في الوقت الذي تناضل فيه المرأة الفلسطينية تحت نير الاحتلال الإسرائيلي وتواجه آثار الانقسام الفلسطيني، وتتحدى الحصار الإسرائيلي المفروض عليها منذ ما يزيد عن أربع سنوات، وفي الوقت الذي تناضل فيه النساء المغربيات في مواصلة معركة التحرر من عفن القوانين، وتحاول أيضا النساء التونسيات الرائدات أن يفتحن صفحة جديدة لنيل حقوقا متساوية مع الرجل واسترداد وجودهن على خارطة الفعل النسوي.. وذات الوقت الذي تحارب فيه النساء السوريات في جبهة مستمرة وجميعهن يناضلن لأجل العدالة والمساواة واحقاق الحقوق، بينما عادت المرأة المصرية لميدان التحرير مرة أخرى، وفي معركة طويلة ممتدة في جذور التاريخ للمرأة لتنتزع حقوقها في العيش بكرامة ولتنال حقوقها المسلوبة وتعود لدائرة الحراك النسوي الفكري والتنموي والمجتمعي والثقافي..
في هذا الوقت الثوري تجد نشازا على القاعدة وتلمح الذاتية والأنانية الفردية، ومفاهيم القمع والقهر عند بعض الإناث العربيات- فتحت ذريعة الحرية تنسل عبر شبكة التواصل الاجتماعي- أفكار وتوجهات بعيدة كل البعد عن حرية المرأة وتحررها، فكبلت الحرية المقصودة بجسد المرأة الأسطورة الذي حاربت لأجله النساء عقودا من الزمن كي يتحررن من سطوة النظرة المهينة، والاستغلال له ويعزل المرأة عن إنسانيتها ويبقيها أسيرة لصورة المانيكان والرغبة والشهوة، بل سجنها في صورة قاصرة وعكس أدوارا محددة لوجودها فهي من تشبع رغبات الآخرين، أو تثير هذه الرغبات وهي الوعاء الحاضن فيه للجنس الآخر، وهي بالتالي التي حددت وظيفتها بالحياة فقط بالدور الإنجابي فقط، وهو أيضا ما حاربت لأجله النسويات في شتى بقاع العالم، وحاربت أيضا ولازالت النسويات العربيات لمحاربة هذه الصورة وتجزئة دور المرأة بهذا الإطار، إن سجن المرأة بجسدها دون النظر لعقلها وفكرها وإنسانيتها المطلقة والتأكيد على تجزئة قضيتها هو للأسف ما يسعى له البعض بقصد ووعي أو عن جهل ولهث خلف تقليعات الموضة الحقوقية-، وكأن الحقوق هي أي شيء ينتهك حقوق الآخرين ويستفز قيمهم ويدمر أي أساس أخلاقي يؤمن به البشر، إن وجود مثل هذه الأفكار التي تنتشر مثل الهشيم في شبكات التواصل الاجتماعي هي إفراز طبيعي للكبت والجهل وقصر الرؤية البعيدة والمعمقة لمفهوم الحقوق والواجبات، وكأن الأمر الأسهل هو نزع الثياب والتعري والأسهل هو التضامن أو الوقوف ضد مثل هذا الفعل، بينما الأكثر قسوة هو أن يغفل المشهد الإعلامي عن قضايا النساء الحقيقية واللهاث خلف سبق وظاهرة لم تحدث ربما من قبل في العالم العربي علنا- فهي حدثت كثيرا في عالم الفن والموضة الذي لازال يمتهن المرأة الإنسان ويحولها لسلعة يتاجر بها منتجاته أو يسوق بها أفكاره ويبرز دوما دور المرأة اللعوب أو الضحية بينما يسقط أدوارها الثقافية والمجتمعية، إن المنظومة الإعلامية في ظل انتشار شبكات التواصل الاجتماعي هي حتى الآن منظومة بلا ميثاق أخلاقي يضبط هذه العلاقة فكل من يرغب بكتابة أو نشر شيء بإمكانه ذلك، ويعود الأمر له وحده، ولم تفاجئنا الفتاة علياء الماجدة إلا بصورها العارية، بينما هنالك عشرات بل مئات المواقع والمدونات التي تسوق أفكارا مشابهة ولكن بطرق مختلفة فهنالك على شبكة التواصل الاجتماعي وتحديدا المدونات إحدى المدونات العربيات لا تكتب إلا في المثلية الجنسية وحقها في ممارسة ذلك وتتلخص مدونتها التي تدمج ما بين اللغة العربية والانجليزية في العديد من المواقف والقصص التي حدثت ولازالت تحدث معها في ذات الإطار، وهناك من تشير نصوصها إلى الحرية المطلقة في العلاقات والجنس وغيرها وغيرها..
وفي هذا الإطار أجد من الأهمية حقيقة أنه من الضروري العمل بجدية على الوصول لمثل هذه المدونات والمواقع للتعرف على مدى إسهام شبكة التواصل الاجتماعي في طرح قضايا المرأة أو أنها مادامت بلا روابط أو تنظيم – خاصة في ظل اهمال النسويات فعليا لاستثمار مثل هذه الأدوات الإعلامية حتى الآن بالشكل المطلوب- فأنه من الضروري أن تكفل هذه الشبكات حرية التعبير لكن يجب ألا نسمح أن نعيد امتهان المرأة وتقزيمها في صورة الجسد فقط.
لقد عانت المرأة دوما من الموروث الفكري والمجتمعي في النظرة لها، حين تم عزل صورتها بالتركيز على الجسد، وتجاهل حقوقها فعليا، فيما لديها قدرات وكفاءة وإمكانات ترتقي بأن تكون في مرتبة اجتماعية أفضل.
إن البلدان العربية في هذه الفترة تموج بصحوة وربما انقسامات داخلية ما بين اتجاهات أيديولوجية وفكرية متصارعة فيما بينها، والنساء العربيات يشهدن هذه الفترة بعيونهن وقلوبهن وعقولهن يحاولن الخروج من عنق الزجاجة، فتجدهن يحاولن تكسير القيود التي انتزعت لحمهن وأفنت العديد منهن حياتهن في الدفاع عن هذه القضايا، إلا أن نماذج من الأجيال الشابة حاليا ربما تتعجل ولا ترى إلا من تحت أقدامها، فغلبت الذاتية والفعل الفردي على روح العمل الجماعي والفهم العميق لما تريده النساء وما تسعى وتطمح له، غير أن هذه الفردية لن تتمكن من تشكيل تغييرا حقيقيا لواقع قضايا المرأة لأنها ستبقى سطحية وأشبه ببالون اختبار صحفي سرعان ما ينفجر ورغم علو صوته إلا أنه يخفت سريعا، وتبقى القطاعات الأكبر من النساء يرزحن تحت نير التقاليد الاجتماعية والنظرة الدونية والتهميش من الحياة الفاعلة، إن تقوية النساء ودعمهن وتطوير إمكاناتهن وقدراتهن تتفاوت بحسب شرائح هؤلاء النساء ومستوى تعليمهن والبيئة التي يعشن فيها، وبالتالي فإن تغييرا جذريا على مدار السنوات الأخيرة آخذا في التشكل إلا أن مثل هذا التغيير المجتمعي يحتاج لتراكمات عشرات من السنوات لكنه آت لا محالة.
إن النساء وحدهن هن القادرات على أن يصنعن النموذج الأمثل لمعنى وجودهن والتي تأتي في سبيل سعيهن لتحقيق العدالة والمساواة، ورغم أن الوقت الحالي هو فترة مناسبة للتغيير المنشود إلا أن افتقارا للرؤية الشاملة والمعمقة لقضايا المرأة العربية ، ولازالت هذه الرؤية المنقوصة هي العباءة التي تلتف على عيون وعقول الأغلبية في المجتمعات العربية، إن المرأة العربية بإمكانها أن تحطم الأقنعة القديمة والحديثة التي تحاول أن تلتصق بها، وتعكس رواسب الكبت والظلم الاجتماعي المتجذر في مجتمعاتهن إلى حرية مطلقة تنفي أي أخلاقيات أو ضوابط، وكلاهما- الظلم الاجتماعي والحرية المطلقة- هي أقنعة لم تصنعها النساء، بل صنعتها المنظومة الفكرية السائدة التي لازالت تتعامل مع المرأة كأنها دمية يتم تحريكها دوما، إنها دعوة لكل النساء العربيات انتفضن على القهر والعزلة ولا تحرقن كينونتكن فهنالك العشرات والمئات من السبل الفردية أو الجماعية التي يمكن أن تعبرن فيها عن حريتكن الفكرية، فلا تخذلن أرواحكن وكن رياديات وقياديات ولا تكن ضحايا وتعزلن ادواركن بحسب ما يرسمه الآخرون..
(*) كاتبة وإعلامية
في هذا الوقت الثوري تجد نشازا على القاعدة وتلمح الذاتية والأنانية الفردية، ومفاهيم القمع والقهر عند بعض الإناث العربيات- فتحت ذريعة الحرية تنسل عبر شبكة التواصل الاجتماعي- أفكار وتوجهات بعيدة كل البعد عن حرية المرأة وتحررها، فكبلت الحرية المقصودة بجسد المرأة الأسطورة الذي حاربت لأجله النساء عقودا من الزمن كي يتحررن من سطوة النظرة المهينة، والاستغلال له ويعزل المرأة عن إنسانيتها ويبقيها أسيرة لصورة المانيكان والرغبة والشهوة، بل سجنها في صورة قاصرة وعكس أدوارا محددة لوجودها فهي من تشبع رغبات الآخرين، أو تثير هذه الرغبات وهي الوعاء الحاضن فيه للجنس الآخر، وهي بالتالي التي حددت وظيفتها بالحياة فقط بالدور الإنجابي فقط، وهو أيضا ما حاربت لأجله النسويات في شتى بقاع العالم، وحاربت أيضا ولازالت النسويات العربيات لمحاربة هذه الصورة وتجزئة دور المرأة بهذا الإطار، إن سجن المرأة بجسدها دون النظر لعقلها وفكرها وإنسانيتها المطلقة والتأكيد على تجزئة قضيتها هو للأسف ما يسعى له البعض بقصد ووعي أو عن جهل ولهث خلف تقليعات الموضة الحقوقية-، وكأن الحقوق هي أي شيء ينتهك حقوق الآخرين ويستفز قيمهم ويدمر أي أساس أخلاقي يؤمن به البشر، إن وجود مثل هذه الأفكار التي تنتشر مثل الهشيم في شبكات التواصل الاجتماعي هي إفراز طبيعي للكبت والجهل وقصر الرؤية البعيدة والمعمقة لمفهوم الحقوق والواجبات، وكأن الأمر الأسهل هو نزع الثياب والتعري والأسهل هو التضامن أو الوقوف ضد مثل هذا الفعل، بينما الأكثر قسوة هو أن يغفل المشهد الإعلامي عن قضايا النساء الحقيقية واللهاث خلف سبق وظاهرة لم تحدث ربما من قبل في العالم العربي علنا- فهي حدثت كثيرا في عالم الفن والموضة الذي لازال يمتهن المرأة الإنسان ويحولها لسلعة يتاجر بها منتجاته أو يسوق بها أفكاره ويبرز دوما دور المرأة اللعوب أو الضحية بينما يسقط أدوارها الثقافية والمجتمعية، إن المنظومة الإعلامية في ظل انتشار شبكات التواصل الاجتماعي هي حتى الآن منظومة بلا ميثاق أخلاقي يضبط هذه العلاقة فكل من يرغب بكتابة أو نشر شيء بإمكانه ذلك، ويعود الأمر له وحده، ولم تفاجئنا الفتاة علياء الماجدة إلا بصورها العارية، بينما هنالك عشرات بل مئات المواقع والمدونات التي تسوق أفكارا مشابهة ولكن بطرق مختلفة فهنالك على شبكة التواصل الاجتماعي وتحديدا المدونات إحدى المدونات العربيات لا تكتب إلا في المثلية الجنسية وحقها في ممارسة ذلك وتتلخص مدونتها التي تدمج ما بين اللغة العربية والانجليزية في العديد من المواقف والقصص التي حدثت ولازالت تحدث معها في ذات الإطار، وهناك من تشير نصوصها إلى الحرية المطلقة في العلاقات والجنس وغيرها وغيرها..
