"متمردة" للشاعرة غصون زين
النص الشعري:
متمردة
قل ما شئت عني في حكايات الليالي
في أُمسيات السمر وليل الحكاوي
متمردة أنا
نعم يا سيدي يا من تدعي الذكورة
من عهد آدم وأنت تمارس على المرأة الرجولة
وتمارس عليها كل أصناف القسوة والخشونة
يا سيدي أنا امرأة متمردة منذ الطفولة
تبحث عن أنوثتها في زمن الكهولة
تبحث عن الحب والكلمة الجميلة
اليوم يا سيدي أعلنت عليك العصيان
لن تجد بعد اليوم على شطي الأمان
اِبحثْ في دهاليز الزمان
في كلِّ الروايات القديمة
في خطوط الطول والعرض السقيمة
في تراتيل العشاق في دمنة وكليلة
وستعرف يا سيدي كم أنا أميرة
مملكتي فيها حرة
لا مقيدة وأسيرة
نعم أنا لن أكون سبية الحبس والقضبان
ولن أكون صفحة مطوية في كتب النسيان
ولن تجد عندي المنال
فالحب يا سيدي أساسه البر والإحسان
لا بالتملك والكذب والإهمال
أنا أريد مودة
ورحمة
وغفران
يا سيدي الرجل الموقر
أنا أنكرت وجودك من قبل الزمان
قل ما شئت عني
قاسية
عاصية
متمردة
امرأة بلا قلب وبلا وجدان
اِبحثْ عن اخرى تعطيك الحنان
تقبل أن تكون جارية في مملكة السلطان
أمَّا معي يا سيدي
لن تجد الأمان
لا تبحث عني في موج البحر
ولا في فيروز الشطآن
فأنا لا أعرف صفح أو اطلبْ غفران
فقد رسبت من عالمي
ولم تَجتزْ أنت الامتحان
أنا متمردة نعم
لكن عندي أسباب الكتمان
عندي حقوق الله في القرآن
مصونة
كريمة
عزيزة
رحيمة
عفيفة
حنونة
من صنع الرحمن
متمردة أنا يا سيدي
نعم
لكن بما لا يخالف شرع الله
والقرآن
النقد التحليلي:
مواطن الجمال:
1- الصور الشعرية القوية:
استخدمت الشاعرة غصون صور حية مثل "شطي الأمان" و "دهاليز الزمان" و "خطوط الطول والعرض السقيمة" و "دمنة وكليلة" يخلق لوحات ذهنية غنية تُثري النص وتُضفي عليه جمالية خاصة.
2- الموسيقى الداخلية:
تكرار كلمة "يا سيدي" يُضفي إيقاعًا موسيقيًا على النص ويُبرز حدة التمرد لدى الشاعرة.
3- التكثيف اللغوي:
استخدام عبارات مكثفة مثل "امرأة بلا قلب وبلا وجدان" و "مصونة كريمة عزيزة رحيمة عفيفة حنونة" هذا كله يُعبّر عن مشاعر الشاعرة بفعالية ويُكثف المعنى.
4- اللغة العربية الفصحى:
استخدام لغة عربية فصحى سليمة يُضفي على النص فخامة ورصانة ويُعزّز قيمته الأدبية، ومع ذلك، تستخدم الشاعرة بعض العاميات البسيطة لإضفاء لمسة واقعية على النص وتقريب المسافة بينها وبين القارئ.
5- الأسلوب:
الأسلوب المباشر:
تُخاطب الشاعرة القارئ مباشرةً بأسلوب مباشر، ممّا يُضفي على النص قوة ووضوحًا مشاركًا القارئ في التجربة.
الأسلوب العاطفي:
تُعبّر الشاعرة عن مشاعرها بصدق وعاطفة، ممّا يُؤثّر على القارئ ويُثير مشاعره.
الأسلوب التهكمي:
تستخدم الشاعرة بعض العبارات الساخرة مثل "يا من تدعي الذكورة" و "في مملكة السلطان" لمهاجمة المجتمع الذكوري وفضح تناقضاته.
الأسلوب البلاغي الإثرائي:
يُزخر النص بالعديد من الأساليب البلاغية التي تُضفي عليه جمالية وبلاغة، وتُعزّز تأثيره على القارئ، ومن من أهم هذه الأساليب:
- المجاز:
استخدام الاستعارات مثل "شطي الأمان" و "دهاليز الزمان" و "خطوط الطول والعرض السقيمة" للتعبير عن المعاني بطريقة غير مباشرة ومُبتكرة.
- الكناية:
استخدام الكناية مثل "امرأة بلا قلب وبلا وجدان" للتعبير عن المعنى بشكل مُضمن ودقيق.
- التكرار:
تكرار كلمة "يا سيدي" للتأكيد على الخطاب والتعبير عن مشاعر الشاعرة.
- التضاد:
استخدام التضاد بين "الحب" و "الكذب والإهمال" لإبراز تناقضات الواقع وتعميق المعنى.
- المبالغة:
استخدام المبالغة في بعض العبارات مثل "مصونة كريمة عزيزة رحيمة عفيفة حنونة" للتأكيد على صفات المرأة المُتمردة.
- تنوع الأصوات:
يتنوع النص بين صوتين:
صوت الشاعرة:
يهيمن صوت الشاعرة على النص، وهو صوت قوي مُتمرد يُعبّر عن مشاعر الغضب والرفض.
صوت الرجل:
يتواجد صوت الرجل بشكل مُقتضب من خلال خطاب الشاعرة المُوجه إليه، ويُمثّل رمزًا للمجتمع الذكوري القمعي.
- التنوع السردي:
يتنوع النص بين السرد والحوار:
1- السرد:
تُستخدم السرد لوصف مشاعر الشاعرة وتجاربها وتطلعاتها.
2- الحوار:
يُستخدم الحوار في الخطاب المُوجه إلى الرجل لإظهار حدة التمرد ومخاطبة العقل والعاطفة.
6- النهاية:
نهاية قوية ومفتوحة:
تُنهي الشاعرة النص بتأكيد تمردها، ممّا يُضفي على النص قوة ورسوخًا مما يُثيرُ تساؤلات القارئ حول مستقبل الشاعرة.
7- العنوان:
عنوان موجز ومعبّر:
يعكس العنوان جوهر النص بوضوح ويجذب انتباه القارئ.
8- ملاحظات عامة:
النص يُعبّرُ عن تمرد المرأة ضد القمع الاجتماعي والذكورية، وهو موضوع هام ومُلّح في مجتمعاتنا العربية.
تُظهر الشاعرة مهارة عالية في استخدام اللغة العربية وتُقدم لنا نصًّا أدبيًا قيّمًا يُثير التأمل ويُحفّز على التفكير.
9- نقاط القوة:
- قوة المعنى ووضوحه.
- غنى الصور الشعرية.
- قوة الأسلوب وفعاليته.
- النهاية القوية والمفتوحة.
- العنوان الموفق.
- ملاحظة مهمة:
الخاتمة:
نص أدبي قيّم يُعبّر عن مشاعر صادقة ويُثير قضايا مهمة تستحقّ النقاش.
تُظهر الشاعرة مهارة عالية في استخدام اللغة العربية وتُقدم لنا نصاً يُثري تجربتنا الأدبية.
كما يُظهر النص مهارة عالية من الشاعرة في استخدام مختلف الأساليب الأدبية لبناء نص مُتكامل غنيّ بالقيم والمعاني.
تنوع الأساليب وتعدد الأصوات يُضفي على النص ثراءً وجمالًا ويُؤكّد على قدرة الشاعرة على التعبير عن أفكارها ومشاعرها بشكل مُبدع ومُؤثر.
