المحامي علي ابوحبله - مشروع قانون يعتبر الأونروا "منظمة إرهابية" معيب بحق المنظمة الدولية

وضعت " إسرائيل " نصب أعينها ومنذ زمن تصفية أعمال وكالة وغوث اللاجئين الفلسطينيين وقد تأسست بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 302 في 8 كانون الأول 1949 "لتنفيذ برامج إغاثة وتشغيل مباشرة" للاجئي فلسطين. وبدأت الوكالة عملياتها في الأول من أيار 1950.

أن التحريض الإسرائيلي على أعمال الاونروا ظهر بشكل جلي وواضح خلال حرب الإبادة الجماعية التي تشنها إسرائيل على قطاع غزه والضفة الغربية والقدس ، سواء بالتصريحات العلنية، أو باستهداف "الأونروا"، ومسئوليها، ومقراتها، ومؤسساتها، وإمكانياتها وكوادرها، وهذه المرة كثفت دولة الاحتلال تحريضها على وكالة الغوث، واستبقت أي تحقيقات بشأن مزاعمها عن مشاركة موظفين في الوكالة بأحداث السابع من أكتوبر .

مصادقة الكنيست الإسرائيلي على مشروع قانون يهدف إلى تصنيف وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى المعروفة بالأونروا، كمنظمة إرهابية، قبل المصادقة عليه بثلاث قراءات أخرى. طُرح كذلك وبقراءة تمهيدية مشروع قانون ثانٍ من شأنه أن يؤدي إلى قطع جميع العلاقات مع وكالة الأمم المتحدة وتجريدها من الحصانات المختلفة.


لن يقتصر هذان المشروعان على منع الأونروا من العمل في " إسرائيل " بشكل كامل فحسب، بل سيجرّمان المنظمة وأنشطتها وموظفيها. يرد كريستوفر لوكيير، أمين عام أطباء بلا حدود، على هذا الخبر في هذا الاقتباس:"يمثل مشروع القانون التمهيدي في الكنيست الإسرائيلي لتصنيف الأونروا كمنظمة إرهابية هجومًا شنيعًا على الإغاثة الإنسانية وعقابًا جماعيًا ضد الفلسطينيين. ندين بأشد العبارات هذا التصنيف المقترح ونقف متضامنين مع الأونروا التي تمثل شريان حياة يقدم الإغاثة الأساسية لملايين الفلسطينيين، وتعتبر عمودًا فقريًا لإيصال المساعدات إلى الناس في قطاع غزة والضفة الغربية والمنطقة. لذلك، فإن السلطات الإسرائيلية – ومن خلال وصم وكالة الأمم المتحدة التي أُنشئت لمساعدة اللاجئين الفلسطينيين ككيان إرهابي – تكرس سرديّة تفتري على شعب بأكمله وعلى من يقدمون له المساعدة وتهمشهم."

يأتي مشروع القانون هذا بعد محاولات إسرائيليه لتلفيق الاتهامات بحق الاونروا والعاملين فيها والتحريض عليها لكن وبحقيقة الأمر وبعد التحقيقات التي أجرتها الأمم المتحدة ثبت زيف الادعاءات وبطلانها واثر ذلك تحرك الكنيست بعد تراجع معظم الدول الغربية عن قطع تمويل الأونروا بعد فشل إسرائيل في إثبات مزاعمها بمشاركة موظفي الوكالة في عملية طوفان الأقصى في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

من المعيب أن يصدر عن دوله عضو في الأمم المتحدة مشروع قانون يتهم من خلاله ومضمونه إحدى منظمات الأمم المتحدة الكبرى، بأنها منظمة إرهابية، وهذا اتهام مجحف بحق المنظمة الدولية واستخفاف في أعضاء الأمم المتحدة وفي ميثاق الأمم المتحدة وضرب في مصداقيتها خاصة إذا أخذنا بعين الاعتبار . أنّ الأونروا منظمة أنشئت بقرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة، التي خولتها رعاية شؤون الفلسطينيين في التعليم والصحة والإغاثة والتشغيل، حتى يتمّ حلّ قضية اللاجئين الفلسطينيين حلاً عادلاً وشاملاً.

بات مطلوب من مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة استنكار ما أقدم عليه الكنيست الإسرائيلي بالتصويت على مشروع قانون يقضي بأن تعلن إسرائيل عن وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين – الأونروا أنها "منظمة إرهابية"، بتأييد 42 عضو كنيست ومعارضة ستة.

إن المجتمع الدولي بكافة هيئاته ومؤسساته عليه أن يقف ضد هذه الخطوة الرامية إلى تجريم الإغاثة الإنسانية، وأن يضمنوا قدرة الأونروا على مواصلة عملها الجوهري .

إن مضي إسرائيل بارتكاب جرائم الاباده ضد الإنسانية في غزه وضربها بعرض الحائط بكل القرارات الدولية وبقرارات المحكمة الدولية وكانها دولة استثناء فوق المسائلة القانونية وهذا الاستثناء من شأنه أن يعرض الأمن والسلامة العامة الدولية والإقليمية للخطر ما لم تتحرك الدول الأعضاء في مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة ووضع حدود لهذا التمادي ومحاولات شيطنة كل من ينطق بالحق بأنه معادي للسامية وهو توظيف دأبت عليه دولة الاحتلال وتوظيفه كسلاح مشرع ضد كل من ينتقدها ويقف في وجه مخططاتها التوسعية والعدوانية

إن مشروع القرار الذي أقره الكنيست ضد الاونروا تصعيد خطير وغير مفهوم، وغير مسبوق في تاريخ البشرية والإنسانية، وكل من آمن بالقانون الدولي الإنساني والمنظومة الأممية.

والتصنيف الإسرائيلي لمنظمة دولية ترفع علم الأمم المتحدة يدخل بسياقات خطيرة، ويترتب على هذا التصنيف مخاطر تتهدد المنظمة الدولية برمتها وأن هذا التوجه بحد ذاته خطير للغاية لأنه يستهدف اللاجئين الفلسطينيين ومصالحهم، وكذلك ضد المنظومة الأممية، وما تمثله الأونروا من تجسيد لإرادة المجتمع الدولي والإرادة الأممية.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى