شبرمة شخصية خيالية من صنع الروائي الدكتور صالح علي الشوره. وقد كان الشخصية الأولى والساردة في روايته التاريخية "شبرمة صاحب المزمار" التي صدرت عام 2023م في عمان، عن دار كنوز المعرفة للنشر والتوزيع، وهي ، على حد علمي، الرواية الأولى للمؤلف، الذي كتب سيناريو مسلسل "مالك بن الريب" بالاشتراك مع جمال أبو حمدان، وقد عرض المسلسل على شاشات التلفزة والقنوات الفضائية بإخراج محمد لطفي عام 2016م.
شبرمة طفل لقيط، عثر عليه تحت صخرة في مرسى خليج لحيان (خليج أيلة/ العقبة) وبجانبه مزمار. ربما في دلالة على تجرد من ألقاه ليس من الحس الإنساني فحسب، بل من الحس الجمالي والفني أيضًا. ولكنه كان سعيد الحظ حين احتضنته زوجة ملك الأنباط وتبنته، وأطلقت عليه اسم شبرمة باسم ابنها الذي قُتل في معركة من معارك الأنباط مع أعدائهم، وغدا من ذلك الوقت أخًا في الرضاعة لابنها الحارث الذي سيغدو ملكاً بعد تغلبه على أعدائه الإدوميين.
ما لفت انتباهي في شخصية شبرمة تلك الصفة التي يتصف بها عادة الفتى العربي، وهي صفة النخوة التي نفتقدها هذه الأيام، وتجلت في حادثة عند البئر التي تشرب منها القبيلة. وملخصها أن شبرمة ابتعد عن البئر بعد أن ارتوى منها، ثم رأى فتاة من القبيلة تدعى لطف، ترد البئر، ولطف هذه ابنة كاهنة القبيلة وطبيبتها، كانت في غاية اللطف والجمال كما يدل اسمها. شاهد شبرمة ثلاثة من الفرسان قادمين نحوها، ثم راح أحدهم يتحرش بلطف. تدب النخوة في شبرمة، ويلقي بحجر إلى ذلك الفتى، فيسقط مغشيًا عليه، تحتمي لطف بشبرمة، ويدعوها أن تهرب وتخبر القبيلة بما حدث. يتعارك شبرمة مع اثنين في البداية، ثم ينهض الثالث عن الأرض ويطعنه بكتفه الأيمن، ويهم بالقضاء عليه، وكانت المفاجأة عندما ينطلق سهم إليه ويقتله، يحاول الاثنان الآخران الهرب، ولكن سهام رجال القبيلة تقضي عليهما.
من المثير للإعجاب أن نخوة شبرمة جاءت دون حساب لميزان القوى بينه وبين أولئك الفرسان الثلاثة، ودون حساب للهزيمة التي سيمنى بها أمامهم، كما بدت تلك النخوة منسجمة مع عادات العرب وتقاليدهم في نجدة بعضهم بعضًا في الشدائد. كما في قول قريط التميمي:
لا يسألون أخاهم حين يندبهم في النائبات على ما قال برهانا
لا شك في أن هذه الخَصلة الحميدة التي اتصف بها شبرمة، التي أدت إلى إنقاذ لطف من براثن أولئك اللصوص، حققت للنص الروائي، رغم تقليدية الحدث الذي ظهرت فيه، عنصر التشويق؛ فالمتلقي يتشوق إلى معرفة ما جرى بعد أن طُعن شبرمة في كتفه، وإلى ما انتهت إليه العلاقة بين لطف وشبرمة بعد هذه التضحية التي قدمها من أجلها؟
أدرك الروائي صالح الشوره أهمية عنصر التشويق، كما عادة الشعراء في العصر الجاهلي في جلب انتباه السامعين بذكر الأطلال، والتغزل بالنساء وهن حول عيون الماء فتناول ما حدث حول البئر في افتتاحية الرواية، أي قدمها على الأحداث التاريخية التي كانت في أوج سطوع نجم دولة الأنباط في القرن الثاني قبل الميلاد، وبروز ملكها الحارث الأول الذي حرر البلاد من الإدوميين الذين استولوا على عاصمتها، البتراء التي كانت تسمى الرقيم، وسلعًا.
لقد جعل الروائي الشوره حادثة البئر نقطة ارتكاز للمضي في سرد روايته، لتكون قريبة من المسلسل الدرامي، ولتتيح للقارئ أن يتعرف إلى شخصياتها الرئيسية التي من أهمها: شبرمة ولطف، ويرسم في مخيلته ما سيكون عليه عالمها الروائي، ومكانها التاريخي وهو مدينة البتراء عاصمة مملكة الأنباط.
من هنا نقول إن الأحداث العاطفية التي نجمت عن نخوة شبرمة في حادثة البئر كانت متوازنة مع الأحداث التاريخية من ناحية ومواصفات المكان الذي دارت فيه الأحداث من ناحية أخرى. ولعل هذا التوازن سر نجاح هذه الرواية فضلًا عن لغتها القوية القديمة التي بدت متناغمة مع صفات الشخصيات ومواقفها، ومتناسبة مع الحياة السياسية والاجتماعية في ذلك العصر الموغل في التاريخ.
شبرمة طفل لقيط، عثر عليه تحت صخرة في مرسى خليج لحيان (خليج أيلة/ العقبة) وبجانبه مزمار. ربما في دلالة على تجرد من ألقاه ليس من الحس الإنساني فحسب، بل من الحس الجمالي والفني أيضًا. ولكنه كان سعيد الحظ حين احتضنته زوجة ملك الأنباط وتبنته، وأطلقت عليه اسم شبرمة باسم ابنها الذي قُتل في معركة من معارك الأنباط مع أعدائهم، وغدا من ذلك الوقت أخًا في الرضاعة لابنها الحارث الذي سيغدو ملكاً بعد تغلبه على أعدائه الإدوميين.
ما لفت انتباهي في شخصية شبرمة تلك الصفة التي يتصف بها عادة الفتى العربي، وهي صفة النخوة التي نفتقدها هذه الأيام، وتجلت في حادثة عند البئر التي تشرب منها القبيلة. وملخصها أن شبرمة ابتعد عن البئر بعد أن ارتوى منها، ثم رأى فتاة من القبيلة تدعى لطف، ترد البئر، ولطف هذه ابنة كاهنة القبيلة وطبيبتها، كانت في غاية اللطف والجمال كما يدل اسمها. شاهد شبرمة ثلاثة من الفرسان قادمين نحوها، ثم راح أحدهم يتحرش بلطف. تدب النخوة في شبرمة، ويلقي بحجر إلى ذلك الفتى، فيسقط مغشيًا عليه، تحتمي لطف بشبرمة، ويدعوها أن تهرب وتخبر القبيلة بما حدث. يتعارك شبرمة مع اثنين في البداية، ثم ينهض الثالث عن الأرض ويطعنه بكتفه الأيمن، ويهم بالقضاء عليه، وكانت المفاجأة عندما ينطلق سهم إليه ويقتله، يحاول الاثنان الآخران الهرب، ولكن سهام رجال القبيلة تقضي عليهما.
من المثير للإعجاب أن نخوة شبرمة جاءت دون حساب لميزان القوى بينه وبين أولئك الفرسان الثلاثة، ودون حساب للهزيمة التي سيمنى بها أمامهم، كما بدت تلك النخوة منسجمة مع عادات العرب وتقاليدهم في نجدة بعضهم بعضًا في الشدائد. كما في قول قريط التميمي:
لا يسألون أخاهم حين يندبهم في النائبات على ما قال برهانا
لا شك في أن هذه الخَصلة الحميدة التي اتصف بها شبرمة، التي أدت إلى إنقاذ لطف من براثن أولئك اللصوص، حققت للنص الروائي، رغم تقليدية الحدث الذي ظهرت فيه، عنصر التشويق؛ فالمتلقي يتشوق إلى معرفة ما جرى بعد أن طُعن شبرمة في كتفه، وإلى ما انتهت إليه العلاقة بين لطف وشبرمة بعد هذه التضحية التي قدمها من أجلها؟
أدرك الروائي صالح الشوره أهمية عنصر التشويق، كما عادة الشعراء في العصر الجاهلي في جلب انتباه السامعين بذكر الأطلال، والتغزل بالنساء وهن حول عيون الماء فتناول ما حدث حول البئر في افتتاحية الرواية، أي قدمها على الأحداث التاريخية التي كانت في أوج سطوع نجم دولة الأنباط في القرن الثاني قبل الميلاد، وبروز ملكها الحارث الأول الذي حرر البلاد من الإدوميين الذين استولوا على عاصمتها، البتراء التي كانت تسمى الرقيم، وسلعًا.
لقد جعل الروائي الشوره حادثة البئر نقطة ارتكاز للمضي في سرد روايته، لتكون قريبة من المسلسل الدرامي، ولتتيح للقارئ أن يتعرف إلى شخصياتها الرئيسية التي من أهمها: شبرمة ولطف، ويرسم في مخيلته ما سيكون عليه عالمها الروائي، ومكانها التاريخي وهو مدينة البتراء عاصمة مملكة الأنباط.
من هنا نقول إن الأحداث العاطفية التي نجمت عن نخوة شبرمة في حادثة البئر كانت متوازنة مع الأحداث التاريخية من ناحية ومواصفات المكان الذي دارت فيه الأحداث من ناحية أخرى. ولعل هذا التوازن سر نجاح هذه الرواية فضلًا عن لغتها القوية القديمة التي بدت متناغمة مع صفات الشخصيات ومواقفها، ومتناسبة مع الحياة السياسية والاجتماعية في ذلك العصر الموغل في التاريخ.