الطرق المؤدية إلى الاغتناء السريع كثيرة ومتنوعة. وأهم هذه الطرق تتمثَّل في تَسْلِيعِ marchandisation اختصاصات المجالس المحلية (القروية والبلدية). والمقصود هنا من التَّسْلِيع هو أن يقوم بعضُ الأعضاء، وخصوصا الرؤساء، بتحويل اختصاصات المجالس، التي هي أصلا حقوق و واجبات، إلى سِلَعٍ أو بضائعَ تُباع وتُشترى. وأحيانا، تُباع وتُشترى في سوق المزاد.
فمن بين هؤلاء الأعضاء مَن يزوِّرُ... ومنهم مَن يغضُّ الطَّرفَ عن مُنكر أو عن تجاوز أو عن خرق بمقابلٍ... ومنهم مَن يُرخِّص ما لا يمكن ترخيصه... ومنهم مَن يَتَزَابَنُ و يَتَمَحْسَبُ... ومنهم مَن يتحايل على القانون ببراعة... ومنهم مَن يُؤَوِّلُه لصالحه... ومنهم مَن يتواطأ... ومنهم مَن يُصْدِرُ أوامرَ وأحكاما وقراراتٍ على المقاس... ومنهم مَن يتلاعب بالقانون... ومنهم من يُتْقِنُ التلاعبَ بالصفقات... ومنهم مَن يتنفَّس بشعار "باك صاحبي"... ومنهم مَن يستغِلُّ منصبَه ونفوذه... ومنهم مَن يُعْطي الوعود الكاذبة... ومنهم مَن يُخَوِّفُ ويَتَوَعَّدُ... ومنهم مَن يُسَوِّفُ... ومنهم مَن… فعلى عامة الناس أن لا يستغربوا إذا وُصِفَت بعض الجماعات المحلية بأوكارٍ للفساد!
لقد أصبح التَّسْليعُ موضوعَ إبداعٍ خارقٍ ورهيبٍ والاختصاصات المُسَلَّعَةُ كثيرةٌ وغالبيتها مُخَوَّلَةٌ لرؤساء المجالس. وهؤلاء الرؤساء لا يمكن، وحدهم، أن يُسَلِّعوا اختصاصاتهم إلا بتواطؤ مع باقي أو بعض الأعضاء. من بين الاختصاصات التي يمكن أن تُسلَّعَ، أذكر على سبيل المثال :
1.منح رخص البناء والتجزئة والتجهيز والسكن واستغلال الملك العام
2.المصادقة على وثائق تدبير واستغلال الملك العام
3.المحافظة على المجال الغابوي واستغلاله وتثمينه
4.الوقوف على تدبير الأملاك الجماعية وعلى المحافظة عليها وصيانتها
5.تحديد نِسَب الرسوم والتعريفات والعوائد لفائدة الجماعة
6.اتخاذ القرارات الخاصة بإحداث أتعاب مقابل خدمات وتحديد تعريفاتها
7.إبرام عقود الإيجار والعمل على مراجعتها
8.إبرام العقود الخاصة بكراء وبيع وحيازة ومبادلة أملاك الجماعة
9.القيام بالتَّعيين في مناصب إدارة الجماعة
10.إبرام عقود الصفقات الخاصة بالأشغال واللوازم والخدمات
11.تنظيم أو المساهمة في مراقبة الأنشطة التجارية والصناعية التقليدية والصناعية غير المقننة والتي من شأنها إلحاق أضرار بالصحة والسلامة الصحية وأمن المسالك والراحة العامة أو تُشكِّل خطورةً على البيئة
12.مراقبة متاجر العقاقير والدكاكين وبائعي العطور وبصفة عامة الأماكن التي من الممكن أن تُصنعَ فيها أو تُسْتَودعَ أو تُباعَ فيها مواد أو مُنْتجات خطيرة
13.السهر على احترام معايير الصحة ونظافة الأماكن المفتوحة للعموم وبالأخص المطاعم، المقاهي، قاعات الألعاب، قاعات العروض والحفلات، المسارح، المسابح وكل الأماكن الأخرى المفتوحة للعموم وكذلك تحديد مواقيت فتحها وإغلاقها
14.مراقبة جودة الأغذية، المشروبات والتوابل المعروضة للبيع أو الاستهلاك العمومي
15.تنظيم ومراقبة المحطات الطرقية ومحطات وقوف الحافلات وسيارات الأجرة و شاحنات نقل البضائع و كل محطات وقوف السيارات وكذلك محطات السيارات بالأداء
16.تنظيم استغلال المقالع...
