الأنطولوجيا في عامها السادس




يسر أنطولوجيا السرد العربي أن تحتفي بمرور خمسة أعوام على إنشائها، وهي تحصد المزيد من القبول و الثناء والرضا من رفاق الكلمة، الذين لولا جهودهم الحميدة ونضالهم الثقافي لما استمررنا، ففي مثل هذا اليوم منذ خمسة أعوام انطلقت أنطولوجيا الإيروتيكا العربية، لكسر حاجز الصمت عن هذا اللون الإبداعي الضارب في عمق التاريخ والأديان والأساطير ، والذي تبين لنا أن كل الفقهاء والأئمة والشيوخ والمفسرين والفلاسفة والمفكرين والشعراء والسراد خاضوا فيه بكثير من الشجاعة والإسهاب، وبدون إسفاف وفجاجة، أو مركب نقص أو خجل، وبعيدا عن الإثارة الجنسية والكبت وتفريغ الشهوات مما تسعى إليه المواقع الإباحية الرخيصة، وأثبتنا فيه مئات القصائد والدراسات والقصص والمصنفات التاريخية النادرة، وبعدها بقليل انطلقت انطولوجيا السرد العربي في متصفح آخر مستقل، ثم حصل دمجهما معا، حتى لا تتشتت جهودنا، في مبادرة إبداعية لا تخلو من مشقة، ولا تخلو من متعة، ولا تخلو من مجازفة في الآن نفسه..
مرحلة عملنا خلالها على أن يكون الموقع أحسن تأثيثا، وأن نكون أكثر حرصا على المستوى الإبداعي والجمالي للنصوص، وأشد مراعاة لمختلف الأذواق والحساسيات، منسجمين مع قناعتنا بجسامة المهمة، محترمين الشروط الأدبية في توصيل المعلومة، مبصرين بعين اليقين والتوجس لكل ما من شأنه الحط من قيمة الكائن وقدره وكرامته أو المس بعقيدته وانتمائه الديني والعرقي والايديولوجي، منصتين بأذن الرضا لكل من يعترض أو يبدي رأيا مخالفا أو انتقادا، وانتقائيين في اختياراتنا للنصوص، وإدارة الملفات العديدة ورفدها بأحسن وأبدع ما كتب بالنت، وذلك بحدس معرفي واع وعميق، مخافة السقوط في مطب الابتذال والحذلقة لأن " اختيار الكلام أصعب من تأليفه" كما يقول محمد ابن عبد ربه، وفي نيتنا أن تكون هذه الأنطولوجيا ذات رسالة إنسانية، ومرجعا لكل الباحثين، منفتحة على المحبة والوداد، وأرضا مشاعا لزرع بذور التسامح والتنوير، وبوابة مشرعة على الجمال ضد مظاهر القبح، و التحجر والتطرف والكراهية، والانتصار لجمالية اللغة ضد قبح العالم وبؤسه، والإيمان بالاختلاف ضد التعنت والفردانية، ونصرة الفكر المتحرر ضد الإسفاف ، في مجتمع يشهد انتكاسة على كل مستوياته السياسية والاجتماعية والفكرية، انتكاسة جسيمة شهدت ذروتها مع هبوب ريح سياسوية مخيبة للآمال، استغلتها قوى الظلام التي لم تكن بدورها اقل دموية وفسادا وتخلفا وتسلطا ونهما للسلطة من هذه الأنظمة الفاشية.. وحرمت كل ما يخرج عما خطه قطيع لا يفرق بين الأدب ولذته، والحواس وشهوتها، فيما يبيحون لأنفسهم ما لا يتيسر من المحرمات والرجس والسرقات والفحشاء ما ظهر منها وما بطن ولو بالأحزمة الناسفة والتصفيات الجسدية وذلك أضعف الإيمان.
أصدقاءنا الكرام
عام يمضي بمكتسباته ونجاحاته، وعام آخر نستهله معا، ونحن نتطلع بتفاؤل وقوة وأمان وأمل لغد أفضل، والعالم يرزح تحت كلكل ظروف صحية وبيئية صعبة جدا، ظروف حرجة لم يشهد الكون مثلها منذ أمد بعيد، جائحة أنهكت القدرة الاقتصادية للمواطنين، وشلت حركية دواليب كافة المؤسسات، وزرعت نوعا من الذعر والضجر والقلق الوجودي والضغط النفسي جراء الحظر الصحي طويل الأمد، ما ساعد على ظهور أدب وفكر جديد يسمى أدب كورونا، يرصد تغيرات معاملات الناس وسلوكاتهم، في مقابل مواجهة الاخطار بنوع من الاستهانة بالأوبئة، والاستخفاف بمضاعفاتها الفتاكة، ومقابلتها بالسخرية والفكاهة، مما أثر على طريقة عيشهم و تفكيرهم وأحاديتهم التي أصبح يهيمن عليها هاجس العدوى والموت والفناء، والارتياب من نشوء عالم يسمى عالم ما بعد كورونا، منذور لأوبئة وجوائح جديدة، ومهدد بحروب بيولوجية ومؤامرات ودسائس تستهدف العنصر البشري، وتضعف الدول وتنهكها، وتثقل كاهلها بالديون، وترهن اقتصاداتها لعشرات العقود، خاصة في ظروف الخوف من العودة إلى منطقة الصفر ، التي تهدد صحة مواطني الدول الفقيرة..
رفاق الكلمة الأعزاء
مع تجدد كل عام يعظم أملنا، وتتسع أحلامنا بالتغيير والتطور نحو الأفضل. وتزداد تجربتنا نضجا. أشياء كثيرة تنتظرنا مع توالي الأيام منها ما تحقق، ومنها ما نترجى تحقيقه ليصبح هذا الصرح الإبداعي معينا معرفيا ينهل منه المنقبون عن الحقيقة، ومنارا يستهدي به كل باحث عن المعرفة، يجدون فيه ما يرضي فضولهم وتطلعاتهم، ويروي عطشهم، ويشبع نهمهم، كما نتمنى صادقين أن يخرج العالم من هذه الجائحة المدمرة بأقل الخسائر الاقتصادية والنفسية فداحة، وإمضاء عقد مصالحة مع ذواتنا..

كل عام أحبتنا وأنتم بخير.

مع تحيات
أسرة تحرير موقع الأنطولوجيا

25/06/2021

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى