محمد محمود غدية - من قتل فريدة؟

تسلل ضوء شحيح، من بين فرجات درف الشيش الخشبي القديم، يعلن بذوغ شمس جديدة، تتمدد وتتمطى فى الفراش لا تريد الاستيقاظ، مثل بيت غير مسكون ومتهدم، تدور حول نفسها المكسورة، تريد ان تغادر وتمضي، ربما لانها ليست جميلة مثل شقيقتها فريدة، الاكثر بهجة والندية كفاكهة الصباح، شعرها كسنابل القمح الذهبية، فى عينيها قدرة غير عادية على التأثير فى محدثها، وتهيئته للتسليم بما تريد، متزوجة من دكتور وتعيش فى مستوى راق لديها طفلة اسمتها غادة على اسم شقيقتها، قليلة الفرح، تعيش شتاءات فصل مجدب لا يمطر، آسى عميق فى حدقتيها، لا هى يقظى ولا هى غافية، وليست حية ولا ميتة، منذ ان تزوجت بجارها حامد صاحب الميكروباس الذي يجوب المحافظات والقرى المحيطة، لم ينجبا حتى الآن، تكبر فريدة بثلاثة اعوام، تتسع المسافة بين الشقيقتين، فريدة كانت المدللة والملكة عند والديها، واعمال المنزل من تنظيف واكل وشراء المستلزمات من نصيب غادة، التى لم تعيش الحب، الحياة دون حب اشبه بأوراق يابسة تكنسها رياح الايام، متمردة على الحياة التي تعيشها، بالمقارنة بأختها، استسلمت غادة لشيطانها الذي وسوس لها فى اختطاف زوج اختها لتنعم بالثروة والعيش الرغد، فأطلقت الأنثى الحبيسة بداخلها وبسخاء، فوق طبق من الدلال، لا يملك من يراه سوى الاستسلام، مازال فى جعبتها الكثير، افتعلت مشاجرة مع زوجها الذى يواصل الليل بالنهار ويطبق الورديات ليوفي متطلبات امرأته التى لا تشبع، ولا تمسح وجهه المكدود من التعب، وتبخل حتى بالكلم الطيب، ذهبت الى منزل شقيقتها، بعد ان استأذنتها فى يومان لا أكثر، فى محاولة لترويض زوجها، رحبت بها فريدة وزوجها، فى الليلة الثانية، وبينما غادة نائمة فى غرفة الطفلة، وجدت من يهمس فى اذنها بشيء لم تتبينه، بعدها صراخ مفاجيء من فريدة حين استشعرت غياب زوجها، على اثره اضيئت انوار الحجرة، المشهد مروع، اصابهم بالخرس، وكان فى انتظارهم مشهد اكثر قسوة، فريدة وقد تناولت علبة الحبوب المهدئة بالكامل وماتت، لملمت أوراقي والقصة وطرقت باب الطب النفسي، اسألهم من قتل فريدة؟
تدليل الاسرة لفريدة الذى خلق الكراهية، ام غياب الحب، ام الطمع، ام الحسد، ام كل هؤلاء.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى