استعانَت به كشريك، فهي "لا تَفُك الخَط" كما قالت في التحقيقات وفي أثناء المحاكمة.
شَهِدَ لها الجميع بالمَهارة والذكاء، تمكنت خلال سنوات قلائل من أن تَتَحوَّل من بائعة خُضار على قارعة الشارع الذي تسكنه إلى صاحبة مَحلات كبيرة، ثم أخيرًا كما شاعَ عنها إلى "سيدة أعمال".
راقَت فكرتها لجارها صاحب ورشة الرخام، لديها أموال ستبدأ بها، ولكنَّ أحدًا لن يَقبلَ استثمار أمواله في الخضار، أمَّا إذا كان في تصدير واستيراد الرخام، فإن الأمر لا شكَ سيكون مختلفًا لدى المودعين.
أعدَّت مكتبًا كبيرًا فاخر الديكور والأثاث والواجهات، اعتلت المَكتب يافطة تُبهر الأنظار: "فلانة للاستثمار" وُزِّعت الإعلانات عن النشاط في الطُرقات وعلى أبواب المساجد، وتَمَّ النشر في الصُحف المتخَصَّصة في الإعلانات.
في وقتٍ قياسيٍّ كانت حديث المدينة، تُعطى فائدة مائة في المائة كل ثلاثة شهور، جرَّبها الناس لمدة سنة كاملة، لم تَتَوقف شهرًا واحدًا، ولم يَقُل أحد بحصول أي مشكلة.
انهالت عليها الأموال بغزارة، جاء الطُّعْمُ بسَمَك كثير، مَن سَبَقَ له التعامل باع ما لديه من أصول ثابتة وسلَّمها ثمنها، ومن يَعرف مُجدَّدا يَسيلُ لُعابَه لتلك الفائدة المرتفعة.
كانت الطوابير تمتد لمسافات طويلة بُغية استثمار الواقفين لأموالهم، المُقابل لا يُقاوَم، وكانت الأموال تُودع في حساب مُشترك مع شريكها تاجر الرخام، ذلك كان ما اتفقا عليه.
رُويدًا رُويدًا كان التَعلُّل بظروف البلاد وركود السوق، انتاب الناس القلق، سرَت أنباء عن هُروب شريكها بالأموال إلى "فاس" بالمغرب.
تَجمهرَ الناس، داهمَت الشرطة المكان، كان جواز سفرها يحمل تأشيرة مُغادرة في اليوم التالي هي الأخرى إلى "فاس" لولا القبض عليها.
امتلأت القاعة عن آخرها بالمخدوعين، بدأت الجلسة، هَبَّ مَن في الصفوف الأولى لإثبات حُضورهم كمدعين بالحق المدني، أطباء، مهندسون، مدرسون، أساتذة جامعة، تجار ... وغيرهم.
جال فيهم القاضي بنظره واحدًا واحدًا كأنه يَتفرَّس ملامحهم، ودار في ذهنه تَساؤل وحيد، لماذا صَدَّق هؤلاء هذه؟!
أطبقَ على القاعة لحظات من الصمت، بدَّد الصمت بسؤالٍ توجَّه به إليهم: لماذا صَدَّقتُمُوهَا؟
نظر بعضهم إلى بعض، وعادوا إليه بأبصارهم وهم لا ينطقون، هزَّ رأسه عموديا، وتّوَّجه إليها في القفص بذات السؤال:
-لماذا صدَّقوكِ؟!
قالت وهي تبتسم:
-طمَّاعون!!
شَهِدَ لها الجميع بالمَهارة والذكاء، تمكنت خلال سنوات قلائل من أن تَتَحوَّل من بائعة خُضار على قارعة الشارع الذي تسكنه إلى صاحبة مَحلات كبيرة، ثم أخيرًا كما شاعَ عنها إلى "سيدة أعمال".
راقَت فكرتها لجارها صاحب ورشة الرخام، لديها أموال ستبدأ بها، ولكنَّ أحدًا لن يَقبلَ استثمار أمواله في الخضار، أمَّا إذا كان في تصدير واستيراد الرخام، فإن الأمر لا شكَ سيكون مختلفًا لدى المودعين.
أعدَّت مكتبًا كبيرًا فاخر الديكور والأثاث والواجهات، اعتلت المَكتب يافطة تُبهر الأنظار: "فلانة للاستثمار" وُزِّعت الإعلانات عن النشاط في الطُرقات وعلى أبواب المساجد، وتَمَّ النشر في الصُحف المتخَصَّصة في الإعلانات.
في وقتٍ قياسيٍّ كانت حديث المدينة، تُعطى فائدة مائة في المائة كل ثلاثة شهور، جرَّبها الناس لمدة سنة كاملة، لم تَتَوقف شهرًا واحدًا، ولم يَقُل أحد بحصول أي مشكلة.
انهالت عليها الأموال بغزارة، جاء الطُّعْمُ بسَمَك كثير، مَن سَبَقَ له التعامل باع ما لديه من أصول ثابتة وسلَّمها ثمنها، ومن يَعرف مُجدَّدا يَسيلُ لُعابَه لتلك الفائدة المرتفعة.
كانت الطوابير تمتد لمسافات طويلة بُغية استثمار الواقفين لأموالهم، المُقابل لا يُقاوَم، وكانت الأموال تُودع في حساب مُشترك مع شريكها تاجر الرخام، ذلك كان ما اتفقا عليه.
رُويدًا رُويدًا كان التَعلُّل بظروف البلاد وركود السوق، انتاب الناس القلق، سرَت أنباء عن هُروب شريكها بالأموال إلى "فاس" بالمغرب.
تَجمهرَ الناس، داهمَت الشرطة المكان، كان جواز سفرها يحمل تأشيرة مُغادرة في اليوم التالي هي الأخرى إلى "فاس" لولا القبض عليها.
امتلأت القاعة عن آخرها بالمخدوعين، بدأت الجلسة، هَبَّ مَن في الصفوف الأولى لإثبات حُضورهم كمدعين بالحق المدني، أطباء، مهندسون، مدرسون، أساتذة جامعة، تجار ... وغيرهم.
جال فيهم القاضي بنظره واحدًا واحدًا كأنه يَتفرَّس ملامحهم، ودار في ذهنه تَساؤل وحيد، لماذا صَدَّق هؤلاء هذه؟!
أطبقَ على القاعة لحظات من الصمت، بدَّد الصمت بسؤالٍ توجَّه به إليهم: لماذا صَدَّقتُمُوهَا؟
نظر بعضهم إلى بعض، وعادوا إليه بأبصارهم وهم لا ينطقون، هزَّ رأسه عموديا، وتّوَّجه إليها في القفص بذات السؤال:
-لماذا صدَّقوكِ؟!
قالت وهي تبتسم:
-طمَّاعون!!