المستشار بهاء المري - «يوميات قاض14»

انتاب المعلم وصَبيّه غضبٌ شديد، واعتمَلت في نفسيهما نَوازع الشر، قررا استدعاء المشكوك في أمرهما لمُواجهتهما بما اكتشفاه من عجز في بضاعتهما، وبما استنبطاه من قرائن تُثبتُ ما ركنا إليه.

أنكر الشابان المشكوك في أمرهما ما نُسبَ إليهما من اتهام، وتم صرفهما مؤقتا حتى يتم الاستيثاق من الدليل، ببذل مزيد من البحث والتحري.

تتوصل تحريات المعلم إلى أنَّ الشاباناعتادا المَبيت في بناية مَهجورة هناك على أطراف القرية، فقرر مداهمتهما، وإجراء معاينة وتفتيش للمكان قبل أن يُصدرَ حكمه عليهما.

انتصف ليل ذلك اليوم، اصطحب المعلم صبيه وداهما البناية، أبصرا الشابان يُدخنان المخدرات، تَهلَّلت أسارير وجهيهما، نَظَرَ كل منهما للآخر نظرة ابتهاج تَعنى نجَحْنا في خُطة البحث وهذا أول الخيط، يَنتفض المُدخنان ذُعرًا على إثر رؤيتهما.

استل المعلم وصبيه كل من بين طيات ملابسه سكينًا كبيرًا أشهره في وجهيهما، وبدأ المعلم في إجراء التحقيق، وعَقدَ في ذات اللحظة المُحاكمة، فهو لا يخاف أحدًا، ولا يُؤمن بوجود قانون.

في البَدء أنكرَ الشابان، وبعد جِدال وشَدٍ وجَذبٍ، وفي لحظة عَنجهية غير مَحسوبة يَتجرآن القول: "نعم فَعلنا".

يَنظر المعلم والصبي كل إلى الآخر وهو يُطوِّحُ بالسكين في الهواء، قال المعلم: إذن لابد من دفع الثمن.

تَقدم صبي المعلم على أثر إيماءة من الأخير، سحَبَ واحدا من منهما، طرحه أرضًا على أثر إشارة من المعلم، يُوثِق يديه وقدميه بحبل، يرْكَل فيه المعلم بقدمه ركلاتٍ متتابعاتٍ حتى يَصير إلى جوار الحائط، ثم يجعل وجهه ناحية مَسرح الأحداث ليُبصِرَ ما سوف يحدُث.

يأتيان بالثاني، يُوثقان يديه وقدميه بحبل آخر، يَكبَّانه على وجهه، جلسا حَول رقبته في عكس اتجاه بعضهما، وراح كل منهما يَجزُّ بسكينه في عُنقه بكل شراسة.

انطلق الدم من العُنق كنافورة مياه، انتحيا جانبًا إلى جوار الحائط تفاديًا للدماء، انتفض جسد الذبيح، تَحركَ على الأرض لعِدَّة أمتار وكأنه يَمشى على صدره، كدجاجة مذبوحة،صَعَدَت الرُوح إلى بارئها، ثم سَكَنَ الجسد.

أبصرَ زميله المُكبل بَشاعَة التنفيذ، فَتَحَ فاهُ عن آخره يُريد أن يَصرخ، أبَت الصرخة أن تَخرج، خرج صوت مَبحوحٌ بالكاد يُسمَع، نَظَّفَ كل منهما سكينه من الدماء في شَعر هذا المَفجوع، انتفضَ ظنًا أنَّ دَوره قد حان.

أشعل كل منهما سيجارة مَحشوة بنبات البانجو وأخذا ينفُثان الدخان في وجهه، تَرَجَّاهما بذات الصَوت المبحوح ليُخلِّيا سبيله، تَوسَّل إليهما بالإشارات بعد أن غاب صَوته، بما يعني أنه لم يرَ، ولم يسمع شيئًا مما جَرى، ولكن عبثًا حاول إثناءهما.

يُقهقهان لبلاهته، يَسحبانه بعيدًا عن الجدار، يَكُبَّانه على وجهه، يذبحانه بذات الطريقة.

ينكشف أمر الجثتين المذبوحتين لاحقًا، تصلُ إليهما يد العدالة، يعترفان، كانا يَبيعان البانجو في وَضَح النهار على قارعة الطريق من خلال "تُوك تُوك" يُحصُونَ العدد في نهاية اليوم فيكتشفان سرقة "باكتَّتَين" منه، يَسترجعا شريط البَيع ليكتشفا أنَّ القتيلين كان أحدهما يشاغلهما، والآخر يقف إلى جوار "التُّوك تُوك" بالقَطْع هما، وقطعُ الرِّقاب كان الثمن.

تحيل المحكمة أوراق الدعوى إلى فضيلة المفتي، يوافق على معاقبتهما بالإعدام.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى