من الطبيعي أن يكون دافع الرهان والتميز مستعراً غزيراً بشتى ضروب الأدب في عالمنا العربي, مقارنة بالنتاج المعني بالفكر والتحليل القائم على أدراك الما قبل واحتوائه بحيازة معرفية غير هشة تمنح أمارة بالسؤال المنفي ومناقشته على أمل أن تكون هناك مفاهيم ورؤى مغايرة عن سابقها تعطي استدلالاً عن النظرة المتبعة في كيفية استرسال الماهية المعنية لمقبولية الطرح وإيفائه لغرضٍ آنيٍ أو مسبق أسس له على مدى الحقب السابقة, وهذه إشكالية تعم الذهنية العربية عن كيفية استعدادها النفسي للمناقشة والحوار وإدلاء الرأي وإعطاء مسوغات علمية وفق نظريات ومناهج تولد من استقراءاتهم للحياة واستشرافهم أو تكهنهم لواقعهم أو لما بعد واقعهم الأدبي والسياسي والمجتمعي ليبادروا بإزالة حجم السخام المتوارث هامين بفتح نوافذ مضيئة.
واقعاً أن المتابع والمتفحص لمناهج النقد منذ نشأتها إلى الحد الذي اتضحت سرائرها وحججها، سماتها المخبوءة وسياقاتها الجلية يجدها قد صُدِّرت لنا مضمنة ومحمّلة أجواء الأمكنة وثقافاتها التي بزغت وتربّت وأينعت فيها، لتصلنا هرمة بقدم ثباتها وركوزها منذ مدة مراسها واتخاذها معياراً تقويمياً للنتاج الأدبي, فتيةً بزمنها الحالي الذي بشر لها في واقعنا، مع النظر بعين الاعتبار للذين التقطهم السبق ومكنتهم الفطنة للالتفات والترويج لمناهج نقدية حداثية بسبب أماكن دراستهم وحيازتهم لثقافة مختلفة عن واقعهم، لتكون هذه المدة كفيلة بأن تشكّل بوناً فكرياً واسعاً أن قيست بتفاوت الحراك المعرفي.
ثمة من يسأل هل بمقدور العقلية العربية صاحبة الإرث الحضاري العظيم, أن تنتج في عصرنا الحالي منهجية نقدية تثري وتؤسس مشروعاً له كينونته واستقلاليته وقصديته، وأخرٌ من يلوّح عن مدى علاقة الفرد العربي بالفلسفة, وهل هناك تواشج وأواصر ما بين نظريات المعرفة وانتعاش المشغل النقدي تعضيداً من الأخير لبلوغ قيمته القصوى؟، وهل أن ضراوة الطقس المعيش بفوضويته وفداحته وانهماك الإنسان فيه يعطي ذخيرة أدبية بفرعيها شعراً كانت أم نثراً, ليبدو ثراء المشهد جمالياً حالماً غير ساعٍ للإثارة والمقترح الفكري، أكثر مما هو جدلياً شائكاً له أبعاده المعرفية.
من الواضح أن العقل الفلسفي العربي منحازاً نحو التقليص كون النظرة المترددة لمثل ورش كهذه تعنى بتفكيك الرؤى وتدشين المناطق المحرمة واقتلاع الأسئلة المنضوية بالأثر وعدم إعطائها حيزاً كافياً للنقاش، وهنا يبدو تأثير طابع الخشية والتأهب واضحاً للدخول إلى عوالم كهذه يكون العقل فيها حراً طليقاً في التعبير والتصريح ومحاولة الخلق، غير ملزم بالتماهي أو المهادنة في إقرار غايته والإطاحة بالاركيلوجي المستبد. السبب الآخر عن عدم الاكتراث أو تجنب فضاءات تنحو منحىً جدلياً، هو أن العربي يفكر بقلبه لا بعقله لتكون صفة العاطفة مرآة لإبداء الرأي وهذا يرجع إلى العصف الأسطوري والميثولوجي أو ربما الأدبي ذي الطابع المتخيل المتشكل في وعيه على مر الأزمنة منذ مراحل البحث والوجود والنشأة، ليشرك سلوكه وتصرفه الناجم عن همه الذاتي باعتبارات سياقية حياتية ممسكة بمعناه سواء كانت مقبولة أو مرفوضة لتصب في خانة النكوص وعدم الجرأة والمخاتلة في التفنيد والتشكيك والرجوع إلى الخلف. لذا أجد أن من الضروري الكشف عن محتوى العربي بهذه الجزيئة ودرجة استجابته وميله للنزوع نحو الابتكار كون الأخير يشكل عنده هاجساً قلقاً ومعارضاً تبعاً لكم التراكمات البيئية والنسقية الموهوم بها وهنا يجب علينا أن نحدد ثنائية القول وما يدور من أن هناك أزمة بزوغ مشغل نقدي له لوازمه ونتائجه أم أن هناك أزمة ناقد بأدواته وعدته أو ربما انجذابه نحو هاتيك العوالم، لأجد المسافة واحدة كون أرضية المجتمع العربي غير خصبة لإنتاج مناهج نواتها العقل، بالتالي من أين تكون معيارية الناقد ، فيما إذا أجزنا مزاولة المناهج المستوردة نجد أن أكثر الكتابات التي تطرح الآن بحاجة إلى صياغة منهجية تثري النص وتحشّد الذهن لبيان النوايا المتوارية أو المعلنة منها، ناهيك من أن لغة النقد جادة محكمة لا تخضع لبدائل جاهزة أو مقولبة من ناحية الطرح، لغة تكاد تكون حتمية قطعية في مناطق معينة غير قابلة للتداخل اللفظي والتقريرية البليدة مع الإشارة طبعاً للأسماء التي حجزت مساحة شاهقة في المشهد النقدي العربي بقلتِها وعزلتِها الكونية. وهنا نكون أمام حالة من التنفيس والبوح في منطقة الجمال التي اختصها الهاجس العربي تعبيراً عن الرؤية الحياتية بل الفكرية أيضاً، إذ نجد أن الثروة والمحصلة الجمالية لديهم مقارنة باستحصال الدال المعرفي كبيرة جداً كونهم يحاولون أن يعبروا عن حقبهم المتفاوتة بالوجع وعن إحاطتهم بالأفكار بتمردها وتعنتها بطريقة جمالية وهذا أراه منفذاً تعبيرياً لا نسقياً لمعاينة وجهات النظر ومعالجتها بصورة مهمة لذا يجب علينا أن نلتجئ إلى محتوانا الفكري الذي عن طريقه نستطيع إن نعطي طرحاً راسخاً غير هامشيٍ له هيبته ودرايته.
واقعاً أن المتابع والمتفحص لمناهج النقد منذ نشأتها إلى الحد الذي اتضحت سرائرها وحججها، سماتها المخبوءة وسياقاتها الجلية يجدها قد صُدِّرت لنا مضمنة ومحمّلة أجواء الأمكنة وثقافاتها التي بزغت وتربّت وأينعت فيها، لتصلنا هرمة بقدم ثباتها وركوزها منذ مدة مراسها واتخاذها معياراً تقويمياً للنتاج الأدبي, فتيةً بزمنها الحالي الذي بشر لها في واقعنا، مع النظر بعين الاعتبار للذين التقطهم السبق ومكنتهم الفطنة للالتفات والترويج لمناهج نقدية حداثية بسبب أماكن دراستهم وحيازتهم لثقافة مختلفة عن واقعهم، لتكون هذه المدة كفيلة بأن تشكّل بوناً فكرياً واسعاً أن قيست بتفاوت الحراك المعرفي.
ثمة من يسأل هل بمقدور العقلية العربية صاحبة الإرث الحضاري العظيم, أن تنتج في عصرنا الحالي منهجية نقدية تثري وتؤسس مشروعاً له كينونته واستقلاليته وقصديته، وأخرٌ من يلوّح عن مدى علاقة الفرد العربي بالفلسفة, وهل هناك تواشج وأواصر ما بين نظريات المعرفة وانتعاش المشغل النقدي تعضيداً من الأخير لبلوغ قيمته القصوى؟، وهل أن ضراوة الطقس المعيش بفوضويته وفداحته وانهماك الإنسان فيه يعطي ذخيرة أدبية بفرعيها شعراً كانت أم نثراً, ليبدو ثراء المشهد جمالياً حالماً غير ساعٍ للإثارة والمقترح الفكري، أكثر مما هو جدلياً شائكاً له أبعاده المعرفية.
من الواضح أن العقل الفلسفي العربي منحازاً نحو التقليص كون النظرة المترددة لمثل ورش كهذه تعنى بتفكيك الرؤى وتدشين المناطق المحرمة واقتلاع الأسئلة المنضوية بالأثر وعدم إعطائها حيزاً كافياً للنقاش، وهنا يبدو تأثير طابع الخشية والتأهب واضحاً للدخول إلى عوالم كهذه يكون العقل فيها حراً طليقاً في التعبير والتصريح ومحاولة الخلق، غير ملزم بالتماهي أو المهادنة في إقرار غايته والإطاحة بالاركيلوجي المستبد. السبب الآخر عن عدم الاكتراث أو تجنب فضاءات تنحو منحىً جدلياً، هو أن العربي يفكر بقلبه لا بعقله لتكون صفة العاطفة مرآة لإبداء الرأي وهذا يرجع إلى العصف الأسطوري والميثولوجي أو ربما الأدبي ذي الطابع المتخيل المتشكل في وعيه على مر الأزمنة منذ مراحل البحث والوجود والنشأة، ليشرك سلوكه وتصرفه الناجم عن همه الذاتي باعتبارات سياقية حياتية ممسكة بمعناه سواء كانت مقبولة أو مرفوضة لتصب في خانة النكوص وعدم الجرأة والمخاتلة في التفنيد والتشكيك والرجوع إلى الخلف. لذا أجد أن من الضروري الكشف عن محتوى العربي بهذه الجزيئة ودرجة استجابته وميله للنزوع نحو الابتكار كون الأخير يشكل عنده هاجساً قلقاً ومعارضاً تبعاً لكم التراكمات البيئية والنسقية الموهوم بها وهنا يجب علينا أن نحدد ثنائية القول وما يدور من أن هناك أزمة بزوغ مشغل نقدي له لوازمه ونتائجه أم أن هناك أزمة ناقد بأدواته وعدته أو ربما انجذابه نحو هاتيك العوالم، لأجد المسافة واحدة كون أرضية المجتمع العربي غير خصبة لإنتاج مناهج نواتها العقل، بالتالي من أين تكون معيارية الناقد ، فيما إذا أجزنا مزاولة المناهج المستوردة نجد أن أكثر الكتابات التي تطرح الآن بحاجة إلى صياغة منهجية تثري النص وتحشّد الذهن لبيان النوايا المتوارية أو المعلنة منها، ناهيك من أن لغة النقد جادة محكمة لا تخضع لبدائل جاهزة أو مقولبة من ناحية الطرح، لغة تكاد تكون حتمية قطعية في مناطق معينة غير قابلة للتداخل اللفظي والتقريرية البليدة مع الإشارة طبعاً للأسماء التي حجزت مساحة شاهقة في المشهد النقدي العربي بقلتِها وعزلتِها الكونية. وهنا نكون أمام حالة من التنفيس والبوح في منطقة الجمال التي اختصها الهاجس العربي تعبيراً عن الرؤية الحياتية بل الفكرية أيضاً، إذ نجد أن الثروة والمحصلة الجمالية لديهم مقارنة باستحصال الدال المعرفي كبيرة جداً كونهم يحاولون أن يعبروا عن حقبهم المتفاوتة بالوجع وعن إحاطتهم بالأفكار بتمردها وتعنتها بطريقة جمالية وهذا أراه منفذاً تعبيرياً لا نسقياً لمعاينة وجهات النظر ومعالجتها بصورة مهمة لذا يجب علينا أن نلتجئ إلى محتوانا الفكري الذي عن طريقه نستطيع إن نعطي طرحاً راسخاً غير هامشيٍ له هيبته ودرايته.