اسم «مهدي» بالخط الديواني، بريشة إسلام بن الفضل. ولدتُ في جنوب البلاد/ يوسفها، قبل أن يتوقف «أشقاؤه» عن نظم القصائد المنافقة له على حافة البئر، وينتقلوا إلى شحذ سكين قاتله تحت شمس النهار. كان زمن اجتياح، ولأنّ التضحية مرادفة للعيش في زمن الحروب، فقد دفعَت أسرتي خُمْس ما غنمته في هذه الحياة من مواليد ذكور، وبقينا أربعة، بأربعة أسماء رباعية الحروف! كان نصيبي من هذه الأسماء اسمٌ أحببته منذ أدركته، كيف لا؟ وهو اسم المخلّص الذي تهفو إليه القلوب، والذي كلما زرعتُ في طريقه وردة يشتمّ شذاها أو شجرة يتفيّأ ظلها، ابتسمَ لي من مكانه القصيّ - القريب.
أحببتُ اسمي حين كان استثناءً نعاند فيه لهجتنا فننطقه فصيحاً ناعماً ليكون لائقاً بصاحبه الأوَّل، وأحببتُه حين كنا ننطلق إلى البحث عن قضبان «الهليون» رفاقاً صغاراً ثلاثة، فيحتار ثالثنا الأسمر في أمر مناداتنا بلكنته الهجينة وكلانا «مهدي»، قبل أن يهتدي إلى حلٍّ ذكيّ فيفتح الميم في اسم واحدنا ويكسرها في اسم الآخر، وأحببتُه على لسان معلمة الفيزياء اللطيفة الخارجة وحدها على قوانين زمن الترهيب التربوي الذي نكذب على أنفسنا ونصرّ أنه كان جميلاً لدواعي «النوستالجيا».
أحببتُ اسمي لتلكئه في سباق حروف الهجاء وحلوله في المراتب الأخيرة، فقد كان هذا يجعلني أنجو غالباً من تسميع ما يفترَض بنا حفظه من مناهج تلقينيَّة، وما يعقب ذلك من تدابير عقابيَّة امتدّ بها العمر من زمن محاكم التفتيش إلى زمن الترهيب التربوي «الجميل طبعاً»..
وأحبّ اسمي إذ يضبطه الجرّاحون مختبئاً بأحرفه القليلة في زاوية صغيرة من قلب حبيبتي المفتوح..
أحبّ اسمي حين أوقّع به نصوصاً لا فضيلة لها سوى الصدق، ولا مجد لها سوى في كونها تشبهني وأشبهها، وإن لم تملأ لي جيباً أو تشقّ طريقاً أو ترمّم علاقةً تالفة. وأحبّه أكثر حين تعجب هذه النصوص أصدقاء أبي فيفرح أبي، وحين يقرأها أساتذة طفلي فيعود من المدرسة سعيداً.
أحبّ اسمي حتى حين يتوارى خلف السطور فتشي به الكلمات! وقد همست لي صديقة أنَّها ضبطت كلماتي بين دفتَي كتاب كانت تقلّب صفحاته ذات معرضٍ للكتب وعلى غلافه اسم كاتبة شابة، قالت إنَّ التشابه في الأسلوب أذهلها قبل أن تعود إلى الوراء صفحةً واحدةً فتكتشف أنَّه ليس تشابهاً، بل مقدّمة كتبتها بنفسي لمجموعة قصصيّة أشرفتُ على كتابتها. كلماتنا هي أسماؤنا أيضاً..
وأحبّ اسمي حتى حين يغدو مادَّةً للمساومة.. يقولون لي: بإمكان أطفالك الجوعى ألا يظلوا جوعى، فالكتابة قد تطعم أصحابها الخبز، والكعك أيضاً، شرط أن يحمل الكاتب اسماً يشبه أسماء القابضين على الزناد ليوقّع به نصوصاً في هجاء السلاح، محمّلاً إياها ما أمكن من نداءات الاستسلام، فيشبع الأطفال، ويصير المناضل مغامراً خارجاً على إجماع أبناء جلدته بشهادة شاهدٍ من أهله المثقفين! يقولون إنَّ اسمي هو من تلك الأسماء الصالحة لمقايضةٍ كهذه، فأحبّه أكثر، ولا أقايض، ويمدّد الجوع إقامته في داري..
أحبّ اسمي بين طيّات دعاء بظهر الغيب لأخٍ وقف للصلاة، وعلى لسان صديقٍ منصفٍ يخوضُ لأجلي «معركةً» ونحن في عزّ الخصام، ثمّ لا يعرض بضاعته هذه عليّ ليطلب لها ثمناً ولو على شكل مصالحة، بل تسوق الصدفة وحدها الخبر إلى قلبي قبل أذني..
