محمد بشكار - قَنابلْ ليست كالخبر العاجلْ !

1
الكَلامُ الّذي بِيع فِي خبرٍ عاجلٍ
ليْس مِنْ أحْرُفي
هُوَ من قنواتٍ تُغطِّي
الجَريمةْ !
2
اليدُ التي تَقْطُر دما وخرجتْ للتَّو من غرفة عمليَّة جِراحية دقيقة، قد استهدفت أولا قبل أن تنتقل لتقْطيع جسد الفلسطيني، أدمغة الحكومات العربية وزرعته بأوْرام التطبيع الذي سيجعلها تنظر خرساء مشلولة الحركة لجريمة ضد الإنسانية، وكأن الأمر لا يعنيها ما دامت ستجني من ورائه أبخس المكتسبات من أمريكا، كان لابد لإسرائيل أن تأمن على نفسها من (صَدَّام) آخر قد ينهض من الأنقاض من أيَّتها بلد عربي أو إسلامي، لتستكمل مشروعها الاستيطاني ومعه وهْمها الأسطوري الموعود، وما حركتها الفاشلة بالعتاد الجوي والبحري والبرِّي زحفاً بالمجنزرات لقطاع غزة، إلا إشارة أولية لاقتراف أكبر مجزرة إبادة ستشهدها الإنسانية، سيرا على خطى مُرضِعتها أمريكا التي اغتصبت أرض الهنود !
3
إسرائيل بأطْماعها الاستيطانية المُسْترْشِدة بأوهام البوصلة الدَّعَويَّةِ للأرض الموعودة، لا تريد فلسطين فقط، فهي تدْمج وئيداً لكيانها اللقيط والهجين كل النِّحل المُنْحَلة والخارجة عن أصولها، لذلك لا غرابة اليوم وهي تنجح في دفع بعض الدول العربية للاعتراف بها رسميا في العلن، أنْ ينضم لكيانها النازي المُشوَّه ما يمكن أن نسمِّيه الاسلام الصهيوني، فهي تريد أن تبسُط سيْطرتها على ربوع منطقة الشرق الأوسط بهدم وتخريب وطمْس معمار وتاريخ دولها، وإعادة تشكيل خريطة جديدة للمنطقة تخضع لنفوذها الاستعمارية، ولا غرابة أيضا حين ينبثق من تحت الأنقاض للوجود كما انبثقتْ أمريكا بعد إبادتها للهنود، دولة كبرى اسمها: الولايات الاسرائيلية المتحدة !
4
إسرائيل أخطأتْ الخُطوة حين دسَّت كل أرجُلها المشلولة في حذاء الجنرال ودنَّست حَرَم الأقصى المُبارك، فهو يعني أكثر من ملياري مسلم أي رُبْع سكان العالم، وأمْعنتْ في إثمها العُنْصري المرتكز على أفضلية الدين اليهودي وأسطورة شعب الله المختار، فهي لا تستهْدف بحمْلة التطهير العرْقي بلدا ليس لها فقط، بل تتجاوزه بخيالها المريض، لتسْتهدف كل إنسان يتصل عِرقه بقوة الدم، أي ما يُشكِّلُ أزيد من أربعمائة وثلاثين مليون نسمة من مجموع سكان الوطن العربي، تحتاج إسرائيل مع هذا العدد الهائل أن تستدعي هتلر من قبره عساه يساعدها بعد سيطرته على العالم لإتمام محرقة هذا المشروع النازي الموعود، تحتاج كي تمحو الفلسطيني من حيِّزه الجغرافي أنْ تتخلَّص أولا من كابوس تاريخ الإنسان العربي، ليس فقط لأنه يقضُّ مَضْجعها حين يكْشِف بِعُمْق امتداده في الحضارة الإنسانية عنْ ما تُعانيه من غياب، بل أيضا لأنَّه بدأ يصنع مُستقبله التكنولوجي مع أول صاروخ تلقَّفته في تل الربيع وليس تل أبيب المزعومة، يا لَخِطاب النَّار وكيف في رمشة رماد اندلع في طاولات مفاوضات السلام الناكثة بالعهود والمواثيق الدولية، وقد تعلَّمنا من خطاب النار مع مطر الصواريخ الذي مزَّق ليل تل الذيب، أن الكلمة دون قوة تبقى خالية من أسباب الإقناع، ولا تستحقُّ أبسط توقيع تحتها في الحرب أو السلم، يا لَخِطاب النَّار كما يتأجَّج على فحم فقد أفْحَم بصواريخ غزة العدو !
5
كَبُر وهْمُ إسرائيل، وعجَّلتْ لكيانها الصهيوني بالرحيل إلى حيث كان لقيطاً منذ عصور، قبل الإقدام بمُساعدة بريطانيا على احتلال فلسطين، كَبُر وهْمُها وزاد باتِّساعه هَمُّها حين صار العالم لا يُفرِّق بين دولتها الإرهابية المزعومة ومسكن الشيطان، هل يُعقل أنْ تُضرِم دولة مُتمدِّنة نيران الحرب على غيرها وهما معا في نفس البلد، مَنِ العَدوُّ هنا ومَنِ الصديق والمكان آهلٌ بالمواطنين أصحاب الأرض والمُسْتوطِن الغازي، نحنُ أمام مجرم حربٍ خطير يَحْتمل كل الأمراض النَّفسية المُسْتعصِية على التَّحليل، يُضحِّي بعشيرته التي خضعتْ على مدى عقود لتضليلِ دماغٍ، لا لشيء .. إلا لِيظْهَر بصورة القويِّ الأجْدَر بالزَّعامة في منطقة الشرق الأوسط، وقدْ تَبِعتْه هذه العشيرة وصدَّقتْ تعاليمهُ التَّلمُودية المُحرَّفة والمُبالغ في أسطوريتها، تَبِعتْهُ هرباً من المِحْرقة التي أجَّجتْ الأفلام الهوليودية كوابيسها في ذهن كل يهودي في بقاع العالم، ولكنْ إلى أين.. وهو يَصْنع لعائلته نفس المحرقة ليس في قاعة العرض هذه المرة حيث لِكل فيلم نهاية تُبدِّد العتمة بالإضاءة، إنما على أرض يملك واقعها بقوة التاريخ والجغرافيا الفلسطينيون، لا أعرف ما التَّشْخيص المُناسب للحالة المرضية النَّفسية لهذا الكيان الصهيوني المجرم، لا النيكروفيليا تليق بعُهْره وهو يُمارس الجنس على أقربائه الموتى، ولا الشيزوفرينيا تسْتجمع وجهَه المَشْروخ بعْد أن تَقنَّع بأكثر من وجه وعافَتْه المرايا، عِلْماً أنَّ تطوُّر الطِّب النَّفسي كما ابْتَكر مُصطلحات الأمراض النفسية، توصَّل أيضا إلى ما يُناسبها من دواء، إلا مرض إسرائيل فما زال بعدواه الرهيبة طليقا يُهدِّد أمْنَ العالم ويسْتَعْصِي على كلِّ دواء !


...............................................
افتتاحية ملحق"العلم الثقافي" ليوم الخميس 23 نونبر 2023.


1.jpg

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى