في ما يبدو امتداداً لايقاعات الشاعر النثريَّة التي بدأها في كتابيه النثريَّين الآخرين “غبار الورد” و”كحل الفراشة”، أصدر الشاعر الفلسطيني نمر سعدي كتاباً جديداً بعنوان “بيتٌ لغيمِ النوارس”، فأتى مجموعة من النصوص النثرية العابقة بأفكار هادئة تضج بالأحلام المكتوبة وتهويمات حول القصيدة.
نلمح في “بيتٌ لغيمِ النوارس” غيرة على الشِعر الذى أمسى لا يُقرأ، وأصبح يعيش في غربة وجوديَّة. كتاب رشيق، ومختزل بصورة رائعة تحاكي زماننا، يتطَّرق إلى عدة جوانب من شعر الروَّاد الذين تركوا بصمتهم الشعرية ويتطرَّق إلى محاولة الشباب في مجال الشعر؛ الشباب المتحمس الذي يبحث عن صوته متلمساً طريق الإبداع على طريقة الكبار، غير أنه يحتاج لصقل أكثر ليواكب شعراء الحداثة، سواء شعراء التفعيلة أو شعراء قصيدة النثر الثائرة على العروض والمنطلقة في جو من الحرية.
يواصل نمر سعدي في “بيت لغيم النوارس” تسليط الضوء على تجارب بعض الشعراء المبدعين، واقتفاءَ خطى قصائدهم السابحة في فضاءات عالية. والنحت شعريَّاً في كتابه الجديد الذي سيغني المكتبات ويعطي شحنة للشعر وأملاً للشعراء للسير على هدى أغاني الشعراء.
“بيتٌ لغيمِ النوارس” أشبه بشرفات نهاريَّة خضراء تطلُّ على عالمِ الشِعر، أو طريق عشبيَّة يضيئها قمرٌ نثري. ومن نص كحل ناصع نقتطف التالي: “أختارهنَّ بذوق عاشقٍ، كلهنَّ يشبهنَ إنانا إلهة السومريين القدامى المرتبطة بالحب والجمال والجنس والرغبة والخصوبة، أفصِّل على مقاسات أجسادهنَّ قصائد رشيقة.. ضيقة ولكنها تتسعُّ لعناقيدهنَّ الفضيَّة الفجَّة.. كلهنَّ يرقصن في ليالي وحدتي ويثملن من رشفات مجازي.. وقبل الفجر بقليل ينسللنَ كالأشباح الضوئية من أصابع رغبتي ويرحلنَ، أقتفي أثر ناياتهنَّ على الصخر.. أفركُ ذراتِ عطرهنَّ على العشب، في ظلال شجر الأكاليبتوس الذي تتخللَّه شمس الضحى الصيفيَّة، كلَّما أفكِّرُ بقصيدة تبزغُ شمسُ الضحى الفجرية تلك من وراء الأكاليبتوس في سهل أخضر ما، أسمِّيهِ فردوسيَ الضائع.. ترابُ ذلك السهل المحاذي لسفوح الكرمل شبيه بكحل نساء غريبات، كحل ناصع معجونٌ بحنَّاء طفولتي وماء الحُبِّ الأوَّل”.
على صغر حجمهِ، يبشر “بيتٌ لغيمِ النوارس” بأنه سيكون قاطرة يمشي في سكتِّها شعراء آخرون، فينسجون قصائد من وحي الكتاب الذي سيشدُّ كل من قرأهُ ويعيد الروح للشعر الذي همَّشته دعاية جابر عصفور حين صرخ صرختهُ وجاء بكتاب “زمن الرواية”.
صدر “بيتٌ لغيمِ النوارس” عن دار كنعان للدراسات والنشر في دمشق في نحو 100 صفحة من القطع المتوسِّط، بغلاف من تصميم باسم صباغ.
منال الطويل
كاتبة وصحافية من سوريا
نلمح في “بيتٌ لغيمِ النوارس” غيرة على الشِعر الذى أمسى لا يُقرأ، وأصبح يعيش في غربة وجوديَّة. كتاب رشيق، ومختزل بصورة رائعة تحاكي زماننا، يتطَّرق إلى عدة جوانب من شعر الروَّاد الذين تركوا بصمتهم الشعرية ويتطرَّق إلى محاولة الشباب في مجال الشعر؛ الشباب المتحمس الذي يبحث عن صوته متلمساً طريق الإبداع على طريقة الكبار، غير أنه يحتاج لصقل أكثر ليواكب شعراء الحداثة، سواء شعراء التفعيلة أو شعراء قصيدة النثر الثائرة على العروض والمنطلقة في جو من الحرية.
يواصل نمر سعدي في “بيت لغيم النوارس” تسليط الضوء على تجارب بعض الشعراء المبدعين، واقتفاءَ خطى قصائدهم السابحة في فضاءات عالية. والنحت شعريَّاً في كتابه الجديد الذي سيغني المكتبات ويعطي شحنة للشعر وأملاً للشعراء للسير على هدى أغاني الشعراء.
“بيتٌ لغيمِ النوارس” أشبه بشرفات نهاريَّة خضراء تطلُّ على عالمِ الشِعر، أو طريق عشبيَّة يضيئها قمرٌ نثري. ومن نص كحل ناصع نقتطف التالي: “أختارهنَّ بذوق عاشقٍ، كلهنَّ يشبهنَ إنانا إلهة السومريين القدامى المرتبطة بالحب والجمال والجنس والرغبة والخصوبة، أفصِّل على مقاسات أجسادهنَّ قصائد رشيقة.. ضيقة ولكنها تتسعُّ لعناقيدهنَّ الفضيَّة الفجَّة.. كلهنَّ يرقصن في ليالي وحدتي ويثملن من رشفات مجازي.. وقبل الفجر بقليل ينسللنَ كالأشباح الضوئية من أصابع رغبتي ويرحلنَ، أقتفي أثر ناياتهنَّ على الصخر.. أفركُ ذراتِ عطرهنَّ على العشب، في ظلال شجر الأكاليبتوس الذي تتخللَّه شمس الضحى الصيفيَّة، كلَّما أفكِّرُ بقصيدة تبزغُ شمسُ الضحى الفجرية تلك من وراء الأكاليبتوس في سهل أخضر ما، أسمِّيهِ فردوسيَ الضائع.. ترابُ ذلك السهل المحاذي لسفوح الكرمل شبيه بكحل نساء غريبات، كحل ناصع معجونٌ بحنَّاء طفولتي وماء الحُبِّ الأوَّل”.
على صغر حجمهِ، يبشر “بيتٌ لغيمِ النوارس” بأنه سيكون قاطرة يمشي في سكتِّها شعراء آخرون، فينسجون قصائد من وحي الكتاب الذي سيشدُّ كل من قرأهُ ويعيد الروح للشعر الذي همَّشته دعاية جابر عصفور حين صرخ صرختهُ وجاء بكتاب “زمن الرواية”.
صدر “بيتٌ لغيمِ النوارس” عن دار كنعان للدراسات والنشر في دمشق في نحو 100 صفحة من القطع المتوسِّط، بغلاف من تصميم باسم صباغ.
منال الطويل
كاتبة وصحافية من سوريا