ما هو معروف عن الصيام هو أنه الركنٌ الرابع من أركان الإسلام الخمسة. أثناءه، يرغب الناسُ في مزيد من التَّقرُّب من الله، من خلال قراءة ما تيسَّر من القرآن الكريم وأداء الصلوات الخمس جماعةً والإكثار من النوافل والإقبال على صلاة التَّراويح… إلى غير ذلك من الأمور التي يتقرَّب بها العبادُ من الله.
وفي هذا الصدد، إن اللهَ، سبحانه وتعالى، قال على لسان رسوله الكريم، محمد (ص) : "كل عمل ابن آدم له إلا الصيام، فإنه لي وأنا أجزي به".
وهذا يعني أن المكانةَ التي يحظى بها الصيامُ عند الله، كركن من أركان الدين الإسلامي، مكانةٌ مفضَّلة يُجازَى عليها العبادُ الذين يقومون بهذا الصيام على ما يُرام دينياً، إنسانياً، اجتماعياً وأخلاقياً.
دينياً، أي القيام بالصيام حسب ما أمر به اللهُ، سبحانه وتعالى، من فرائض وما تفضَّل به رسولُه محمد (ص) من سُننٍ. إنسانياً، أي التفكير في الناس الذين قدرتُهم الشرائية ضعيفة أو منعدمة، وخصوصا أولئك الذين لهم أسرٌ وأطفال يُعيلونهم. اجتماعياً، أي أن يكون التضامن الجماعي وسيلةً لمساعدة الأشخاص الفقراء والمحتاجين. أخلاقياً، أي أن يحترم الصائم الآخرين وأن يتجنَّبَ إيذاءَهم بلسانه أو بيده.
هذا هو الصيام الذي قال عنه، سبحانه وتعالى، على لسان رسوله محمد (ص) : "فإنه لي وأنا أجزي به". لهذا، فالصيام، بالمعنى الواسع، كله قِيمٌ دينية، إنسانية، اجتماعية وأخلاقية، وليس فقط الامتناع عن الأكل والشرب. الامتناع عن الأكل والشرب ليس، في الحقيقة، إلا وسيلة للانتقال أو للمرور من الجانب الديني إلى الجوانب الإنسانية، الاجتماعية والأخلاقية، أو بعبارة أخرى، لاقتران الأمور الدينية بالأمور الإنسانية، الاجتماعية والأخلاقية. وبعبارة أخرى، الجانب الديني، إذا قام به الناسُ على الوجه المطلوب، يجب أن يكونَ حافزا لتفعيل الجوانب الإنسانية،الاجتماعية والأخلاقية.
فضلا عن أن الصيامَ هو تهذيبٌ للنفس البشرية للشعور بالحرمان الذي يُعاني منه كثيرٌ من الناس، ليس فقط خلال شهر رمضان، بل طيلةَ السنة، إن لم نقل طيلة حياتهم. وتهذيب النفس لا يجب أن يقتصرَ على الشعور بالحرمان. بل تهذيب النفس هو أيضا تقوية إرادة الأفراد وذلك بتعويدهم على الصبر، ليس فقط من خلال الإمساك عن الأكل والشرب، بل كذلك، عن طريق اجتناب كل ما يسيء للنفس وللآخرين. وتهذيب النفس هو، كذلك، عبارة عن سموٍّ روحي لا يدركه إلا مَن تمعَّن في الغاية التي أرادها الله، عز وجل، من وراء ما كتبه اللهُ على عباده من صيام. ويُضاف إلى هذا التهذيب أن الصيامَ له فوائد صحية أثبتها العلم الحديث. من بين هذه الفوائد، أذكر على سبيل المثال مقاومة السُّمنة ومقاومة السرطان وتنظيف الجسم من السموم وتمكين الجهاز الهضمي من الاستراحة وتحسين التَّركيز المعرفي…
وفي هذا الصدد، إن كثيرا من الناس أصبح شغلُهم الشاغل هو أن تكونَ مائدة الإفطار مملوءة بشتى أنواع المأكولات من شُربات وحريرات وحلويات وعصائر وأسماك وخضر وفواكه…، أي أن الصيامَ أصبح مقترنا بالإسراف في الأكل والشرب، مصداقا لقوله، سبحانه وتعالى : "يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ (الأعراف، 31) أو مصداقا لقوله، عز وجل: "كُلُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَلَا تَطْغَوْا فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي وَمَن يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوَىٰ (طه، 81).
الأمر واضحٌ في هاتين الآيتين. الله لا يحب المسرفين ويغضب عندما يكون الطغيان في الأكل والشرب. ما يُستنتَج من هاتين الآيتين، هو بالضبط ما يقع في شهر رمضان الفضيل حيث الإسراف أو الطغيان في الأكل والشرب، هما سيِّد الموقف. ثم لماذا الله، سبحانه وتعالى، لا يحب الإسرافَ، بصفة عامة، ولا يحب الإسراف والطغيانَ في الأكل والشرب، بصفة خاصة؟
1.لأن الشيءَ إذا زاد عن حده، انقلب إلى ضده. بمعنى أن تنوُّعَ الأكل والشرب، إذا كان ممتعا للعين واستجابةً لرغبة النفس، فإنه، في نفس الوقت، قد يكون مضِرّاً للصحة. وهذا شيءٌ بيَّنه الواقع إذ أن كثيرا من الناس، بعد انقضاء شهر الصيام، يشتكون من أمراض تُصيب الجهازَ الهضمي على مستوى المعدة أو الأمعاء أو الكبد أو القلون أو المرارة…
2.لأن الإسراف أو الطغيان في الأكل والشرب، معناهما الضياع déperdition أو التبذير gaspillage. لماذا؟ لأن ما تشتهيه العين والنفسُ لا يمكن للمعدة أن تحتويه لأن حجمها معيَّن ولا يمكن تجاوزُه. في هذه الحالة، كل ما تبقى من الأكل، في غالب الأحيان، مصيرُه الرمي في الزبالة.
3.إذا ذهبنا بعيدا في التحليل، سنلاحظ أن الضياعَ والتبذيرَ لهما انعكاسات اجتماعية، اقتصادية وبيئية واضحة المعالم. اجتماعياً، لأن ما ضاع وتمَّ تبذيرُه من المأكولات، كان بالإمكان أن يستفيدَ منه كثيرٌ من الناس المٌعوزين. اقتصاديا وبيئياً، لأن إنتاجَ المأكولات، سواءً كانت من أصل نباتي أو حيواني، تطلَّب إنتاجُها هذا جُهدا بشريا وطاقةً وأموالا وماءً وأسمدة ومبيدات… كلها ذهبت سُدى عندما تنتهي المأكولات في سلة الأزبال.
4.عندما يقول، سبحانه وتعالى، في الآيتين السالفتي الذكر، إنه لا يحب المسرفين ويحلُّ غضبُه على كل مَن مارس الطغيان فيما رزق الناسَ من الطيبات، فكأنه يُذكِّر الناسَ أو المؤمنين الصائمبن بما قاله، سبحانه وتعالى، في الآية رقم 20 من سورة لقمان : "أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً…، أي أن اللهَ، سبحانه وتعالى، يذكِّر الناسَ بأنه إذا سخَّرَ لهم ما في السموات وما في الأرض، فليَستفيدَ من هذا التَّسخير جميع الناس. فما هو الإسراف؟
الإسراف هو أن يتجاوزَ التَّعاملُ مع الخيرات التي سخَّرها اللهُ لعباده الحدَّ المبتغى أو المطلوب أو الضروري. والإسراف يقود إلى التَّبذير. والتبذير عملٌ من أعمال الشيطان، أي نوعٌ من أنواع الفساد، مصداقا لقوله، سبحانه وتعالى : "إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا (الإسراء، 27)
ولهذا، إذا لم يجمع الناسُ، خلال شهر رمضان، بين ما هو ديني وما هو إنساني واجتماعي وأخلاقي، فإن الصيامَ يُختَزَل، فقط، في الامتناع عن الأكل والشرب. ونحن نعرف، حق المعرفة، أن هذا الامتناع ليس هو الغاية التي أرادها اللهُ للصيام، كركن من أركان الإسلام.
بكل أسف، إن مِن الناس مَن أختصروا شهرَ رمضان في وليمة الإفطار، ولا يهمُّهم الإسراف أو الطغيان في الأكل والشرب. بل لا يهمُّهم أن تُرمى بقايا مأكولاتهم في سلة الزبالة. فهذه الفئة من البشر تساهم، عن قصد أو عن غير قصد، في تحويل الصيامَ وما يترتَّب عنه من قيمٍ دينية وإنسانية وما له من فوائد نفسية وصحية، من عبادة إلى عادة أو إلى ثقافة جماعية مُفرغة من أبعادها الدينية، الإنسانية، الاجتماعية والأخلاقية.
وما يزيد في الطين بلَّة، هو أن بعض فئات المجتمع لها يدٌ طويلة في هذا التحويل. وهنا، أخصُّ بالذكر لوبيات المال والتجارة والإشهار. كلهم يبدلون جهدا كبيرا لتحويل الناس من متشبِّثين بالدين إلى مستهلكين أقحاح لا يرون في الصيام إلا ملءَ البطون بعد الإفطار.
من هذا المنطلق، سيصبح الصيامُ شهرَ الولائم وملء البطون والإسراف والتبذير، وهو الشهر الذي شرَّفه، سبحانه وتعالى، بنزول القرآن.
وفي هذا الصدد، إن اللهَ، سبحانه وتعالى، قال على لسان رسوله الكريم، محمد (ص) : "كل عمل ابن آدم له إلا الصيام، فإنه لي وأنا أجزي به".
وهذا يعني أن المكانةَ التي يحظى بها الصيامُ عند الله، كركن من أركان الدين الإسلامي، مكانةٌ مفضَّلة يُجازَى عليها العبادُ الذين يقومون بهذا الصيام على ما يُرام دينياً، إنسانياً، اجتماعياً وأخلاقياً.
دينياً، أي القيام بالصيام حسب ما أمر به اللهُ، سبحانه وتعالى، من فرائض وما تفضَّل به رسولُه محمد (ص) من سُننٍ. إنسانياً، أي التفكير في الناس الذين قدرتُهم الشرائية ضعيفة أو منعدمة، وخصوصا أولئك الذين لهم أسرٌ وأطفال يُعيلونهم. اجتماعياً، أي أن يكون التضامن الجماعي وسيلةً لمساعدة الأشخاص الفقراء والمحتاجين. أخلاقياً، أي أن يحترم الصائم الآخرين وأن يتجنَّبَ إيذاءَهم بلسانه أو بيده.
هذا هو الصيام الذي قال عنه، سبحانه وتعالى، على لسان رسوله محمد (ص) : "فإنه لي وأنا أجزي به". لهذا، فالصيام، بالمعنى الواسع، كله قِيمٌ دينية، إنسانية، اجتماعية وأخلاقية، وليس فقط الامتناع عن الأكل والشرب. الامتناع عن الأكل والشرب ليس، في الحقيقة، إلا وسيلة للانتقال أو للمرور من الجانب الديني إلى الجوانب الإنسانية، الاجتماعية والأخلاقية، أو بعبارة أخرى، لاقتران الأمور الدينية بالأمور الإنسانية، الاجتماعية والأخلاقية. وبعبارة أخرى، الجانب الديني، إذا قام به الناسُ على الوجه المطلوب، يجب أن يكونَ حافزا لتفعيل الجوانب الإنسانية،الاجتماعية والأخلاقية.
فضلا عن أن الصيامَ هو تهذيبٌ للنفس البشرية للشعور بالحرمان الذي يُعاني منه كثيرٌ من الناس، ليس فقط خلال شهر رمضان، بل طيلةَ السنة، إن لم نقل طيلة حياتهم. وتهذيب النفس لا يجب أن يقتصرَ على الشعور بالحرمان. بل تهذيب النفس هو أيضا تقوية إرادة الأفراد وذلك بتعويدهم على الصبر، ليس فقط من خلال الإمساك عن الأكل والشرب، بل كذلك، عن طريق اجتناب كل ما يسيء للنفس وللآخرين. وتهذيب النفس هو، كذلك، عبارة عن سموٍّ روحي لا يدركه إلا مَن تمعَّن في الغاية التي أرادها الله، عز وجل، من وراء ما كتبه اللهُ على عباده من صيام. ويُضاف إلى هذا التهذيب أن الصيامَ له فوائد صحية أثبتها العلم الحديث. من بين هذه الفوائد، أذكر على سبيل المثال مقاومة السُّمنة ومقاومة السرطان وتنظيف الجسم من السموم وتمكين الجهاز الهضمي من الاستراحة وتحسين التَّركيز المعرفي…
وفي هذا الصدد، إن كثيرا من الناس أصبح شغلُهم الشاغل هو أن تكونَ مائدة الإفطار مملوءة بشتى أنواع المأكولات من شُربات وحريرات وحلويات وعصائر وأسماك وخضر وفواكه…، أي أن الصيامَ أصبح مقترنا بالإسراف في الأكل والشرب، مصداقا لقوله، سبحانه وتعالى : "يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ (الأعراف، 31) أو مصداقا لقوله، عز وجل: "كُلُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَلَا تَطْغَوْا فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي وَمَن يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوَىٰ (طه، 81).
الأمر واضحٌ في هاتين الآيتين. الله لا يحب المسرفين ويغضب عندما يكون الطغيان في الأكل والشرب. ما يُستنتَج من هاتين الآيتين، هو بالضبط ما يقع في شهر رمضان الفضيل حيث الإسراف أو الطغيان في الأكل والشرب، هما سيِّد الموقف. ثم لماذا الله، سبحانه وتعالى، لا يحب الإسرافَ، بصفة عامة، ولا يحب الإسراف والطغيانَ في الأكل والشرب، بصفة خاصة؟
1.لأن الشيءَ إذا زاد عن حده، انقلب إلى ضده. بمعنى أن تنوُّعَ الأكل والشرب، إذا كان ممتعا للعين واستجابةً لرغبة النفس، فإنه، في نفس الوقت، قد يكون مضِرّاً للصحة. وهذا شيءٌ بيَّنه الواقع إذ أن كثيرا من الناس، بعد انقضاء شهر الصيام، يشتكون من أمراض تُصيب الجهازَ الهضمي على مستوى المعدة أو الأمعاء أو الكبد أو القلون أو المرارة…
2.لأن الإسراف أو الطغيان في الأكل والشرب، معناهما الضياع déperdition أو التبذير gaspillage. لماذا؟ لأن ما تشتهيه العين والنفسُ لا يمكن للمعدة أن تحتويه لأن حجمها معيَّن ولا يمكن تجاوزُه. في هذه الحالة، كل ما تبقى من الأكل، في غالب الأحيان، مصيرُه الرمي في الزبالة.
3.إذا ذهبنا بعيدا في التحليل، سنلاحظ أن الضياعَ والتبذيرَ لهما انعكاسات اجتماعية، اقتصادية وبيئية واضحة المعالم. اجتماعياً، لأن ما ضاع وتمَّ تبذيرُه من المأكولات، كان بالإمكان أن يستفيدَ منه كثيرٌ من الناس المٌعوزين. اقتصاديا وبيئياً، لأن إنتاجَ المأكولات، سواءً كانت من أصل نباتي أو حيواني، تطلَّب إنتاجُها هذا جُهدا بشريا وطاقةً وأموالا وماءً وأسمدة ومبيدات… كلها ذهبت سُدى عندما تنتهي المأكولات في سلة الأزبال.
4.عندما يقول، سبحانه وتعالى، في الآيتين السالفتي الذكر، إنه لا يحب المسرفين ويحلُّ غضبُه على كل مَن مارس الطغيان فيما رزق الناسَ من الطيبات، فكأنه يُذكِّر الناسَ أو المؤمنين الصائمبن بما قاله، سبحانه وتعالى، في الآية رقم 20 من سورة لقمان : "أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً…، أي أن اللهَ، سبحانه وتعالى، يذكِّر الناسَ بأنه إذا سخَّرَ لهم ما في السموات وما في الأرض، فليَستفيدَ من هذا التَّسخير جميع الناس. فما هو الإسراف؟
الإسراف هو أن يتجاوزَ التَّعاملُ مع الخيرات التي سخَّرها اللهُ لعباده الحدَّ المبتغى أو المطلوب أو الضروري. والإسراف يقود إلى التَّبذير. والتبذير عملٌ من أعمال الشيطان، أي نوعٌ من أنواع الفساد، مصداقا لقوله، سبحانه وتعالى : "إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا (الإسراء، 27)
ولهذا، إذا لم يجمع الناسُ، خلال شهر رمضان، بين ما هو ديني وما هو إنساني واجتماعي وأخلاقي، فإن الصيامَ يُختَزَل، فقط، في الامتناع عن الأكل والشرب. ونحن نعرف، حق المعرفة، أن هذا الامتناع ليس هو الغاية التي أرادها اللهُ للصيام، كركن من أركان الإسلام.
بكل أسف، إن مِن الناس مَن أختصروا شهرَ رمضان في وليمة الإفطار، ولا يهمُّهم الإسراف أو الطغيان في الأكل والشرب. بل لا يهمُّهم أن تُرمى بقايا مأكولاتهم في سلة الزبالة. فهذه الفئة من البشر تساهم، عن قصد أو عن غير قصد، في تحويل الصيامَ وما يترتَّب عنه من قيمٍ دينية وإنسانية وما له من فوائد نفسية وصحية، من عبادة إلى عادة أو إلى ثقافة جماعية مُفرغة من أبعادها الدينية، الإنسانية، الاجتماعية والأخلاقية.
وما يزيد في الطين بلَّة، هو أن بعض فئات المجتمع لها يدٌ طويلة في هذا التحويل. وهنا، أخصُّ بالذكر لوبيات المال والتجارة والإشهار. كلهم يبدلون جهدا كبيرا لتحويل الناس من متشبِّثين بالدين إلى مستهلكين أقحاح لا يرون في الصيام إلا ملءَ البطون بعد الإفطار.
من هذا المنطلق، سيصبح الصيامُ شهرَ الولائم وملء البطون والإسراف والتبذير، وهو الشهر الذي شرَّفه، سبحانه وتعالى، بنزول القرآن.