محمد الدويمي - عند الحلاق.. تتمة

يستأنف عمي سعيد حلق شعري..
يتابع الآخرون حديثهم..
أنصت بشغف طفولي للعيد الزكراوي وهو يحدثهما عن مغامراته الليلية بمعية أفراد من قبيلته بالزكارة.. كانوا يغيرون في جنح الظلام، راجلين ومتسلحين بالهراوات، على الدواوير الجزائرية القريبة من الحدود لسرقة رؤوس من الأغنام والماعز.. كانوا يسابقون الليل جريا وهرولة قبل أن يزيل رداءه عن الكون وهم لا يزالون في التراب الجزائري..
أردف بأنه ذات ليلة تسلل وحيدا إلى أحد هذه الدواوير وسرق تيسا من أحد الرعاة وحمله على ظهره..
أما حَمّو العمراوي فحاول بدوره إظهار قوته وفتوته حين كان شابا.. أخبرهم بأنه خلال السنين الأولى للاتحاقه بمنجم الفحم، كان يغادر جرادة عصر كل سبت بعد نهاية العمل قاصدا مسقط رأسه سيدي لحسن مارا بمناطق النّْوامـَرْ وڭافايت ولبخاتة.. يصل بعد المغرب بقليل وعلى ظهره كيس يحتوي على "قْوالَبْ" من السكر وعلب من الشاي و"القاوْقاوْ" والشعرية والزيت... ويعود إلى جرادة عصر يوم الأحد سالكا نفس الطريق..
عندما أتم عمي سعيد حلق رأسي، وضع كمية من "البَرْيانْتي" في كفيه وشرع يدعك بلطف رأسي..
سلمت له القطعة النقدية التي بحوزتي..
غادرت المكان..
أحسست وكأني نشطت من عقال..
نسيت أن أذكر بأن عمي سعيد إضافة إلى الحلاقة، كان ينزع الأضراس والأسنان دون مخدر..


محمد الدويمي

من رواية: جرادة..بقايا أيام متمردة

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى