***
إنّ موضوع الطفل والحرب في العالم، وفي الوطن العربي من المواضيع الشائكة التي يحتاج الكاتب فيها إلى سند معرفي وعلمـي يحيـط بخـلفيات الحـالة النفسية للطفل، ومـن جهـة أخرى يحتاج إلى ذكاء خارق كي يغوص في اعماق تفاصيل المأساة من أجل سبر أغوارها، ولذا أجد نفسي أمام هذا الموضوع الذي أراه في غـاية من الأهمية لطـرح بعض الجوانب فيه مساهـمة متواضعة مني لأطرح بعض النقاط التي يمكنها أن تلقي بعض جوانب من الضوء على حالة الطفـل في زمـن الحـرب، وفـي المقـابل حالـة الكاتـب المهـتم بثقافـة الطـفل في وطننا العربي.
إنّ مغامرة الكتابـة عن موضـوع الحرب تتطلب جهدا كبيرا من اجـل نقـل تفاصـيل المعـركة على الورق خارج دائرة الحرب الحقيقية التي تحيط بها حالة الرعب والخوف، وبعيدا عن برك الدم، وصوت الرصاص، ودويّ المدافـع والقنابـل، وغـيرها من الآلـيات الحـربية المدمّـرة. وهنا لم يقل الكاتب المـهتم بثقافة الطفل كلّ شيء عن حالة الطفل النفسية والجسديـة التي تصاحـب حالة الهلع في تلك الحروب الدائرة على العـديد من المواقـع الجغـرافية في العـالم ،وفي الوطن العربي، وذلك من العصور البعـيـدة إلى يومـنا هـذا، وذلـك كما هو الحـال في سـوريا والعـراق واليمن وف.لس.ط.ين وليبيا والسودان، وغيرها من دول العالم التي تغرق في مستنقعات الحروب المدمرة هذه الحروب التي تتغـيّر أشكالها من حروب الاستعمار إلى الانقلابات، الى الحروب الأهلية لكنها تبقى في الواقع هي آليات التدمير للإنسان والعمران، وجميع الكائنات الأخرى من حيوانات من تفاصيل بيئية تصنع جماليات الحياة، وبناء على هذه المعطيات يمكننا أن نحدد تلك العناصر الأساسية التي تتعلق بموضوع أدب الطفل والحرب، والتي نراها يمكننا حصرها في هذين العنصرين:
1- آثار الحرب على الطفل نفسيا من خلال ما يلحق به من تدمير نفسي وجسدي، وأسري.
2- آثار الحرب التي تظلّ راسخة في مواقع الزمان والمكان، والتي لا يمكن للأجيال المتعاقبة نسيانها، وذلك بالرجوع الى تلك المعطيات التاريخية، والدراسات التي كتبت عن تلك الحروب، والتي تصل الى الطفل عن طريق البرامج الدراسية التي تقرّرها الانظمة التربوية في العالم، وذلك كما يصفها الشاعر الحكيم ” زهير بن أبي سلمى” في معلقته الشهيرة.
وَمَا الحَـرْبُ إِلاَّ مَا عَلِمْتُمْ وَذُقْتُـمُ**وَمَا هُـوَ عَنْهَا بِالحَـدِيثِ المُرَجَّـمِ
مَتَـى تَبْعَـثُوهَا تَبْعَـثُوهَا ذَمِيْمَـةً ** وَتَضْـرَ إِذَا ضَرَّيْتُمُـوهَا فَتَضْـرَمِ
فَتَعْـرُكُكُمْ عَرْكَ الرَّحَى بِثِفَالِهَـا ** وَتَلْقَـحْ كِشَـافاً ثُمَّ تُنْتَجْ فَتُتْئِـمِ
فَتُنْتِـجْ لَكُمْ غِلْمَانَ أَشْأَمَ كُلُّهُـمْ ** كَأَحْمَـرِ عَادٍ ثُمَّ تُرْضِـعْ فَتَفْطِـمِ
فَتُغْـلِلْ لَكُمْ مَا لاَ تُغِـلُّ لأَهْلِهَـا ** قُـرَىً بِالْعِـرَاقِ مِنْ قَفِيْزٍ وَدِرْهَـمِ
فالحرب هي الصورة البشعة التي تلقي بظلالها على كل جميل فتحيله الى سواد ودمار ، ففي رحابها تخرس أصوات البلابل والطيور المغردة، وفيها تحترق كل الزهور، وتحترق كل الثمار، والسنابل، وليس ثمة أجمل من حياة الطفولة التي تبشّر بغد رائع تدمّره الحرب، وهذه بعض الملاحظات التي يقدمها المختصون في العلاج النفسي، والتي تجتمع على أن حالة الأطفال خلال الحرب العالمية الثانية “1939-1945″أنّ من آثار الحرب على نفسية الطفل بأنه بصاب بحالات الضيق والهلع، وبعض أنوع التوتر النفسي، والتبوّل اللاإرادي، كما تعرضوا للحركات العصبية مثل صعوبة التعلّم، والكثير من المشاكل الاجتماعية.
وإذا جئنا للحديث عن أطفال فل.س.طي.ن وآثار الحرب الإس رائ ي ل ية عليهم يقول: “زيف” وهو باحث إسرائيلي سنة 1973 ” إنّ الأطفال الذين شـهدوا تلك الانفجارات بأنّهم تعرضوا لضـيق نفسي خانـق، وفي مـقال آخـــــر له سنة 1974.لاحظ أن الأطفــــال الذين تعرضوا للقصف تمكّنــــوا من اكتساب طرق فعّالة لمقاومة ما يتعرّضون له من دمار” ، وكذلك هو الشأن بالنسبة للحرب الأهلية التـي عاشتـها لبنان ،وكان أكبـر ضحاياها هم الأطفال وأهاليهـم، وتـذكر الدكـتورة “أميـمة يقطين” في دراسـة قدمتـها عن الأطفـال خلال الحـرب حيـث تقــول:” قمنا باختبـار مائة طالب من الذكور في عمر متوسط ما بين 9- 18 سنة ،وفي هذا الاختبار أعطينا لكل تلميذ 50 بطاقة مكـتوب علـى كـل منـها فعلـين أحدهـما حيـادي مثـل أكـل، لعب ،رقـص، والآخـر متـعدّ . قطــع، قنـص، قتل، وطلبنا من كل واحد منهم تكوين جمـلة قصيرة باستعمـال كل من الفعليـن، ولكن نبدأ مـرّة بضمـير ” أنا” ومرة أخرى تبدأ الجملة بضمير “هو”. فكانت النتيـجة أن82% من الجـمل تبدأ باستعمال الضميرين “أنا” والضمير “هو” استعملت الفعل المتعديّ، وهكذاتبين أنّ التعدي بالكلام بين التلاميذ كان أعلى من المستوى العادي.”
إنّ الخلاصة التي يمكننا استنتاجها هي تسجيل الملاحظات التالية:
– تظلّ آثار الحرب واحدة على نفسية الطفل رغم اختلاف الموقع الجغرافي، ورغم تعدد الوسائل والمعدّات الحربية المستعملة.
– تتجلّى آثار الحرب على نفسية الطفل في تلك الحالات السالفة الذكر. الهلع والخوف، والانزعاج وفقدان السيطرة على الأعصاب، وعدم استيعاب الدروس أثناء الحصص الدراسية.
– رسوخ الصوّر والمشاهد المؤلمة والتي تصاحب الطفل في كثير من الأحيان مدى الحياة.
– تتحوّل تلك الحالات السلبية في كثير من الأوقات إلى دوافع الشجاعة والبسالة، والاعتزاز بالانتماء الوطني والعقائدي ،وذلك ما يجعل فعل المقاومة مستمرّا ضد العدو المحتلّ.
إنّ موضوع الطفل والحرب في العالم، وفي الوطن العربي من المواضيع الشائكة التي يحتاج الكاتب فيها إلى سند معرفي وعلمـي يحيـط بخـلفيات الحـالة النفسية للطفل، ومـن جهـة أخرى يحتاج إلى ذكاء خارق كي يغوص في اعماق تفاصيل المأساة من أجل سبر أغوارها، ولذا أجد نفسي أمام هذا الموضوع الذي أراه في غـاية من الأهمية لطـرح بعض الجوانب فيه مساهـمة متواضعة مني لأطرح بعض النقاط التي يمكنها أن تلقي بعض جوانب من الضوء على حالة الطفـل في زمـن الحـرب، وفـي المقـابل حالـة الكاتـب المهـتم بثقافـة الطـفل في وطننا العربي.
إنّ مغامرة الكتابـة عن موضـوع الحرب تتطلب جهدا كبيرا من اجـل نقـل تفاصـيل المعـركة على الورق خارج دائرة الحرب الحقيقية التي تحيط بها حالة الرعب والخوف، وبعيدا عن برك الدم، وصوت الرصاص، ودويّ المدافـع والقنابـل، وغـيرها من الآلـيات الحـربية المدمّـرة. وهنا لم يقل الكاتب المـهتم بثقافة الطفل كلّ شيء عن حالة الطفل النفسية والجسديـة التي تصاحـب حالة الهلع في تلك الحروب الدائرة على العـديد من المواقـع الجغـرافية في العـالم ،وفي الوطن العربي، وذلك من العصور البعـيـدة إلى يومـنا هـذا، وذلـك كما هو الحـال في سـوريا والعـراق واليمن وف.لس.ط.ين وليبيا والسودان، وغيرها من دول العالم التي تغرق في مستنقعات الحروب المدمرة هذه الحروب التي تتغـيّر أشكالها من حروب الاستعمار إلى الانقلابات، الى الحروب الأهلية لكنها تبقى في الواقع هي آليات التدمير للإنسان والعمران، وجميع الكائنات الأخرى من حيوانات من تفاصيل بيئية تصنع جماليات الحياة، وبناء على هذه المعطيات يمكننا أن نحدد تلك العناصر الأساسية التي تتعلق بموضوع أدب الطفل والحرب، والتي نراها يمكننا حصرها في هذين العنصرين:
1- آثار الحرب على الطفل نفسيا من خلال ما يلحق به من تدمير نفسي وجسدي، وأسري.
2- آثار الحرب التي تظلّ راسخة في مواقع الزمان والمكان، والتي لا يمكن للأجيال المتعاقبة نسيانها، وذلك بالرجوع الى تلك المعطيات التاريخية، والدراسات التي كتبت عن تلك الحروب، والتي تصل الى الطفل عن طريق البرامج الدراسية التي تقرّرها الانظمة التربوية في العالم، وذلك كما يصفها الشاعر الحكيم ” زهير بن أبي سلمى” في معلقته الشهيرة.
وَمَا الحَـرْبُ إِلاَّ مَا عَلِمْتُمْ وَذُقْتُـمُ**وَمَا هُـوَ عَنْهَا بِالحَـدِيثِ المُرَجَّـمِ
مَتَـى تَبْعَـثُوهَا تَبْعَـثُوهَا ذَمِيْمَـةً ** وَتَضْـرَ إِذَا ضَرَّيْتُمُـوهَا فَتَضْـرَمِ
فَتَعْـرُكُكُمْ عَرْكَ الرَّحَى بِثِفَالِهَـا ** وَتَلْقَـحْ كِشَـافاً ثُمَّ تُنْتَجْ فَتُتْئِـمِ
فَتُنْتِـجْ لَكُمْ غِلْمَانَ أَشْأَمَ كُلُّهُـمْ ** كَأَحْمَـرِ عَادٍ ثُمَّ تُرْضِـعْ فَتَفْطِـمِ
فَتُغْـلِلْ لَكُمْ مَا لاَ تُغِـلُّ لأَهْلِهَـا ** قُـرَىً بِالْعِـرَاقِ مِنْ قَفِيْزٍ وَدِرْهَـمِ
فالحرب هي الصورة البشعة التي تلقي بظلالها على كل جميل فتحيله الى سواد ودمار ، ففي رحابها تخرس أصوات البلابل والطيور المغردة، وفيها تحترق كل الزهور، وتحترق كل الثمار، والسنابل، وليس ثمة أجمل من حياة الطفولة التي تبشّر بغد رائع تدمّره الحرب، وهذه بعض الملاحظات التي يقدمها المختصون في العلاج النفسي، والتي تجتمع على أن حالة الأطفال خلال الحرب العالمية الثانية “1939-1945″أنّ من آثار الحرب على نفسية الطفل بأنه بصاب بحالات الضيق والهلع، وبعض أنوع التوتر النفسي، والتبوّل اللاإرادي، كما تعرضوا للحركات العصبية مثل صعوبة التعلّم، والكثير من المشاكل الاجتماعية.
وإذا جئنا للحديث عن أطفال فل.س.طي.ن وآثار الحرب الإس رائ ي ل ية عليهم يقول: “زيف” وهو باحث إسرائيلي سنة 1973 ” إنّ الأطفال الذين شـهدوا تلك الانفجارات بأنّهم تعرضوا لضـيق نفسي خانـق، وفي مـقال آخـــــر له سنة 1974.لاحظ أن الأطفــــال الذين تعرضوا للقصف تمكّنــــوا من اكتساب طرق فعّالة لمقاومة ما يتعرّضون له من دمار” ، وكذلك هو الشأن بالنسبة للحرب الأهلية التـي عاشتـها لبنان ،وكان أكبـر ضحاياها هم الأطفال وأهاليهـم، وتـذكر الدكـتورة “أميـمة يقطين” في دراسـة قدمتـها عن الأطفـال خلال الحـرب حيـث تقــول:” قمنا باختبـار مائة طالب من الذكور في عمر متوسط ما بين 9- 18 سنة ،وفي هذا الاختبار أعطينا لكل تلميذ 50 بطاقة مكـتوب علـى كـل منـها فعلـين أحدهـما حيـادي مثـل أكـل، لعب ،رقـص، والآخـر متـعدّ . قطــع، قنـص، قتل، وطلبنا من كل واحد منهم تكوين جمـلة قصيرة باستعمـال كل من الفعليـن، ولكن نبدأ مـرّة بضمـير ” أنا” ومرة أخرى تبدأ الجملة بضمير “هو”. فكانت النتيـجة أن82% من الجـمل تبدأ باستعمال الضميرين “أنا” والضمير “هو” استعملت الفعل المتعديّ، وهكذاتبين أنّ التعدي بالكلام بين التلاميذ كان أعلى من المستوى العادي.”
إنّ الخلاصة التي يمكننا استنتاجها هي تسجيل الملاحظات التالية:
– تظلّ آثار الحرب واحدة على نفسية الطفل رغم اختلاف الموقع الجغرافي، ورغم تعدد الوسائل والمعدّات الحربية المستعملة.
– تتجلّى آثار الحرب على نفسية الطفل في تلك الحالات السالفة الذكر. الهلع والخوف، والانزعاج وفقدان السيطرة على الأعصاب، وعدم استيعاب الدروس أثناء الحصص الدراسية.
– رسوخ الصوّر والمشاهد المؤلمة والتي تصاحب الطفل في كثير من الأحيان مدى الحياة.
– تتحوّل تلك الحالات السلبية في كثير من الأوقات إلى دوافع الشجاعة والبسالة، والاعتزاز بالانتماء الوطني والعقائدي ،وذلك ما يجعل فعل المقاومة مستمرّا ضد العدو المحتلّ.