تهلل الكثيرون عندما أعلن البعض عن إنشاء مركز( تحصين) في مواجهة (تكوين). ومن حق هؤلاء المتهللين أن يفرحوا؛ غيرة على الدين في مواجهة الأسئلة المراهقة التي يطلقها أعضاء تكوين، لكن الذي لا يعرفه الكثيرون أن الخطاب الديني لمشايخ تحصين أكثر ضررا و اشد خطرا على الأمة من خطاب تكوين، بل إن كثيرا من معاناة مصر الحضارية خلال قرنين من الزمان قد حدثت بسبب الفكر الذي يمثله مشايخ تحصين، حتى يمكننا أن نقول باطمئنان : إن احد اسباب الموجة الإلحادية الحالية التي طفحت هو الخطاب الديني المتمثل في رموز تحصين ومن على شاكلتهم. ويبدو ان التاريخ يعيد نفسه، فقد كانت هناك مواجهات مراهقة في بداية القرن العشرين عندما تصور بعض الليبراليين المراهقين ان حجاب المرأة هو سبب تخلف الأمة، فانبري له مراهقون من التيار المحافظ كما يحدث الآن، وكلا الفريقين لا يعرف معنى النهضة شروطها، مع فارق مهم، وهو محاولات تفخيم رموز هذا التيار المحافط من خلال الأموال التي تدفع من خارج مصر، لقد كان تفخيم رموزه سببا لالتفاف كثير من المصريين بمستوياتهم المختلفة حول هؤلاء، باعتبار أنهم طوق النجاة، والحق أن خطاب رموز تحصين هو خطاب متخلف لا ينبغي أن يتجاوز حدود زواية المسجد، فهو خطاب شخصي لا مجتمعي، فقهي لا حضاري، يمكن للفرد فقط أن يلزم به نفسه، لكن ليس من حقه أن يفرضه على مجتمع يتميز بتعدد الثقافات و العرقيات و الأديان.. وقد أشرنا من قبل إلى الفروق الجوهرية بين الخطاب الفقهي والخطاب الحضارى. إن أزمة مشايخ تحصين انهم يعيشون في وهم أنهم أوصياء على الدين، وانهم حراس العقيدة، وأنهم الفرقة الناجية، و الحق أنهم أبعد الناس عن كل ما سبق.