اللازمة المترسِّخة في غباوة حكام الجزائر

أولا، ماهي اللازمة؟ اللازمةُ leitmotiv هي كل قول أو فعل يتكرَّر، عن قصد أو عن غير قصد، في حديثٍ أو خطابٍ أو محادثةٍ…

بالنسبة لحُكام الجزائر، لازِمتُهم هي تقسيم المغرب وحِرمانُه من صحرائه المغربية التي يُسمُّونها "الصحراء الغربية". وهذه اللازمة يجترُّونها صبحَ مساء وجعلوا ويجعلون منها الخيطَ الناظمَ لأفكارهم وأفعالهم ولسياساتهم ولأحاديثهم ولخُطبهم… بمناسبة وبدون مناسبة.

بل إن هذه اللازمة أصبحت شغلَهم الشاغل، إن لم يكن الوحيد الذي يقضُّ مضجعَهم في كل لحظة وحين.

لازمةٌ جعلتهم ينسون أن البلدَ الذي سلَّطوا عليه حكمَهم الجائر، له شغبٌ يطمح، كجميع شعوب العالم، إلى كرامة العيش وإلى الرُّقي والازدهار.

لازمةٌ جعلتهم ينسون أن العالمَ بأسره، دولاً وشعوباً ومؤسساتٍ وتجمُّعاتٍ، يراقب ويتتبَّع أفكارَهم وتصرُّفاتهم، غير آبهين بعواقب هذه الأفكار والتَّصرُّفات وردود الأفعال التي تترتَّب عنها.

ومن فَرط تشبُّث حكام الجزائر بلازمتِهم والتَّعنُّت بالتَّمسُّك بها، لقد أُعمِيَت بصيرتُهم وأصبحوا كالثور الهائج لا يبالون بما يجنونه وسيجنونه من عُزلة واحتقار وسُخرية.

هاجسُهم وعُقدتُهم الوحيدة هي المغرب. المغرب الذي، بعقلانية وبُعد نظرٍ ثاقبين، لا يولي أي اهتمام لهذه التُّرَّهات التي ذهبت إلى حدِّ الصبيانية والتَّفاهة والجَهْل والحَماقَة والطَّيْش والغَبَاوَة.

والدليل على صبيانية وغباوة حكَّام الجزائر، هو أن المغربَ، إلى جانب تجاهلِه لتصرُّفات هؤلاء الحكام، يسير بخطى ثابتة إلى الأمام مُحقِّقا الإنجازَ تلو الآخر على الصَّعيدين القاري والدولي، وخصوصا في المجال الدبلوماسي.

بينما حكَّام الجزائر يراكمون الأفشالَ تلو الأفشال على جميع الأصعِدة : الدبلوماسي، السياسي، الجيوسياسي، الاقتصادي، الاجتماعي، الرياضي…

ورغم كل هذه الأفشال، لا يزال حكام الجزائر متشبثين بلازمتِهم التي، بحكم تعنُّتهم، لا يُدركون، على الإطلاق، ما قد تجلبه لهم وللشعب الجزائري، بل للمنطقة، من عواقب و ويلات.

من ضِمن هذه العواقب، الجزائر، البلد الغني بالنفط والغاز الطبيعي وثروات أخرى، أصبحت معزولة ولا تحظى بثقة المجتمع الدولي. إلا البلدان التي تنخرط في صبيانية حكَّام الجزائر لاستغلال غباوتهم وللاستفادة من ثروات البلاد بأقل كُلفة.

وحكَّام الجزائر مستعدون لبيع الجزائر بأكملها لكَسبِ دعمِ بعض البلدان للازمتِهم الأبدية المشار إليها أعلاه.

ورغم ما أنفقوا من ملايير الدولارات لإرشاء البلدان والمؤسسات والتَّجمُّعات والجمعيات والأشخاص والمرتزقة، فإنهم لم يفلحوا إلا في حصاد الهزائم والفشل تلو الفشل.

بسبب غباوة حكام الجزائر، كبلد غني، رُفِضَت عُضويتُها في "البريكس". بلد غني لكنه لا يساوي شيئا على الساحة الدولية، كما جاء في حديث وزير خارجية روسيا الذي قال : "البلدان التي تُقبل عُضويتُها في "البريكس"، يجب أن تكونَ قوية، بمعنى أنه يجب أن يكونَ لها وزنٌ أو ثِقل على الساحة الجيوسياسية.كما يجب أن تكونَ لها مواقف لها تأثيرٌ على المستوى الدولي.

بسبب غباوة حكام الجزائر وعلى رأسهم رئيس الجمهورية الذي أثار سخريةَ العالم كله حين قال في الجمعية العامة 78 للأمم المتَّحدة أن بلدَه قادر على إنتاج 1300000000 متر مكعَّب يوميا انطلاقا من سنة 2024، نتيجةً لتحلية مياه البحر الأبيض المتوسط. و للإشارة، نفس الرقم سبق أن نطق به وزير التجهيز والماء المغربي، نزار بركة. لكنه قال : في غضون سنة 2030، سيتمكَّن المغرب من تحلية 1300000000 متر مكعب سنويا من مياه البحر.

بسبب غباوة حكام الجزائر، لم تستطع الجزائر الحصول على تنظيم كأس إفريقيا للأمم لسنتي 2025 و 2027. صحيح أن الجزائر انسحبت من السباق. لكنه انسحاب غير بريء. حكام الجزائر يعرفون مسبقا أنهم لن يستطيعوا منافسةَ المغرب أمام صلابة ملفه. ولهذا، فانسحابُهم هو، في الحقيقة، هروبٌ إلى الأمام مخافةَ الانهزام أمام بلدٍ يعتبرونه عدوا لهم. وكيفما كان الحال وحتى إن بقيت الجزائر في السباق، كانت ستنهزم نظرا للتنقيط العالي الذي حصل عليه ملفُّ المغرب.

بسبب غباوة حكام الجزائر، خسروا في قضية كانت ستنقِد دمَ وجه هؤلاء الحكام. يتعلَّق الأمرُ بالانقلاب الذي حدث في النيجر. بعد هذا الانقلاب، تقدَّم حكَّامُ الجزائر بخطَّةٍ لحلِّ هذه الأزمة. فسارعت وسائل إعلام العسكر لتُخبرَ الجزائريين بأن النيجر قبِلَ هذه الخطة. غير أن النيجر كذَّبت رسميا هذا الخبر ليتَّضِح أن حكَّامَ الجزائر، لتضليل عامة الشعب، لا تتردَّد في اللجوء إلى الكذب. وليست هذه هي المرَّة الأولى التي تكذب فيها الطغمةُ الحاكمة على الشعب الجزائري. والحقيقة كل الحقيقة، هو أن حكَّامَ الجزائر لا تهمُّهم أزمة النيجر، بأي حالٍ من الأحوال، بقدر ما يهمُّهم رجوع الرئيس المخلوع بازوم إلى سدَّة الحكم، بكونه قد اعترف بالبوليساريو وجمهوريتِه الوهمية.

أما الضربة القاضية التي لن ينساها حكَّامُ الجزائر وستمنعهم من النوم، على الأقل من الآن إلى غاية حلول سنة 2030، فتتمثَّل في حصول العدو اللذوذ لهؤلاء الحكام، المغرب، على تنظيم كأس العالم لسنة 2030، رُفقةَ إسبانيا والبرتغال.

فهل هناك لازمة أكبر من لازمة تقسيم المغرب وحرمانه من صحرائه المغربية؟ لازمةٌ جرَّت وتجر لأصحابها، حُكَّام الجزائر، لعنةً تلو لعنة وفشلاً تلو فشل وصفعةً تلو صفعة ومهزلةً تلو مهزلة وسُخريةً تلو سخرية…؟

لازمةٌ لن تتحقَّق ولن يُحالفَها النجاحُ لأن قضية الصحراء المغربية، قضية ملكٍ وشعبٍ متشبِّثان بها ويؤمنان بها إيمانا راسخا مستوطنا في وجدانهما، في أحاسيسهما وفي مشاعرهما. قضيةٌ هي أم القضايا، بمعنى أنه ليس هناك قضيةٌ أخرى تسبقها مهما عظُمت ومهما كبُرت. يتنفسها المغاربة وتجري في أوعيتِهم الدموية. والدليل على ذلك، هو هبَّة المواطنات والمواطنين، كرجل واحد، لتحرير الصحراء المغربية من المستعمر الإسباني بمسيرة خضراء سلمية سلاحُها الوحيد، القرآن الكريم.

قضيةٌ لن ينفعَ معها كيدُ الكائدين، حكام الجزائر، الذين اتخذوها كلازمة لسياستِهم الداخلية والخارجية. ولن ينفعَ معها صرف المال لشراء الضمائر والذِّمم، عِوض صرفه لتوفير الحليب والعدس واللوبيا والدقيق والزيت والسكر… للشعب الجزائري.

الصحراء في مغربها والمغرب في صحرائه. وكلاهما ملتصقان، الأول بالثانية والثانية بالأول، وإلى الأبد، أبى مَن أبى وكره مَن كره.

لك الله يا شعبَ الجزائر!

تعليقات

أعلى