هل قررت الحكومة الإسرائيلية تقويض السلطة الفلسطينية ؟ والبديل

هل قررت الحكومة الإسرائيلية تقويض السلطة الفلسطينية ؟ والبديل

المحامي علي ابوحبله

ترددت في الآونة الأخيرة تصريحات تحريض ضد السلطة الفلسطينية وصلت لحد المطالبة بإنهاء دور السلطة الوطنية الفلسطينية وتقويضها عبر محاصرتها ماليا ومنع تحويل أموال المقاصة ، فقد شهد دوار منطقة " عيون الحرامية " على إحدى مداخل مدينة رام الله تجمهر عشرات المستوطنين الإسرائيليين، ورفعوا يافطات حملت صورة الرئيس الفلسطيني محمود عباس، كتب عليها شعار: " السلطة الفلسطينية = حماس"

هذه الوقفات التحريضية للمستوطنين المتصاعدة يوميا تترافق مع حدة التصريحات والممارسات الإسرائيلية الرسمية التي تشير إلى إنها قررت العمل على انهيار السلطة الفلسطينية.

وحسب القناة العبرية 11 فقد كشفت أن نتنياهو عقد اجتماعات مع وزراء وقرروا انه يجب القضاء على السلطة الفلسطينية، كما نقل الإعلام العبري عن وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش قوله: "حان الوقت لانهيار السلطة الفلسطينية ماليا وإفلاسها " فيما رد وزير الأمن القومي " ايتمار بن غفير" : " سموتريتش " على حق، السلطة الفلسطينية تدعم الإرهاب ولا تستحق شيكل واحد ". فيما قالت الوزيرة أوريت ستروك، التي بادرت لمناقشة هذه المسألة في الحكومة، إنهم بحاجة إلى حزمة من الإجراءات التي ستحلق ضررًا بالغًا بالسلطة الفلسطينية وتدفعها ثمنًا باهظًا، منتقدة موقف الجيش والشاباك "الذي يزعم أن التعاون الأمني مع السلطة الفلسطينية مفيد، في الوقت الذي يزداد فيه الوضع سوءًا" حسب قولها. بينما قال وزير القضاء ياريف ليفين، إن " أضرار السلطة الفلسطينية تفوق فوائدها، لذلك لا بد من المساس بكبار المسئولين وفرض ثمن على الأرض"

هناك توجه إسرائيلي لتدمير السلطة الفلسطينية رغم الضغوط الأمريكية والأوروبية التي تعمل على كبح هذا التوجه؟ وفي هذا السياق ، حذر وزير الخارجية النرويجي إسبن بارث إيدي، من أن السلطة الفلسطينية قد تنهار خلال الأشهر المقبلة.

وأشار وزير الخارجية النرويج إلى نقص التمويل واستمرار العنف ومسألة عدم السماح لنصف مليون فلسطيني بالعمل في إسرائيل.، وقال بارث إيدي لرويترز "الوضع بالغ الخطورة.. تحذرنا السلطة الفلسطينية التي نعمل معها بشكل وثيق من أنها ربما تنهار هذا الصيف" وأضاف "إذا انهارت، فقد ينتهي بنا الأمر إلى وجود غزة أخرى، وهو ما سيكون مروعا للجميع، بما في ذلك " شعب إسرائيل".

ويذكر أن السلطة الفلسطينية تعاني من أزمة مالية في ظل قيود إسرائيلية متزايدة ، وتواجه الضفة الغربية المحتلة تدهورا متواصلا في الوضع المالي مند بدء الحرب الإسرائيلية على غزة بعد السابع من أكتوبر، مع وقف إسرائيل تسليم السلطة الفلسطينية كامل عائدات الرسوم الجمركية التي تقوم بجبايتها لصالحها، بحسب تقرير لوكالة فرانس برس.

وكان وزير المال الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش هدد في مايو بقطع قناة مصرفية حيوية بين إسرائيل والضفة الغربية ردا على اعتراف ثلاث دول أوروبية بدولة فلسطين.

كما قرر سموتريتش اقتطاع نحو 35 مليون دولار من عائدات الضرائب التي تمّ تحصيلها لصالح السلطة الفلسطينية وتحويلها إلى عائلات ما يسميه "ضحايا الإرهاب"، متهما السلطة الفلسطينية بتشجيع "الإرهاب عبر دفع أموال لعائلات ما يدعيه الإرهابيين" والأسرى المفرج عنهم.

إن الضغوطات التي تمارس على السلطة الفلسطينية وتترافق مع وقف الدعم المالي للسلطة عبر وقف تحويل أموال المقاصة الفلسطينية تعد جزء من الأدوات والوسائل التي تستخدمها إسرائيل لتحقيق أهداف سياسية وابتزاز مواقف لدفع السلطة الفلسطينية عن تقديم مزيد من التنازلات ووقف ملاحقة إسرائيل أمام المحافل الدولية ومحكمة العدل الدولية والجنايات الدولية .

وكما يبدوا أن مخطط اليمين في إسرائيل أبعد من تلك المطالب حيث نرى العمل على إسقاط السلطة وتفكيكها كسلطة مركزية موجودة في رام الله وتشرف على كل الضفة الغربية ليتم إعادة بناء وتركيب سلطات محلية لا مركزية في كل منطقة بصفتها سلطة مستقلة بشكل لا مركزي، وهذا يعني تخفيض مستوى السلطة إلى أقل من بلديات، فيما تكون مسؤولياتها فقط في إطار إدارة الحياة اليومية من مياه وكهرباء ونفايات للمواطنين وهذا هو جوهر اتفاقية أوسلو من وجهة نظر إسرائيل.، وأن الجماعات الصهيونية الدينية تستغل هذا التوجه لإسقاط السلطة وإقامة عشر سلطات بالضفة، كجزء من مشروعها الرامي باتجاه تفكيك الشعب الفلسطيني وضربه من الداخل وتجميعه في أقفاص في المنطقة التي تسمى إداريا A وضم كل مناطق C ودفع الفلسطينيين إلى الهجرة منها.

مجدّداً، في النظرة العالمية لسموتريتش وغيره ممن انبثقوا عن حركة المستوطنين، يتفوّق “الحق الحصري” للشعب اليهودي بكامل الأرض على أي همّ آخر. لا يولي هو وأقرانه غير الديمقراطيين أي اهتمام للعواقب المُحتملة التي قد تنجم عن نسختهم المشوّهة عن الواقع. وفي هذا السياق، يكتب سموتريتش، رافضاً اتهامات الفصل العنصري، أنه “يمكن تطبيق السيادة الإسرائيلية على جميع مناطق يهودا والسامرة [أي الضفّة الغربية] من دون منح العرب المقيمين هناك حقّ التصويت في انتخابات الكنيست منذ اليوم الأوّل، ومع ذلك الاستمرار كسلطة ديمقراطية. قد لا تكون ديمقراطية مثالية، لكنها ديمقراطية” والسؤال الذي يطرح عن التداعيات المحتملة لانهيار السلطة الفلسطينية ؟؟ هل بمقدور حكومة اليمين تحمل تداعيات الضم وهل هي جاهزة للسيطرة المباشرة على الأراضي مرّة أخرى، كما يشير سموتريتش؟ وهل هي مستعدّة لتحمّل التكاليف التي تجنّبتها منذ عام 1994؟ وكيف سيبدو الحكم الإسرائيلي المباشر من منظور فلسطيني؟ وفي حال انهارت السلطة، من الذي سوف يخلفها بين الفلسطينيين؟

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى