ما زلنا نؤكد على أن الشاعر لكي يكون شاعرا بحق عليه أن يتحكم في أدواته ويتقنها، ومن هذه الأدوات ـ عدا اللغة طبعا ـ نجد العروض وهو مسألة تقنية بحتة في الشعر ،لأن الشعر ليس لغة وحسب كما يحلو للنثريين أن يتشدقوا بذلك وهم واهمون في تصورهم هذا حسب رأيي،فالشعر هو لغة وزيادة،وهذه الزيادة هي القادرة على أن تجعل من الشخص شاعرا أو لا تجعل.
وسوف نتحدث في هذا المقال عن قسم مهم من أقسام العروض والذي هو من الأقسام التي لا مندوحة لأي شاعر عن معرفته والإلمام به إلماما ،لأن أي خطإ يرتكبه الشاعر هنا فيه ولو كان بسيطا سيقلل من شأنه ويغض من شاعريته.أعني بالقسم إياه الزحاف مرجئا الحديث عن العلة إلى فرصة أخرى قادمة إن سنحت لنا.
وتجنبا للإطالة أقول:
الزحاف كما يعرفه العروضيون هو تغيير يحدث في حشو البيت (حشو البيت هو ما سوى العروض والضرب)وهو الغالب في شأنه،والزحاف هو خاص فقط بثواني الأسباب(السبب هو نوعان،سبب خفيف وهو حرف متحرك يليه حرف ساكن،وسبب ثقيل وهو حرفان متحركان متتاليان)وهو لا يدخل الأوتاد قطعا(الوتد هو نوعان،وتد مجموع وهو حرفان متحركان يليهما حرف ساكن،ووتد مفروق وهو حرفان متحركان بينهما حرف ساكن)،ودخول الزحاف في بيت من أبيات القصيدة لا يوجب على الشاعر التزامه في بقيتها.
وثمة ملحوظة لا بد من التبيه إليها وهي أن العروضيين لا يربطون الزحاف بالبيت ،بل يربطونه بالتفعيلة ،ولنأخذ مثالا على ذلك من بحر البسيط ومن تفعيلته(مستفعلن) التي يجوز فيها حذف ثانيها فتصير (متفْعلن)وهذا الحذف يسمى الخبن،كما يجوز فيها حذف رابعها فتصير(مفْتَعلنْ)وهذا الحذف يسمى الطيّ،و قد نلاحظ أحيانا أن الخبن والطيّ يجتمعان معا فيها،فتصير (متَعِلنْ)واجتماع الخبن مع الطي هو ما يسمى عند العروضيين ب(الخبْل).
وهذه الزحافات تدخل على التفعيلة (مستفعلن) في بحرين هما بحر البسيط وبحر المنسرح ،أما التفعيلة (مستفع لن) التي تتألف من سبب خفيف ووتد مفروق وسبب خفيف وهي من بحر الخفيف فيجوز فيها الخبن فقط،ولا يجوز فيها ما جاز في التفعيلة (مستفعلن)من طي وخبل،ولهذا السبب صار من الممكن أن نعتبر التفعيلة واحدة في هذه الأبحر: البسيط و المنسرح والخفيف.
لكن ما دام تم ربط الزحاف بالتفعيلة لا بالبحر فقد اقتصر الأمر على تخصيص الأبحر البسيط والرجز والمنسرح والسريع بالتفعيلة (مستفعلن)وأعطيت التفعيلة(مستفع لن) بصفة خاصة للبحرين الخفيف والمجتث.
ولأن الزحاف لا يدخل الوتد المفروق ،فحرف الفاء الذي هو الرابع في التفعيلة يعتبر ثاني السبب في نفس الوتد المجموع في التفعيلة (مستفعلن)ولهذا أجازوا طيه،بينما اعتبروا حرف الفاء أنه وسط الوتد المفروق في التفعيلة(مستفع لن)فلم يجيزوا طيه.
وبما أن الزحاف يرتبط بالتفعيلة كما قلنا ،فلنقم الآن بجرد التفعيلات التي يدخها الزحاف،وهي عشر تفعيلات كالآتي:
تفعيلتان خماسيتان وهما:
فعولن ـ فاعلن
ثماني تفعيلات سباعية وهي:
مفاعيلن ـ مستفعلن ـ متفاعلن ـ مفاعلتن ـ مفعولات ـ فاع لاتن ـ مستفع لن ـ فاعلاتن
إن الذي يريد التأمل في هذه التفاعيل من أجل أن يبحث فيها عليه أولا وقبل كل شيء أن يتفحص مقاطعها وما يحدث فيها من تغييرات ،وهذه التغييرات لا تخرج عن فعلين اثنين لا غير ،وهما يتمثلان في تسكين المتحرك أو القيام بحذفه،وفي حذف الساكن.
وعن الحذف والتسكين في الأسباب تنشأ أنواع الزحاف في التفعيلات.
وهذا موضوع آخر نتمنى أن نتوفق إلى كتابته لاحقا.
والله من وراء القصد جل شأنه.
وسوف نتحدث في هذا المقال عن قسم مهم من أقسام العروض والذي هو من الأقسام التي لا مندوحة لأي شاعر عن معرفته والإلمام به إلماما ،لأن أي خطإ يرتكبه الشاعر هنا فيه ولو كان بسيطا سيقلل من شأنه ويغض من شاعريته.أعني بالقسم إياه الزحاف مرجئا الحديث عن العلة إلى فرصة أخرى قادمة إن سنحت لنا.
وتجنبا للإطالة أقول:
الزحاف كما يعرفه العروضيون هو تغيير يحدث في حشو البيت (حشو البيت هو ما سوى العروض والضرب)وهو الغالب في شأنه،والزحاف هو خاص فقط بثواني الأسباب(السبب هو نوعان،سبب خفيف وهو حرف متحرك يليه حرف ساكن،وسبب ثقيل وهو حرفان متحركان متتاليان)وهو لا يدخل الأوتاد قطعا(الوتد هو نوعان،وتد مجموع وهو حرفان متحركان يليهما حرف ساكن،ووتد مفروق وهو حرفان متحركان بينهما حرف ساكن)،ودخول الزحاف في بيت من أبيات القصيدة لا يوجب على الشاعر التزامه في بقيتها.
وثمة ملحوظة لا بد من التبيه إليها وهي أن العروضيين لا يربطون الزحاف بالبيت ،بل يربطونه بالتفعيلة ،ولنأخذ مثالا على ذلك من بحر البسيط ومن تفعيلته(مستفعلن) التي يجوز فيها حذف ثانيها فتصير (متفْعلن)وهذا الحذف يسمى الخبن،كما يجوز فيها حذف رابعها فتصير(مفْتَعلنْ)وهذا الحذف يسمى الطيّ،و قد نلاحظ أحيانا أن الخبن والطيّ يجتمعان معا فيها،فتصير (متَعِلنْ)واجتماع الخبن مع الطي هو ما يسمى عند العروضيين ب(الخبْل).
وهذه الزحافات تدخل على التفعيلة (مستفعلن) في بحرين هما بحر البسيط وبحر المنسرح ،أما التفعيلة (مستفع لن) التي تتألف من سبب خفيف ووتد مفروق وسبب خفيف وهي من بحر الخفيف فيجوز فيها الخبن فقط،ولا يجوز فيها ما جاز في التفعيلة (مستفعلن)من طي وخبل،ولهذا السبب صار من الممكن أن نعتبر التفعيلة واحدة في هذه الأبحر: البسيط و المنسرح والخفيف.
لكن ما دام تم ربط الزحاف بالتفعيلة لا بالبحر فقد اقتصر الأمر على تخصيص الأبحر البسيط والرجز والمنسرح والسريع بالتفعيلة (مستفعلن)وأعطيت التفعيلة(مستفع لن) بصفة خاصة للبحرين الخفيف والمجتث.
ولأن الزحاف لا يدخل الوتد المفروق ،فحرف الفاء الذي هو الرابع في التفعيلة يعتبر ثاني السبب في نفس الوتد المجموع في التفعيلة (مستفعلن)ولهذا أجازوا طيه،بينما اعتبروا حرف الفاء أنه وسط الوتد المفروق في التفعيلة(مستفع لن)فلم يجيزوا طيه.
وبما أن الزحاف يرتبط بالتفعيلة كما قلنا ،فلنقم الآن بجرد التفعيلات التي يدخها الزحاف،وهي عشر تفعيلات كالآتي:
تفعيلتان خماسيتان وهما:
فعولن ـ فاعلن
ثماني تفعيلات سباعية وهي:
مفاعيلن ـ مستفعلن ـ متفاعلن ـ مفاعلتن ـ مفعولات ـ فاع لاتن ـ مستفع لن ـ فاعلاتن
إن الذي يريد التأمل في هذه التفاعيل من أجل أن يبحث فيها عليه أولا وقبل كل شيء أن يتفحص مقاطعها وما يحدث فيها من تغييرات ،وهذه التغييرات لا تخرج عن فعلين اثنين لا غير ،وهما يتمثلان في تسكين المتحرك أو القيام بحذفه،وفي حذف الساكن.
وعن الحذف والتسكين في الأسباب تنشأ أنواع الزحاف في التفعيلات.
وهذا موضوع آخر نتمنى أن نتوفق إلى كتابته لاحقا.
والله من وراء القصد جل شأنه.