حميد حسين جعفر - الشاعر التونسي فتحي مهذب

على الرغم من توفر الاختلاف في كتابات الشاعر المأخوذ بالأخيلة والفنطازيات ضمن قراءاتي الكثيرة ومتابعاتي المنتمية لمقدرات الشعراء في صناعة الميتافيزيقات
فقد كانت كتابات الشاعر فتحي المهذبي تنحى وسط حالات من الانفلات من واقع يعتمد الأزمات في علاقاته مع الانسان ،كائن يجلس في الزاوية الضيقة من الحياة ليعاينها من خرم ابرةٍ،
في محاولة منه لاستقبال الأتي بروح منفتحة فلديه من اشكالات الواقع ما يغنيه عن متابعة احداثياته ،فالقادم من الالوان ما زال هو المهيمن ،وهو الذي تعتمده
السلطات الحكومات و المجتمعات والايديولوجيات الدينية،في كسر شوكة الفرد ودفعه نحو الكتلة التي لا تطلب من افرادها سوى العمى ، في - المومياء-يشتغل الشاعر على نوع من الديستوبيا ،معتمدا على وجود كائنات مرموزة بالحروف يناقشها ويبادلها الاراء مه وجو د كتاب الأموات ،حيث يتحول العالم الى مومياء ،الكتابة هنا تأخذُ طرازا هندسياً اخر مختلفا ،وذلك بسبب دخول الشاعر حيز السرديات ،والاقتراب كثيراً من النثريات المشبعة بالاختلاف مع توفر شعرية العبارة النثرية التي لم يقترب منها الكثيرون ،الكثير من الشعراء وكتاب النص ما زالوا يتشبثون بالمفردات التي تنتمي الى الموازين الى موسيقى البيت الشعري او الى تفعيلة الخمسينيين ،كان البعض يضع قدما هنا و قدماًهناك ،
فتحي مهذبي انتقل بكل ما لديه الى الفعل النثري الذي مازال متمتعاً بالحيوية و قدرته على التبرعم ،بعيدا عن مد يد المساعدة للفعل الشعري الذي انتجه الاخرون من الشعراء ،فتحي مهذبي يعمل على؜ صياغة مجده الشعري الخاص. به
بعيدا عن تأثيرات الكبار من الشعراء،
المومياء نص ينتمي لشاعره فقط وان كان منتميا الى الرمادي او القاتم مت تفاصيل الحياة انه الكابوس الذي من الممكن أن يأخذ بيد القاريء الى حيث المقابر و المدافن ، رغم توفر عناصر الموت والفقدان والرحيل يظل الشاعر داعية لممارسة الحياة بشكلها البعيد عن القمع والالغاء ،
شكرا صديقي الشاعر فتحي مهذبي،
كم أنصفتني هذه القراءة العليمة وخلعت على روحي هالة من الفرح الأثير المجنح والسعادة العذبة التي تؤكل بالملعقة رغم أجواء التهميش والجحود والنكران وقتل الآخر.
أحييك صديقي المبدع على هذه القراءة المغامرة التي تصنع أجنحة رهيبة من مادة هذا النص المتواضع الطاوي لجروحات الذات وتشوفاتها المرهفة.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى