يوم 16 أكتوبر 2023، طعن أمريكي مسن (70 عاما)، طفلا فلسطينيا (6 سنوات) بـ 26 طعنة، وأصاب أمه بإصابات خطيرة، وهو الحدث الذي وصف بأنه "جريمة كراهية".
الجريمة.. وقعت بعد أيام، من عملية "انتفاضة الأقصى" يوم 7 أكتوبر 2023.. والمفارقة هنا، أن الرئيس الأمريكي بايدن، ظهر بعد الكشف عنها، قائلا، "شعرت بالصدمة والاشمئزاز لسماع خبر القتل الوحشي لطفل في الـ6 من عمره ومحاولة قتل والدته بولاية إلينوي". وأضاف :" عائلة الطفل الفلسطينية المسلمة قدمت إلى أمريكا بحثا عما نسعى إليه وهو ملجأ للعيش والتعلم والعبادة بأمان.. يجب علينا كأمريكيين أن نتحد ونرفض الإسلاموفوبيا وجميع أشكال التعصب والكراهية"!
والحال أن "بايدن" نفسه، يعتبر شريكا في "الجريمة"، حين اعتمد رد فعل غير مسؤول، على صدمة "طوفان الأقصى" التي وضعت ـ ولأول مرة ـ الكيان الصهيوني، في أول اختبار وجودي حقيقي، عندما منح تل أبيب "كارتا أخضر" يتيح له شن حرب إبادة ضد الشعب الفلسطيني بوصفه شعبا "إرهابيا"!
ويبدو لي أن التجربة، أظهرت أن بايدن وشركاءه الغربيين وعلى رأسهم دول غربية وازنة تتحكم في صناعة وصوغ القرارات الدولة، قد يكون فعل الصدمة عليهم، كمن داهمته "إغماءة" إثر تلقيه ضربة مفاجأة على مؤخرة الرأس.
فالإسلام لم يعد بالنسبة للغرب هو "الآخر" الذي لا تأثير له على أجندات صناع السياسات المحلية، ولا على الأوزان النسبية لأصوات الناخبين الذين بيدهم تسمية القادة المحليين، ورؤوساء الحكومات والدول في أوروبا. بل بات الإسلام جزءا بكل حمولته الرمزية "مساجد، صلوات، حجاب.. وما شابه" ثقافة وأيديولوجيا والهم العام الذي يشغل مركزية قضايا المسلمين وعلى رأسه القضية الفلسطينية، بات جزءا من أوروبا ذاتها وموضوعا للجدل والنقاش العام بل في القلب من إعادة السؤال بشأن هوية أوروبا والغرب في العموم.
ويبدو لي أيضا، أن القادة الغربيين الذين يعتلون العروش في الدول الغربية الآن، هم الأقل كفاءة وقدرة على احتواء التغيرات الجوهرية التي طرأت على هوية أروربا والتي لم تعد مسيحية خالصة.. وهم ـ أي هؤلاء القادة ـ في الغالب نتيجة حاضنة فكرية وثقافية أقل وعيا بكثير ممن كانوا قبلهم بسنوات.
على سبيل المثال لا الحصر دار النشر الأمريكية "راندوم هاوس"، قررت يوم 8 أغسطس 2008 سحب رواية "جوهرة المدينة"، عن أم المؤمنين عائشة ـ رضي الله تعالى عنها ـ كتبتها الروائية الأمريكية "شيرلي جونز"، وذلك قبل صدورها بعشرة أيام.
المسئول في دار النشر الأمريكية "توماس بيري"، قال آنذاك لـرويترز: تسلمنا نصيحة حذرة، إن إصدار الرواية ربما يسئ للمسلمين، وربما سيسبب عنفا من المتطرفين"
بالتأكيد كان بإمكان "راندوم هاوس"، أن تكسب الملايين من رواية مثيرة للجدل، غير أنها تصرفت تصرفا مسئولا، يتعلق بأمن الولايات المتحدة بحسب تقديرها.
في السياق: "برونو غيغ".. كاتب ومثقف وسياسي فرنسي، تخرج من "المدرسة العليا للإدارة"، وهي مؤسسة متخصصة، لا يتخرج منها إلا كبار مسئولي الدولة في فرنسا.
له عدة كتب أشهرها" الشرق الأوسط : حرب الكلمات"، فضلا عن عشرات الدراسات الأخرى المتخصصة في الشرق الأوسط، وشغل منصب نائب محافظ مديرية "سانت" في جنوب غرب فرنس.
في فبراير من العام 2008، نشر عدد ممن يسمون "المحافظون الجدد" في فرنسا، عددا من المقالات، في صحيفة "لوموند" انتقدوا فيها كل منظمات حقوق الإنسان التي تنتقد وحشية الكيان الصهيوني في فلسطين!
كتب "غيغ" مقالا يوم 13 مارس 2008، في موقع " أمة .كوم" ـ الذي يقدم نفسه بأنه "الموقع الأول للإسلام الفرانكفوني على الإنترنت" ـ رد فيه على مقالات المفكرين المحافظين الفرنسيين المدافعة والمبررة للوحشية الإسرائيلية، وقال " إن إسرائيل هي الدولة الوحيدة التي قتل فيها القناصة فتيات لدى خروجهن من المدارس، كما انتقد أوضاع السجون الإسرائيلية التي يتوقف فيها التعذيب يوم السبت لأسباب دينية.
هذا الجيل من المثقفين والسياسيين، كان الأكثر وعيا، وانفتاحا من الجيل الحالي سواء من صناع الرأي العام، أو ممن يعملون في صوغ السياسات العامة.. بل بات الآن الرأي العام الغربي، الأكثر حساسية ووعيا من مثقفيه وحكامه، ومن تجليات ذلك، حركة الشارع في العواصم الغربية الكبرى المنددة بالمجازر الإسرائيلية والمتضامنة مع مأساة الشعب الفلسطيني.
ما لا يدركه العجوز "بايدن".. والقادة الغربيون الحاليون أن القضية الفلسطينية حاليا لم تعد في حكم "الاستدعاء" كلما مرت بأزمة .. وإنما هي "حاضرة" الآن كبنية متنامية وصلبة تحت سطح المشهد الغربي، وفي القلب منه أيضا، فاليوم يوجد في أوروبا نحو (70) مليون مسلم من أصل (750) مليون أوروبي، أي ما يمثل نحو 6 أو 7% من تعداد السكان، والمتوقع بحسب تقرير نشرته صحيفة (الصنداي تليغراف) البريطانية في أغسطس عام 2009، أن يمثل المسلمون في عام 2050 نحو 20% من تعداد السكان، كان من بين تجلياته ـ على سبيل المثال لا الحصر في امريكا ـ أن انتخبت عام 2021 21 مدينة "هامترامك" بولاية "ميشيغان".. مجلس مدينة مكونا بالكامل من مسلمين، وكذلك عمدة مسلما، لتصبح بذلك أول مدينة في الولايات المتحدة تديرها إدارة مسلمة.
فصحيح ـ إذن ـ أن فلسطين قد تكون قضية ذات فحوى إنساني في العموم.. ولكنها على رأس قضايا الهم العام للمسلمين في العالم.. لا فرق بين من هم في العالم العربي أو في أوروبا وأمريكا.
غزة طوفان الأقصى حماس بايدن
الجريمة.. وقعت بعد أيام، من عملية "انتفاضة الأقصى" يوم 7 أكتوبر 2023.. والمفارقة هنا، أن الرئيس الأمريكي بايدن، ظهر بعد الكشف عنها، قائلا، "شعرت بالصدمة والاشمئزاز لسماع خبر القتل الوحشي لطفل في الـ6 من عمره ومحاولة قتل والدته بولاية إلينوي". وأضاف :" عائلة الطفل الفلسطينية المسلمة قدمت إلى أمريكا بحثا عما نسعى إليه وهو ملجأ للعيش والتعلم والعبادة بأمان.. يجب علينا كأمريكيين أن نتحد ونرفض الإسلاموفوبيا وجميع أشكال التعصب والكراهية"!
والحال أن "بايدن" نفسه، يعتبر شريكا في "الجريمة"، حين اعتمد رد فعل غير مسؤول، على صدمة "طوفان الأقصى" التي وضعت ـ ولأول مرة ـ الكيان الصهيوني، في أول اختبار وجودي حقيقي، عندما منح تل أبيب "كارتا أخضر" يتيح له شن حرب إبادة ضد الشعب الفلسطيني بوصفه شعبا "إرهابيا"!
ويبدو لي أن التجربة، أظهرت أن بايدن وشركاءه الغربيين وعلى رأسهم دول غربية وازنة تتحكم في صناعة وصوغ القرارات الدولة، قد يكون فعل الصدمة عليهم، كمن داهمته "إغماءة" إثر تلقيه ضربة مفاجأة على مؤخرة الرأس.
فالإسلام لم يعد بالنسبة للغرب هو "الآخر" الذي لا تأثير له على أجندات صناع السياسات المحلية، ولا على الأوزان النسبية لأصوات الناخبين الذين بيدهم تسمية القادة المحليين، ورؤوساء الحكومات والدول في أوروبا. بل بات الإسلام جزءا بكل حمولته الرمزية "مساجد، صلوات، حجاب.. وما شابه" ثقافة وأيديولوجيا والهم العام الذي يشغل مركزية قضايا المسلمين وعلى رأسه القضية الفلسطينية، بات جزءا من أوروبا ذاتها وموضوعا للجدل والنقاش العام بل في القلب من إعادة السؤال بشأن هوية أوروبا والغرب في العموم.
ويبدو لي أيضا، أن القادة الغربيين الذين يعتلون العروش في الدول الغربية الآن، هم الأقل كفاءة وقدرة على احتواء التغيرات الجوهرية التي طرأت على هوية أروربا والتي لم تعد مسيحية خالصة.. وهم ـ أي هؤلاء القادة ـ في الغالب نتيجة حاضنة فكرية وثقافية أقل وعيا بكثير ممن كانوا قبلهم بسنوات.
على سبيل المثال لا الحصر دار النشر الأمريكية "راندوم هاوس"، قررت يوم 8 أغسطس 2008 سحب رواية "جوهرة المدينة"، عن أم المؤمنين عائشة ـ رضي الله تعالى عنها ـ كتبتها الروائية الأمريكية "شيرلي جونز"، وذلك قبل صدورها بعشرة أيام.
المسئول في دار النشر الأمريكية "توماس بيري"، قال آنذاك لـرويترز: تسلمنا نصيحة حذرة، إن إصدار الرواية ربما يسئ للمسلمين، وربما سيسبب عنفا من المتطرفين"
بالتأكيد كان بإمكان "راندوم هاوس"، أن تكسب الملايين من رواية مثيرة للجدل، غير أنها تصرفت تصرفا مسئولا، يتعلق بأمن الولايات المتحدة بحسب تقديرها.
في السياق: "برونو غيغ".. كاتب ومثقف وسياسي فرنسي، تخرج من "المدرسة العليا للإدارة"، وهي مؤسسة متخصصة، لا يتخرج منها إلا كبار مسئولي الدولة في فرنسا.
له عدة كتب أشهرها" الشرق الأوسط : حرب الكلمات"، فضلا عن عشرات الدراسات الأخرى المتخصصة في الشرق الأوسط، وشغل منصب نائب محافظ مديرية "سانت" في جنوب غرب فرنس.
في فبراير من العام 2008، نشر عدد ممن يسمون "المحافظون الجدد" في فرنسا، عددا من المقالات، في صحيفة "لوموند" انتقدوا فيها كل منظمات حقوق الإنسان التي تنتقد وحشية الكيان الصهيوني في فلسطين!
كتب "غيغ" مقالا يوم 13 مارس 2008، في موقع " أمة .كوم" ـ الذي يقدم نفسه بأنه "الموقع الأول للإسلام الفرانكفوني على الإنترنت" ـ رد فيه على مقالات المفكرين المحافظين الفرنسيين المدافعة والمبررة للوحشية الإسرائيلية، وقال " إن إسرائيل هي الدولة الوحيدة التي قتل فيها القناصة فتيات لدى خروجهن من المدارس، كما انتقد أوضاع السجون الإسرائيلية التي يتوقف فيها التعذيب يوم السبت لأسباب دينية.
هذا الجيل من المثقفين والسياسيين، كان الأكثر وعيا، وانفتاحا من الجيل الحالي سواء من صناع الرأي العام، أو ممن يعملون في صوغ السياسات العامة.. بل بات الآن الرأي العام الغربي، الأكثر حساسية ووعيا من مثقفيه وحكامه، ومن تجليات ذلك، حركة الشارع في العواصم الغربية الكبرى المنددة بالمجازر الإسرائيلية والمتضامنة مع مأساة الشعب الفلسطيني.
ما لا يدركه العجوز "بايدن".. والقادة الغربيون الحاليون أن القضية الفلسطينية حاليا لم تعد في حكم "الاستدعاء" كلما مرت بأزمة .. وإنما هي "حاضرة" الآن كبنية متنامية وصلبة تحت سطح المشهد الغربي، وفي القلب منه أيضا، فاليوم يوجد في أوروبا نحو (70) مليون مسلم من أصل (750) مليون أوروبي، أي ما يمثل نحو 6 أو 7% من تعداد السكان، والمتوقع بحسب تقرير نشرته صحيفة (الصنداي تليغراف) البريطانية في أغسطس عام 2009، أن يمثل المسلمون في عام 2050 نحو 20% من تعداد السكان، كان من بين تجلياته ـ على سبيل المثال لا الحصر في امريكا ـ أن انتخبت عام 2021 21 مدينة "هامترامك" بولاية "ميشيغان".. مجلس مدينة مكونا بالكامل من مسلمين، وكذلك عمدة مسلما، لتصبح بذلك أول مدينة في الولايات المتحدة تديرها إدارة مسلمة.
فصحيح ـ إذن ـ أن فلسطين قد تكون قضية ذات فحوى إنساني في العموم.. ولكنها على رأس قضايا الهم العام للمسلمين في العالم.. لا فرق بين من هم في العالم العربي أو في أوروبا وأمريكا.
غزة طوفان الأقصى حماس بايدن