أحبّ اسمي حين تُطلَب مني قائمة بـ «إنجازاتي»، فلا أجد ما أدوّنه تحته سوى أنَّني زرعتُ شجرة، وسقيتُ طائراً، ورسمتُ بسمةً، وأزلتُ حجراً من طريق العابرين..
أحبّ من الأسماء اسمي، لأنَّه وقع في قلبها، ولهج به لسانها..
* صور/ لبنان.
أحببتُ اسمي حين كان استثناءً نعاند فيه لهجتنا فننطقه فصيحاً ناعماً ليكون لائقاً بصاحبه الأوَّل، وأحببتُه حين كنا ننطلق إلى البحث عن قضبان «الهليون» رفاقاً صغاراً ثلاثة، فيحتار ثالثنا الأسمر في أمر مناداتنا بلكنته الهجينة وكلانا «مهدي»، قبل أن يهتدي إلى حلٍّ ذكيّ فيفتح الميم في اسم واحدنا ويكسرها في اسم الآخر، وأحببتُه على لسان معلمة الفيزياء اللطيفة الخارجة وحدها على قوانين زمن الترهيب التربوي الذي نكذب على أنفسنا ونصرّ أنه كان جميلاً لدواعي «النوستالجيا».
أحببتُ اسمي لتلكئه في سباق حروف الهجاء وحلوله في المراتب الأخيرة، فقد كان هذا يجعلني أنجو غالباً من تسميع ما يفترَض بنا حفظه من مناهج تلقينيَّة، وما يعقب ذلك من تدابير عقابيَّة امتدّ بها العمر من زمن محاكم التفتيش إلى زمن الترهيب التربوي «الجميل طبعاً»..
وأحبّ اسمي إذ يضبطه الجرّاحون مختبئاً بأحرفه القليلة في زاوية صغيرة من قلب حبيبتي المفتوح..
أحبّ اسمي حين أوقّع به نصوصاً لا فضيلة لها سوى الصدق، ولا مجد لها سوى في كونها تشبهني وأشبهها، وإن لم تملأ لي جيباً أو تشقّ طريقاً أو ترمّم علاقةً تالفة. وأحبّه أكثر حين تعجب هذه النصوص أصدقاء أبي فيفرح أبي، وحين يقرأها أساتذة طفلي فيعود من المدرسة سعيداً.
أحبّ اسمي حتى حين يتوارى خلف السطور فتشي به الكلمات! وقد همست لي صديقة أنَّها ضبطت كلماتي بين دفتَي كتاب كانت تقلّب صفحاته ذات معرضٍ للكتب وعلى غلافه اسم كاتبة شابة، قالت إنَّ التشابه في الأسلوب أذهلها قبل أن تعود إلى الوراء صفحةً واحدةً فتكتشف أنَّه ليس تشابهاً، بل مقدّمة كتبتها بنفسي لمجموعة قصصيّة أشرفتُ على كتابتها. كلماتنا هي أسماؤنا أيضاً..
وأحبّ اسمي حتى حين يغدو مادَّةً للمساومة.. يقولون لي: بإمكان أطفالك الجوعى ألا يظلوا جوعى، فالكتابة قد تطعم أصحابها الخبز، والكعك أيضاً، شرط أن يحمل الكاتب اسماً يشبه أسماء القابضين على الزناد ليوقّع به نصوصاً في هجاء السلاح، محمّلاً إياها ما أمكن من نداءات الاستسلام، فيشبع الأطفال، ويصير المناضل مغامراً خارجاً على إجماع أبناء جلدته بشهادة شاهدٍ من أهله المثقفين! يقولون إنَّ اسمي هو من تلك الأسماء الصالحة لمقايضةٍ كهذه، فأحبّه أكثر، ولا أقايض، ويمدّد الجوع إقامته في داري..
أحبّ اسمي بين طيّات دعاء بظهر الغيب لأخٍ وقف للصلاة، وعلى لسان صديقٍ منصفٍ يخوضُ لأجلي «معركةً» ونحن في عزّ الخصام، ثمّ لا يعرض بضاعته هذه عليّ ليطلب لها ثمناً ولو على شكل مصالحة، بل تسوق الصدفة وحدها الخبر إلى قلبي قبل أذني..
أحبّ اسمي حين تُطلَب مني قائمة بـ «إنجازاتي»، فلا أجد ما أدوّنه تحته سوى أنَّني زرعتُ شجرة، وسقيتُ طائراً، ورسمتُ بسمةً، وأزلتُ حجراً من طريق العابرين..
أحبّ من الأسماء اسمي، لأنَّه وقع في قلبها، ولهج به لسانها..
* صور/ لبنان.