هذه فقط بعض اختصاصات المجالس البلدية ورؤسائها، التي ينص عليها القانون والتي أوجدها المُشَرٍّعُ لتصُبًّ في مصلحة الجماعات أي في مصلحة الساكنة. ومصلحة الساكنة تقتضي أن يتعاملَ المُنْتَخَبُون مع هذه الاختصاصات بنزاهة وشفافية ونكران الذات واضعين أمام أعينهم خدمة الصالح العام ثم الصالح العام ولاشيء غير الصالح العام.
لكن الواقع يُبيِّن بوضوح أن هذه الاختصاصات أصبحت مصدرَ اغتناءِ بعضِ أعضاءِ المجالسِ المحلية الذين رموا القيمَ في سلة المهملات ورضخوا واستسلموا للإغراء والجشع وعفن الضمائر.
تتعاقب المجالس ويزداد التَّسليعُ قوةً والاغتناء فظاعةً وتستيقظ الساكنة ولا شيء تغير ويتغير لا على مستوى العباد ولا على مستوى البلاد. بل التغيير الواضح وضوح الشمس يُلَاحَظُ عند أشخاص كانوا بالأمس لا يملكون أُنملةَ درهم وأصبحوا، بقدرةِ قادر، من المُغتَنين. سبحان مبدل الأحوال!
ولا داعيَ للقول أن الهدفَ من إنشاء الجماعات التُّرابية هو تنشيطُ التنمية المحلِّية، التي هي جزءٌ لا يتجزَّأُ من التَّنمية بمفهومِها العام. وعِوضَ أن تتفرَّغَ الجماعات المحلية (بلدية وقروية) لخدمة التنمية المحلية، فإن كثيراً من هذه الجماعات تحوَّل إلى أوكارٍ للفساد، وبالتالي، تسيَّب في تدهور القيم الأخلاقية وإضعاف سيادة القانون وغياب العدالة الاجتماعية التي، من أجلها، ذهب المواطنون إلى صناديق الاقتراع وصوَّتوا لصالح هذا الحزب أو ذاك.
ولا داعِيَ للقول كذلك أن هذا النوعَ من الجماعات أصبح مرتعاً لكل الصفات المذمومة من تقصير في أداء الواجب وغشٍّ وتسيُّبٍ ونهبٍ للمال العام وتحايلٍ على القانون وانتشار الرشوة والزبونية والمحسوبية… إلى أن أصبحت الجماعات المحلية الفاسدة تظهر وكأنها مِلكٌ لرؤسائها والأعضاء المتواطئين معهم في اتِّخاذ الفساد كعُملةٍ للاغتناء السريع وغير المشروع.
فسادُ الجماعات المحلية، عبارة عن عاملٍ قوي يقف حجرَ عثرة أمام التنمية المحلية، وبالتالي، أمام حقوق الساكِنة في هذه التنمية. وبما أن التَّنميةَ المحليةَ جزءٌ من تنمية البلاد، فإن الأموالَ المخصصة لمشاريع التنمية المحلية تذهب سدًى دون أن تنتفعَ بها لا الجماعات ولا البلاد برمَّتِها. وخصوصا إذا كانت المشاريع موجَّهةً لخلق الثروة، فإن عدمَ تنفيذها يُخضَمُ من نمو الناتج الداخلي الخام. فعلى مَن تقعُ مسئولية انتشار الفساد في الجماعات المحلية؟
بكل تأكيد، وبالدرجة الأولى، تقع المسئولية على الأحزاب السياسية التي، هي نفسُها، أوكار للفساد. فكيف لهذه الأحزاب أن تقفَ ضد الفساد والفساد ينطلق منها؟ كما أن المسئولية تقع كذلك على السلطة، بجميع أشكالها، التي لم تطبٍّق القانون تطبيقا صارما!
فمن بين هؤلاء الأعضاء مَن يزوِّرُ... ومنهم مَن يغضُّ الطَّرفَ عن مُنكر أو عن تجاوز أو عن خرق بمقابلٍ... ومنهم مَن يُرخِّص ما لا يمكن ترخيصه... ومنهم مَن يَتَزَابَنُ و يَتَمَحْسَبُ... ومنهم مَن يتحايل على القانون ببراعة... ومنهم مَن يُؤَوِّلُه لصالحه... ومنهم مَن يتواطأ... ومنهم مَن يُصْدِرُ أوامرَ وأحكاما وقراراتٍ على المقاس... ومنهم مَن يتلاعب بالقانون... ومنهم من يُتْقِنُ التلاعبَ بالصفقات... ومنهم مَن يتنفَّس بشعار "باك صاحبي"... ومنهم مَن يستغِلُّ منصبَه ونفوذه... ومنهم مَن يُعْطي الوعود الكاذبة... ومنهم مَن يُخَوِّفُ ويَتَوَعَّدُ... ومنهم مَن يُسَوِّفُ... ومنهم مَن… فعلى عامة الناس أن لا يستغربوا إذا وُصِفَت بعض الجماعات المحلية بأوكارٍ للفساد!
لقد أصبح التَّسْليعُ موضوعَ إبداعٍ خارقٍ ورهيبٍ والاختصاصات المُسَلَّعَةُ كثيرةٌ وغالبيتها مُخَوَّلَةٌ لرؤساء المجالس. وهؤلاء الرؤساء لا يمكن، وحدهم، أن يُسَلِّعوا اختصاصاتهم إلا بتواطؤ مع باقي أو بعض الأعضاء. من بين الاختصاصات التي يمكن أن تُسلَّعَ، أذكر على سبيل المثال :
1.منح رخص البناء والتجزئة والتجهيز والسكن واستغلال الملك العام
2.المصادقة على وثائق تدبير واستغلال الملك العام
3.المحافظة على المجال الغابوي واستغلاله وتثمينه
4.الوقوف على تدبير الأملاك الجماعية وعلى المحافظة عليها وصيانتها
5.تحديد نِسَب الرسوم والتعريفات والعوائد لفائدة الجماعة
6.اتخاذ القرارات الخاصة بإحداث أتعاب مقابل خدمات وتحديد تعريفاتها
7.إبرام عقود الإيجار والعمل على مراجعتها
8.إبرام العقود الخاصة بكراء وبيع وحيازة ومبادلة أملاك الجماعة
9.القيام بالتَّعيين في مناصب إدارة الجماعة
10.إبرام عقود الصفقات الخاصة بالأشغال واللوازم والخدمات
11.تنظيم أو المساهمة في مراقبة الأنشطة التجارية والصناعية التقليدية والصناعية غير المقننة والتي من شأنها إلحاق أضرار بالصحة والسلامة الصحية وأمن المسالك والراحة العامة أو تُشكِّل خطورةً على البيئة
12.مراقبة متاجر العقاقير والدكاكين وبائعي العطور وبصفة عامة الأماكن التي من الممكن أن تُصنعَ فيها أو تُسْتَودعَ أو تُباعَ فيها مواد أو مُنْتجات خطيرة
13.السهر على احترام معايير الصحة ونظافة الأماكن المفتوحة للعموم وبالأخص المطاعم، المقاهي، قاعات الألعاب، قاعات العروض والحفلات، المسارح، المسابح وكل الأماكن الأخرى المفتوحة للعموم وكذلك تحديد مواقيت فتحها وإغلاقها
14.مراقبة جودة الأغذية، المشروبات والتوابل المعروضة للبيع أو الاستهلاك العمومي
15.تنظيم ومراقبة المحطات الطرقية ومحطات وقوف الحافلات وسيارات الأجرة و شاحنات نقل البضائع و كل محطات وقوف السيارات وكذلك محطات السيارات بالأداء
16.تنظيم استغلال المقالع...
هذه فقط بعض اختصاصات المجالس البلدية ورؤسائها، التي ينص عليها القانون والتي أوجدها المُشَرٍّعُ لتصُبًّ في مصلحة الجماعات أي في مصلحة الساكنة. ومصلحة الساكنة تقتضي أن يتعاملَ المُنْتَخَبُون مع هذه الاختصاصات بنزاهة وشفافية ونكران الذات واضعين أمام أعينهم خدمة الصالح العام ثم الصالح العام ولاشيء غير الصالح العام.
لكن الواقع يُبيِّن بوضوح أن هذه الاختصاصات أصبحت مصدرَ اغتناءِ بعضِ أعضاءِ المجالسِ المحلية الذين رموا القيمَ في سلة المهملات ورضخوا واستسلموا للإغراء والجشع وعفن الضمائر.
تتعاقب المجالس ويزداد التَّسليعُ قوةً والاغتناء فظاعةً وتستيقظ الساكنة ولا شيء تغير ويتغير لا على مستوى العباد ولا على مستوى البلاد. بل التغيير الواضح وضوح الشمس يُلَاحَظُ عند أشخاص كانوا بالأمس لا يملكون أُنملةَ درهم وأصبحوا، بقدرةِ قادر، من المُغتَنين. سبحان مبدل الأحوال!
ولا داعيَ للقول أن الهدفَ من إنشاء الجماعات التُّرابية هو تنشيطُ التنمية المحلِّية، التي هي جزءٌ لا يتجزَّأُ من التَّنمية بمفهومِها العام. وعِوضَ أن تتفرَّغَ الجماعات المحلية (بلدية وقروية) لخدمة التنمية المحلية، فإن كثيراً من هذه الجماعات تحوَّل إلى أوكارٍ للفساد، وبالتالي، تسيَّب في تدهور القيم الأخلاقية وإضعاف سيادة القانون وغياب العدالة الاجتماعية التي، من أجلها، ذهب المواطنون إلى صناديق الاقتراع وصوَّتوا لصالح هذا الحزب أو ذاك.
ولا داعِيَ للقول كذلك أن هذا النوعَ من الجماعات أصبح مرتعاً لكل الصفات المذمومة من تقصير في أداء الواجب وغشٍّ وتسيُّبٍ ونهبٍ للمال العام وتحايلٍ على القانون وانتشار الرشوة والزبونية والمحسوبية… إلى أن أصبحت الجماعات المحلية الفاسدة تظهر وكأنها مِلكٌ لرؤسائها والأعضاء المتواطئين معهم في اتِّخاذ الفساد كعُملةٍ للاغتناء السريع وغير المشروع.
فسادُ الجماعات المحلية، عبارة عن عاملٍ قوي يقف حجرَ عثرة أمام التنمية المحلية، وبالتالي، أمام حقوق الساكِنة في هذه التنمية. وبما أن التَّنميةَ المحليةَ جزءٌ من تنمية البلاد، فإن الأموالَ المخصصة لمشاريع التنمية المحلية تذهب سدًى دون أن تنتفعَ بها لا الجماعات ولا البلاد برمَّتِها. وخصوصا إذا كانت المشاريع موجَّهةً لخلق الثروة، فإن عدمَ تنفيذها يُخضَمُ من نمو الناتج الداخلي الخام. فعلى مَن تقعُ مسئولية انتشار الفساد في الجماعات المحلية؟
بكل تأكيد، وبالدرجة الأولى، تقع المسئولية على الأحزاب السياسية التي، هي نفسُها، أوكار للفساد. فكيف لهذه الأحزاب أن تقفَ ضد الفساد والفساد ينطلق منها؟ كما أن المسئولية تقع كذلك على السلطة، بجميع أشكالها، التي لم تطبٍّق القانون تطبيقا صارما!