وفي هذا الإطار أجد من الأهمية حقيقة أنه من الضروري العمل بجدية على الوصول لمثل هذه المدونات والمواقع للتعرف على مدى إسهام شبكة التواصل الاجتماعي في طرح قضايا المرأة أو أنها مادامت بلا روابط أو تنظيم – خاصة في ظل اهمال النسويات فعليا لاستثمار مثل هذه الأدوات الإعلامية حتى الآن بالشكل المطلوب- فأنه من الضروري أن تكفل هذه الشبكات حرية التعبير لكن يجب ألا نسمح أن نعيد امتهان المرأة وتقزيمها في صورة الجسد فقط.
لقد عانت المرأة دوما من الموروث الفكري والمجتمعي في النظرة لها، حين تم عزل صورتها بالتركيز على الجسد، وتجاهل حقوقها فعليا، فيما لديها قدرات وكفاءة وإمكانات ترتقي بأن تكون في مرتبة اجتماعية أفضل.
إن البلدان العربية في هذه الفترة تموج بصحوة وربما انقسامات داخلية ما بين اتجاهات أيديولوجية وفكرية متصارعة فيما بينها، والنساء العربيات يشهدن هذه الفترة بعيونهن وقلوبهن وعقولهن يحاولن الخروج من عنق الزجاجة، فتجدهن يحاولن تكسير القيود التي انتزعت لحمهن وأفنت العديد منهن حياتهن في الدفاع عن هذه القضايا، إلا أن نماذج من الأجيال الشابة حاليا ربما تتعجل ولا ترى إلا من تحت أقدامها، فغلبت الذاتية والفعل الفردي على روح العمل الجماعي والفهم العميق لما تريده النساء وما تسعى وتطمح له، غير أن هذه الفردية لن تتمكن من تشكيل تغييرا حقيقيا لواقع قضايا المرأة لأنها ستبقى سطحية وأشبه ببالون اختبار صحفي سرعان ما ينفجر ورغم علو صوته إلا أنه يخفت سريعا، وتبقى القطاعات الأكبر من النساء يرزحن تحت نير التقاليد الاجتماعية والنظرة الدونية والتهميش من الحياة الفاعلة، إن تقوية النساء ودعمهن وتطوير إمكاناتهن وقدراتهن تتفاوت بحسب شرائح هؤلاء النساء ومستوى تعليمهن والبيئة التي يعشن فيها، وبالتالي فإن تغييرا جذريا على مدار السنوات الأخيرة آخذا في التشكل إلا أن مثل هذا التغيير المجتمعي يحتاج لتراكمات عشرات من السنوات لكنه آت لا محالة.
إن النساء وحدهن هن القادرات على أن يصنعن النموذج الأمثل لمعنى وجودهن والتي تأتي في سبيل سعيهن لتحقيق العدالة والمساواة، ورغم أن الوقت الحالي هو فترة مناسبة للتغيير المنشود إلا أن افتقارا للرؤية الشاملة والمعمقة لقضايا المرأة العربية ، ولازالت هذه الرؤية المنقوصة هي العباءة التي تلتف على عيون وعقول الأغلبية في المجتمعات العربية، إن المرأة العربية بإمكانها أن تحطم الأقنعة القديمة والحديثة التي تحاول أن تلتصق بها، وتعكس رواسب الكبت والظلم الاجتماعي المتجذر في مجتمعاتهن إلى حرية مطلقة تنفي أي أخلاقيات أو ضوابط، وكلاهما- الظلم الاجتماعي والحرية المطلقة- هي أقنعة لم تصنعها النساء، بل صنعتها المنظومة الفكرية السائدة التي لازالت تتعامل مع المرأة كأنها دمية يتم تحريكها دوما، إنها دعوة لكل النساء العربيات انتفضن على القهر والعزلة ولا تحرقن كينونتكن فهنالك العشرات والمئات من السبل الفردية أو الجماعية التي يمكن أن تعبرن فيها عن حريتكن الفكرية، فلا تخذلن أرواحكن وكن رياديات وقياديات ولا تكن ضحايا وتعزلن ادواركن بحسب ما يرسمه الآخرون..
(*) كاتبة وإعلامية
أقنعة الحرية في ظل الثورات العربية
أقنعة الحرية في ظل الثورات العربية بقلم: هداية شمعون (*) في الوقت الذي تناضل فيه المرأة الفلسطينية تحت نير الاحتلال الإسرائيلي وتواجه آث...
hedaya.blogspot.com