمشروعية، بينما بيت التمويل الكويتي تديره وتشرف عليه جماعة الإخوان المسلمين الكويتية الذين أنتجوا القاعدة، وأنتجوا النُصرة، وأنتجوا داعش، وكُلُّ الحركاتِ الإرهابية خرجت من تحتِ عباءتهم ومن تحتِ خيمتهم، وكُلُّ الأموال الَّتي تُدعَمُ بها هذهِ النشاطات تخرجُ من الكويت..
ويستدرك قائلاً:
"لا أتحدَّثُ عن حكومةِ الكويت أتحدَّثُ عن الإخوان المسلمين في الكويت وعن بنكهم الَّذي كان بنكاً كاملاً لهم قبل أن تُسيطر عليهِ الحكومةُ الكويتيةُ في السنواتِ الأخيرة"(4).
المصادر/
1-صحيفة القضية اليمنية - حقيقة شركة اسماك الإخواني الزنداني - العدد 37 - الخميس 11 نوفمبر 2010
2- مجموعة مستندات رسمية صور طبق الاصل تم التأكد منها ومقارنتها بالأصول كما تم فحص المستندات الاصلية والمقاطع المرئية والصوتية من قبل الباحث
3- الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين..
4- مقال بعنوان "وقفة عند كتاب اقتصادنا للسيد محمد باقر الصدر" موقع المودة الالكتروني - بقلم الشيخ الشيعي عبدالحليم الغزي.
.. يتبع الحلقة التاسعة
اعداد: رائد الجحافي
الكويت.. بيت المال لجماعة الإخوان على مستوى العالم..
أموال الجماعة في الكويت ومصادرها التمويل..
تقوم مالية جماعة الإخوان المسلمين ظاهريا على الاشتراكات الشهرية للاعضاء، على الرغم ان المبالغ التي يجري جمعها من الاشتراكات الشهرية ليست بسيطة جراء العدد الكبير من الاعضاء المنتسبين إلى الجماعة الذي يتجاوز الملايين على مستوى العالم، وحركة الإخوان المسلمين التي نشأت وتأسست على فكر ديني اقتصادي يعتمد بالدرجة الرئيسية على السيطرة على الأموال وجمعها بشتى الطرق والوسائل لتقوم على دخول السوق والمساهمة في معظم المشاريع التجارية بل ومحاولة الاستحواذ على كافة المشاريع والشركات العملاقة التي تدر أرباحا طائلة يساعدها في ذلك المنهج الإخواني الذي أسسه البناء القائم على تسخير السياسة والسلطة والوظيفة العامة لصالح خدمة مصالحها التجارية على مستوى الدول التي أصبحت تمتلك داخل أروقة حكوماتها نفوذ ما.
هذا بالإضافة إلى الجانب المهم الذي يتمثل في جمع التبرعات من خلال استغلال الأحداث والكوارث التي تحدث في بلاد المسلمين وغيرها.
هذا حتى أن المنهج الاقتصادي للجماعة يجيز ممارسة أساليب الاستعطاف الشعبي سواء تحت مظلة الغيرة على الدين الاسلامي أو لدعم القضايا الإسلامية كالقضية الفلسطينية وصولاً إلى محاولة تبني حملات التبرعات لمساعدة الأقليات المسلمة في مختلف دول العالم وتجني الجماعة من هذه الحملات أموالاً كبيرة جداً تعمل على تقديم جزء يسير منها للجهة التي جمعت لها التبرعات وتحتفظ بالنسبة الأكبر من المبالغ التي جمعتها لتودعها ضمن رأس مالها وتسخيرها في أبواب ومصالح أخرى أما لخدمة نشاطها أو لدعم مشاريعها الاستثمارية وغيرها.
ومن ضمن السياسة الإقتصادية للجماعة أنها تلجأ في غالب الأحيان إلى ممارسة اشكال عميقة من الاحتيال وخداع الشعوب بالاعلان والترويج عن شركات مساهمة عملاقة وبمجرد جمع الأسهم والوصول إلى المبلغ المستهدف جمعه، تعمل على التلاعب بالمشروع ومماطلة تنفيذه، أما إن وجدت إمكانية كبيرة في إمكانية نجاح الشركة المعلن عنها فإنها تواصل تنفيذ نشاط الشركة بعد تغيير كافة الوثائق التي قد تعرضها لأي مساءلة قانونية مستقبلية أو لأي مطالبة بمستحقات المساهمين، ومن هذه الشركات العملاقة على سبيل المثال قيام عبدالمجيد عزيز الزنداني أحد أبرز جماعة الإخوان المسلمين على مستوى العالم ورئيس شورى حزب الإصلاح اليمني (فرع جماعة الإخوان في اليمن) بالاعلان عن تأسيس شركة مساهمة عملاقة أطلق عليها شركة الأسماك والأحياء البحرية في العام 1995، حصل من الحكومة على دعم مالي يقدر بمائة وخمسين مليون ريال يمني بالإضافة إلى مصادرة جميع سفن الصيد والزوارق والمعدات التابعة لشركة الأسماك لدولة الجنوب التي تعرضت للاجتياح بقوة السلاح من قبل جماعة الإخوان المسلمين بالاشتراك مع عناصر الأفغان العرب العائدين من أفغانستان بعد مشاركتهم في الحرب ضد الاتحاد السوفيتي سابقا، واستطاع الزنداني الذي استخدم الدين في إقناع ملايين اليمنيين بالمساهمة في تلك الشركة وبلغ إجمالي الأموال التي جمعها من المساهمين أكثر من مليار ريال يمني، (عشرة مليون دولار امريكي)، وعلى الرغم من استمرار الشركة وتدشين نشاطها التجاري حتى وصلت أرباحها إلى أكثر من ثلاثة مليار ريال يمني خلال سنوات قليلة ليجري تحويل رأس مالها وارباحها لاحقا إلى استثمارات في بنوك سبأ والتضامن والبنك الإسلامي وجميعها مصارف تتبع جماعة الإخوان المسلمين.
ورغم مضي أكثر من ثلاثين عام على تدشين عمل الشركة الا ان المساهمين لم يتسلموا اي ارباح بل واحتجبت الشركة عن المساهمين وسيطرت عناصر الإخوان على مفاصل الهيئة الإدارية للتنصل عن حقوق المساهمين الذين لم يستطيعوا حتى استعادة المبالغ التي دفعوها عند شراء أسهم الشركة (1).
وتعتبر الكويت البنك الكبير والآمن لجماعة الإخوان المسلمين على مستوى العالم وبحسب تقارير ووثائق استخباراتية أجنبية كشفها تحقيق صحافي استقصائي - كانت قد رفضت إحدى وسائل الإعلام العربية نشره وعملت بعد تسلمه من الصحفي على تسريبه إلى جماعة الإخوان، ما سبب مشاكل لذلك الصحفي إذ تعرض للتهديد بالتصفية الجسدية، ووصل الأمر إلى حد تلفيق تهم كيدية وجرى حبك إحدى التهم بإتقان تضعه وجها لوجه أمام القانون على انه ارتكب جرائم جسيمة وخطيرة.
هذه الأمور جعلته عاجزاً حتى عن الإفصاح لما يتعرض له من ابتزاز ومقايضة شوكتها، عدم نشر التحقيق الاستقصائي مقابل عدم التعرض له أو لأقاربه.
ذلك التحقيق الذي عكف على العمل عليه لمدة خمس سنوات، اي منذ مارس 2014م وانتهى من الاعداد النهائي له مطلع ديسمبر من العام 2021م يؤكد أن رأس مال جماعة الإخوان في الكويت وحدها بلغ أكثر من (332) مليار دولار امريكي، استطاعت الجماعة هناك جمعه خلال العشر سنوات الأخيرة، من تبرعات أمراء ومسئولين وتجار، وكذلك ما نسبته 58% هي الأموال التي جمعتها عبر الجمعيات الخيرية والتعاونيات ونسب المرابحات المصرفية، وغيرها من حملات التبرع الشعبية التي نظمتها الجماعة عبر جمعياتها.
وتطرق التحقيق المدعم بالوثائق والأدلة الواضحة إلى وجود مبالغ مهولة جرى ويجري تحصيلها من ارباح الشركات العملاقة والمصارف التي تمتلكها ويديرها أشخاص أما منتمين إلى الجماعة أو مرتبطين بها بشكل غير مباشر.
وأوضح التقرير حقيقة مدعمة بعدد من المستندات والتسجيلات الصوتية والمرئية إلى عدد من كبار التجار ورجال الأعمال يعملون في الباطن لصالح جماعة الإخوان بالإضافة إلى عدد من الشركات العملاقة والمصارف لديها تراخيص تحمل اسماء شخصيات معظمها من خارج عناصر جماعة الإخوان سواء في الكويت أو الاستثمارات التي تعدت الحدود وأصبح لها نشاطها الكبير في أفريقيا وأوروبا وامريكا الجنوبية، واليمن والسعودية والأردن، وكذلك في دول أوروبية، وفي الولايات المتحدة الأمريكية، ودول شرق آسيا ولا تزال معظمها غير مكشوفة الغطاء لحساب الجهة التي تعمل لصالحها (2).
وكان لجماعة الإخوان عبر جمعياتها الكثيرة داخل الكويت تمويل أنشطة الجماعة على مستوى دول العالم سواء الجماعات المسلحة والمتطرفة وحتى المحظورة منها والمصنفة ضمن قائمة الإرهاب مثل تنظيم القاعدة وتنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) وغيرها.
التحقيق الاستقصائي يكشف أن أموال جماعة الإخوان المحولة من الكويت ركزت خلال السنوات الأخيرة على فتح أبواب الاستثمارات وعمليات غسيل الأموال ووصل الأمر إلى المتاجرة بالممنوعات، وبعد أحداث الربيع العربي لجأت الجماعة إلى تمويل عناصرها في كل من اليمن ولبنان والأردن والسعودية وتمكينهم من تلك الأموال للاستحواذ على الأسواق المربحة بما فيها المصارف التي تعمل تحت غطاء المرابحة غير الربوية وتضفي صفة الاسلامية على سياساتها الربحية بالإضافة إلى شركات الصرافة وتجارة العقارات، وأشكال اخرى من التجارة غير المشروعة، وبشكل عام جل نشاطها وحركة أموالها تسير داخل الأسواق وفق عمليات غسل أموال دقيقة، سيتطرق البحث إلى توضيحها وشرحها في الفصل الثالث..
ومن أبرز المصارف والشركات التابعة لجماعة الإخوان في الكويت:
بيت التمويل الكويتي.. أكبر المصارف العملاقة التابعة للإخوان المسلمين في الكويت..
تأسس بيت التمويل الكويتي عام 1977م ودشن العمل فيه بتاريخ 28 أغسطس 1978م ، كان رأس مال البيت في ذلك الوقت مليون دينار كويتي بنسبة 49% للمؤسسات الرسمية و51% للقطاع الخاص وبدأ العمل بربع رأس المال اي بمبلغ 2.5 مليون دينار.
أسسه رجل الأعمال الكويتي أحمد بزيع ياسين محمد القناعي الذي شغل منصب أمين سر جمعية الإصلاح الاجتماعي (الإخوان المسلمون في الكويت) ، كما ترأس العديد من الهيئات الشرعية في مختلف البنوك والمؤسسات الإسلامية في دولة الكويت وخارجها ويعد رأسمال الجماعة.
تلقى بزيغ دروس فقه المعاملات على يد الشيخ العلامة الدكتور بدر المتولي عبدالباسط، وبعد تخرجه من المدرسة المباركية عام 1942، عمل كاتب حسابات لدى سلميان إبراهيم المسلم ثم سافر عام 1946 م إلى لبنان لمدة عامين لإدارة المكتب المختص بالأقمشة والصيرفة، ثم انتقل للعمل في المملكة العربية السعودية لمدة ست سنوات وحتى العام 1972 لإدارة الشؤون التجارية لعبد العزيز على المطوع هناك في منطقة الخُبَر وقبل ذلك تنقل بين الكويت والهند لمدة سنتين ثم انضم إلى غرفة التجارة والصناعة عام 197.، وأصبح عضوًا في مجلس إدارة بنك الكويتي المركزي، وفي عام 1978 كان من المشاركين الرئيسيين في تأسيس بيت التمويل الكويتي الى جانب بدر تولى رئاسة مجلس إدارة بيت التمويل الكويتي من العام 1977 إلى العام 1993، ورئيس مجلس إدارة بيت التمويل التركي 1981-1993 ورئيس هيئة الفتوى والرقابة الشرعية في بيت التمويل الكويتي منذ عام 1994، ورئيس الهيئة الاستشارية التشريعية في بنك الكويت الدولي، ورئيس هيئات الفتوى والرقابة في بنك بوبيان وشركات أعيان للتجارة والاستثمار، والمستثمر الدولي، ودار الاستثمار، كما كان عضوًا بالتأسيس في بنك فيصل الإسلامي في السودان، بنك دبي الإسلامي في دبي، بنك بنجلاديش الاسلامي، بنك بيتك تركيا، بنك التنمية في مصر، بنك البحرين الإسلامي وشارك في عملية تحويل البنك الأهلي المتحد والبنك الدولي إلى العمل وفق أحكام الشريعة الإسلامية.
شغل احمد بزيغ منصب أمين سر جمعية الإصلاح الاجتماعي ذراع الإخوان المسلمون في الكويت ودفعت به الجماعة في انتخابات مجلس الأمة ثلاث مرات، الأولى كانت عام 1963 وحصل فيها على المركز العاشر، والثانية حصل فيها على المركز الرابع عشر عام 1967، بينما كان من نصيبه المركز السادس في المرة الثالثة عام 1975م وكان من أهم اذرع الجماعة في العمل الخيري والتطوعي حيث كان عضو مجلس إدارة الهيئة الخيرية الإسلامية العالمية، وعضو مجلس إدارة جمعية النجاة الخيرية، وعضو مجلس إدارة جمعية الشيخ عبدالله النوري الخيرية، وعضو في بيت الزكاة حتى وفاته (3).
وفي وقت سابق اثار كلام الداعية الشيعي العراقي باقر الصدر الذي امتدح بيت التمويل الكويتي، حنق دعاة وكتاب شيعة اخرين حيث انتقدوا الصدر واتهموه بمجاملة من اسموهم اعداء الشيعة، مثل جماعة الإخوان المسلمين، وذلك
عندما تحدث عن بيت التمويل الكويتي في كتاب أهداه لمجلس إدارة البنك بعنوان "البنك الّلاربوي في الإسلام"، أبرز ما ورد فيه من عبارات: "هذا هو البنكُ اللاربوي في الإسلام" وكتابه ذلك الذي صدر عن دار التعارف للمطبوعات، الطبعةُ الثامنة، 1403 هجري قمري، امتدح البنك وأكد ذلك ما ذكره في الـمُقدِّمة: "وفضلُ التسبيبِ في هذا البحث للجنةِ التحضير لبيت التمويل الكويتي".
وجاء تعليق الشيخ الشيعي الغزي على كلام الصدر، الحقيقة أن بيت التمويل الكويتي هو بنكٌ للإخوان المسلمين تأسس مطلع سبعينيات القرن الماضي، وأُسِّس بنكُ الإخوان (بيتُ التمويل الكويتي)، وكُلُّ نشاطاتِ الإخوان تُدعَمُ من هذا البنك إلى فترةٍ قريبةٍ حتى جرى غسله بشكل عجيب باضفاء الصفة الرسمية عليه والادعاء أن الحكومةُ الكويتيةُ قد سيطرت عليه..
بينما جميع مشاريع الإخوان تُدعَمُ من أموالهِ.
ويواصل الشيخ الشيعي الغزي هجومه موجهاً حديثه إلى النجف الذي قال عنها أنها أصدرت فتوى بمشروعية التعاملات المالية لبيت التمويل الكويتي الذي وجه القائمين عليه سؤالهم إلى النجف لادراكهم أن النجف يحمل توجه ذات منهج شافعي، لذلك أفتى لهم بالمشروعية، بينما بيت التمويل الكويتي تديره وتشرف عليه جماعة الإخوان المسلمين الكويتية الذين أنتجوا القاعدة، وأنتجوا النُصرة، وأنتجوا داعش، وكُلُّ الحركاتِ الإرهابية خرجت من تحتِ عباءتهم ومن تحتِ خيمتهم، وكُلُّ الأموال الَّتي تُدعَمُ بها هذهِ النشاطات تخرجُ من الكويت..
ويستدرك قائلاً:
"لا أتحدَّثُ عن حكومةِ الكويت أتحدَّثُ عن الإخوان المسلمين في الكويت وعن بنكهم الَّذي كان بنكاً كاملاً لهم قبل أن تُسيطر عليهِ الحكومةُ الكويتيةُ في السنواتِ الأخيرة"(4).
المصادر/
1-صحيفة القضية اليمنية - حقيقة شركة اسماك الإخواني الزنداني - العدد 37 - الخميس 11 نوفمبر 2010
2- مجموعة مستندات رسمية صور طبق الاصل تم التأكد منها ومقارنتها بالأصول كما تم فحص المستندات الاصلية والمقاطع المرئية والصوتية من قبل الباحث
3- الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين..
4- مقال بعنوان "وقفة عند كتاب اقتصادنا للسيد محمد باقر الصدر" موقع المودة الالكتروني - بقلم الشيخ الشيعي عبدالحليم الغزي.
.. يتبع الحلقة التاسعة
