المحامي علي ابوحبله - اهتزت صورة إسرائيل وفشلت في استعادة الردع

دخول الحرب شهرها التاسع على غزه يعتبر هزيمة لإسرائيل وفقدان لسياسة الردع وعجز المنظومة السياسية والعسكرية عن استعادة الردع وفي هذا تقول " مجلة فورين بوليسي " إن إسرائيل فشلت في استعادة الردع الذي انهار في السابع من أكتوبر، وأن الهالة التي أحاطت بها جيشها كقوة لا تقهر اهتزت بشدة.

وقالت المجلة الأميركية: "منذ تأسيس إسرائيل وحتى يومنا هذا، لم يهيمن أي مفهوم على المخيلة الإستراتيجية للدولة العبرية بقدر ما سيطر مفهوم الردع. ذات مرة، قال رئيس الوزراء الأسبق آرييل شارون إن الردع هو "السلاح الرئيسي" للدولة، أي الخوف منا. وقال الجنرال الإسرائيلي موشيه ديان: «يجب أن يُنظر إلى إسرائيل باعتبارها كلبًا مسعورًا؛ خطير جدًا بحيث لا يمكن إزعاجه."

وفشل إسرائيل في حربها على غزه وثبات الشعب الفلسطيني وتمسكه بأرضه يشكل أهانه خطيرة للردع الإسرائيلي، ومع تصاعد حدة المواجهات في غزه ولبنان ودون تحقيق نجاح يذكر تضع نتني اهو في مأزق خطير لرعونة السياسة التي يتبعها ووضع سقف عالي لإنهاء الحرب ألا وهو القضاء على حماس وحزب الله

تقول صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية ، بعد تسعة أشهر من الحرب على غزّة، استراتيجيات رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو لم ولن تحقّق أيّاً من أهداف "إسرائيل"، مشيرةً إلى أنّ واشنطن تواصل دعمه عسكرياً، لكنّ ذلك لا يحقّق إلا احتياجاته السياسية.، وتابعت "نيويورك تايمز"، في هذا الشأن، أن سياسات نتني اهو لا يمكن لها أيضاً أنّ تحمي "إسرائيل" ممّا وصفه فريدمان بـ "التهديد الوجودي"، وهو إيران.

وأشار إلى أنّ نتنياهو أقنع قيادة "جيشه" والإسرائيليين بخوض هذه الحرب في غزة لـ تسعة أشهر، من دون أي خطة للخروج وتعزيز أي نصر عسكري تم تحقيقه.

وأضافت الصحيفة أنّه، في اليوم التالي لأي انتصار للمقاومة الفلسطينية، إما أن تغادر "إسرائيل غزة، ما يعني أنّ حركة حماس ستواصل وجودها في القطاع". أو ستكون قوات الاحتلال "محاصرةً في قطاع غزّة" ما سيشكّل إرهاقاً لـ "تل أبيب"، على أكثر من صعيد ولا سيما العسكري والاقتصادي.

وعلى ضوء ذلك، بيّنت الصحيفة أنّ مسئولي بإيدن، ضغطوا على نتنياهو بينما لم يحصلوا إلا على جواب واحد: "استمر في إرسال الأسلحة إلينا ودافع عنا على المسرح العالمي، وسنفعل ما نريد وما يتوافق مع احتياجاتنا السياسية".



ومع كل ذلك يمتنع بنيامين نتنياهو عن البحث في اليوم التالي للحرب ، وكلما حلّت عليه مصيبة تظهر فشله لا يجد ما يغطي به خسارته سوى المكابرة وتكرار العمل والقول المضحك المبكي لعبارة "النصر المطلق" وحين قرر نتني اهو ومجلس الحرب الدخول الواسع إلى غزة، ظنوا أن الحرب لن تستغرق سوى أسابيع قليله وستكون أقرب إلى نزهة ، مع خسائر طفيفة بفعل إمكانيات الجيش التكنولوجي الأحدث على مستوى العالم.

لا أحد من الأمريكان ولا أحد على وجه الكرة الأرضية توقع أن الحرب أن الحرب ستستغرق شهوراً طويلة، وربما سنوات، فهي ليست مجرد حرب على غزة بل اتسعت وتشعبت لتصبح حرباً على القضية الفلسطينية، لم يكن نتنياهو وعسكره يدركون إلى أين سيصل بهم انفعالهم وانتقامهم واعتمادهم على الجيش التكنولوجي الذي يحسم الأمور في ساعات أو أيام أو أسابيع ليعود منتصراً ومحتفلاً.

وقائع الحرب على غزة وطول أمدها وامتدادها للضفة واتساعها لتشمل الجبهة الشمالية ومداها الذي وصل إلى باب المندب.. كل ذلك لم يكن في حساب نتني اهو وحلفائه لهذا لا يريد الحديث عن اليوم التالي، ليس حكمة من جانبه أو لحسن تقديره للأمور، بل لأنه هو بالذات لا يعرف.

الحكاية لم تعد غزة، كساحة حرب هي الأضيق على مستوى كل الحروب الكبرى التي شهدها التاريخ، بل هي حكاية القضية الفلسطينية التي لن يعرف الإسرائيليون الراحة ما داموا يعتنقون وهم تصفيتها أو إدخالها إلى بيت الطاعة الإسرائيلي، نتني اهو يعرف ذلك ولكنه لا يعترف به، وهذا أصل المأزق في إسرائيل.

خلاصة القول، إن إسرائيل وضعت السقف عاليا فيما يتعلق بأهدافها من هذه الحرب ووضعت نفسها في مأزق قوامه أنها غير قادرة على تحقيق الأهداف التى أعلنتها وتكرر التأكيد عليها. على صعيد آخر، فإن الانحياز الأعمى للموقف الأمريكى ومعه الأوروبي بشكل عام إلى جانب إسرائيل فى «تفهم» وبالتالى شرعنة الحرب الإسرائيلية أفشل حتى الآن محاولة البحث الجدي فى العمل على وقف الحرب الدائرة وولوج باب التهدئة.

وحقيقة الأمر أننا اليوم أمام سباق بين محاولات إسرائيل فرض واقع جديد فى الصراع يهدد أي أمل بالتوصل إلى السلام المبنى بشكل أساسي على قرارات الشرعية الدولية ، والإقرار بالحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني ، وبين إيقاف هذه السياسة، الحاملة والواعدة بمزيد من الحروب والدمار من جهة أخرى، وليس ذلك بالأمر السهل خاصة مع أحزاب الصهيونية الدينية المتشددة والممسكة بالسلطة في إسرائيل

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى